أحدث المشاركات
صفحة 1 من 9 123456789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 86

الموضوع: فقه العروض (قواعد البناءالموسيقي للشعر العربي كما لم تعرف من قبل)

  1. #1
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي فقه العروض (قواعد البناءالموسيقي للشعر العربي كما لم تعرف من قبل)

    مقدمة


    لم نجد علما من العلوم نشأ كاملا وتم صياغة قواعده مرة واحدة على يد عالم واحد , فهل علم العروض هو الاستثناء بين العلوم كلها ؟

    يجيب الخليل بكل تواضع عن هذا السؤال حيث يقول (2) :

    إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها , وعرفت مواقع كلامها , وقام في عقولها علله , وإن لم ينقل ذكر عنها , ومثلي مثل رجل حكيم دخلت دارا محكمة البناء عجيبة النظم والأقسام فتيقنت حكمة بانيها , وكلما وقفت على شيء منها قلت : إنما فُعل هذا هكذا لعلة كذا وكذا , واعتللت أنا بما عندي , فإن أصبت العلة فهو الذي التمست , وإن سنح لغيري علة هي أليق مما ذكرته فليأت بها .

    يطلق الخليل الدعوة لغيره أن يأت بما لديه من جديد , شريطة أن يكون أليق مما جاء هو به .


    نظرة سريعة على عروض الخليل :


    بداية يجب أن نعرف كيف وضع الخليل علم العروض , وكيف قام ببناء النموذج النظري له , ومدى اقتراب هذا النموذج من الواقع الشعري الذي درسه الخليل واعتمد عليه في التقعيد .


    كيف وضع الخليل علم العروض :

    يقول الأخفش : (أما وضع العروض , فإنهم جمعوا كل ما وصل إليهم من أبنية العرب , فعرفوا عدد حروفها ساكنها ومتحركها)(1).

    اكتشف الخليل أن الإيقاع الموسيقي للشعر العربي ينشأ من التتابع المنتظم والمتكرر للحركات والسكون المصاحب للحروف وبعد أن عكف الخليل على دراسة وتحليل ما جمع من أوزان وجد أن مادتها الأولية التي تتكون منها جميعا هي الحركة والسكون(2), وتنتظم في عدة مقاطع إيقاعية (الكلمات الإيقاعية) , وضع لها رموزا كما وضع لها أسماء وهي :

    حركة فسكون / O السبب الخفيف
    حركتان // السبب الثقيل
    حركتان فسكون //O الوتد المجموع
    حركة فسكون فحركة /O/ الوتد المفروق
    ثلاث حركات فسكون ///O الفاصلة الصغرى
    أربع حركات فسكون ////O الفاصلة الكبرى


    التفاعيل العشرة المستعملة والتفعيلة المهملة :

    لاحظ الخليل أن الكلمات الإيقاعية الأربعة الأولى السابقة (السبب الخفيف , السبب الثقيل , الوتد المجموع , الوتد المفروق) تنتظم معا لتكون عشرة أجزاء (الجمل الإيقاعية) مستعملة , وجزءا واحدا مهملا , والتفعيلات تنتظم معا لتكون الأوزان (العبارات الإيقاعية) , سماها الخليل البحور و مجزوءاتها .

    فعولن فاعلن
    11ه1ه 1ه11ه

    مفاعيلن فاعلاتن مستفعلن
    11ه1ه1ه 1ه11ه1ه 1ه1ه11ه

    مفاعلتن فاعلاتك متفاعلن
    11ه111ه 1ه11ه11 111ه11ه

    فاع لا تن مستفع لن مفعو لات
    1ه1 1ه1ه 1ه1ه1 1ه 1ه1ه 1ه1


    التفاعيل الأصلية والتفاعيل الفرعية :


    جعل الخليل التفاعيل الأربعة التي تبدأ بوتد (مجموع أو مفروق) جعلها أصولا , ويتفرع منها التفاعيل الأخرى بتقديم الأسباب على الأوتاد , مستخدما معرفته بالرياضيات والاحتمالات , ليخرج بأربعة تفاعيل أصلية مستعملة , وست تفاعيل فرعية مستعملة , وتفعيلة واحدة فرعية مهملة , وترتيبها كالتالي :

    (1) فعولن 11ه أصل ويتفرع منها فاعلن 11ه بتقديم السبب على الوتد .

    (2) مفاعيلن 11ه1ه أصل ويتفرع منها فاعلاتن11ه1ه بتقديم السبب الأخيرعلى الوتد .

    مفاعيلن 11ه1ه1ه يتفرع منها أيضا مستفعلن 1ه1ه11ه بتقديم السببين على الوتد .

    (3) مفاعلتن 11ه11 ويتفرع منها فاعلاتك 11ه11 - وهي التفعيلة المهملة - بتقديم السبب الأخير على الوتد .

    مفاعلتن 11ه111ه يتفرع منها أيضا متفاعلن 111ه11ه بتقديم السببين - الفاصلة الصغرى - على الوتد .

    (4) فاع لا تن 1ه1 1ه أصل ويتفرع منها مستفع لن 1ه1 1ه بتقديم السبب الأخير على الوتد المفروق .

    فاع لا تن 1ه1 1ه1ه يتفرع منها أيضا مفعو لات 1ه1ه 1ه1 بتقديم السببين على الوتد المفروق .


    تصنيف الأوزان إلى البحور ومجزوءاتها :

    صنف الخليل الأوزان التي جمعها إلى خمسة عشر وزنا رئيسيا , سماها البحور التامة , اجتهد في استخلاصها مما جمعه ودرسه من الشعر في عصر الاحتجاج (1) ,

    واضعا قاعدة عامة في نموذجه النظري وهي : أن أصل البحور التمام مع سلامة الأجزاء ؛ ثم يطرأ عليها التغيير في عدد حروف الأجزاء سماه الزحافات , ونقص في عدد الأجزاء (التفاعيل) سماه الجزء .

    وفي محاولة منه لاستنباط الصيغ التامة لأوزان البحور التي لم يجدها مستعملة إلا مجزوءة , عمد الخليل إلى وضع الدوائر العروضية الخمسة , استخرج منها خمسة عشر بحرا تاما سالم الأجزاء , وسبعة بحور مهملة (لم ينظم عليها العرب شعرا) .

    ثم ألحق كلا من الأوزان الثلاثة والستين - التي استخلصها من أشعار العرب - كأوزان تابعة للصيغ الأصلية المستخرجة من الدوائر.

    ولتقريب النموذج النظري - الأوزان الأصلية المستخرجة من الدوائر - مع الواقع الشعري وضع الخليل قواعد للتغييرات التي تطرأ على التفاعيل (قسمت للزحافات والعلل) , كما وضع مفهوم الجزء ليصنف الأوزان المتشابهة معا تحت بحر واحد (2) .


    وإليك صيغ البحور التامة السالمة كما صاغها الخليل :


    (1) فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن (البحر الطويل)
    11ه1ه 11ه1ه1ه 11ه1ه 11ه1ه
    (2) مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن (البحر البسيط)
    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه11ه
    (3) فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن (البحر المديد)
    1ه11ه1ه 1ه11ه 1ه11ه1ه 1ه11ه
    (4) مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن (البحر الهزج)
    11ه1ه1ه 11ه1ه1ه 11ه1ه1ه
    (5) فاعلاتن فاعلاتن فاعلا تن (البحر الرمل)
    1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 1ه11ه
    (6) مستفعلن مستفعلن مستفعلن (البحر الرجز)
    1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه
    (7) مفاعلتن مفاعلتن مفاعلـ ـتن (البحر الوافر)
    11ه111ه 11ه111ه 11ه11
    (8) متفاعلن متفاعلن متفاعلن (البحر الكامل)
    111ه11ه 111ه11ه 111ه11ه
    (9) مستفعلن مستفعلن مفعو لات (البحر السريع)
    1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه1ه1
    (10) فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن (البحر الخفيف)
    1ه11ه1ه 1ه1ه1 1ه 1ه11ه1ه
    (11) مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن (البحر المجتث)
    1ه1ه1 1ه 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه
    (12) مستفعلن مفعو لات مستفعلن (البحر المنسرح)
    1ه1ه11ه 1ه1ه 1ه1 1ه1ه11ه
    (13) مفعو لات مستفعلن مستفعلن (البحر المقتضب)
    1ه1ه 1ه1 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه
    (14) مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن (البحر المضارع)
    11ه1ه1ه 1ه11ه1ه 11ه1ه1ه
    (15) فعولن فعولن فعولن فعولن (البحر المتقارب)
    11ه1ه 11ه1ه 11ه 11ه

    ملاحظات على صيغ البحور في نموذج الخليل :


    (1) خمسة بحور يقول عنها الخليل أنها لم تستعمل إلا مجزوءة , وهي ( المديد , الهزج , المقتضب , المضارع , و المجتث ) .
    (2) بحران يقول عنهما الخليل لم يستعملا إلا تامين , وهما (الطويل , والمنسرح) (1) .
    (3) وأما عن ( الوافر, السريع , والرمل ) فيقول الخليل :
    الوافر لم يستخدم إلا مقطوفا , والسريع لم يأت إلا مكشوفا مطويا أو مكشوفا مخبولا , والرمل لم يأت إلا محذوفا ؛ وكل هذه المصطلحات تعني أن الجزء الأخير نقص منه سبب , فجاء على خمسة أحرف بدلا من سبعة .
    (4) أما المتقارب فيقول الخليل عن مجزوءه أنه لم يأت إلا محذوفا , ويقول عن التام أن الجزء الأخير يجوز فيه الحذف , والواقع الشعري يقول الأكثر أن يأتي محذوفا , وإن جاء تاما يأت على فعولُ المقبوضة وتكون واوه حرف لين (2) .

    (5) والبحر البسيط رغم أن الخليل ذكر أنه يأت تاما ومجزوءا, وذكر للمجزوء أربعة أعاريض , فلم يكتب البقاء إلا لوزن المخلع , وأما الأعاريض الثلاثة الأخرى فماتت مبتسرة قبل أن تخرج من العصر الجاهلي ولم تقم لها قائمة بعد (3) .

    (6) لم يبق من بحور الخليل إلا ثلاثة (الرجز, الكامل ,والخفيف) , وهي التي نظم الشعراء على أوزانها تامة سالمة الأجزاء , كما نظموا على مجزوءاتها .
    مع ملاحظة أن عروض الطويل لا تأتي إلا مقبوضة , وعروض البسيط لا تأتي إلا مخبونة , وعروض المنسرح والمقتضب لا تأتي إلا مطوية , ويقول الأخفش أن أصل مستفع لن في الخفيف مفاعلن وأن أصل مفعولات في المنسرح والمقتضب فاعلات .

    (7) ونضيف لما سبق البحور السبعة المهملة التي استخرجها الخليل من دوائره , والتي لم يكتب لأي منها أن يولد لا تاما ولا مجزوءا على مدى أكثر من ألف ومائتي عام بعد الخليل وإلى اليوم , إلا محاولات البعض لنظم عدة أبيات عليها .

    ما ذكرناه من ملاحظات يعطي دلالات أولية على البون الشاسع بين نموذج الخليل النظري والواقع الشعري ؛

    ولم يعطنا الخليل ولا العروضيون من بعده تفسيرات شافية لما ذكرناه من تلك الملاحظات – وغيرها الكثير لم نذكره - والتي كانت ولا زالت مواضع للخلاف بين العروضيين قديما وحديثا .



    والسؤال الآن : هل يمكن الرجوع لأصل الأوزان كما استخدمها العرب في عصور الاحتجاج (1) , لنقوم ببناء نموذج آخر , يكون أليق مما جاء به الخليل ؟ وبذلك نكون قد قبلنا دعوته الضمنية في قوله : (وإن سنح لغيري علة أليق مما ذكرته فليأت بها ) .
    هذا ما سنجيب عنه في هذا الكتاب .


    ونبدأ بتحليل على الرغم من بساطته إلا أن غيابه قاد الخليل والعروضيين من بعده إلى (التيه العروضي) المسمى بالدوائر العروضية , فعاشوا في سرابها لما يزيد على ألف ومائتي عام .

    الأسباب الخفيفة والتفاعيل الجذعية والتفاعيل الأساسية :

    المادة الأولية التي يتكون منها الإيقاع الموسيقي للشعر العربي هي الحركة ورمزها الخط المائل / والسكون ورمزه الدائرة O , ومن الحركة والسكون تتكون وحدة البناء الأساسية السبب /O ,

    ومن السببين المتجاورين يتشكل الوتد بحذف ساكن السبب الأول,
    /O// ← O/O

    وذلك على مستوي الوزن كله وليس على مستوى التفعيلة فقط ؛ فحيثما وجدنا حركتين بعدهما ساكن فهو وتد تشكل من سببين متجاورين بحذف ساكن الأول ؛(1)

    وإذا اقترن السببان في تفعيلة واحدة تتكون الفاصلة المترددة بتحريك ساكن السبب الأول , ونرمز (للحركة المترددة) بـ Ø .
    /O/Ø/ < ← O/O
    ويسمى السبب الذي تحرك ساكنه بالسبب الثقيل .

