[SIZE="5"][align=justify]
الخطابة الأندلسية
أولاً-مقدمة:
أ-رؤيا:
تعددت فنون النثر العربي في الأندلس، فتناول الأندلسيون ما كان معروفاً في المشرق من خطب ورسائل ومناظرات ومقامات، وزادوا عليها بعض ما أملته ظروف حياتهم وبيئاتهم، وقد شاع فيهم تصنيف كتب برامج العلماء، التي تضمنت ذكر شيوخهم ومروياتهم وإجازاتهم. وكان للكتاب مزية الجمع بين الشعر والنثر والإجادة فيهما. فعندما دخل العرب الأندلس فاتحين كانوا بطبيعتهم ميالين إلى الخطابة، ثم إن عصر الولاة كان عصر اضطراب وحروب وصراع بين العصبيات العربية، فكان ذلك داعياً إلى ازدهار الخطابة في الأندلس في ذلك العصر، فكانت الوسيلة الفعالة في إشعال الحروب وتأييد العصبية القبلية عندما تكون الحروب والنزاعات بين العرب العدنانيين والقحطانيين، وكانت الوسيلة فعالة في الحث على الجهاد وقتال الكفار عندما تكون الحروب ضد نصارى الأندلس . ولقد كانت الخطابة وليدة الفتح، فقد استدعت الغزوات التي قام بها العرب المسلمون قيام الخطباء باستنهاض الهمم، وإذكاء روح الحماسة للجهاد في سبيل الله . ولما تمزقت البلاد، واستحالت إلى دويلات كثيرة، واستعان بعض أصحابها بالأعداء، كان الخطباء يقفون في المحافل العامة للدعوة إلى لم الشمل وترك التناحر . ومنذ عصر المرابطين، حتى آخر أيام المسلمين في الأندلس، ظهرت الخطب المنمقة، ومنها التي تتضمن التورية بأسماء القرآن الكريم كما في خطبة للقاضي عياض (544هـ) التي يقول فيها: «الحمد لله الذي افتتح بالحمد كلامه، وبين في سورة البقرة أحكامه، ومد في آل عمران والنساء مائدة الأنعام ليتم إنعامه...» . وكانت الخطابة في تلك الفترة تتميز بالسهولة والوضوح والإِيجاز والبعد عن التكلف؛ لأن الخطباء من الولاة والأمراء والقادة كانوا عرباً مطبوعين على الخطابة والارتجال. ولكن عندما استقرت الأمور ومال الناس إلى الدعة ضعفت الخطابة الأندلسية، وتفوق الشعر والنثر الفني عليها، وإن كانت الخطابة الدينية قد ازدهرت بفضل بعض العلماء الذين كانوا يجيدون الخطابة كالقاضي منذر بن سعيد البلوطي . وعندما عادت الأندلس إلى عصر الاضطراب والحروب في عهد ملوك الطوائف والمرابطين والموحدين كانت الملكة والسليقة العربية قد ضعفت، فلم تزدهر الخطابة من جديد مع وجود دواعي الازدهار، بل دخلها كثير من الصنعة اللفظية، وامتلأت بالسجع المتكلف فضعفت، ولم يعد لها تأثير يذكر.
ب-نماذج للخطابـة:
1-خطبة طارق بن زياد فاتح الأندلس:
"أيها الناس، أين المفر، البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام، وقد استقبلكم عدوكم بجيشه، وأقواته موفورة وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات لكم إلا ما تستخلصونه من أيدي أعدائكم. وإن امتدت لكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمراً، ذهبت ريحكم، وتعوضت القلوب من رعبها منكم الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية، فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن إن سمحتم لأنفسكم بالموت، وإني لم أحذركم أمراً أنا عنه بنجوة، ولا حملتكم على خطة أرخص فيها متاع النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلا استمتعتم بالأرفه الألذ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي. وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور الحسان من بنات اليونان الرافلات في الدر والمرجان، والحلل المنسوجة بالعقيان، والمقصورات في قصور الملوك ذوي التيجان. وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عزبانا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارا وأختانا... ليكون حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها خالصا لكم من دونه ومن دون المؤمنين سواكم، والله تعالى ولي إنجادكم على ما يكون لكم ذكرا في الدارين. واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأني عند ملتقى الجمعين حامل بنفسي على طاغية القوم لذريق فقاتله إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فان هلكت بعده فقد كفيتكم أمره، ولم يعوزكم بطل عاقل تسندون أموركم إليه، وإن هلكت قبل وصولي إليه فاخلفوني في عزيمتي هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا الهمَّ من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يُخْذلون".( نفح الطيب للمقري ج1 ص225 ).
