فداءعند المساء تثاقل القمر بالعروج نحو السماء، أحسست بشيء مريب قد وقع، هرولت مسرعاً نحو المقهى القريب من منزلي، رأيت بعض الاصدقاء متجمهرين واصداء كلماتهم متقطعة اصطادتها أذني الصغيرة ، تزاوجت الحروف وكونت كلمات محزنة اقتربت أكثر، فلمحت وجوههم السمراء وقد لفحتها هالة من الكآبة، أغمضتُ عيني، سحبتُ أنفاسي المختنقة في صدري، تخيلتُ محياه عائدا حاملا حقيبة سفرهُ الصغيرة يلوح لي بكفهِ المختومة بالعقيق، وابتسامتهِ الرشيقة ..
صعقتني صفارة الاسعاف أيقظتني من حُلمي الذي وئد تواً، وتوقفت في محلها سيارة (خاكية) اللون ترجل منها رجلان ملامحهم جنوبية عليها دموع رسمت خطاها على وجوههم، قال أحدهما بصوت خافت وعبرات تتكسر في صدره:
- فاز الشهيد بمجده، ومتنا نحن بفقده.