    يقول الأخفش :( والسبب حرفان الآخر منهما ساكن , وهو كل موضع يجوز فيه الزحاف , وقد يقرن السببان فيكون فلْ فلْ وهو صدر مستفعلن 1ه1ه11ه [ وآخر مفاعيلن //O/O/O ] , وهما السببان المقرونان ؛ويكون السببان مفروقان , سبب في أول الجزء وسبب في أخره مثل فاعلاتن 1ه11ه1ه , ويكون السبب المقرون متحرك الثاني فلُ فلْ نحو صدر متفاعلن /O//O/Ø وآخر مفاعلتن //O/Ø/O ) .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
    (1) فإذا وصل أحدهم لهذا التحليل البسيط ثم حصره على مستوى التفعيلة الخليلية فقط دون الوزن كله حتى أخرج لنا مفعولات كتفعيلة أساسية يستخدمها في وصف الأوزان عاد أسيرا لعروض الخليل وقوانينه بعد أن كاد يتحرر من أغلالها ,


    في العبارة الأخيرة يشير الأخفش بوضوح أن السببين المقرونين في التفعيلة الواحدة في (مستفعلن ومفاعيلن ) يتحرك ساكن السبب الأول ليشكل تفعيلتين هما ( متفاعلن ومفاعلتن) ,

    مستفعلن 1ه1ه11ه ← 1هـ1ه11ه متفاعلن ( نستخدم هـ بدلا Ø لسهولة كتابتها على صفحة الواحة )
    مفاعيلن 11ه1ه1ه ← 11ه1هـ1ه مفاعلتن

    والأخفش في هذا يخالف الخليل , الذي جعل السبب الثقيل وحدة صوتية مستقلة , حتى وإن كان السببان مفروقين , فشكل الخليل من السبب الثقيل مع السبب الخفيف تفعيلة غير مستعملة وهي فاعلاتك /O//O// , اشتقها من مفاعلتن //O///O بتقديم السبب الخفيف على الوتد ؛ بل وذكر من البحور المهملة بحرا يتكون منها سماه (المتوفر) فاعلاتك فاعلاتك فاعلاتك ؛

    لكن كلا من الخليل والأخفش وجمهور العروضيين من بعدهما لم يذكروا لنا أصل الوتد (1) , بل جعلوه أصلا في التفعيلة , وجعلوا التفعيلة التي تبدأ بوتد هي الأصل , ويشتق منها التفاعيل الأخرى , وزادوا على ذلك أن جعلوا البحر الذي يبدأ بتفعيلة أولها وتد هو رب الدائرة , ومنه يشتق باقي بحور الدائرة (عدا دائرة المشتبه), كل ذلك برغم أن الوتد يتكون في كل لحظة من الزحافات التي تدخل التفاعيل , وأكثرها شيوعا خبن مستفعلن , 1ه1ه11ه ← 11ه11ه


    فإن قيل أن الوتد الناتج من خبن مستفعلن غير ثابت لأنه يظهر نتيجة الزحاف فلا يجوز الاحتجاج بتكوينه , قلنا أن الخليل وضع بنفسه آلية لتكوين وتد دائم ثابت لزوما من مفعولات في عروض البحر السريع وقد قبلها العروضيون :

    مستفعلن مستفعلن مفعولات
    1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه1ه1ه1

    حيث ذكر الخليل أن عروض السريع تأتي مكشوفة مطوية ,

    مفعولات الكشف مفعولن الطي فاعلن
    1ه1ه1ه1 ← 1ه1ه1ه ← 1ه11ه

    والوتد في العروض فاعلن هنا ثابت لا يتغير .

    وشبيه به ما حدث في وزن مشطور السريع والذي تتحول عروضه بالكشف إلى مفعولن ثم يدخلها الخبن لتصبح فعولن

    وإذا جمعنا ما حدث في مفعولات في عروض السريع التام مع ما حدث في عروض مشطور السريع

    مفعولات الكشف مفعولن الطي فاعلن
    1ه1ه1ه1 ← 1ه1ه1ه ← 1ه11ه
    1ه1ه1ه1 ← 1ه1ه1ه ← 11ه1ه
    مفعولات الكشف مفعولن بالخبن فعولن

    يمكن استنتاج أن أصل كلا من فاعلن وفعولن هو مفعولن , وليس كما يذكر الخليل أن فعولن أصل ويتفرع منها فاعلن بتقديم السبب على الوتد ؛

    ونسمي مفعولن تفعيلة جذعية - ثلاثية الأسباب - للتفعيلتين الخماسيتين , (بالخبن تعطي فاعلن وبالطي تعطي فعولن) , ويمكن تسمية العملية العكسية التي يتحول فيها الوتد إلى سببين بالشق(1)

    فاعلن شق الوتد مفعولن
    1ه11ه ← 1ه1ه1ه

    فعولن شق الوتد مفعولن
    11ه1ه ← 1ه1ه1ه

    وبالقياس على ما ذكرنا في التفعيلتين الخماسيتين فاعلن وفعولن , يمكن القول أن هناك تفعيلة جذعية أخرى - رباعية الأسباب - مفعولاتن /O/O/O/O , هي أصل التفعيلات السباعية , بالخبن تعطي مفاعيلن , وبالطي تعطي فاعلاتن , وبحذف ساكن السبب الثالث تعطي مستفعلن ,

    مفعولاتن خبن مفاعيلن
    1ه1ه1ه1ه ← 11ه1ه1ه

    مفعولاتن طي فاعلاتن
    1ه1ه1ه1ه ← 1ه11ه1ه

    مفعولاتن حذف السادس الساكن مستفعلن
    1ه1ه1ه1ه ← 1ه1ه11ه
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـ
    (1) الشق : زيادة ساكن بين حركتي الوتد المجموع وهو علة جديدة نضيفها إلى (العلل الجارية مجرى الزحاف) .


    ونجمع إلى ما سبق رأي الأخفش في تكوين (الفاصلة المترددة)

    مستفعلن بالتحريك متفاعلن
    1ه1ه11ه ← 1هـ1ه11ه
    مفاعيلن بالتحريك مفاعلتن
    11ه1ه1ه ← 11ه1هـ1ه
    ونضيف الترفيل إلى مستفعلن لتعطينا مستفعلاتن
    1ه1ه11ه ← 1ه1ه11ه1ه

    نستخدمها كتفعيلة أساسية في بعض الأوزان وقد سبقنا إليها حازم القرطاجني ؛

    كما نضيف معكوسا لـ مستفعلاتن هو فاعلاتن لن 1ه11ه1ه 1ه

    كتفعيلة تنتج من ترفيل فاعلاتن نستخدمها في تحليل الأوزان وفي تفسير الزحافات نذكر ذلك في حينه .

    نحصل مما سبق على تسع تفعيلات وتدية , (فعولن – فاعلن – مفاعيلن – فاعلاتن – مستفعلن – مفاعلتن – متفاعلن – مستفعلاتن – فاعلاتن لن ) كل منها يحتوي على وتد مجموع ,

    وهي فقط ما سنحتاجه في التقعيد وبناء النموذج النظري الجديد لعلم العروض, فلن نحتاج إلى مصطلح الوتد المفروق , ولا لأي من تفعيلاته الثلاث , ( فاع لاتن مستفع لن مفعولات ) نستغني عنها بأسمائها وزحافاتها وعللها ؛


    ما ذكرناه عن تكوين الوتد المجموع من حذف ساكن السبب الأول من السببين المتجاورين ليس للتنظير المجرد , فغياب هذا التحليل البسيط عن الخليل قاده إلى مفهوم الوتد المفروق ( /O/ ) وقد شكل منه مع الأسباب الخفيفة تفاعيل ثلاث , ثم أدخل الوتد المفروق في دائرة من دوائره (دائرة المشتبه) وأخرج منها تسعة بحور ثلاث مهملة وستة مستعملة , فكانت أكثر الدوائر إثارة للجدل والخلاف بين العروضيين , وأكثرها مساهمة في تعقيد علم العروض .

    دائرة الوتد المفروق أفسدت علم العروض :


    نذكر صيغ البحور التسعة (الستة المستعملة ثم الثلاث المهملة) التي استخرجها الخليل من دائرة المشتبه , ونلقي الضوء على أهم ما ساهمت به تلك الدائرة في تعقيد علم العروض :

    (1) مستفعلن مستفعلن مفعولات (السريع)
    (2) مستفعلن مفعولات مستفعلن (المنسرح)
    (3) مفعولات مستفعلن مستفعلن ( المقتضب )
    (4) فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن (الخفيف)
    (5) مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن ( المجتث )
    (6) مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن ( المضارع )
    (7) مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن (المنسرد)
    (8) فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن (المطرد)
    (9) فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن (المتئد)

    دائرة المشتبه - والتي أساسها الوتد المفروق - ساهمت وحدها بثلاث بحور مهملة (المنسرد والمطرد والمتئد) , من أصل سبعة استخرجها الخليل من دوائره , كما ساهمت أيضا بثلاث بحور مستعملة من أصل خمسة يقول عنها الخليل أنها لم تستعمل إلا مجزوءة , وهي (المقتضب والمجتث والمضارع) ؛


    لكن أكبر المشكلات التي ساهمت بها دائرة المشتبه هي ترسيخها لمفهوم البحور المركبة :
    فإن كانت دائرة المختلف قد أسست لمفهوم البحور المركبة بين التفاعيل السباعية والخماسية , فإن دائرة المشتبه هي من رسخت لفكرة تركيب البحور بشكل مطلق , وذلك بتركيب البحور بين التفاعيل السباعية ؛ ففتحت الباب على مصراعيه أمام بعض العروضيين لتوليد ما يسمى بالبحور الجديدة , باستخدام كل احتمالات التركيب بين التفاعيل , حتى وصلت حد الهوس , فيدعي البعض أن عدد البحور يعد بالمئات وربما الآلاف , ولديهم منطق سليم في القياس على بحور الخليل المستعمل منها والمهمل(1) .

    وإليك جانبا من طريقتهم في القياس المنطقي على بحور الخليل

    يقولون إذا كان وزن الرجز هو : مستفعلن مستفعلن مستفعلن

    والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المقتضب , والمنسرح , والسريع) هي :
    (1) مفعولات مستفعلن مستفعلن ( المقتضب )
    (2) مستفعلن مفعولات مستفعلن (المنسرح)
    (3) مستفعلن مستفعلن مفعولات (السريع)

    فيبدو بوضوح أن استبدال واحدة من تفعيلات البحر الرجز الثلاث بـ مفعولات يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال التفعيلة الأولى يعطينا البحر المقتضب , واستبدال التفعيلة الثانية يعطينا البحر المنسرح , واستبدال التفعيلة الثالثة يعطينا البحر السريع , والبحور الثلاث مستعملة .


    ويقولون أيضا : إذا كان وزن البحر الرمل عند الخليل هو :

    فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
    والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المجتث , الخفيف , والمتئد) هي :
    (1) مستفع لن فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن ( المجتث )
    (2) فـاعـلاتـن مستفع لن فـاعـلاتـن (الخفيف)
    (3) فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن مستفع لن (المتئد)

    يبدو بوضوح أن استبدال إحدى تفعيلات البحر الرمل الثلاث بـ مستفع لن يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال التفعيلة الأولى يعطينا البحر المجتث , واستبدال التفعيلة الثانية يعطينا البحر الخفيف , واستبدال التفعيلة الثالثة يعطينا البحر المتئد , والبحران المجتث والخفيف مستعملان والمتئد عند الخليل بحر وإن وصفه بالمهمل .

    وللمرة الثالثة إذا كان وزن البحر الهزج عند الخليل هو :
    مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن

    والأوزان الأصلية المستخرجة من دائرة المشتبه للبحور الثلاث (المطرد , المنسرد , والمضارع) عند الخليل هي :

    (1) فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن (المطرد) بحر مهمل
    (2) مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن ( المضارع )
    (3) مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن (المنسرد) بحر مهمل

    للمرة الثالثة يبدو بوضوح أن استبدال إحدي تفعيلات البحر الهزج بـ فاع لاتن يعطينا بحرا جديدا في كل مرة , فاستبدال الأولى يعطينا المطرد , واستبدال الثانية يعطينا المضارع , واستبدال الثالثة يعطينا المنسرد , والمضارع بحر مستعمل عند الخليل , والمطرد والمنسرد عند الخليل بحران لكنهما مهملان .

    هذا المنطق البسيط في تحليل أوزان البحور السابقة دفعت عددا من العروضيين إلى الاعتقاد أنه بالإمكان توليد بحور جديدة من البحور القديمة باستبدال تفعيلة من أي بحر قديم بإحدى التفاعيل العشرة ؛ متمسكين بالقياس الصحيح على بحور الخليل ؛

    وانقسم علماء العروض في كل العصور إلى واحد من ثلاث :

    أولهم : متعصب لبحور الخليل البسيطة منها والمركبة

    وثانيهم : من يقبل على استحياء بعض الأوزان الجديدة ويسميها المستدركات

    وثالثهم : متحرر من دوائر الخليل وبحوره لا يقبل قيدا أو شرطا في توليد البحور الجديدة .


    البحر الخفيف وأسرار علم العروض :

    بالإضافة لما سبق من إسهامات دائرة المشتبه في تعقيد علم العروض , فقد أخفى الخليل في صياغته للبحر الخفيف - وهو أحد أهم بحور دائرة المشتبه - أخفى فيه أهم أسرار البناء الموسيقي للشعر العربي , وسنبدأ بهذا البحر لنكتشف القواعد الأساسية لعلم العروض في صياغته الجديدة .

    استخرج الخليل وزن البحر الخفيف من الدائرة وصاغ أوزانه كما يلي :

    فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن الخفيف التام
    1ه11ه1ه 1ه1ه1 1ه 1ه11ه1ه
    فاعلاتن مستفع لن فعلا الخفيف التام
    1ه11ه1ه 1ه1ه1 1ه 111ه المحذوف المخبون
    فاعلاتن مستفع لن مجزوء الخفيف
    1ه11ه1ه 1ه1ه1 1ه

    ويقول عن مستفع لن في الخفيف بأنها مفروقة الوتد وتتألف من سببين خفيفين يفصل بينهما وتد مفروق 1ه1ه1 1ه ؛ وأنها غير مستفعلن مجموعة الوتد , والتي تتألف من سببين خفيفين متتاليين بعدهما وتد مجموع 1ه1ه11ه ؛

    ويقول : أن الزحاف يدخل مستفع لن في كل من سببيها , فيدخلها الخبن (حذف السين) , كما يدخلها الكف (حذف النون) ؛ لكن الواقع الشعري يقول شيئا آخر ويفرض نفسه على العروضيين سواء المعاصرين للخليل و من جاء بعده ؛

    يقول الأخفش في البحر الخفيف :

    ( وما أرى أصل مستفع لن 1ه1ه1 1ه فيه إلا مفاعلن 11ه11ه , والسين زيادة ) (1) ,

    ويجمعها في حكمه مع مفعولات في كل من المنسرح والمقتضب فيقول :

    (كما أن الواو في مفعولات زائدة عندي , وجازت الزيادة كما جاز النقصان , ويدلك على ذلك أن تمامها يقبح ) (2) ,

    وهو يقول عن مفعولات 1ه1ه1ه1 في موضع آخر:

    (وفاعلات 1ه11ه1 فيها حسنة وعليها بنوا الشعر) (3) .

    يعتمد الأخفش في حكمه على أمرين هامين :

    الأول : أن أكثر ما تأتي مستفع لن في الخفيف على مفاعلن , فجعل الأكثر هو الأصل , والأقل هو المتغير,
    وكذلك مفعولات في المنسرح والمقتضب فإنها أكثر ما تأتي على فاعلات , وهو ما يقر به في قوله (وعليها بنوا الشعر )

    والثاني : هو حسه وذائقته الموسيقية , حيث يرى أن الإيقاع الموسيقي للشعر يقل جماله إذا جاءت مستفع لن في الخفيف تامة , كما هو الحال نفسه إذا جاءت مفعولات تامة في المنسرح أو في المقتضب , وهو ما يقرره في قوله:
    (ويدلك على ذلك أن تمامها يقبح).