شرح المفردات الصعبة :- وزر: حمل تحملونه.- ذهبت ريحكم: ذهبت قوتكم.
-المناجزة. سرعة المقاتلة والا شتباك. نجوه: منجاة. أي إنني معكم في هدأ الأمر الخطير. -العقيان: الذهب. -عزبان: جمع أعزب وعازب أي الذي لم يتزوج.
- أصهار: جمع صهر، القريب وزوج بنت الرجل أو أخته. -أختان: جمع ختن، وهو أبو امرأتك أو أخوها. فالأحماء من قبل الزوج، والأختان من قبل الزوجة، والأصهار تجمعهما.
ج-أشهر خطباء الأندلس :
1-طارق بن زياد فاتح الأندلس ,
2-والأمير عبد الرحمن الداخل المؤسس الأموي في الأندلس ,
3-ومنذر بن سعيد البلوطي ,
4-والقاضي عياض,
5-ولسان الدين بن الخطيب
ثانياً-الخطابة الدينية في الأندلس
تعددت أنواع الخطابة الأندلسية، وتنوعت موضوعاتها، فشملت أغراضاً شتى من شئون الحياة ما بين
1-خطابة دينية :
أ-ماهيتها : كان المجال الديني من أرحب المجالات التي تجلت فيها قوة الخطابة ونهضتها، إذ شهد ميدان الخطابة الدينية- سواء أكانت شفوية أم مكتوبة - نمواً واضحاً، فكثر أعلامها، حتى أصبح عددُ من الخطباء يتناوبون فيما بينهم، فكان كل واحد يخطب جمعة في الشهر، وكان يشترط في الخطيب إلى جانب فصاحته وعلمه التحلي بالتقوى والفضل والصلاح وفي إطار حركة الهداية والوعظ التي تزعمها الأتقياء من أهل الورع والزهد دعا الخطباء إلى مجاهدة النفس وكبح جماحها، حتى لا تتهالك على متاع الدنيا الزائل، لترتدع عن أهوائها، وتتبين عاقبة هواها عساها أن ترعوى عن الشر، وترتد عن الباطل،
ب-أشهر خطبائها :
وينتمي إلى عصر المرابطين والموحدين أشهر خطباء الوعظ الديني في الأندلس، منهم:
1-أبو الحسن بن شريح الذي شهد له تلميذه ابن عبد الغفور بالإحسان والفصاحة والبيان في فن الخطابة ورأى " أن هذا الفن من البلاغة قد عفا بالكلية ودرس، ولكنه أي ابن شريح - قد أعاد إليه جدته وبهاءه، وملك وحده أرضه وسماءه ".
2-والخطيب القاضي عياض الذي شاعت خطبه على ألسنة الناس،
3-والخطيب الواعظ أبو بكر الطرطوشي،
4-والخطيب الكاتب أبو المطرف بن عميرة الذي كان قدوة البلغاء، وعمدة العلماء، وغيرهم كثر.
ج-مضامين الخطب الدينية: ترددت في الخطب الدينية كثير من معاني الزهد وأفكاره، وكانت في الغالب تدور حول
1-ازدراء الدنيا،
2-والندب إلى الاعتبار بالموت
3-والتذكير بيوم البعث والحساب، وغيرها من المضامين الزهدية التي ذاعت على ألسنة الزهاد في الأندلس . والحق أن الخطبة الزهدية الواحدة كانت في العادة تشتمل على غير مضمون زهدي، وقلما استقلت خطبة زهدية بمضمون زهدي واحد. ولعل من أبرز المضامين الزهدية التي دارت حولها خطب الزهاد والوعاظ
4-التنفير من الدنيا، وتعداد مثالبها، وكشف حقيقتها الزائفة حتى لا ينخدع المسلم ببرقها الخلب، وسرابها الخادع،
د-أبرز خطبها :
1-خطبة ابن الجنان:
يقول ابن الجنان في خطبة طويلة: "....ولا تخدعنكم هذه الدنيا الدنية بتهاول الأباطيل وأضغاث الأحلام، ولا تنسينكم خدعها المموهة، وخيالاتها الممثلة ما خلا من مقالاتها في الأنام، فهي دار انتياب النوائب، ومصاب المصائب، وحدوث الحوادث، وإلمام الآلام، دار صفوها أكدار، وسلمها حرب تدار، وأمنها خوف وحذار، ونظمها تفرق وانتشار، واتصالها انقطاع وانصرام، ووجودها فناء وانعدام وبناؤها تضعضع وانهدام، ينادي كل يوم بناديها منادي الجمام، فلا قرار بهذه الغرارة ولا مُقام، ولابقاء لساكنها ولا دوام... ".
