تم التصنيف عالميا وكفى، لا يستدعي الأمر تفكيرا كثيرا بدمائنا ولا بأرواحنا، ولا داعي للمغالطة أمام شعوب العالم بتصعيد قدرنا والمبالغة في تحسين الصوت الكتيم والصورة المتهالكة وإلا فاحتمال أن ننكس على رؤوسنا ثم نعود أدراجنا خائبين عال جدا، المسالة محسومة والحكم للأقوى سلاحا ودعاية وتقنية وكل شيء في هذه الأوقات العصيبة، دعونا ننتهي من أعمالنا اليومية ونهرع آيبيين لنسهر على شرفات العار وننفث الدخان في مساحات التقهقر، نهدم أخلاقنا حبة حبة ونعمر أكواخ الخلوة دون جدران وندمر أرواحنا قطرة قطرة، نحن لا نستحق الرثاء ولا الأغاني الحزينة، ولا نستحق أن نكون من البشر، أهو الواقع الذي ينخرنا حتى العظم أم هو ما لم يقع له أثر في طقوس المسيرة الحياتية للأمام! أطفالنا لا يستحقون الرثاء أيضا ولا يدركهم الضوء، تتكلم من نوئها الأيام وتتبعثر الأحزان والتبعية والانهزام، أطفالنا لا يجب أن ينطلقوا نحو مصافحة الحياة بسلام أم من غير سلام، ولا نحو التنعم بهواء حر نظيف وحدود مفتوحة طليقة، ولا يجب أن يتغنوا مع همسات الربيع كل عام أو يدندنوا لحن العمر الرهيف، في كل أنحاء الدنيا الأطفال يُرثون ويُقدّرون بل ويُقدسون، إلا تلك الطفلة التي قضت بنار الغدر وحقد الاحتلال وثورة مارد أرعن لا يرعى في الله ولا في البشر ذمة، تقطعت أشلاؤها لتطغى على المجرات وتناثرت دماؤها عطرا يفوح على التاريخ وشذا يغطي أرض فلسطين، وقصيدة كُتبت من قبل شخص مجهول في النرويج ترثي هذه الطفلة في عمر الربيع الهامس في قلب الكون كفى كفى، قصيدة تنعي وتمجد الطفلة وتعلي من شأن تلك الروح الإنسانية المبجلة ومن ورائها شعب يئن وصرخة تتعالى، وضمير يطوي ويخبو ثم ينتهي ويهلك عند أقدام البشر الممزوجين بهواء انتهى مفعوله. ويستدعي العدو الصهيوني سفير النرويج غاضبا متوعدا، لماذا وضعت المؤسسة التعليمية هناك عندكم تلك القصيدة في امتحانات نهاية السنة الدراسية؟ أجب وإلا كانت التهمة في مجلس الامن بأنكم أنتم من يساعد الإرهابيين! وأنتم من يرسل سمومه ضد السامية! أجابهم بالصفة الرسمية سأرى وأتحقق من المسؤولين، وفي نفسه الإنسانية يجول ألف سؤال وسؤال، القصيدة إنسانية تعبر عن مأساة طفلة من البشر لا ذنب لها أينما كانت، هي من البشر أليس كذلك؟! أتستحق الرثاء أم هي من بشر لم يكونوا صالحين لكي يعيشوا مع الركب الدنيوي، رحل إلى مكتبه وشرع في اتصالاته كي ينجلي الأمر ويمرر الأزمة باعتذار ويطوي الصفحة دون مشاكل أو تبعات. والبشر في الحقيقة على مر التاريخ مجدوا البشرية بطريقة أو بأخرى فالخير لم ينقطع قط عنها رغم الأسى والدمار هنا وهناك، هم أولئك البشر الإنسانيون، ومن قبلها خالق البشر مجَّد البشرية بخلقها على الأرض واستمرارها، والخالق أدرى وأعرف بمن فيها من البشر حاضرا وغائبا ومن لم يحضر بعد، ومن يستحق الشفقة هم كل البشر فما أدراك بالموحدين للخالق الذاكرين لأنعمه وفضائله. واليوم لا روح تغني في الصدر ولا في الآفاق ولا أصداء تتردد في أرجاء الوطن، لا طبلة أذن تتحرك أو تهتز، سكون وركود دون مجيب على النفوس وبلاهة نتسوقها في بلاد غريبة عجيبة، وهناك صوت من الكونغرس يقول ستكون هوليكوست جديدة إن لم نقم برعايتهم والحفاظ على ديمقراطيتهم وتفوقهم النوعي والعسكري، ثم أضاف من قال أننا طرف محايد بل إننا طرف يميل كل الميل مع مصالح اليهود في العالم فنحن حماتهم وأمنهم أمننا. ما لكم كيف تحكمون.