    وماذا يقول الأخفش عن كف مستفعلن (حذف نونها) ؟

    يقول :(ولم نجد ذهاب نون مستفعلن إلا في شعر لابن الرقيات , وزعموا أنه كان سبق اللحن , فمن جعله في الشعر إماما جوز حذف نونها , ومن لم يجعله إماما لم يجوز حذف ذلك ) (1)

    ويقول : (ومن زعم أن السين زائدة لم يستقبح ذهاب نون فاعلاتن قبلها) (2) .

    في العبارة الأخيرة يتحدث الأخفش عن فريق من العلماء يرى أن أصل السين في مستفعلن زيادة كما يراها الأخفش .

    والآن لنكتب أوزان البحر الخفيف كما يراها الأخفش ومن معه ممن زعم أن السين زيادة :
    الخفيف التام فاعلاتن مفاعلن فاعلاتن
    1ه11ه1ه 11ه11ه 1ه11ه1ه
    والمحذوف المخبون فاعلاتن مفاعلن فعلا
    1ه11ه1ه 11ه11ه 111ه
    والخفيف المجزوء فاعلاتن مفاعلن
    1ه11ه1ه 11ه11ه
    ولكي نجمع الأجزاء المتشابهة في علم العروض نذهب الآن للبحر المتقارب , وعلى الرغم من أن الخليل جعل المتقارب في دائرة وحده (دائرة المتفق) , إلا أنه افترض فيه التمام مع سلامة الأجزاء وجعل وزنه كما يلي :

    المتقارب التام فعولن فعولن فعولن فعولن
    11ه1ه 11ه1ه 11ه1ه 11ه1ه
    و المجزوء فعولن فعولن فعولن
    11ه1ه 11ه1ه 11ه1ه

    لكن الواقع الشعري جعل الخليل يقول عن المجزوء أنه لم يستخدم إلا محذوفا

    فعولن فعولن فعو
    11ه1ه 11ه1ه 11ه

    ويقول الخليل عن التام : ويجوز في عروضه القبض والحذف في القصيدة الواحدة , والواقع الشعري يقول أن الغالب في المتقارب التام أن يأتي محذوفا , ويأتي في الغالب الأعم على صيغة معينة , حيث تنتهي بـ فعول //O/ المقبوضة , وتكون واوها حرف لين ممدود في الغالب , أو ساكن فيما ندر(1)؛
    وسيرا على منهج الخليل في فك البحور من الدوائر , فك أحدهم (يشاع أنه الأخفش) بحرا من دائرة المتفق , وسماه البحر المتدارك وجعل وزنه كالتالي :

    التام فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن
    1ه11ه 1ه11ه 1ه11ه 1ه11ه
    والمجزوء فاعلن فاعلن فاعلن
    1ه11ه 1ه11ه 1ه11ه
    وعلى طريقة الخليل في اعتبار الأصل المستخرج من الدائرة يتغير عند الاستخدام , يقول : ولم يستعمل إلا مخبونا أو مقطوعا

    المخبون فعلن فعلن فعلن فعلن
    111ه 111ه 111ه 111ه
    والمقطوع فع لن فع لن فع لن فع لن
    1ه1ه 1ه1ه 1ه1ه 1ه1ه
    والواقع الشعري خليط بين فعلن و فع لن ويسمونه بالخبب .

    وإلى اليوم لا يزال الخلاف قائما بين العروضيين في أمر البحر المتدارك والخبب , فريق ينسب الخبب لبحور الخليل , ويزعم أنه المتدرارك المستخرج من دائرة المتفق وقد دخله الخبن والقطع ؛

    وفريق يقول أن المقطوع المخبون ليس له علاقة بدوائر الخليل , ولا ينتمي إلى بحوره , ويقول أن الوزن الأصلي للمتدارك (فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ) من البحور المهملة ولم تنظم عليه العرب.

    فهل حقا أهملت العرب هذا البحر ولم ينظموا عليه ؟ بمعنى هل أهملت العرب التفعيلة فاعلن ولم يركبوا منها بحرا ؟؟

    للإجابة عن هذا السؤال سنتخذ منهج الأخفش في اعتبار أن المستعمل هو الأصل , فإذا كان مجزوء المتقارب لم يستخدم إلا محذوفا , فسنفترض نحن أن أصل مجزوء المتقارب أن يكون محذوفا , وسنبحث عن شقيقه في الدائرة ونتوقع أن يشبهه , ( لا نقصد هنا تدوير مجزوء المتقارب فقد ثبت لدينا فساد مبدأ التدوير)

    فإذا كان مجزوء المتقارب فعولن فعولن فعو
    11ه1ه 11ه1ه 11ه
    فنتوقع أن يكون مجزوء المتدارك فاعلن فاعلن علن
    1ه11ه 1ه11ه 11ه

    ولو وجده الخليل مستخدما بهذه الصيغة لقال عنه : ولم يستخدم إلا مقطوعا مخبونا , وسيقول وأصل عروضه فاعلن دخلها القطع فصارت فع لن , ثم دخلها الخبن فصارت فعن , ثم نقلت إلى علن ,

    فاعلن قطع فع لن خبن علن
    1ه11ه ← 1ه1ه ← 11ه

    ولو أعدنا تقطيع وتسمية وزن مجزوء المتدارك كما توقعناه

    فاعلن فاعلن علن
    1ه11ه 1ه11ه 11ه
    1ه11ه1ه 11ه11ه
    فاعلاتن مفاعلن

    النتيجة واضحة تماما , فمجزوء المتدارك هو نفسه مجزوء الخفيف , أخفاه الخليل في صياغته للبحر الخفيف , وزاده خفاء بصياغة المتقارب باعتبار أن أصله التمام مع سلامة الأجزاء (1).

    ولو أردنا وصف ما حدث لمجزوء المتقارب ومجزوء الخفيف نقول : في مجزوء المتقارب تكررت التفعيلة فعولن مرتين , ثم جاءت الثالثة وقد حذف سبب من آخرها (فعولن فعولن فعو

    وفي مجزوء الخفيف حدث أمر مشابه , حيث تكررت التفعيلة فاعلن مرتين , ثم جاءت الثالثة وقد حذف سبب لكن من أولها , (فاعلن فاعلن علن)

    فهل تكررهذا الأمر في بحور أخرى؟ نعم نجد الأمر قد تكرر في

    (1) الوافر: مفاعلتن مفاعلتن مفاعي وتنقل إلى (فعولن)
    11ه1هـ1ه 11ه1هـ1ه 11ه1ه

    حيث تكررت مفاعلتن مرتين , والثالثة (حذف سبب من آخرها),

    (2) السريع : مستفعلن مستفعلن تفعلن وتنقل إلى (فاعلن)
    1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه11ه

    أيضا تكررت مستفعلن مرتين , والثالثة (حذف سبب من أولها) ,

    ولو سألنا الخليل ماذا حدث لـ مستفعلن ؟ سيجيب : دخلها القطع فصارت مفعولن 1ه1ه1ه ثم دخلها الطي فصارت فاعلن 1ه11ه


    (3) الرمل: فاعلاتن فاعلاتن فاعلا وتنقل إلى(فاعلن)
    1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 1ه11ه

    وأيضا تكررت فاعلاتن مرتين , والثالثة (حذف سبب من أخرها)

    لكن نلاحظ هنا أن التفعيلة فاعلاتن 11ه تبدأ بسبب وتنتهي بسبب , فنتوقع أن يكون لها صيغة أخرى , حيث تتكرر فيها فاعلاتن مرتين , والثالثة يحذف سبب من أولها , وتكون صيغته كالتالي :

    (4) فاعلاتن فاعلاتن علاتن وتنقل إلى (فعولن)
    1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 11ه1ه

    ولو سألنا الخليل ماذا حدث لـ فاعلاتن ؟ سيجيب دخلها التشعيث فصارت فالاتن 1ه1ه1ه , ثم دخلها الخبن فصارت فلاتن 11ه1ه , ونقلت لـ فعولن,
    فاعلاتن تشعيث فالاتن خبن فلاتن (فعولن)
    1ه11ه1ه ← 1ه1ه1ه ← 11ه1ه

    والخليل بالفعل وجد هذا الوزن , لكن كعادته أخفاه في صيغة أخرى , استخرجها من الدائرة الأولى (دائرة المختلف), واعتبره بحرا مستقلا, وصنفه على أنه من البحور المركبة , وسماه المديد , وافترض فيه التمام مع سلامة الأجزاء , شأنه شأن أخويه في الدائرة (الطويل والبسيط) , وصاغه كالتالي :

    فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن
    1ه11ه1ه 1ه11ه 1ه11ه1ه 1ه11ه

    لكن الواقع الشعري جعل الخليل يقول : أن العرب لم تستعمله إلا مجزوءا , وبإعادة تقطيع وتسمية الوزن المجزوء يبدو الأمر جليا

    فاعلاتن فاعلن فاعلاتن
    1ه11ه1ه 1ه11ه 1ه11ه1ه
    1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 11ه1ه
    فاعلاتن فاعلاتن فعولن

    لمزيد من التوضيح نجمع المتشابه معا لنؤصل لقاعدة التصنيف:

    ذكرنا من قبل أن الخليل جمع أربعة وثلاثين وزنا للشطر الأول , وثلاثة وستين وزنا للشطر الثاني , لكنه عند التصنيف لم يجعل كل وزن منها بحرا على حده , وإنما جعل البحور خمسة عشر بحرا فقط , فجمع الأوزان المتشابهة معا تحت بحر واحد ؛

    فقد صنف الخليل ثلاثة أوزان تحت مسمى البحر السريع هي :

    مستفعلن مستفعلن فاعلن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه11ه
    مستفعلن مستفعلن فعلن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 111ه
    مستفعلن مستفعلن فعولن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 11ه1ه

    في كل منها تتكررت مستفعلن مرتين ثم يزيد بعدها مرة بـ فاعلن ومرة ثانية بـ فعلن وثالثة بـ فعولن في المشطور ؛

    كما صنف وزنين تحت مسمى البحر الوافر , ( مجزوء الوافر , والوافر التام المقطوف) ,
    مجزوء الوافر يتكرر فيه مفاعلتن مرتين , والوافر التام المقطوف يزيد عن المجزوء بـ فعولن في نهايته ,
    مفاعلتن مفاعلتن 11ه1هـ1ه 11ه1هـ1ه
    مفاعلتن مفاعلتن فعولن 11ه1هـ1ه 11ه1هـ1ه 11ه1ه

    فكان من المنطقي أن يصنف الخليل وزن (مجزوء المديد) تحت بحر الرمل ,

    فمجزوء الرمل يتكرر فيه فاعلاتن مرتين , والرمل التام المشعث المخبون (مجزوءالمديد) يزيد عن المجزوء بـ فعولن في نهايته

    فاعلاتن فاعلاتن 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه
    فاعلاتن فاعلاتن فعولن 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 11ه1ه

    وإن عدنا لبحر الرمل مرة أخرى , سنجد أن الخليل قد صنف وزنين تحت هذا البحر , (مجزوء الرمل , والرمل التام المحذوف) ,مجزوء الرمل تتكرر فيه فاعلاتن مرتين , والرمل التام المحذوف يزيد عن المجزوء بـ فاعلن في نهايته ,

    فاعلاتن فاعلاتن 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه
    فاعلاتن فاعلاتن فاعلن 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 1ه11ه

    كما صنف وزنين تحت مسمى البحر الكامل , ( مجزوء الكامل والكامل التام الأحذ ) ,
    مجزوء الكامل يتكرر فيه متفاعلن مرتين , والكامل التام الأحذ يزيد عن المجزوء بـ فعلن في نهايته ,

    متفاعلن متفاعلن 1هـ1ه11ه 1هـ1ه11ه
    متفاعلن متفاعلن فعلن 1هـ1ه11ه 1هـ1ه11ه 111ه

    وكذلك كان من المفترض أن يصنف الخليل أوزان السريع الثلاثة (المكشوف المطوي , والمكشوف المخبول , والمكشوف المخبون) تحت بحر الرجز ,

    فمجزوء الرجز تتكرر فيه مستفعلن مرتين , والسريع يزيد عن المجزوء مرة بـ فاعلن مثل الرمل التام ومرة بـ فعلن مثل الكامل الأحذ ,وثالثة بـ فعولن مثل الوافر التام المقطوف .

    مستفعلن مستفعلن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه
    مستفعلن مستفعلن فاعلن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه11ه
    مستفعلن مستفعلن فعلن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 111ه
    مستفعلن مستفعلن فعولن 1ه1ه11ه 1ه1ه11ه 11ه1ه


    من وزن مجزوء الخفيف ومن وزن مجزوء المتقارب , ومن الأوزان المشابهة لهما والتي ذكرناها فيما سبق , نخرج بملاحظتين هامتين , تتكرر كظاهرة في تلك الأوزان ,

    الملاحظة أو الظاهرة الأولى :

    أن التفعيلة ( الجملة الإيقاعية ) تتكرر مرتين متواليتين في الوزن ( العبارة الإيقاعية ) , وهو ما سميته ظاهرة أو قاعدة ( التكرار الثنائي ) , والخط الفاصل بين الجملتين سميته ( محور التكرار ) .

    الملاحظة أو الظاهرة الثانية :

    أن ما يأتي بعد التكرار الثنائي يكون واحدا من أربعة :

    ( 11ه , 111ه , 1ه11ه , و 11ه1ه ) , وقد سميتها :( الفواصل الموسيقية ) , واحدها ( فاصلة موسيقية ) , والظاهرة نفسها سميتها ( الفصل الموسيقي ) ,


    ولوعدنا لوزن الخفيف التام سنلاحظ
    الظاهرة الثالثة والتي سميتها (الانعكاس الموسيقي )

    فـاعـلاتـن مـفـا عـلـن فـعـلاتـن
    1ه11ه 1ه 11ه 11ه 1ه 11ه1ه
    فاعلن فاعلن فعولن فعولن

    حيث يظهر الخط الفاصل بين الوتدين المتجاورين كسطح مرآة عاكس (محور الانعكاس) , تنعكس فيه صورة النصف الأول من الوزن , ويقرأ الوزن من يسار محور الانعكاس لنهاية الوزن بنفس الترتيب الذي يقرأ به من يمين محور الانعكاس لبداية الوزن , ويقرأ من أول الوزن لآخره كما يقرأ من آخر الوزن لأوله .