تحليل الخطبة :
1-مدار هذه الخطبة وفكرتها الجوهرية هو زوال الدنيا، وحوادثها المتقلبة وأن نهايتها الموت والفناء،
2-هي في جملتها معان واضحة، قريبة الفهم، سهلة المأخذ،
3- صيغت في لغة عذبة لينة،
4-اتسمت بالبساطة واليسر،
5- تأنق صاحبها في اختيار ألفاظها، وشاكل بينها وبين معانيها مشاكلة قوية طبيعية.
6-سلك الخطيب في التعبير عن معانيه الأسلوب الخطابي
7- إثارة عواطفه، وتحريك مشاعره، فهو يرسم صوراً متنوعة للدنيا، ويعرض المعنى الواحد بأثواب مختلفة،
8-الاستعانة بالتكرار والترادف الذي يتولد عنه بالضرورة الإطالة والإطناب.
9- السجع هو الإيقاع الغالب على هذه الخطبة، وقد التزمه الخطيب في كل أجزائها، قصد تجويد كلامه وتحسينه، وتوليد القيم الصوتية المعبرة، إذ عمد إلى تقسيم الفقرة الواحدة إلى فواصل متساوية، فتبدوا وكأنها القافية في قصيدة متنوعة القوافي، وهو سجع صادر عن طبع، لا أثر فيه لصنعه أو تكلف، استدعته طبيعة الموضوع، لأن " للأسجاع موسيقى صوتية خاصة تتناسب مع العواطف الدينية، والأداء بها يكون أبلغ تاثيراً، وأشد وقعاً ".
10-الإفادة من أنواع البديع الأخرى من مقابلة وجناس، إذ بنى فقرات خطبته على المقابلات المتتابعة: " دار صفوها أكدار، وسلمها حرب تدار " ليبرز معاني التغير والتحول في الدنيا، فلا تطمئن لها نفس، ولا ينخدع بمتاعها الزائل عاقل.
11- الصور الخيالية التي تجلو المعاني وتبرزها، فالاستعارة " ينادي بناديها الحمام " جسمت المعنى وجعلته قادراً على التأثير في نفوس المتلقين.
12-ربط الخطيب بين صورة الدنيا الفانية وبين الموت بصفته النهاية الطبيعية لهذه الرحلة الطويلة في الدنيا، ليثير في وجدان المتلقي وإحساسه الخوف والرهبة من الموت، وليدفعه إلى العظة والعبرة.
13- المبالغة في التزهيد في الدنيا، وكشف غرورها، ولعل مبعثه ما كان عليه الناس في عهد الخطيب من تهافت على حب الدنيا، وانصراف إلى التمتع بشهواتها، في الوقت الذي تتهاوى فيه قواعد الإسلام في الأندلس تحت ضربات النصارى الإسبان، فيتحقق بذلك الارتباط القوى بين موضوع الخطبة وبين الظرف الذي قيلت فيه، ما أكسبها ذلك تأثيراً عظيماً في النفوس، وجعلها تعبر عن حياة الأندلسيين أصدق تعبير،
14- كانت صدى لبيئة الخطيب وظروف مجتمعه، " إذ يُستحب للخطيب أن يشير في خطبته إلى ما شاكل الحين والحال، فإن ذلك انطق بحذاقته وبراعته، وأدل على وفور بضاعته وصناعته". والواقع أن نزعة الزهد قد واكبت حركة الجهاد في الأندلس ضد النصارى الإسبان، فحذر الكتاب الزهاد أهل الأندلس من الإقبال على الدنيا، والتهافت على متاعها، وحرضوهم على جهاد ديني تكون عاقبته الجنة، وثمرته ديار الخلد،
2-خطبة ابن أبي الخصال:
يقول ابن أبي الخصال في خطبة له محذراً من الاستنامة إلى الدنيا، حاثاً على الزهد في حطامها: ".... كلا! لا عَتْبَ لكم عليها! قد أمتكم جهاراً بأحجارها، ولدغتكم مراراً من أحجارها، وعمتكم صغاراً بذحولها وأوتارها، وأنتم - على ذلك - تتهافتون تهافت الفَراس على حطامها ونارها. أي مصون منكم لم تنله بهتك، أم أي منيع لم تَغُلْهُ بفتك، أم أي مصاف لها لم تُذِلْهُ بنبذ وترك ؟! فانفضوا -رحمكم الله - بها نفضا، وأجمعوا لها - كما رفضتكم - رفضاً، واستبدلوا من نصب غرورها بالزهد فيها دعة وخفضا... فاستقيلوا - رحمكم الله - عثاركم واستقبلوا عدوكم وخذوا ثاركم، وخلدوا في صحف القبول آثاركم، وأخلصوا لله طاعتكم، وحققوا إنابتكم وضراعتكم"
تحليل الخطبة :
1-رسخ الخطيب مفهوم أن الدنيا فانية وأنها دار ممر، والآخرة دار مقر،
2- هون الخطيب من شأن الدنيا وزينتها،
3-ونبه من الغفلة والاغترار بمفاتنها الزائلة،
4-دعا إلى استلهام العظة من الأقوام التي حكمت بغرورها، فكان مآلها إلى الفناء والزوال،
3-خطب القاضي عياض:
أ-الخطبة الأولى :
يقول القاضي عياض في إحدى خطبه الوعظية: " أيها الناس، اسلكوا جواد الحقائق، واتركوا بُنيان الطرائق، ولا تغرنكم الدنيا بكواذب المخارق، فإنها كثيرة البوائق، جمة العوائق... كم أهلكت قبلكم من الخلائق، وطوت من الفراعين والعمالق، وطوحت من القياصر والبطارق، وطرحت العصم من أعلى الشواهق، وأسقطت من الجو كل خرق الجناح خافق ".
