غُــــــلُّ الرعـــــــاة
( رأى أحد المارة فأطلق كلبه , ظنا منه انه حظي بصيد ثمين , احذر فقد يداهمك في أي لحظة الكلاب ! )
أفِلَ النهارُ و لم يعدْ يقوى وغادر
منهكَ الأوصالِ خائرْ
والليلُ عَسْعَسَ يستبدُّ بهِ الجنونُ
مخالساً بَرِمَ الأواصرْ
والريحُ تعصفُ لا تقرُّ وكلما
هدأت عوى فيها مَضاجِـرْ
والجدولُ اليعبوبُ آسنَهُ الوهى
ولغَ الكلابُ بكلِّ طاهرْ
كلبٌ يَهـِرُ ونعجة ٌ لاذتْ
بـِراع ٍ ساترِ الأنيابِ كاسرْ
هذا زمانُ العُهر والخصيان
دولةُ كلِّ طاغيةٍ وغادرْ
جَوِّعْ كِلابَ حِماكَ أطلقْ من ترى
يأتيكَ منه الصيدُ وافرْ
جَوِّعْ واَضْر ِ مِنْ كِلابِكَ
لن يفوتَ قنيصُ ضاريةٍ مُناوِرْ
هل تكتـَسيْ شحماً بِضِرسٍٍ
جانَبَ النَعماءَ من شح ٍ مقاتِـرْ ؟
جَـذرٌ تـَلَـفَّـظـَهُ الأديمُ فلم يقرْ
و نَسغُه أشتاتُ سادرْ
اقسمت انك لستَ تعدو ان تكون
لنعجة خرقاءَ آمرْ
* * *
الليلُ يعبثُ بالأماني والذئابُ كأنها
قِطَعُ الظلامِ تبادرتْ في الأفق تترى
و ( الحِيرةُ ) الثكلى تـَناهبَها الأعاجمُ والنفوسُ كليلةٌ
مابينَ يائسةٍ و سكرى
كلُّ الرُعاةِ تـَفـَطَّـرَتْ أنيابُهم ( سَقَطَ النَّصِيفُ )
فَـكُـلُّهُمْ مِنْ ثـَوبـِهِ المهزولِ يعرى
وَبَدَتْ جُلودُهمُ وأنضجها الغُـلولُ فلم تزلْ
مِنْ ناعِم ِ الأثوابِ تـَشرى
ما ثـَمَّ إلا أنتَ تـَختزلُ الكلامَ بعبوةٍ ندباءَ
تبدو في بني الصفراءِ ذكرى
وعلى جِذاكَ الفجرُ يَبدو مُستطيراً في يَدَيْكَ
بـِرَغمِ أنفِ الليلِ يُورَى
هُزِّ الرِّجالَ لـَعَلَّـهُ يَصحو صلاحُ الدينِ
أو يَمضي على البلقاءِ سعدٌ
نادباً للذُلِّ كِسْرى
أو تـُكَفكِفَ عَبرَةً مِهراقَ تجري مُنذُ دَهرٍ
في شُقوبِ الخَدِّ حَرّى
* * *
الدَّهرُ عادَ كأنما نَكَصَتْ قُريشُ واَدبَرتْ
لم تكترثْ لما دهاها الخَطبُ اِدَّا
وكأنما ابن البداوةِ لم يكن في القادسية
يَعتلي إيوانَ كِسْرى شَدَّ بالفرقان زِنْدا
وكأنَّما اليرموك لم يَكُ شاهداً
وابنُ الوليدِ وفِطنةُ البدويِّ
تـُلوي بالعـُلوج ِ الرومِ وأدا
كيفَ تأتيك الحضارةُ... يا شريداً في الصحارى
زادَ فيك الشَّظْفُ بُعدا؟
يا شتيتاً لم تَزَلْ تزدادُ رَغمَ الفقرِ عِنْدا
سَلْ تُخومَ الكونِ , سَلْ أجرامها
من أينَ تأتيكَ البُطولةُ يا شريدُ ؟
وَهَلْ رضِعتَ البَأسَ صرفاً
في صِبا الأيامِ ... مَهْدا؟
* * *