    وهي ظاهرة تتكرر في أوزان أخرى , ولكي نلاحظها يجب أن نذكر أن الحركة الوسطى الثابتة للفاصلة الثابتة 111ه في نهاية وزن الكامل الأحذ هي في الأصل الحركة المترددة في (الفاصلة المترددة 1هـ1ه ) , وقد تم استبدالهما بالحركة الثابتة لتصبح الحركات الثلاث متساوية وتشكل معا فاصلة موسيقية في نهاية الوزن (الفاصلة الثابتة 111ه ) ؛

    والسريع المكشوف المخبول مثل الكامل فيما ذكرناه إلا أن أصل الحركة هو ساكن السبب الخفيف الأول المقرون , ويمكن كتابة الوزن مرتين , مرة بالفاصلة الثابتة ومرة بالسببين(1) , ليظهر التماثل بين نصفي الانعكاس في أصل الوزن ؛


    ونجد الانعكاس الموسيقي تكرر في الأوزان التالية :

    محور الانعكاس
    (1) متفاعلن متـ فاعلن فعلن
    الكامل الأحذ 1هـ1ه11 1هـ 1ه11ه 111ه
    الكامل الأحذ 1هـ1ه11 1هـ 1ه11ه 1هـ1ه
    الكامل التام 1هـ1ه11 1هـ 1ه11ه 1هـ1ه 11ه

    (2) مستفعلن مسـ تفعلن فعلن
    السريع 1ه1ه11ه 1ه 1ه11ه 111ه
    السريع 1ه1ه11ه 1ه 1ه11ه 1ه1ه
    الرجز التام 1ه1ه11ه 1ه 1ه11ه 1ه1ه 11ه
    مـسـتـفـعـلاتـن فـاعـلاتـن لن علن

    نلاحظ أن وزن الكامل التام يزيد عن الأحذ بوتد 11ه في نهايته ؛ كما نلاحظ أن وزن الرجز التام يزيد عن السريع بوتد 11ه في نهايته ؛ ويعمل الوتد هنا كفاصلة موسيقية بعد الانعكاس الموسيقي.

    وبالمثل يمكن قراءة وزن البحر الطويل بنفس الطريقة (1) , حيث يحدث الانعكاس الموسيقى , ثم يزيد الوتد نهاية الوزن , حيث يعمل كفاصلة موسيقية بعد الانعكاس الموسيقي (2)
    فعولن فعولن فاعلن فاعلن
    (3) 11ه1ه 11ه1ه 1ه11ه 1ه11ه
    الطويل 11ه1ه 11ه1ه 1ه11ه 1ه11ه 11ه
    فعولن فعولن فاعلن فاعلن علن
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
    (1) وكذلك يمكن قراءة مجزوء المديد المحذوف بنفس الطريقة
    فـاعـلاتـن فـاعـلاتـن علن
    المديد المحذوف 1ه11ه1ه 1ه11ه1ه 11ه
    (2) بالإضافة لوظائف أخرى نذكرها في حينها .

    الآن يمكننا القول أن علم العروض له ثلاث قواعد (ظواهر) أساسية (1) يمكن البناء عليها :

    (1) قاعدة : التكرار الثنائي
    (2) قاعدة : الانعكاس الموسيقى
    (3) قاعدة : الفصل الموسيقي (2)

    ما ذكرناه من الأوزان (التي تبدو فيها الظواهر الموسيقية الثلاث الأساسية) سيتسع ليشمل أوزانا أخرى غير التي ذكرناها , كما سيظهر التداخل والتناغم والتكامل التام فيما بينها .

    دمتم أساتذتي الكرام في خير وسعادة

  2. #2

  3. #3
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عادل العاني مشاهدة المشاركة
    مرحبا بك أخي الدكتور أحمد سالم ومرحبا بطروحاتك عن العروض وفقا لرؤيتك.

    وحتى نستفيد من الحوار والنقاش سأثبت الموضوع , وقد تكون لك إضافات أخرى

    تحياتي وتقديري

    شكرا لك أستاذي الكريم أ/عادل العاني

    أعتذر عن التنسيق غير الجيد , فهي المرة الأولى التي أكتب فيها على صفحة الموقع
    المسافات الكبيرة , واستخدام حرف الهاء ظنا مني أنها ستظهر كدائرة ,
    واستخامي لنفس الحرف للحركة المترددة ظنا مني أيضا أنها ستكون مختلفة
    مع تلاصق الرموز العروضية والتفاعيل

    وأرجو من القراء الأعزاء أن ينتبهوا للفرق بينها

    ورغم أنها المقدمة لكن أنتظر تبادل الأفكار حولها

    دمت أستاذي العزيز في خير وسعادة

  4. #4
    الصورة الرمزية الدكتور ضياء الدين الجماس أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    الدولة : المملكة السعودية
    المشاركات : 4,657
    المواضيع : 382
    الردود : 4657
    المعدل اليومي : 1.20

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكرك أستاذنا الفاضل على جهدك الكبير الذي نتمنى له النجاح والتوفيق.
    أود في البداية توجيه بعض الأسئلة لنفهم منهجيتكم
    1- تقولون بفساد مبدأ التدوير لديكم وهذا يعني فساد مبدأ العروضيين في الاشتقاق ، فما السبب الوجيه لديكم؟
    2- عندما يستعمل العلماء وحدة قياسية لشيء ما فيحددون مواصفاتها على مايسهل استعماله وتداوله بين الناس فتصور أن الوحدة الأساسية للوزن (الطن) مثلاً كيف سيكون استعمال الناس لأوزان حاجاتهم اليومية ؟ عندما حدد الخليل الوحدات الوزنية بخماسية وسباعية حسب مكونات الكلمة العربية وما تداوله العرب في منطوقهم فكانت سهلة في التداول وجميلة في الإيقاع. فأما أن نأتي بوحدة وزنية تساعية فستكون مرهقة في التعامل العروضي.
    3- إن تفعيلة فاعلاتن لن /*//*/*/* هي مدورة عن تفعيلة مستفعلاتن /*/*//*/* بنقل سببها الأول للأخير وهذا مناقض لمبدئكم في فساد التدوير,
    4- هل الزحاف مسموح في أي سبب من أسباب التفعيلتان التساعيتان؟
    5- هل تقبلون كما نقلتم عن الأخفش (وجماعة ؟) بأن مفاعلن أصل مستفعلن؟
    فنرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    واتقوا الله ويعلمكم الله

  5. #5
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكرك أستاذنا الفاضل على جهدك الكبير الذي نتمنى له النجاح والتوفيق.
    أود في البداية توجيه بعض الأسئلة لنفهم منهجيتكم
    1- تقولون بفساد مبدأ التدوير لديكم وهذا يعني فساد مبدأ العروضيين في الاشتقاق ، فما السبب الوجيه لديكم؟
    2- عندما يستعمل العلماء وحدة قياسية لشيء ما فيحددون مواصفاتها على مايسهل استعماله وتداوله بين الناس فتصور أن الوحدة الأساسية للوزن (الطن) مثلاً كيف سيكون استعمال الناس لأوزان حاجاتهم اليومية ؟ عندما حدد الخليل الوحدات الوزنية بخماسية وسباعية حسب مكونات الكلمة العربية وما تداوله العرب في منطوقهم فكانت سهلة في التداول وجميلة في الإيقاع. فأما أن نأتي بوحدة وزنية تساعية فستكون مرهقة في التعامل العروضي.
    3- إن تفعيلة فاعلاتن لن /*//*/*/* هي مدورة عن تفعيلة مستفعلاتن /*/*//*/* بنقل سببها الأول للأخير وهذا مناقض لمبدئكم في فساد التدوير,
    4- هل الزحاف مسموح في أي سبب من أسباب التفعيلتان التساعيتان؟
    5- هل تقبلون كما نقلتم عن الأخفش (وجماعة ؟) بأن مفاعلن أصل مستفعلن؟
    فنرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    السلام عليكم أستاذي الكريم الدكتور / ضياء الدين الجماس

    سأبدأ بالسؤال الرابع وسأعمم السؤال أكثر هل كل الأسباب تزاحف كما يقول الخليل والعروضيون ؟
    الإجابة الموجزة لا تصلح لمثل هذا السؤال , فالقناعات القديمة المستمدة من الموروث الخليلي لا يمكن التخلي عنها بسهولة

    المقدمة التالية للزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات تكفي - إن شاء الله - والقواعد الحقيقية للزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات نذكرها بعد التأسيس لـ (فقه العروض)

    الباب الثالث

    فلسفة الزحافات
    بين المرونة والتمايز والفصل الموسيقي


    البحور والأوزان المثالية التابعة لها هي قوالب موسيقية جاهزة , ينظم الشعراء قصائدهم على إيقاعها الموسيقي , هذه القوالب الموسيقية ليست جامدة فيصعب النظم عليها , كما أنها ليست مرنة للدرجة التي يضيع بينها حدود التمايز الموسيقي فتختلط بعضها ببعض , وإنما تتمتع في أغلبها بالمرونة النسبية التي تضمن لها ثلاثة أمور أساسية هما :

    الأول : بقاء التمايز الموسيقي لكل وزن عن الأوزان الأخرى سواء في صيغ الأوزان السالمة ( قبل دخول الزحافات عليها ) أو في صيغها المزاحفة (بعد دخول الزحافات عليها ) . ( وسيكون لنا بحث صغير عما يشاع من اختلاط البحور والأوزان ) سميناه ( الانتخاب والتخصيص )

    الثاني : الحفاظ على الثقل النسبي لنغم الفاصلة الموسيقية في نهاية الوزن في حالتي الوزن السالمة والمزاحفة .

    الثالث : احتفاظ الوزن بالخصائص الموسيقية الثلاث ( التكرار الثنائي , الانعكاس الموسيقي , والفصل الموسيقي ) .

    وهو ما ينعكس على أجزاء الأوزان فبعض أجزائها ثابت لا يتغير , وبعضها يدخله التغييرات غير اللازمة , وهي ما نسميها (بالزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات) (1) .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
    (1) أما العلل والزحافات اللازمة في نهايات الأوزان فلا تندرج تحت مفهوم المرونة , لكنها وضعت لتوضيح التجانس بين التفاعيل الأصلية المكونة للوزن والفاصلة الموسيقية في نهايته , وقد ذكرناها عند الحديث عن الفواصل الموسيقية وكيف تتشكل .
    هذه المرونة النسبية تعطي الشاعر قدرا كافيا من الحرية لاختيار الكلمات التي تناسب معاني تجربته الشعرية , وهي من أهم العوامل المساهمة والمفسرة لكثرة النظم على وزن ما أو قلته , بالإضافة إلى عوامل أخرى .


    وبشكل مبدئي نقول : أن الأوزان الأكثر انتشارا تتميز بوجود زحافين أو أكثر , فإذا كان الوزن يحتوي على زحاف واحد يقل النظم عليه حتى وإن كان هو وزن البحر الأصلي مثل المتقارب (المجزوء) , فإذا افتقد الوزن المرونة تماما بحيث لم يكن له أي موضع للزحاف أصبح النظم عليه نادرا مثل المقتضب .

    نشأة الأوزان وتمايزها الموسيقي وتطور زحافاتها :

    لا شك أن الأوزان لم تنشأ كلها في وقت واحد , وإنما بدأها شاعر ما بالنظم على وزن منها , ثم زاد هو وغيره من الشعراء الأوزان الأخرى تباعا عبر العصور , وكلما ولد وزن جديد كلما كانت هناك حاجة للتمايز بينه وبين القديم , وهو ما جعل الأوزان تمر بالعديد من مراحل التطور الموسيقي على مستوى الأوزان نفسها وكذلك على مستوى الزحافات التي تدخلها أيضا (1).

    فعلى مستوى الأوزان فإن الشعراء العرب قد استنفذوا كل احتمالات توليد الأوزان الأصلية للبحور , كما استنفذوا الغالبية العظمى من احتمالات توليد الأوزان المثالية التابعة للبحور , كل ذلك قبل أن يأت الخليل ليضع علم العروض .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    (1) لم يصلنا الكثير من أشعار العرب على كل الأوزان في مراحلها الأولى لنعرف تاريخ نشأة وتطور كل وزن منها , لكن وصلنا على بعض الأوزان ما يمكن أن نرصد منه حالة التطور , وقد خصصنا له المبحث التالي .


    أما على مستوى تطور الزحافات فقد وصل أغلب الأوزان إلى صورته المثالية قبل تصنيف علم العروض أيضا , وما كانت تلك الأوزان المتطورة المثالية لتحتاج من الخليل ولا من علماء العروض - المعاصرين للخليل ومن أتى بعده - إلا لإقرار واقعها المثالي على ما هو عليه , وأن يدرسوا مسار تطورها ليكتشفوا قوانين التطور , ثم لينظروا في العدد القليل من الأوزان التي تسير على طريق التطور فيمهدوا لها الطريق ويختصروا لها الزمن لتلحق بمن سبقها من الأوزان .


    لكن ما حدث هو العكس تماما , فالخليل لم يضع في حساباته فكرة تطور البحور والأوزان عند تقعيد علم العروض , بل فرض فروضا نظرية تخالف الواقع الشعري وتهبط بموسيقى الشعر , وتعود بالأوزان إلى ما قبل تطورها وتمايزها عن بعضها البعض ,

    فقد اتخذ الخليل والأخفش والعروضيون من القياس والتعميم منهجا لهم في الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات التي تدخل التفاعيل , فكلما وجدوا زحافا مفردا أو مركبا في تفعيلة من التفاعيل في أي وزن من الأوزان - أيا كان موضعها من الوزن - قاسوا عليه وأجازوا دخوله على التفعيلة في باقي مواضعها من الوزن , كما يجيزون دخوله على التفعيلة في الأوزان الأخرى , وربما ذهبوا لأبعد من ذلك فيقيسون على أجزاء التفعيل من الأسباب والأوتاد .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
    (1) عممنا الحكم على الخليل والأخفش والعروضيين رغم اختلافهم في درجات القياس والتعميم , ورغم اختلافهم فيما بينهم في بعض المسائل , لأنهم جميعا اتفقوا على أصل منهج القياس وإن اختلفوا في درجة التطبيق , كما أن كتب العروض القديمة والحديثة حتى المختصر منها تقر جميعها هذا المنهج وما يحتويه من زحافات وعلل .


    ويمكن استخلاص ثلاث قواعد ضمنية للزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات , هذه القواعد هي الحاكمة والمهيمنة على العروض الخليلي وتظهر بوضوح في كل أبوابه وهي :

    القاعدة الضمنية الأولى : أنه يجوز زحاف السبب أينما وجد في كل التفاعيل والأوزان (1) .

    وإن لم يرد عن الخليل نص صريح في ذلك , فقد ذكر الأخفش هذا المعنى صراحة في تعريف السبب حيث يقول في كتاب العروض في باب تفسير الأصوات : (والسبب حرفان الآخر منهما ساكن وهو كل موضع يجوز فيه الزحاف) . ويؤكد ذلك المعنى بتعريف الوتد على النقيض من السبب حيث يقول : ( فأما الوتد فهو الموضع الذي لا يجوز فيه زحاف).

    القاعدة الضمنية الثانية : أنه يجوز خرم الوتد المجموع ( حذف حركته الأولى) من التفعيلة الأولى في كل الأوزان التي تبدأ بوتد مجموع .