تحليل الخطبة :
1-هذه إحدى خطب الوعظ الديني الذي عُرف بها القاضي عياض،
2- استخدم في بنائها خصائص التعبير الخطابي للتأثير في نفوس السامعين وإقناعهم عن طريق
أ-الاستدلال المنطقي،
ب-وضرب الأمثلة بالأقوام السالفة،
ج-وتوظيف الأسلوب التصويري،
د- توظيف وسائل تعبيرية أخرى مؤثرة.
3- لجأ الخطيب إلى الأساليب الإنشائية مثل
أ-النداء " أيها الناس، لتنبيه الغافلين، وتهيئة أذهانهم لموعظته،
ب-والأمر " اسلكوا " للإرشاد والتوصية،
ج-والنهى " لا تغرنكم "
د-للتحذير والنصح،
ه-و" كم " الخبرية للمبالغة والتهويل،
و-الأساليب الخبرية مثل " فإنها كثيرة البوائق " فجاءت لتقرير الحقائق، وتأكيدها في الأفهام،
4-كما وظف الأمثال العربية في نسيجه اللغوي فغدت وكأنها جزء منه، فقوله: " وطرحت العصم من أعلى الشواهق " مأخوذ من المثل العربي " ويحل العصم سهل الأباطح ".
5- استخدم أسلوب المقابلة في أداء معانيه وتصويرها، للذين غرتهم الحياة الدنيا، وركنوا إليها، بين ما كانوا عليه، وما صاروا إليه" وكم ذي بسطة ومنظر فائق، بعيد الصيت في جميع المواقف، مغتراً بمساعدة دنياه واثق، فأصبح ذا بصر خاشع ونفس زاهق، وحيداً فريداً من كل مؤنس ومفارق، رهيناً بما اكتسبت يداه، وخط في المهارق"
6-التزام السجع قصير الفقرات قصد توليد لون من ألوان الإيقاع الموسيقى المؤثر، فيما يشبه إلى حد بعيد القافية في القصيدة، إذ سادت الخطبة على وتيرة واحدة من التزام لحرف القاف المقيد الذي يفصل بينه وبين ألف التأسيس حرف مشكل بالكسر. وبرغم ما حققه اختيار القاف حرفاً للسجعة من قيمة صوتية موحية، إذ يثير تردده في نهاية الفصل إحساساً بالفزع والرعب والخوف من المآل الذي يصير إليه الإنسان في هذه الدنيا، فإن التزامه في الخطبة كلها جاء أثراً من آثار التكلف والصنعة التي جعلت من السجع ثقيلاً رتبياً.
7-الروح التي هيمنت على هذه الخطبة هي الروح الدينية الإسلامية، والتي تبدت في الحث على ازدراء الدنيا، والاتعاظ بالأمم السالفة، والاقتباس من القرآن الكريم في قوله " رهينا بما اكتسبت يداه " مأخوذ من قوله تعالى " كل امرئ بما كسب رهين ". وغلبة الاتجاه الديني على الخطبة العياضية " له ما يسوغه من واقع الأندلسيين الذين أصبحوا غافلين في ملذات الحياة من أحكام الشريعة مما أوجب لهجة الخطاب الغاضب والعاتب ".
ب-الخطبة الثانية :
وللقاضي عياض خطبة وعظية تدور جلّها حول معنى التوصل على الله يقول فيها: ".... فأجملوا - رحمكم الله - في الطلب توفقوا، وتوكلوا على الله حق توكله ترزقوا، وأريحوا أنفسكم من النصب في طلب الدنيا والكد، فإنه لا مانع لما أعطى، ولا معطى لما منع، ولا ينفع ذا الجد منه الجد، ألا وإن التوكل على الله والثقة به أحد أبواب الإيمان، ومن أفضل درجات العدل والإحسان، وهو حقيقة العبودية والتوحيد، وموجب الرضا والتسليم للرقيب الشهيد".
