ليتني مثلكِ أنتِ أيا سيدة قلبهِ!
ومن شوقها رفعت رأسها قائلة:وماذا أيضًا؟إنما تستزيد مما قد أدركت معناه، وتغلغلَ إلى سويداء القلب وترسَّخ مغزاه، أنتِ أيا سيدة العصافير مقامك هنا، وخفض جناحه رحمة وحنانًا وعطفًا، أن يَكسر خاطرها؛ إذ رأته مرة يتطلع إلى عصفورة في الأفق البعيد.
كم أشْتاقُ أن يَطول الحوار بينهما، وأرهف السمع إليهما؛ ففي تغريدهما سحر جميل يَقتلني حنينًا،فأطير بخيالي حيثما طارا، وأعود إلى الغصن وحيدة سعيدة وقد خفق قلبي بحبٍّ كبير لخالق الأكوان، وبدأ التسبيح والتهليل كما الندى يروي روحي العطشى قطرة، قطرة!
أُسبِّح الله وأحمده أن خلق لنا هذا الجمال الناطق بوحدانيته، الهامس بالحب النقي في كل مكان، وزمان!
وماذا أيضًا؟همست بوجل: بينما هو يتأمل الأفق البعيد، ويُحاول جاهدًا أن يُعبِّرَ لها عما في خاطره من أشجان وأشواقٍ كانت مسجونة!
إنها تنهل من نبعٍ صافٍ لا غش فيه ولا خداع، وكأن به يناديها: أيا عصفورتي الجميلة:ما عاد لأسر هذا الجمال الساكن في الأعماق من داعٍ!
ها أنا قد عدتُ، فلا تخافي بعد اليوم الفراق ولا الشقاق، ولا أشواق بدون لقاء!
عدت لأسعدكِ وأبقى معك، وأنا كما تعلمين عنوان الإخلاص والوفاء.
وكما التغريد الذي ترنَّما به معًا في الصَّباحات الجميلة؛ نبض قلبي شوقًا إلى الله خالق هذا الجمال، وهذه الأحاسيس الرائعة التي تتغلغل إلى أعماقنا فتهبنا هذا الشيء الكامن في الأعماق؛ هذا الذي يعطي الحياة معناها الحقيقي، ويمنحنا طاقة كي نكمل المسير بأنفس طيبة، وأرواحٍ عالية الهمَّة نحو جنة عرضها السماوات والأرض، وكي نحس ونتذوق حلاوةحب الله من خلال ما أبدع - سبحانه وتعالى - في كونه الواسع، من جمال تعجز أنفسنا عن التعبير عن السر الكامن في انجذابنا نحوه، بهذه الحرارة والأشواق.
أغبطكِ أيا عصفورته، فأنتِ لكِ ظلٌّ يرافق ظلك، ويظل ظلي وحيدًا يناجي القمر البعيد..
وأمنيتي:ليتني مثلكِ أنتِ أيا سيدة قلبهِ..
حسنية تدركيت