    وهذا ثابت في كل كتب العروض في زحافات الأوزان التالية وجميعها يبدأ بوتد مجموع : ( الطويل والهزج والوافر والمتقارب والمضارع ).

    القاعدة الضمنية الثالثة : يجوز الجمع بين الزحافات وبين الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات في التفعيلة الواحدة وفي التفاعيل المتجاورة بشرطين :

    الأول : أن يكون كلا منهما قد جاء في شعر العرب ولو على حده .
    الثاني : ألا يجتمع بسببهما أكثر من أربع حركات متتالية .
    وأما مفهوم المعاقبة فيذكر عندما يغيب شرط منهما

    يقول الأخفش : ولم نر شيئا من الزحاف امتنع لإخلال بما بعده .
    ومن القواعد الضمنية الثلاث تفرع كل ما هو غريب من زحافات مفردة ومركبة بمصطلحاتها المعقدة والتي تملأ كتب العروض حتى اشتهر علم العروض بين العلوم بصعوبته وتعقيده .

    وربما يستثني الخليل - بعد القياس والتعميم - بعض المواضع فلا يجيز فيها زحاف السبب متعللا بحجة ما , فيخالفه الأخفش في ذلك متمسكا بالمبدأ العقلي في القياس , فإما أن تقيس مطلقا وتعمم القياس على الجزء في كل مواضعه وفي كل أوزانه , أو تمنع القياس مطلقا وتلتزم بالمواضع والأوزان التي ورد فيها الزحاف .

    ثم ينقسم العروضيون حول نقاط الخلاف بين مؤيد للخليل و مؤيد للأخفش وثالثهم يكتفي بنقل موضع وموضوع الخلاف .

    وإن شبهنا الدوائر الخليلية بالتيه العروضي حيث فقد العروضيون فيها وجهتهم الصحيحة لما يزيد على ألف ومائتي عام , فإن القياس والتعميم في الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات والجمع بينها أشبه ما يكون ببحر من الرمال المتحركة , غاص فيه العروضيون حتى استنفذ طاقتهم , وأفقدهم القدرة على النهوض والمضي قدما لتطوير علم العروض .

    وسنذهب الآن لكتاب العروض للأخفش لنعرف كيف كان يفكر الخليل والأخفش والعروضيون , وما الذي وجدوه في الأوزان من الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات , وما الذي أجازوه من عند أنفسهم , وما حقيقة ما يتناقله العروضيون في كتبهم من أبيات الشعر التي يذكرونها كشواهد .



    قراءة خاصة في كتاب العروض للأخفش :


    ونبدأ من بحر الهزج ووزنه : مفاعيلن . مفاعيلن


    نظر الخليل والأخفش والعروضيون لكل ما وصلهم من أشعار العرب المنظومة على البحر الهزج فلم يجدوا بيتا واحدا دخله زحاف القبض (أي حذف منه ياء مفاعيلن) , حيث يقول الأخفش بالنص : (لم نجد الياء أسقطت في شيء من الشعر) .
    إنما وجدوا أن الزحاف الوحيد الذي يدخلها هو الكف (حذف النون)

    لكن الخليل يرى أن مفاعيلن في الطويل يدخلها القبض , فأجاز دخول القبض عليها في الهزج قياسا على الطويل , لكنه استثنى من هذا القياس مفاعيلن في عروض الهزج , وتعلل بعلل لم يقتنع بها الأخفش , والأخفش يذكر ذلك في كتاب العروض فيقول :

    وكان الخليل لا يجيز ذهاب ياء مفاعيلن التي للعروض ويقول : العروض تشبه الضرب والضرب لا زحاف فيه , ويقول : أكره أن تكثر مفاعلن فيه فيشبه الرجز .

    ويفند الأخفش بعضا من علل الخليل من حيث المضمون فيقول : فكيف هذا وفي آخره جزء لا يكون مفاعلن (يقصد الضرب) ,
    كما يعترض من حيث المبدأ في القياس فيقول : وكيف يجيز - الخليل - طرح الياء في موضع ولا يجيزها في موضع وهو لم يجد حذفها في شيء من الهزج ؟!
    وهو في موضع آخر يعلن عن مبدأه في القياس على زحافات الأجزاء (التفاعيل) فيقول : فإن لم تقس الجزء بالجزء لزمك ألا تزاحف في الجزء إلا في الموضع الذي وجدته مزاحفا .
    ويقول الأخفش في زحاف مفاعيلن في الهزج : وأما الهزج فتعاقب في مفاعيلن الياء النون وإن كنا لم نجد الياء أسقطت في شيء من الشعر فنقيس عليه كما قسنا على مستفعلن فأسقطنا سينها وفاءها في مواضع كثيرة , وإنما وجدناها في بعض المواضع .

    والأخفش يعني بالمعاقبة أنه لا يجوز اجتماع زحاف الكف وهو الموجود في الواقع الشعري مع زحاف القبض وهو ما أجازوه بالقياس , ويعلل ذلك بأنهم لم يجدوا مفاعيلن في أي وزن من الأوزان وقد اجتمع فيها الزحافان معا , ولو وجدوا موضعا واحدا لأجازوه في الأوزان الأخرى قياسا عليه , وهو بالضبط ما فعلوه في مستفعلن , فقد وجدوها في بعض المواضع وقد اجتمع فيها حذف السين والفاء (الخبل) فأجازوا دخوله على مستفعلن في كل الأوزان .
    وهو أيضا نفس ما حدث في فاعلاتن في البحر الرمل حيث يقول : وإنما أجزنا حذف نون فاعلاتن ولم يجيء في الرمل , لأنها قد وجدناها حذفت فيه النون في المديد والخفيف فقسناها عليه , وكذلك نون فاعلاتن في المجتث .
    وليس معنى قوله وجدناها حذفت في المديد والخفيف أن حذف النون في هذه الأوزان كثير لذلك قاسوا عليه , بل هو نفسه يقول عن حذف النون في الخفيف :
    وذهاب نون فاعلاتن قبيح لا يكاد يوجد . وقد جاء . أخبرني من أثق به من العرب قال مههل :
    إن تنلني من باعث بن صريم *** نعمة تجدني لذاك شكور

    فهو يعترف بشكل واضح أن كف فاعلاتن قبيح ولا يكاد يوجد في الشعر , وأن لديه شاهدا واحدا في بيت شعر واحد أخبره به شخص ما هو يثق به , فقبله كشاهد وأجازه في الخفيف , ثم قاس عليه فأجازه في كل الأوزان , بل وأجازوا اجتماع الخبن مع الكف (الخزل) في فاعلاتن في كل الأوزان قياسا أيضا .
    ويقول في زحاف مستفع لن في المجتث : وأجزت حذف نون مستفع لن في المجتث لأنه قد جاء في الخفيف , وهذا الجزء مثل ذلك لأن أجزاءه فاعلاتن مستفع لن .

    وأيضا يقيس في المجتث على زحاف في الخفيف هو نفسه يقول عنه : ولم نجد ذهاب نون مستفع لن إلا في شعر لابن الرقيات , وزعموا أنه قد كان سبق اللحن , فمن جعله في الشعر إماما جوز حذف نونها ومن لم يجعله إماما لم يجوز حذف ذلك .

    (لم يجد ذهاب نون مستفع لن إلا في بيت شعر واحد , لشاعر واحد , مشكوك في إمامته , ومتهم باللحن , ومع ذلك يقيسون عليه ويعممون القياس على باقي الأوزان )

    والأسئلة الملحة الآن هي ما يسألها الأخفش لنفسه على لسان من يعترض على منهجهم في القياس والتعميم حيث يقول :

    فإن قال كيف جمعتم الأجزاء المزاحف فيها في البيت وأنتم لم تجدو ذلك مجتمعا ؟ وكيف زاحفتم في كل جزء وجدتم فيه الزحاف في موضع أو موضعين , وعسى أن يكون ذلك في أول البيت أو آخره أو أوسطه خاصة فأجزتموه أنتم في كل موضع منه ؟

    ويجيب على الأسئلة فيقول فعلنا ذلك : لأن من الأجزاء ما قد رأينا العرب زاحفت فيه في غير موضع , وأكثروا من الزحاف فيه , فنحمله على الأكثر في كلامهم ولا نحمله على الشاذ .

    ونسأل نحن الأخفش السؤال الأهم المكمل لما سبق هو : ما حقيقة الأبيات التي تمثلون بها بعد كل زحاف مفرد أو مركب تذكرونه هل هي شواهد وجدتموها في شعر العرب ؟ , أم أنها نماذج تضعونها للتعليم ؟

    والإجابة بكل وضوح يذكرها الأخفش فيقول : وهذا مع جمعنا إياها فإنما وجدناها متفرقة مثل تأليفنا مسائل العربية , ولم نسمع ذلك التأليف من العرب , وإنما سمعناها متفرقة فيكون جمعنا إياها جائزا .

    والسؤال الأخير , هل كان الخليل يؤلف مثل تلك المسائل ؟

    يجيب الأخفش إجابة ضمنية بأن الخليل ربما يؤلف بعض المسائل مثله مثل غيره , لكنه إذا ذكر بيتا كشاهد من الشواهد فقطعا لن يكون من تأليفه , لأن الخليل كعالم يحترم العلم ويقدر الأمانة العلمية فلم يكن ليضع بيتا من عند نفسه ثم يستشهد به على صحة رأي يراه .
    الإجابة السابقة استخلصناها من قول الأخفش في البحر المتقارب :

    وجاز في العروض فعل وفعول ساكنة اللام في قول الخليل , ................................... وقد أخبرني من أثق به عن الخليل أنه قال له : هل تجيز هذا ؟ فقال : قلت لا . قال : قد جاء ثم أنشدني

    فرمنا القصاص وكان التقاص *** حقا وعدلا على المسلمينا

    فلو كان هذا وضعه كما يزعمون لم يحتج به .

    يروي الأخفش نقاشا علميا دار بين الخليل وبين من يثق الأخفش في صدق أخباره , فيسأل الخليل الرجل عن جواز أن تأتي عروض المتقارب على فعول ساكنة اللام , فيجيب الرجل بأنه لا يجيز ذلك , فيخبره الخليل أنه يجيزه ويستشهد على رأيه ببيت من الشعر , فيزعم البعض أن البيت من وضع الخليل , فلا ينفي الأخفش عن الخليل تأليفه للمسائل بشكل مطلق وكان في استطاعته أن ينفي , لكنه نفى أن يكون هذا البيت خاصة من تأليف الخليل , وأنه لو كان من تأليفه ما كان ليحتج به .




    استفضنا إلى حد ما في النقل عن الأخفش في الزحافات لنعرف حقيقة الشواهد والمسائل المثارة بين العروضيين وبعدها التام عن الواقع الشعري , حتى إذا ذكرنا القواعد الجديدة الجامعة للزحافات لا نصطدم بالموروث منها لدى طلاب وأساتذة العروض , فالشواهد العروضية في أغلبها ليست إلا نماذج للتعليم , وضعها العروضيون لطلابهم كأمثلة توضح ما يجيزونه من الزحافات بالقياس , لذلك نجدها مكررة بنصها في كتب العروض لما يزيد على ألف ومائتي عام .

    ولا أبالغ إن قلت أن جميع طلاب علم العروض وأغلب أساتذته قد خدعوا في تلك الأبيات , وظنوا أنها شواهد من أشعار العرب , حتى أن أستاذا كبيرا مثل الدكتور عبد العزيز نبوي في كتابه موسوعة موسيقى الشعر العربي عبر العصور والفنون يناقش مثل تلك الأبيات على أنها شواهد حقيقية من أقوال الشعراء , فيذكر زحافات البحر الكامل كما تذكرها كل كتب العروض , ويذكر رأي الدماميني وعندما يأتي لبيتي الشعر المذكورين كمثال للوقص والخزل يقول :
    ومثاله الذي لا نكاد نجد غيره مما وقص حشوه قول الشاعر :

    يذب عن حريمه بنبله *** وسيفه ورمحه ويحتمي

    فكل تفعيلات البيت حشوا وعروضا وضربا موقوصة ولنا حول هذا البيت ملاحظتان :

    الأولى : لسنا ندري لم عد الدماميني الوقص صالحا , مع أن كتب العروض لا تمثل للوقص إلا بهذا البيت , ولعله بيت يتيم .

    والأخرى : أن هذا البيت أقرب إلى البحر الرجز , كما سنبينه عند حديثنا عن اشتباه الكامل بالرجز .
    وعند ذكر بيت الخزل يقول : ومثاله الذي لا نكاد نجد غيره :

    منزلة صم صداها وعفت أرسمها إن سئلت لم تجب

    وهو كسابقه أقرب إلى بحر الرجز حيث جاءت كل تفعيلاته على وزن متفعلن ...... انتهى

    من الواضح تماما أن البيتين قد وضعا كنماذج للتعليم وقد جمع في كل منهما زحاف دخل على كل أجزائهما , وهذا ما تحدث عنه الأخفش تماما في وضعهم للمسائل وجمع ما وجدوه متفرقا من الزحافات , لكن الدكتور عبد العزيز يظن أن كلا منهما شاهدا حقيقيا قاله شاعر ووجده العروضيون فاستشهدوا بهما في غير موضعهما , ثم يحاول أن ينفي أنهما من الكامل (1) .

    ورغم اعتراض الدكتور عبد العزيز على وصف الدماميني لزحاف الوقص بالصالح ويصف هو زحاف الخزل بالقبيح ورغم اعتراضه على صحة الاستشهاد بالبيتين إلا أنه يكمل السير في طريق من سبقه من العروضيين , سائرا في تيه الدوائر حاملا أثقال كل العروضيين من الزحافات والعلل على مدى العصور المختلفة , فيكمل الحديث عن علل الكامل فيذكر منها عللا مركبة من الوقص والخزل مع القطع والتذييل والترفيل فيقول :

    علل الكامل إحدى عشرة , خمسة شائعة , هي : القطع والحذذ والحذذ بمصاحبة الإضمار والتذييل , وست نادرة وهي : الوقص والخزل , والوقص بمصاحبة التذييل , الوقص بمصاحبة الترفيل , الخزل بمصاحبة التذييل , الخزل بمصاحبة الترفيل , وكلها مما أشارت إليه كتب العروض القديمة ) .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
    (1) أول عهدي بعلم العروض كان قبل عام من وضع هذا الكتاب , وكشاعر يخطو خطواته الأولى في دراسة علم العروض لم تكن فطرتي الموسيقية تقبل ما يذكره العروضيون من الزحافات والعلل , لكن كلما ذكر زحاف وتبعه بيت شعر يخبو صوت الفطرة إلى حين , وهو ما دعاني للبحث عن حقيقة تلك الزحافات والعلل .