تحليل الخطبة :
1-يؤمن الخطيب في هذه الخطبة بأن طريق السعادة إنما يمر التوكل على الله وحده،
2-وهو يعبر في ذلك عن عاطفة دينية صادقة أفضت إلى طمأنينة نفسية، وإلى طرح الدنيا من قلبه طرحاً تاماً.
3-ولحاجة الخطيب إلى الإقناع والتأثير وتأكيد معانيه في نفس المخاطب، فقد عمد إلى تضمين خطبته بعض أقوال الرسول الكريم بمعانيها، فقوله " وتوكلوا على الله حق توكله ترزقوا" مأخوذ من قول الحديث الشريف " لو توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً، وتعود بطاناً..." ومثل ذلك قول الخطيب: " فإنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا ينفع ذا الجد منك الجد "اقتباس من قول الرسول الكريم: " اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ".
ج- الخطبة الثالثة :
يقول القاضي عياض: " أيها الإنسان، إن الله تعالى قد وهبك من عنايته حظاً اقتضى شرفك موفوراً، وأبرزك من العدم إلى الوجود، ومن الغيب إلى الشهود، واستودع عالمك المختص بدائع الحكمة ما يحار فيه عقل مجتليه، ونضد جواهره النفسية في سلك الازدواج فكل عضو إلى ما يليه "
د-الخطبة الرابعة :
يقول القاضي عياض: ".... وادخروا ما يخلصكم يوم المحاسبة والمناجزة، وانتظروا قوله: يوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة، وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ذلك يوم تَذْهل فيه الألباب، وترجُف القلوب رجفا، وتُبدل الأرض، وتُنسف الجبال نَسْفاً، ولا يقبل الله فيه من الظالمين عدلاً ولا صرفا، (ونحشر المجرمين يومئذ زُرقا)، (وعُرضوا على ربك صفا، لقد ئتمونا كما خلقناكم أول مرة، بل زعمتم أنْ لن نجعل لكم موعدا....)
تحليل الخطبة :
1-لقد سلكت هذه الخطبة سبيل الترهيب والتخويف لبلوغ الهدف المنشود، لعل المستمع يرتدع عن غيه، ويشفق من عذاب ربه وبطشه،
3- شاع في هذه الخطبة الاستشهاد بآي الذكر الحكيم التي تناسب مقام الوعد والوعيد، والتذكير والتخويف، حتى يكون لخطبته من التأثير وشدة الوقع ما لهذه الآيات في نفوس المستمعين من القداسة والقوة،
4-وقد بسط القرآن الكريم ظلاله على كثير من خطب القاضي عياض " فأكسبها رونقاً جمالياً، ومظهراً بلاغياً راقيا، فقد كان عياض - كما يبدو- مشدوداً بظمأ لاهب إلى توظيف الآيات القرآنية، واستخدام حقائقها وبلاغتها في التعبير عن آرائه "
5-وحين يعرض الخطيب لمشاهد يوم القيامة، وصوره المفزعة، فإنه يلجأ إلى ربط المستمع بكتاب الله، فمنه يستلهم المسلم مصادر العظة والعبرة، وفي آياته إيقاظ لغفلته، وهداية لحيرته يقول: " فمالك يا حيران، تتلى عليك آي القرآن ولا تزدجر بعظاتها ولا تفرق، ركبت في بحر التسويف ولم تبال التخويف، أخشى عليك أن تغرق، أما علمت أنه لابد من موقف القمر فيه يخسف، والبصر فيه يبرق "
6-ثم يعمد الخطيب إلى الموازنة يوم القيامة بين منزلة المطيعين ومنزلة العصاة، ليبرز التباين بين المنزلتين، ويحث المؤمن على الفوز بسعادة الدارين: " فهناك يمتاز الفريقان: فنهار أولئك بالشقاوة أظلم وليل هؤلاء بالسعادة أشرق ".
7-ولنيل سعادة الدار الآخرة، والنجاة من النار وعذابها، فإن الخطيب يسوق طائفة من الوصايا والنصائح الإرشادية الوعظية، فيحذر من الغفلة في الدنيا، ويطلع الناس على حقيقتها، ويذكر بالموت وعذاب القبر، ويدعو إلى التعلق بصالح الأعمال: " عباد الله، انتبهوا من غفلتكم، وانظروا لأنفسكم، واذكروا ما يُراد بكم قبل حلول آجالكم وانقطاع آمالكم. ولا تغتروا بالدنيا، فإنها كأحلام نائم، وأنتم عنها عما قريب راحلون، وإلى ربكم راجعون، فاذكروا ألم الموت وسكرته، وعذاب القبر وظلمته، والصراط ودقته، والقصاص وحسرته والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، فمن يطع الله ورسوله فله جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين).