    وكما خرجنا من تيه الدوائر العروضية الخليلية بالرجوع لأصل الأوزان كما استخدمها العرب , فسنرجع إليها مرة أخرى لنضع فقها للزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات يليق بعروض الشعر العربي ذلك الهرم الموسيقي المعجز والذي شيده الشعراء العرب على مدى قرون من الزمان , واضعين نصب أعيننا أمورا هامة :
    أولا : فكرة تطور موسيقى الأوزان ونخصص لها المبحث التالي .

    ثانيا : تطور وتمكن الشاعر نفسه من الأوزان واللغة في مراحل عمره المختلفة , فليس كل ما نسب لشاعر كبير وكان نادرا نتخذه قاعدة , فربما كان من بداية انتاجه الشعري ولم يكن قد تمكن من الأوزان بعد.

    ثالثا : عنصر النقص البشري للشعراء والرواة .

    فإن الشاعر مهما كان كبيرا فهو بشر يعتريه ما يعتري البشر من نقص , فإذا أخطأ شاعر كبير في وزن من الأوزان فلا يجب تقنين خطئه , حتى لا نسمح للخطأ أن ينتشر في جسد العروض , وكذلك أخطاء الرواة فهم في الأخير بشر .

    لذلك فإن ما جاء نادرا شاذا من الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات يجب أن نعده عيبا من عيوب موسيقى الشعر حتى يتجنبه الشعراء ما استطاعوا , ولا يحملنا وصف زحاف معين بأنه عيب في موسيقى الشعر على رفض القصيدة واستبعادها من الشعر

    وما كان موجودا من الزحافات والعلل في عصر ما ويتناقص بالتدريج فيجب أن نعده من مراحل تطور الأوزان فنذكره مصحوبا لفكرة التطور لا أن نقننه فنصبح كمن يعوق حركة التطور .

    وأما القياس والتعميم في الزحافات والعلل الجارية مجرى الزحافات فهو كنقل العدوى من شخص مريض لآخر سليم .



    ولنا عودة مع باقي التساؤلات
    دمت سيدي الكريم في خير وسعادة

  6. #6
    الصورة الرمزية الدكتور ضياء الدين الجماس أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    الدولة : المملكة السعودية
    المشاركات : 4,657
    المواضيع : 382
    الردود : 4657
    المعدل اليومي : 1.20

    افتراضي

    أستاذنا الفاضل د. أحمد سالم
    بارك بك وسدد خطاك
    أود الاستيضاح أولا هل نحن أمام عروض جديد المفاهيم أم محاولة تعديل لعروض الخليل؟
    فإذا كنا أمام أسس عروض جديد يجب أن نتعلم أولا المكونات الجديدة للنظم الشعري ثم القوانين الرابطة الناظمة لهذه المكونات.
    فاعتمادك على الوحدات الأساسية للخليل (الوتد والسبب وتفعيلات الخليل) مع إضافة وحدتين أساسيتين عند الخليل بعد إضافة سبب لإحداهما وتدويرها لتولد الأخرى، فهذه ليست مبادئ جديدة ( بل لا زلت تدور في فلك الخليل) . كمن يأتي بكف طبيعية ذات خمسة أصابع ويزرع فيها أصبعاً سادساً ويقول أتيتكم بكف جديدة...
    الوتد والسبب من وضع الخليل وقال بأن ساكن الوتد لا يزاحف والساكن البحري بشكل عام يزاحف أينما كان ولا يمنع زحافه إلا سياقه الشعري التطبيقي من شعر العرب فقال بزحاف مستفعلن في الرجز يصح بساكنيها مفرداً أو مزدوجاً وأما مستفعلن في دائرة المشتبه التي لم يرد فيها الطي اضطرته إلى القول بالوتد المفروق تبريرا لسلوك هذه التفعيلة في هذه البحور اعتماداً على مبدئه العام بأن سواكن الأوتاد لا تزاحف.
    وسؤالي عن زحافات مستفعلاتن من هذا الباب . فمن المفروض حسب منهجيتك في رفض الوتد المفروق أن تقبل الزحاف في أي جزء منها...
    أرجو أن تكون إجاباتك مباشرة على الأسئلة .
    إذا كنا أمام منهج مختلف عن منهج الخليل فلن ندخل في الحوار حتى تنهي البحث.
    وإذا كنا أمام تعديل لمنهج الخليل فنرجو إثارة الأسس التي تعارضها لنتابع الحوار نقطة إثر نقطة
    لقد دخلنا في حوار مبدأ التدوير لأنه من أسس الخليل.
    وما سؤالي عن زحاف مستفعلاتن إلا سؤالا عن سلوك هذه التفعيلة وليس عن الزحاف كمبحث عروض له ظروفه حسب السياق,
    شكراً لكم وبارك الله بكم

  7. #7
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكرك أستاذنا الفاضل على جهدك الكبير الذي نتمنى له النجاح والتوفيق.
    أود في البداية توجيه بعض الأسئلة لنفهم منهجيتكم
    1- تقولون بفساد مبدأ التدوير لديكم وهذا يعني فساد مبدأ العروضيين في الاشتقاق ، فما السبب الوجيه لديكم؟
    2- عندما يستعمل العلماء وحدة قياسية لشيء ما فيحددون مواصفاتها على مايسهل استعماله وتداوله بين الناس فتصور أن الوحدة الأساسية للوزن (الطن) مثلاً كيف سيكون استعمال الناس لأوزان حاجاتهم اليومية ؟ عندما حدد الخليل الوحدات الوزنية بخماسية وسباعية حسب مكونات الكلمة العربية وما تداوله العرب في منطوقهم فكانت سهلة في التداول وجميلة في الإيقاع. فأما أن نأتي بوحدة وزنية تساعية فستكون مرهقة في التعامل العروضي.
    3- إن تفعيلة فاعلاتن لن /*//*/*/* هي مدورة عن تفعيلة مستفعلاتن /*/*//*/* بنقل سببها الأول للأخير وهذا مناقض لمبدئكم في فساد التدوير,
    4- هل الزحاف مسموح في أي سبب من أسباب التفعيلتان التساعيتان؟
    5- هل تقبلون كما نقلتم عن الأخفش (وجماعة ؟) بأن مفاعلن أصل مستفعلن؟
    فنرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    مرحبا بك دكتورنا الكريم د،ضياء الدين الجماس
    للإجابة عن السؤال الأول , 1- تقولون بفساد مبدأ التدوير لديكم وهذا يعني فساد مبدأ العروضيين في الاشتقاق ، فما السبب الوجيه لديكم؟

    بعد دراستنا لأوزان الشعر العربي حتى عصر الاحتجاج , ومنها بالطبع كل الأوزان التي رصدها الخليل ( ونعني بها الوزن كما استخدمه العرب وكما جاء في الواقع الشعري وليس ما يسميه الخليل أصل الوزن في الدائرة ) وجدنا أنها تتبع ثلاث قواعد ( التكرار الثنائي , والانعكاس الموسيقي والفصل الموسيقي) ولا يشذ عن تلك القواعد إلا ( المقتضب والمجتث والمضارع) وثلاثة أعاريض لمجزوء البسيط ( كل مجزوءات البسيط ما عدا المخلع ) ,

    ولنا بحث حول ( المقتضب والمجتث والمضارع ) كان موضعه بعد دراسة باقي الأوزان , حتى لا يستغرب القارئ تقسيمنا وتسميتنا لبعض الأوزان , لكن لا مانع من عرضه الآن فأغلب من نخاطبهم هنا متخصصون سيهتمون بالحقائق أكثر من الظاهر :

    المبحث الرابع
    الأوزان الغير مثالية التابعة للبحور


    الوزن الغير مثالي : هو الوزن الذي يشذ عن القواعد الثلاث (التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي والفصل الموسيقي).
    -
    والأوزان الغير مثالية على قلة المنظوم عليها والذي يصل في بعضها حد الندرة , إلا أن نموذج الخليل قد تضمن عددا منها , صنف الخليل بعضها كأوزان تابعة للبحور مثل مجزوءات البحر البسيط , كما صنف ثلاثة منها باعتبارها بحورا مستقلة , فسنبدأ بها لنعرف لماذا استبعدنا تصنيفها كبحور , كما استبعدناها من الأوزان المثالية التابعة للبحور , وتلك الأوزان هي :
    (المقتضب والمجتث والمضارع)

    فهل هي بحور كما يراها الخليل ؟

    إذا كانت الإجابة عن هذا السؤال بالنفي فذلك لا يعني أن المنظوم علي تلك الأوزان ليس شعرا , فهدفنا الأول من وضع هذا الكتاب هو الفقه وليس الفتوى أو الحكم لذلك سميناه (فقه العروض) ؛

    كما أنه بعد تمام الكتاب سيتضح لكل ذي علم أن الغالبية العظمى من الأوزان الغير مثالية تحمل في ذاتها من الخصائص ما يضمن محدودية انتشار بعضها حتى وإن كان جميلا , وضمور وفناء بعضها الآخر لافتقاده مقومات البقاء والاستمرار,ولا تحتاج منا أن نسعى لوأد ما يولد منها مشوها , فيكفي أن نضع بين أيدي الشعراء و العلماء القواعد الحقيقية لموسيقى الشعر العربي , وأن نكشف لهم أسرار الجمال في موسيقى الأوزان فهذا كفيل بحماية العروض .
    نعود للإجابة عن السؤال السابق , ونتناول الأوزان الثلاثة بالشرح والتحليل :

    نبدأ بالمقتضب : يقول الخليل أن أصل وزنه كما استخرجه من الدائرة هو :

    مفعو لات . مستفعلن . مستفعلن
    1ه1ه1ه1 . 1ه1ه11ه . 1ه1ه11ه

    ويقول أيضا أنه لم يستخدم إلا مجزوءا وعروضه مطوية ,
    ويقول الأخفش أن أصل مفعولات هو فاعلات
    ويختصر ابن جني ذلك في باب المقتضب فيقول (وهو مجزوء على أربعة أجزاء وأصله ستة) (1) ويصوغه مباشرة كالتالي :

    فاعلات مفتعلن * فاعلات مفتعلن
    1ه11ه1 1ه111ه * 1ه11ه1 1ه111ه

    إذا فالوزن المستخدم في الواقع الشعري هو (1ه11ه1 1ه111ه ) ولو قارناه بوزن الخفيف فعلن
    فاعلاتن . مفاعلن . فعلا
    1ه11ه . 1ه11ه . 11ه . 111ه ..... الخفيف فعلن
    فاعلن . فاعلن . علن . فعلن

    سنجد أنه عبارة عن وزن الخفيف فعلن وقد حذفت تفعيلته الأولى ( 1ه11ه ) فاعلن (2) .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
    (1) كتاب العروض لابن جني تحقيق د.أحمد فوزي الهيب صـ 141 .
    (2) كما يمكن وصفه بأنه عبارة عن وزن المتوسط تعلن (المنسرح) محذوف من أوله مستفعلن
    مـسـتـفـعـلاتن . مـتـفـعـلاتــ ـعـلن
    1ه1ه11ه1ه . 11ه11ه111ه

    لكن مستفعلن في بداية المتوسط تعلن ليست تفعيلة كاملة , ونحن سنؤصل لقاعدة القضب بحذف تفعيلة من أول الوزن , لذلك قارناه بالخفيف فعلن .


    فهل تكرر هذا الأمر في أوزان مشابهة أخرى قبل الخليل وبعده؟ وهل رصدها الخليل وضمنها في عروضه ؟

    نعم تضمن نموذج الخليل أوزانا أخرى مشابهة منها :

    مستفعلن . فعولن . 1ه1ه11ه . 11ه1ه

    ولو قارناه بوزن الرجز فعولن

    مـسـتـفـعلن . مـسـتـفـعلن . فعولن
    1ه1ه11ه . 1ه1ه11ه . 11ه1ه ......... الرجز فعولن

    سنجد أنه عبارة عن وزن الرجز فعولن وقد حذفت تفعيلته الأولى ( 1ه1ه11ه ) مـسـتـفـعلن .

    لكن الخليل صنفه تحت منهوك المنسرح وجعل أصل وزنه
    مستفعلن . مفعولات . 1ه1ه11ه . 1ه1ه1ه1

    وقد رصد الخليل وزنا آخر يذكره الأخفش كعروض رابعة للخفيف لكن العروضيين أهملوا هذه العروض ولم ينسبوها للخليل .

    فـاعـلاتـن . فعولن . 1ه11ه1ه . 11ه1ه

    يقول الأخفش :

    (كما لم يزاحفوا في فعولن في الخفيف لأنه لم يجئ , وكذا الخليل يقول أصله مستفع لن فحذفوا السين والنون وأسكنوا خامسه ولم يحتمل الزحاف لذلك)(1).
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
    (1) كتاب العروض للأخفش تحقيق سيد البحراوي صـ 56 .

    يتحدث الأخفش في الفقرة السابقة عن زحاف العروض فعولن في الوزن فـاعـلاتـن فعولن فيقول : أن الخليل يمنع زحافها (قبضها) لأن أصلها مستفع لن وهو يقصد وزن مجزوء الخفيف :

    فـاعـلاتـن . مـسـتـفـع لن
    1ه11ه1ه . 1ه1ه1 1ه

    حيث حذف من عروضه مستفع لن النون وأسكن اللام فصارت مفعولن /O/O/O ثم حذفت السين فصارت فعولن //O/O فضعف الجزء لدخول علة وزحاف عليه , فمنع الخليل أن يدخله زحاف آخر بسبب ذلك الضعف , وهو نفس تعليل الخليل في منع زحاف فاعلن في السريع والذي يذكره الأخفش قبل الحديث عن العروض الرابعة للخفيف فيقول :
    (ولم يزاحفوا في فاعلن لأن أصله مفعولات وقد حذفوا من وتده التاء فضعف الجزء) .

    ولو قارنا هذا الوزن فـاعـلاتـن . فعولن . 1ه11ه1ه . 11ه1ه بوزن الرمل فعولن (مجزوء المديد)

    فـاعـلاتـن . فـاعـلاتـن . فعولن
    1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه . 11ه1ه ..... الرمل فعولن

    سنجد أنه عبارة عن وزن الرمل فعولن وقد حذفت تفعيلته الأولى ( 1ه11ه1ه ) فـاعـلاتـن .
    وعليه مقطوعة تنسب لأبي العتاهية المعاصر للخليل بدايتها
    عتب ما للخيال *** خبريني ومالي
    ومن ذكر هذا الوزن ومقطوعة أبي العتاهية من العروضيين غير الأخفش جعلها خارجة عن عروض الخليل .