8-الربط بين الذنوب والمصائب التي حلت ببلاد الأندلس وأفضت إلى سقوط كثير من مدنها بأيدي النصارى تلح على أذهان بعض الخطباء الوعاظ فيرددونها في كثير من خطبهم، ويحثون المسلمين على الإقلاع عن المعاصي، ويرشدونهم إلى وجوب تطهير النفوس، وتنقية الضمائر، يقول ابن أبي الخصال في خطبة يحرض فيها على الجهاد، ويصور تفاهة الدنيا، ويذكر بالموت، ويظهر العلاقة بين الذنوب والمصائب التي حلت بالمسلمين: " ألا تستوحشون لتباريح العصر، وركود ريح النصر، وتداعي أمم الكفر، وإجفالنا عن مقاومتهم إجفال العُفْر، ألا نقلع عن الذنوب التي فَتَّتْ أعضادنا، وقَضَتْ باهتضامنا واضطهادنا"
4-خطبة ابن عبد الغفور:
ومن الخطب الوعظية الشرقية التي أغرم بها الأندلسيون، وحاولوا محاكاتها قصد إظهار مقدرتهم الفنية خطبة " الفصيح " لأبي العلاء المعري، إذ عارضها ابن عبد الغفور في خطبة له سماها " الإصلاح " خاطب فيها الدنيا الزائلة، وحث الحائرين على التعلق بالعمل الصالح، والمبادرة إلى فعل الخيرات يقول: " يا أم دَفْر، أون ثديك بطني، وما قلت حسبى ولا قطني، يا حار احفل بحفلك لأخيك وطفلك، ولا يكن سحابك صيفا، ولا معروفك هيفا يعيي الطالبين.. ليس الجمال في شَعَر وَحْف لكن في بدار إلى الخيرات وزحف... يفنى كل شيء ولا يبقى سوى الواحد الحي ".
تحليل الخطبة :
من ملامح هذه الخطبة الوعظية
1-اتسام بعض ألفاظها وتراكيبها بالغرابة إذ تحتاج إلى المعاجم اللغوية لمعرف معانيها ومدلولاتها،
2-كما برز فيها التزام الخطيب بالسجع ذي الفواصل القصيرة، ليثبت براعته اللغوية، ومقدرته الأدبية على معارضة المعري في خطبته،
3-سلوك الزاهد يجده يسعى جاهدا لتوطيد صلته بخالقه، فيقبل على طاعته وعبادته، ويروض نفسه ويجاهدها،
5-خطبة ابن شريح :
ومن معاني الزهد التي تناولتها خطب الزهاد الدعوة إلى التأمل والنظر في مخلوقات الله الدالة على وجوده وقدرته، ليقر الإنسان بوحدانيته، وللتدليل على عظمة خالقها، وليصل من مظاهر الأشياء إلى جوهرها، ومن واقعها إلى مآلها. يقول ابن شريح في خطبة له يحث فيها على النظر الفعلي في آيات الله والاتعاظ بعجائب موجوداته: "...وتفكروا فكم في الأرض والسماء لذى الكبرياء من قدرة، واستدلوا فكل ذلك يدل بالمشاهدة والاختراع والفطرة، فاذكروا ما أمكنكم الأدكار، واعتبروا يا أولي الأبصار، نجوم زاهرات، وبحار زاخرا وسحاب مسخرات، ورياح ذاريات، وفُلك جاريات، وجبال راسيات، وأرض وسماء، وظلام وضياء، وصباح يردفه مساء، وصيف يخلفه شتاء، ومولود يولد، وفقيد يفقد، والأعمار في خلال ذلك تنصرم كالصريح، والنبت يعود بعد نضرته إلى حال الهشيم، كل يدل على عدم الثبات وسرعة الانبتات، وعودة الجميع إلى الشتات، والجديد إلى حال الرفات ".
تحليل الخطبة :
إن النظرة المتأنية إلى هذا النص الوعظي تهدي إلى القول بأن الخطيب :
1-قد سلك مسلكاً قريباً من نهج القرآن في الإقناع،
2-وسوق الأدلة والبراهين المنطقية التي تفضي إلى أن ما يُشاهد من عجائب الكون إنما يدل على عدم الثبوت والدوام، وفي هذا عبرة وعظة لمن يعتبر.
3-كما أن هذه الخطبة تستدعي إلى الأذهان مسلك بعض الخطب الوعظية التي راجت في عصر ما قبل الإسلام على لسان بعض الخطباء من أمثال قس بن ساعدة، والمأمور الحارثي، ويبدو أن الخطيب قد ترسم خطاهما. يقول المأمور الحارثي في خطبة له: " إن فيما نرى لمعتبراً لمن اعتبر، ارض موضوعة، وسماء مرفوعة، وشمس تطلع وتغرب، ونجوم تسري فتعزب، وقمر تطلعه النحور، وتمحصه أدبار الشهور... إن في ذلك لأوضح الدلائل على المدبر المقدر، البارئ المصور ".
4-إن هذه التأملات الكونية التي تدعو إلى التدبر والتأمل في بديع خلق السماء والأرض ودلالة ذلك على الخالق القادرة، والتي تحض على التذكير بمشاهد الموت وما فيها من عبرة وعظة، إنما تشف عن عاطفة صادقة وعميقة امتلأت بها نفس الخطيب ففاضت على لسانه حكماً وعبراً وعظة.
5- لجأ الخطيب لإقناع سامعيه إلى وسائل فنية مختلفة:
أ-من إيثار الفقرات القصيرة الموجزة،
ب- والإيقاع الموسيقى القائم على السجع والجناس،
ج-وتوشيح الخطبة بآية قرآنية للاستشهاد على صحة فكرته،
د- والتصوير التشبيهي الذي يزيد المعنى وضوحاً وجلاء،
ه-والطباق المتتابع لتأكيد معناه وترسيخه في الأذهان.
6-واختار الخطيب لمعانيه ألفاظاً سهلة، وتراكيب واضحة،
7-وجاءت أفكاره مرتبة تنسجم مع جلال الموقف وعظمته، وهي أفكاره مستقاه كما تبين من ثقافته الإسلامية المختزنة.
8-التأمل في مخلوقات الله في الكون،
9-حث الإنسان على التأمل في خلق الله تعالى ودقة صنعته، ليكون ذلك دافعاً له على طاعة الله وعبادته،
6-خطبة المطرف بن عميرة:
يحث المطرف بن عميرة العصاة على التوبة، ويدفعهم إلى الإقلاع عن الذنوب والمعاصي، ويحفزهم إلى التماس المغفرة من الله: "يا هذا، مداد الذنوب، إنما يمحوه ماء الدمع، أفلا تعدله عيناً باكية، وخطر العقل يقتل غلام الهوى، وأنت تقول أقتلت نفساً زاكية، اعترضتك شبهة الغي، فهذا دليل الرشد قد تبين، وإن خرجت خائفاً من مصر المعصية، فاجهد نفسك على أن ترد ماء مدين ".
تحليل الخطبة :
يهدف الواعظ من وراء دعوته إلى :
1-الإقلاع عن الذنوب،
2-والإقبال على الله
3-التأثير في نفوس المخاطبين،
4-وإقناعهم بموقفه،
5- استعان بالأسلوب التصويري في تجسيم فكرته، مثل قوله "مداد الذنوب، غلام الهوى "
6-توظيف الإشارات الدينية والتاريخية، لإثراء نسيجه اللغوي، وذلك عن طريق الاقتباس الخفي من القصص القرآني، وهو يدرج ما اقتبس ضمن موعظته بحيث تخفى للوهلة الأولى على السامع، ولا يفطن إليها إلا الحافظ للقرآن الكريم، فقوله: أقتلت نفساً زاكية إشارة دينية وتاريخية إلى قصة موسى - عليه السلام - وخروجه من مصر إثر قتله القبطي، وقوله: " اعترضتك شبهة الغي، فهذا دليل الرشد قد تبين " إشارة إلى قبول الله توبة موسى، وعفوه عنه فالقتل كان خطأ دون عمد أو قصد، وقوله: " وإن خرجت خائفاً من مصر المعصية فاجهد نفسك على أن ترد ماء مدين " إشارة إلى قصة خروج موسى - عليه السلام - من مصر قاصداً ماء مدين كما وردت في القرآن الكريم.