    كما تذكر لنا بعض كتب العروض قصيدة جاهلية من اثني عشر بيتا , تنسب لأم السليك بن السلكة جاءت على وزن فاعلاتن . فاعلن 1ه11ه1ه . 1ه11ه ,(1) والتي بدايتها :

    طاف يبغي نجوة *** من هلاك فهلك
    ليت شعري ضلة *** أي شيء قـتـلك
    أمـريض لم تـعـد *** أم عــدو خـتلك

    ولو قارنا هذا الوزن : فاعلاتن . فاعلن . 1ه11ه1ه . 1ه11ه


    بوزن الرمل فاعلن : فاعلاتن . فاعلاتن . فاعلن . 1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه . 1ه11ه

    سنجد أنه عبارة عن وزن الرمل فاعلن وقد حذفت تفعيلته الأولى فاعلاتن . 1ه11ه1ه

    يقول الزمخشري عن هذا الوزن (فاعلاتن فاعلن ) : (جاء لأهل الجاهلية عليه غير شعر , إلا أن الخليل أغفله ).

    وسواء أغفل الخليل هذا الوزن عن عمد - كما يقول الزمخشري وربما أغفل ما يشابهه من أوزان أخرى - أو أن الشعر المنظوم عليها لم يصله , أو ذكرها الخليل ولم ينقلها لنا العروضيون , فالظاهرة موجودة قبل الخليل في وزن المقتضب وفي منهوك المنسرح وفي مجزوء الخفيف المقطوع المخبون (الضرب الرابع الذي ذكره الأخفش للخفيف ) وكذلك في وزن (فاعلاتن فاعلن) كما رأينا في قصيدة أم السيلك ويمكن القياس على تلك الأوزان .

    وقد جاء بالفعل بعد الخليل من الشعراء من نظم على بعض الأوزان الغير مثالية والتي يمكن وصفها بأنها : الجزء الأخير من وزن مثالي حذفت تفعيلته الأولى , وهو ما دعانا لجمعها معا تحت اسم ( المقتضبات ) .
    ويمكننا تعميم مصطلح القضب ونعرفه بأنه : حذف التفعيلة الأولى من وزن مثالي من كلا شطريه , فيصبح ما بقي من الوزن فاقدا لصفة المثالية .
    أي يصبح خليا من التكرار الثنائي أو الانعكاس الموسيقي أو بفاصلة موسيقية شاذة .
    ونسمي الوزن بعد القضب باسم الوزن الأصلي المقتضب منه مسبوقا بكلمة مقتضب .
    ونصنفه تحت البحر المقتضب من وزنه الأصلي أو من أحد الأوزان المثالية التابعة له .

    ونبدأ بالوزن الذي سماه الخليل بالبحر المقتضب , فنسميه باسم الوزن المثالي المقتضب منه :

    فـاعـلـن . فـاعـلـن . علن . فعلن
    1ه11ه . 1ه11ه . 11ه . 111ه .............. الخفيف فعلن
    ......... 1ه11ه . 11ه . 111ه ..... مقتضب الخفيف فعلن

    وبنفس الطريقة نسمي وزن قصيدة أم السليك (فاعلاتن فاعلن ) :
    فاعلاتن . فاعلاتن . فاعلن
    1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه . 1ه11ه ............ الرمل فاعلن
    ............. 1ه11ه1ه . 1ه11ه ... مقتضب الرمل فاعلن


    تنويه :
    الأصل في موسيقى الشعر أن يأتي الوزن في كلا الشطرين متماثلا , فإذا قلنا على سبيل المثال أن القصيدة على وزن الرمل فاعلن , فإننا حتما نقصد أن أبيات القصيدة مكونة من شطرين متماثلين هكذا :
    فاعلاتن . فاعلاتن . فاعلن * فاعلاتن . فاعلاتن . فاعلن
    1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه .1ه11ه *

    لكن في تناولنا لعلم العروض نذكر الرموز العروضية وأسماء التفاعيل لشطر واحد فقط وذلك للتسهيل ؛

    وإذا كانت القصيدة على شطر واحد ذكرنا اسم الوزن مسبوقا بكلمة مشطور , فنقول القصيدة على وزن مشطور الرمل فاعلن ؛

    لكن إذا جاء مقتضب الرمل فاعلن مشطورا فالأسهل أن نقول القصيدة على وزن فاعلاتن فاعلن بشكل مباشر , ولا نقول القصيدة على وزن مشطور مقتضب الرمل فاعلن .

    تنويه هام :
    إذا كان الوزن مثاليا لكن يماثل الجزء الأخير من وزن مثالي آخر محذوف تفعيلته الأولى , لم يدخل تحت تصنيف المقتضبات , ولكن يظل تحت تصنيفه الأصلي كوزن مثالي تابع لبحره , لأن المقتضبات كما ذكرنا هي أوزان تتحول بالقضب إلى أوزان غير مثالية ؛
    والمثال على ذلك من الأوزان المنتهية بفاصلة موسيقية هو :


    ..............فاعلاتن . فاعلاتـ ـعلن
    .............1ه11ه1ه . 1ه11ه111ه .... الرمل تعلن
    1ه1ه11ه . 1ه11ه . 1ه1ه11ه 111ه .... البسيط
    مـسـتـفـعلن . فاعلن . مـسـتـفـعلن فعلن

    نذكر الآن عددا من الأوزان المقتضبة المنتهية بفاصلة موسيقية , كل منها تحت الوزن المثالي المقتضبة منه , وإلى جانب كل منها اسمه , ثم نتبعها ببعض الأبيات مما نظم على كل وزن منها لترسيخ مفهوم القضب في الأذهان ؛

    على أن نعيد دراسة الأوزان المقتضبة بمزيد من التفصيل والأمثلة في الأبواب المخصصة للبحور , حيث نبدأ في كل بحر بالأوزان المثالية ثم بالأوزان الغير مثالية ومنها المقتضبات :

    فـاعـلـن . فـاعـلـن . علن
    1ه11ه . 1ه11ه . 11ه ......... الخفيف
    ........ . 1ه11ه . 11ه ..مقتضب الخفيف

    فـاعـلـن . فـاعـلـن . علن . فعلن
    1ه11ه . 1ه11ه . 11ه . 111ه ........... الخفيف فعلن
    .......... 1ه11ه . 11ه . 111ه ... مقتضب الخفيف فعلن

    فـاعـلاتـن . فـاعـلاتـن . فاعلن
    1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه . 1ه11ه ......... الرمل فاعلن
    ............ 1ه11ه1ه . 1ه11ه ... مقتضب الرمل فاعلن

    فـاعـلاتـن . فـاعـلاتـن . فعولن
    1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه . 11ه1ه .......... الرمل فعولن
    ............ 1ه11ه1ه . 11ه1ه .. مقتضب الرمل فعولن


    مـسـتـفـعلن . مـسـتـفـعلن . فعولن
    1ه1ه11ه . 1ه1ه11ه . 11ه1ه........... الرجز فعولن
    ............ 1ه1ه11ه . 11ه1ه .... مقتضب الرجز فعولن

    مـسـتـفـعلن . مـسـتـفـعلن . فاعلن
    1ه1ه11ه . 1ه1ه11ه . 1ه11ه ........... الرجز فاعلن
    ........... 1ه1ه11ه . 1ه11ه ....مقتضب الرجز فاعلن

    مفاعلتن . مفاعلتن . فعولن
    11ه111ه . 11ه111ه . 11ه1ه .......... الوافر فعولن
    ............. 11ه111ه . 11ه1ه مقتضب الوافر فعولن

    مـتـفـاعـلـن . مـتـفـاعـلـن . فعلن
    111ه11ه . 111ه11ه . 111ه ...... الكامل فعلن
    ........... 111ه11ه .111ه . مقتضب الكامل فعلن

    فـعـولـن . فـعـولـن . فعو
    11ه1ه . 11ه1ه . 11ه ......... المتقارب
    ......... 11ه1ه . 11ه ... مقتضب المتقارب

    ذكرنا تسعة أوزان ينطبق على كل وزن منها وصف المقتضبات , كل منها ينتهي بفاصلة موسيقية وهي التي تضفي على الوزن بعض الجمال .
    وإليك بعض الأمثلة مما نظم على تلك الأوزان وكما ذكرنا من قبل فإن المنظوم على الأوزان الغير مثالية ومنها المقتضبات إما قليل وإما قليل حد الندرة :

    مقتضب الخفيف . (فـاعلن . علن)

    لمحمود سامي البارودي قصيدة من تسعة عشر بيتا على وزن مقتضب الخفيف فـاعلن علن , والتي بدايتها :

    امــلأ الــقــدح *** واعص من نصح
    وارو غـلــتــي *** بابـنـة الــفــرح
    فـالـفـتـى متــى *** ذاقـهـا انــشــرح
    وهي إن سرت *** فـي الـعـلـيل صح
    أو صـبـا بــهـا *** بـاخـــل ســمــح


    ولأحمد شوقي قصيدة من سبعين بيتا على نفس الوزن والتي بدايتها :
    مال واحتجـب *** وادعى الغضب
    لـيت هاجـري *** يـشـرح الـسبـب
    عـتـبـه رضـا *** لـيـتــه عــتـب
    عــلَّ بـيـنـنـا *** واشــيـا كــذب
    أو مــفــنـِّـــدا *** يـخـلـق الـريب

    ويذكر الدكتور عبد العزيز نبوي في كتابة موسوعة موسيقى الشعر أن هذا الوزن جاء في أحد موشحات أبي بكر محمد بن الأبيض حيث ورد في الشطر الثاني من أدوار أحد الموشحات قوله :
    ............. ليل هجرها
    ............. فوق نحرها
    ............. بين شعرها

    مقتضب الخفيف فعلن (فـاعـلـن علن فعلن)

    هذا الوزن هو أشهر المقتضبات سماه الخليل بالبحر المقتضب , ومنه أخذنا اسم المقتضبات , وإذا أطلقنا اسم المقتضب بلا إضافة قصدنا هذا الوزن , ونظم عليه عدد من الشعراء قديما وحديثا , ومما نظم عليه :

    لأبي نواس خمسة أبيات على هذا الوزن :

    حامل الهـوى تعب *** يسـتخـفـه الـطـرب
    إن بـكـى يـحـق له *** لـيـس مـا به لعـب
    تضحـكيـن لاهـيـة *** والـمـحـب ينتـحــب
    تعجبين من سقمي *** صحتي هي العجـب
    كلما انقضى سبب *** منك عـاد لي سبب


    ولغيره عدد من الأبيات على نفس الوزن :

    يـا مـلـيـحـة الــدعـج *** هـل لـديك من فـرج
    أم تــراك قـاتـلـتــي *** بـالــدلال والـغـنـج
    من لحسن وجهك من *** سـوء فـعـلك السمج
    عــازليَّ حـسـبـكـما *** قد غرقـت في لجج
    هـل عـلـي ويـحـكـما *** إن لهوت من حرج

    مقتضب الرجز فعولن (مـسـتـفـعلن فعولن)

    ومنه قول أبي تمام :

    الـحـسـن بـن وهــب *** كالغـيث في انسكابه
    في الشرخ من حجاه *** والـشـرخ فـي شبابه
    والـخـصـب من نداه *** والخصب من جنابه
    ومـنـصــب نــمــاه *** ووالــد سـمـا به

    ومنه قول مطيع بن إياس الكناني :
    وقد جاء الضرب مفعولن مشقوق الوتد بسبب القافية

    إكـلـيـلـها ألـوان *** ووجـهـها فـتان
    وخـالـهـا فـريـد *** ليس له جـيران
    إذا مشـت تثنت *** كـأنـهـا ثـعـبـان
    قد جدلت فجاءت *** كـأنــهـا عـنــان

    ولمطيع قصيدة أخرى :
    نـعـم لـنـا نـبـيـذ *** وعـنـدنـا حـمَّـاد
    وخـيـرنـا كـثـير *** والخير مسـتزاد
    وكلنا من طرب *** يـطـيـر أو يـكاد
    وعـنـدنـا وادينا *** وهـو لـنـا عـماد
    ولــهـونـا لـذيــذ *** لـم يـلـهـه العباد
    إن تشتهي فسادا *** فـعـنـدنـا فـسـاد
    أو تشتهي غلاما *** فـعـنـدنـا زيــاد
    ما إن به الـتـواء *** عـنـا ولا بـعـاد

    مقتضب الرجز فاعلن (مـسـتـفـعلن فاعلن)
    وعليه قول شوقي :

    طال علـيـها الـقـدم *** فهـي وجـود عـدم
    قد وئدت في الصبا *** وانبعثت في الهرم
    بالـغ فـرعـون فـي *** كـرمتـها مـن كـرم
    أهـرق عـنـقـودهـا *** تـقــدمـة لـلـصـنـم
    خـبـأهـا كــاهـــن *** ناحـيـة فـي الـهـرم

    وشاهده عند الجوهري :

    دار عفاها القدم *** بين البلى والعدم

    ومنه قول خليل مطران :
    يا ثاكـلا بعضـه *** مس الردى أجمعك
    تـراك شـيـعـتـه *** والصـبر قـد شيعك
    قلبـك فـي نفسه *** والمـوت حي معـك

    مقتضب الوافر فعولن ( مفاعلتن فعولن)

    ومنه قصيدة لأبي الحسن العروضي يعارض بها قصيدة لأحد معاصريه ادعى أنه قد ابتكر وزنا , فنظمها أبو الحسن وكأنها ثمانية التفاعيل , لكنه حافظ في معظمها على عدم تدوير فعولن , نكتب الجزء الأول منها على وزن مقتضب الوافر فعولن :

    أعـاذلـتـي سفــاهــا *** أجـد بـك الـبـكـور
    عـذلـت حليف وجـد *** لـعـذلـك ما يحـور
    وكيف رجوع صب *** صـبـا وفـقـيـد لب
    مـنـاه دوام شــرب *** ولـذتـه الـخـمــور
    يـحـن لـشـرب كـاس *** لـطـرد هوى أناس
    تـأبـوا فـي مـكـاس *** عـلـيـه بـأن يــدور
    فدمعـي رهـط مـزن *** وطي حليف حزن
    أتـيـح بـغـيـر وزن *** فـفـيـه لـه ســعـيـر
    فـذق يـا قـلـب حـبـا *** سـتـلـقى فيه كربا
    ظـنـنـت الـذوق عذبا *** فأكـذبك الـخـبـيـر

    مقتضب الكامل فعلن (مـتـفـاعـلـن فعلن)

    ومنه قول محمد على عبد العال مخاطبا وزير الثقافة :

    يـا راعـــي الأدب *** والـفـن فـي بـلـدي
    أشكو ومـظـلـمـتـي *** قـد فـتـت كـبـدي
    والـسـهـد لازمـنـي *** مـن شـدة الـكـمـد
    فصرخت يا راعي *** لـلـفـن فــي بـلـدي