7-خطبة ابن الزيات الخطيب المتصوف :
وخطب أحمد بن الحسن بن علي الزيات خطبة ألغيت الألف من حروفها على كثرة ترددها في الكلام وهي: "حمد ربي جل من كريم محمود، وشكرته عز من عظيم معبود، ونزهته عن جهل كل ملحد كفور، وقدمته عن قول كل مفسد غرور، كبير لو تقدم في فهم لحد، قدير لو تصور في رسم لحد، لو عرته فكرة تصور لتصور، ولو حدته فكرة لتقدر، ولو فهمت له كيفية لبطل قدمه، ولو علمت له كيفية لحصل عدمه، ولو حصر في ظرف لقطع بتجسمه، ولو قهره وصف لصدع بتقسيمه، ولو فرض له شح لرهقه كيف عظيم من غير تركيب قطر. عليم من غير ترتيب فكر، موجود من غير شيء يمسكه، معبود من غير وهم يدركه، كريم من غير عوض يلحقه، حكيم من غير عرض يلحقه، قوي من غير سبب يجمعه، علي من غير سبب يرفعه، لو وجد له جنس لعورض في قيومته، ولو ثبت له حس لنوزع في ديمومته. ومنها تقدس وعز فعله، وتنزه عن اسمه وفصله، جل قاهر قدرته، وعز باهر عزته، وعظمت صفته، وكثرت منته، فتق ورتق، وصور وخلق، وقطع ووصل، ونصر وخذل، حمدته حمد من عرف ربه، ورهب ذنبه، وصفت حقيقة يقينه قلبه، وزكت بصيرة دينه لبه، ربط مسلك سلوكه وشد، وهدم صرح عتوه وهد، وحرس معقل عقله وحد وطرد غرور غرته ورذله، علم علم تحقيق فنحا نحوه، نقر له عز وجل، بثبوت ربوبيته وقدمه، ونعتقد صدور كل جوهر وعرض عن جوده وكرمه، ونشهد بتبليغ محمد -صلى ربه وسلم عليه-، رسوله وخير خلقه، ونعلق بنهوضه في تبيين فرضه، وتبليغ شرعه فنسخت كل شرع، وجدد عزيمته فقمع عدوه خير قمع، قوم كل مقوم بقويم سنته، وكريم هديه، وبين لقومه كيف يركنون ففازوا بقصده وسديد سعيه، بشر مطيعه فظفر برحمته، وحذر عاصيه فشقي بنقمته . وبعد.. فقد نصحتكم لو كنتم تعقلون، وهديتكم لو كنتم تعلمون وبصرتكم لو كنتم تتبصرون.. وذكرتكم لو كنتم تتذكرون، ظهرت لكم حقيقة نشركم. وبرزت لكم حقيقة حشركم، فكم تركضون في طلق غفلتكم، وتغفلون عن يوم بعثكم.. والموت عليكم سيف مسلول، وحكم عزم غير معلول، فكيف بكم يوم يؤخذ كل بذنبه، ويشتغل بهمه وكربه عن صديقه وتربه، وتنشر له رقعة، وتعين له بقعة، فريح عبد نظر وهو في مهل لنفسه، وترسل في رضا عمل جنة لحلول رمسه، وكسر صنم شهوته، ليقر في بحبوحة قدسه. ومنها... فتنبه -ويحك- من سنتك ونومك، وتفكر فيمن هلك من صحبتك وقومك، هتف بهم من تعلم، وشب عليهم منه حرق مظلم، فخربت بصيحته ربوعهم، وتفرقت لهولة جموعهم، وذلك عزيزهم، وخسيء رفيعهم، وصم سميعهم، فخرج كل منهم عن قصره ما رمى غير موسد في قبره فهم بين سعيد في روضة مقرب وبين مشقي في حفرة معذب، فنستوهب منه -عز وجل- عصمة من كل خطيئة، وخصوصية تقي من كل نفس جريئة".
تحليل الخطبة:
1-صاحب هذه الخطبة ابن الزيات الخطيب المتصوف من أهل بلش مالقة توفي سنة 728هـ، وفي وقته كان الأسلوب الخطابي والكتابي -في المشرق- قد انحط إلى مستوى شنيع. ونزل إلى درك وضيع، وأصبحت سمات التكلف البادية الواضحة تعلن عن الهزال و الضعف والركاكة والتفكك، وقد كان هنالك من يحاول -مع ذلك خلو كلامه من حروف المعجم أو المهمل إعلانًا عن التفصح، وتنويها بمقدرته البيانية متناسيًا أن هذه المحاولة نفسها تنبئ عن تخلفه عن الركب.
2-وفي هذه الخطبة دليلان على نزول درجتها البلاغية،
أ-أحدهما هذا التكلف الذي أخذ الخطيب نفسه به،
ب- والثاني ذلك التعقيد في الاستدلال والغموض في الإيضاح والتعمية في الشرح، وما أظن خطيب منبر يزعم لنفسه بمثل هذا الأسلوب أنه يستدر دمعًا، أو يرهف سمعًا، أو يثير وجدانًا.
- المضامين الزهدية عند الخطباء الزهاد:
1-الحديث عن يوم القيامة وعلاماته وأهواله،
2-والتذكير بما ينتظر الإنسان من حساب وحشر،
3- ونعيم مقيم،

4-فعلى الإنسان العاقل التزود لمثل ذلك اليوم بالعمل الصالح،