    ومنه قول الدكتور مانع سعيد العتيبة :
    لـمـا أتــى الـخـبـر *** وتـوالـت الـصــور
    حـارت مـدامـعـنـا *** تـبـكـي وتـنـفـجــر
    أم تصطـلـي نـارا *** بـالـحـزن تـسـتـعـر
    وصرخت يا ليـلى *** والـــدمـع يـنـهـمـر
    أيموت فـي وطني *** أمــــن ويـنـتـحـــر
    ونـظــل نـرقـــبـه *** ونـقـــول : ذا قـــدر


    مقتضب المتقارب ( فـعـولـن فعو)

    ذكر الشيخ الحنفي أبياتا نظمت عليه :

    رأيـت الـنـدى *** حـلـيـف الـعـلا
    ومـا إن بـكـى *** كـأهـل الـهـوى
    أرى لـيـلــتـي *** طـواها الـدجـى
    وإن الـجـفـــا *** ء أقسى الأذي

    وقد نظمت عليه قصيدة من سبعة وأربعين بيتا ظنا مني أنه لم ينظم عليه من قبل , وذلك قبل أن أجد الأبيات السابقة , بدايتها :

    حـمـار الـعـنـب *** بأرض الـعـرب
    بـظـهـر مـطـي *** فـكــل ركـــب
    جـبـان خـصـي *** بـطـئ الغضـب
    يـطـيـع الـولـي *** ولـو يغـتـصـب
    فـهـل ينتصـب *** حـمـار الـعـنـب

    وإذ ثــار مــن *** عن الطوق شب
    ينادي الـوطـن *** بـعـشـق وصـب
    شـبـــاب نـقـي *** بـقـلـب ذهـــب
    شـجــاع أبــي *** لـظـلـم شـجــب
    يـريـد الـفــدى *** لـشـعـب وصب
    فـلـبـى الـنـدى *** جـمـوعا وهـب
    جـمـيـعـا عدا *** حـمـار الـعـنـب

    مقتضب الرمل فاعلن (فـاعـلاتـن فاعلن)
    قصيدة أم السليك بن السلكة جاءت على هذا الوزن ومنها :
    طاف يبغي نجوة *** مـن هـلاك فـهـلـك
    ليت شعري ضلة *** أي شـيء قــتـلـك
    أمـريض لم تـعـد *** أم عـــدو خـــتـلـك
    أم تـولـى بـك مـا *** غال في الدهر السلك
    والـمـنـايـا رصـد *** لـلـفـتـى حـيـث سـلك

    وعلى نفس الوزن قول الآخر :
    يا لـبـكـرن لا تـنـوا *** ليـس ذا حين ونى
    دارت الحرب رحى *** فـادفـعـوها بـرحـا
    بـؤس للـحـرب التي *** تركت قومي سدى

    ومنه موشح لابن اللبانة يقول فيه :
    سـامـروا مـن أرقـا *** وارحموا مـن عشقا
    ليت شعري هل درى *** من نفى عني الكرى
    أنـه لــو أمـــــــرا *** لـتـوخـيـت الـسُـرَى
    وادَّرعـت الـغـسـقـا *** مـثـل نـجـم طـرقـا

    مقتضب الرمل فعولن (فـاعـلاتـن فعولن)
    وينسب لأبي العتاهية أربعة أبيات على وزن مقتضب الرمل فعولن هي :
    عتـب ما للخيال *** خـبـريـنـي ومالـي
    لا أراه أتـانـي *** زائـرا مـذ لـيـالـي
    لو رآني صـديق *** رق لي أو رثى لـي
    أو يراني عـدوي *** لان من سوء حالي

    *****

    رأينا حقيقة الوزن المقتضب عند الخليل , كما رأينا ما يشابهه من الأوزان الأخرى والتي سميناها المقتضبات , بعضها من عصر الاحتجاج , وبعضها بعد عصر الاحتجاج , والقصائد المنظومة عليها مجتمعة لا تمثل رقما في ديوان العرب , حتى أن العثور عليها ليس سهلا , فهي رغم جمال بعضها إلا أن النظم عليها صعب , فبعضها يفتقد المرونة تماما (مواضع الزحافات) مثل مقتضب المتقارب و مقتضب الخفيف ومقتضب الخفيف فعلن , وبعضها لديه موضع مرونة واحد مثل مقتضب الرمل فعولن ومقتضب الوافر فعولن , ومقتضب الكامل فعلن , وهي في مجملها ما بين قصيرة وقصيرة جدا وتحتاج لكلمات وتراكيب لغوية قصيرة مثلها تحبس خيال الشاعر وتقيده فلا يستطيع التعبير عن تجربته الشعرية كاملة .
    وخلاصة القول أن المقتضب عند الخليل ليس بحرا وإنما هو جزء من بحر .

    والسؤال التالي ماذا عن المجتث والمضارع ؟

    إذا قارنا وزن المجتث التام بوزن البسيط التام كما استخرجهما الخليل من دوائره :

    مستفع لن . فاعلاتن . فاعلاتن
    1ه1ه1 1ه . 1ه11ه1ه . 1ه11ه1ه ... المجتث
    1ه1ه11ه . 1ه11ه . 1ه1ه11ه . 1ه11ه .. البسيط
    مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن

    سنجد أن وزن المجتث هو نفس وزن البسيط الأحذ (محذوف من آخره وتد مجموع) , وليس هناك أي فارق بين مستفع لن مفروقة الوتد ومستفعلن مجموعة الوتد إلا في التنظير الخليلي(1).

    ويقول الخليل أن المجتث لم يستخدم إلا مجزوءا , كما صنف تحت البسيط عددا من الأوزان تحت اسم مجزوء البسيط , والآن لنجمع الأوزان التامة والمجزوءة للمجتث والبسيط ونقارنها جميعا :

    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه 11ه .... البسيط التام
    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه1ه11ه 1ه .......... المجتث
    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه1ه11ه ............... مجزوء البسيط
    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه1ه1ه ................. مجزوء البسيط المقطوع
    1ه1ه11ه 1ه11ه 1ه ....................... مجزوء المجتث

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
    (1) ما يذكره الخليل عن مستفع لن مفروقة الوتد من أن الطي لا يدخلها ويدخلها الكف بالإضافة للخبن ليس له أساس في الواقع الشعري , فهو نتيجة للقياس والتعميم على أجزاء التفاعيل من الأسباب والأوتاد , فالواقع الشعري تأتي فيه مستفع لن مخبونة وهو كثير ومطوية لكن بصورة أقل , ولا تأتي مكفوفة إلا في النادر حد الانعدام مع اضطراب في الموسيقى .


    من الواضح أن الخليل قد جعل الدوائر فوق المنطق :
    فكيف يصنف الخليل وزن المجتث التام كبحر مستقل وهو لا ينقص عن البسيط التام غير وتد مجموع حذف من آخره ؟!

    في حين أنه قد صنف الكامل الأحذ تحت البحر الكامل ولا فرق بين الكامل الأحذ والتام غير حذف الوتد المجموع من آخره !
    111ه11ه . 111ه11ه . 111ه11ه .. الكامل التام
    111ه11ه . 111ه11ه . 111ه ..... الكامل الأحذ
    وكيف إذا حذف من وزن المجتث التام سبب خفيف يعود مرة أخرى فيصنفه كمجزوء للبسيط ؟!
    ثم عندما يحذف من مجزوء البسيط المقطوع سببان يعود مرة أخرى فيصنفه تحت مجزوء المجتث ؟!

    في حين أن المتقارب التام والتام المحذوف ومجزوء المتقارب السالم ومجزوء المتقارب المحذوف قد صنفها جميعا تحت بحر واحد !

    11ه1ه . 11ه1ه . 11ه1ه . 11ه1ه ... النتقارب التام
    11ه1ه . 11ه1ه . 11ه1ه . 11ه...... المتقارب التام المحذوف
    11ه1ه . 11ه1ه . 11ه1ه ............ مجزوء المتقارب السالم
    11ه1ه . 11ه1ه . 11................. مجزوء المتقارب المحذوف

    وفعل الأمر نفسه في الخفيف التام والتام المحذوف ومجزوء الخفيف ومجزوء الخفيف المقطوع المخبون (العروض الرابعة للخفيف التي ذكرها الأخفش ) فقد صنفها جميعا تحت بحر واحد !.
    1ه11ه1ه . 11ه11ه . 1ه11ه1ه .. الخفيف التام
    1ه11ه1ه . 11ه11ه . 1ه11ه..... الخفيف التام المحذوف
    1ه11ه1ه . 11ه11ه . 111ه....... الخفيف التام المحذوف المخبون
    1ه11ه1ه . 11ه11ه ............... مجزوء الخفيف
    1ه11ه1ه . 11ه1ه ................. مجزوء الخفيف المقطوع المخبون ( العروض الرابعة التي نسبها الأخفش للخليل)

    فكان أولى بالخليل أن يصنف المجتث التام ومجزوء المجتث تحت البسيط , وإذ لم يفعل الخليل فلنفعل نحن ما يتفق مع منطق التصنيف والتقسيم .

    ومجزوء المجتث يمثل التتابع المكون من الثماني حركات الأصلية الأولى من البسيط , لكنه وزن غير مثالي فهو لا يتبع التكرار الثنائي كما لا يتبع الانعكاس الموسيقي .


    لم يبق من بحور الخليل غير المضارع فهل هو حقا بحر ؟
    وزنه كما استخرجه الخليل من الدائرة هو :
    مفاعيلن . فاعلاتن . مفاعيلن (البحر المضارع)
    11ه1ه1ه . 1ه11ه1ه . 11ه1ه1ه
    يقول عنه الخليل لم يستخدم إلا مجزوءا :
    مفاعيلن . فاعلاتن
    11ه1ه1ه . 1ه11ه1ه
    ويقول الجوهري : لم يجئ عن العرب فيه بيت صحيح .
    وأوجب الخليل فيه المراقبة بين ياء مفاعيلن ونونها , فلا يجتمعان معا ولا يحذفان معا , فيكون على صورة من اثنين :
    مفاعلن . فاعلاتن . أو . مفاعيل . فاعلاتن
    11ه11ه . 1ه11ه1ه . أو . 11ه1ه1 . 1ه11ه1ه
    الوزن الأول المقبوض مفاعيلن ليس إلا وزن المجتث وقد دخل الخبن مستفعلن كزحاف ,
    مفاعلن . فاعلاتن ..... المضارع مقبوض مفاعيلن
    11ه11ه . 1ه11ه1ه
    متفع لن . فاعلاتن ...... المجتث مخبون مستفع لن

    كما هو واضح فإن المراقبة التي فرضها الخليل تجعل الوزن يختلط وجوبا بالمجتث , ولم يحدث أن فرض الخليل زحافا يؤدي لاختلاط بحرين إلا في وزن المضارع ,

    فهذه المراقبة ليست إلا فرضا نظريا من فروض الخليل فالأبيات النادرة التي وجدتها على وزن المضارع جاءت كلها على الوزن الثاني مكفوف مفاعيلن ويمكن إعادة تقطيع وتسمية هذا الوزن كما يلي :

    مفاعيلن فاعلاتن
    11ه1ه1 . 1ه11ه1ه
    11ه1ه . 11ه. 11ه1ه
    فعولن فعو فعولن

    لأبي نواس سبعة أبيات على الوزن المضارع لا تخرج عن الوزن الثاني المكفوف وإن دخل الكف فاعلاتن في العروض كزحاف
    أيا ليل لا انقضيت *** ويــا صـبـح لا أتـيـت
    ويا لـيـل إن أردت *** طـريـقـا فلا اهـتـديت
    حـبـيـبـي بأي ذنب *** بـهـجـرانـك ابـتـلـيت
    فو الله لا حــرمـتـ *** ـك فاحتل بما اشتهيت
    و والله لا قـطـعـتـ *** ـك إن زرت أو نـأيت
    ولا زلت عاشق لـ *** ـك إن شـئت أم أبـيت
    رجوت السلو عنك **** فـهـيـهـات ما ابتغـيت

    و لأحدهم خمسة أبيات على نفس الوزن ولم يدخلها أي زحاف :
    أرى للصبا وداعا *** وما يذكـر اجتماعا
    كأن لم يكن جديرا *** بحفظ الذي أضاع
    ولـم يصبنا سـرور *** ولم يلـهـنا سـماعا
    فجدد وصال صب *** متى تعصه أطاعا
    وإن تدن منه شبرا *** يـقـربـك مـنه باعا

    شرحنا نموذج البحر الآدم وكيف تتشكل منه أوزان البحور الوتدية تحت قاعدة التكرار الثنائي في البحور السباعية , وتحت قاعدتي التكرار الثنائي والفصل الموسيقي في البحرين الخماسيين ,
    حيث تنشأ البحور السباعية من تشكيل وتدين في الوزن , والبحران الخماسيان من تشكيل ثلاثة أوتاد ,(1)

    شرط ألا يجتمع في البحر أكثر من سببين متواليين في الشطر الواحد في أصل الوزن ولا يجتمع في البيت كله أربعة أسباب متوالية . ( عند الحديث عن الوتد المفروق وحقيقته واجتماع الأسباب الثلاث ) سنوضح أن التفاعيل الجذعية ثلاثية الأسباب ( مفعولن ) لا توجد في الوزن إلا وهي ناتجة عن علة من العلل ( وليست أصلا في الوزن)

    ويمكننا القول بكل ثقة أن كل احتمالات تكوين البحور على قاعدتي التكرار الثنائي والفصل الموسيقي قد استنفذت تماما , ولم يبق إلا احتمالات تشكيل أوزان غير مثالية , ثلاث احتمالات منها هي ما شكلت الأوزان الثلاث المقتضب والمجتث والمضارع :

    فإذا كان البحران المتقارب والخفيف قد تكون كل منهما بتشكيل تفعيلتين خماسيتين متتاليتين ثم يأتي الوتد بعدهما كفاصلة موسيقية,

    فإن كلا من الوزنين الغير مثاليين المضارع والمقتضب قد تشكلا بتكوين تفعيلتين خماسيتين في طرفي الوزن والوتد في المنتصف مع خبن فاعلن الثانية في المقتضب

    فعولن . فعو . فعولن
    11ه1ه . 11ه . 11ه1ه ... المضارع
    1ه11ه .11ه . 111ه ... المقتضب
    فاعلن علن فعلن
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ
    (1) أما تشكيل أربعة أوتاد من البحر الآدم فهو احتمال واحد //O//O //O//O وهو نفسه وزن الرجز وقد خبنت تفعيلتيه .

    بقي احتمالان نظريان لتشكيل أوزان بها ثلاثة أوتاد من البحر الآدم وهما أن يتشكل الوتد في بداية الوزن ثم يأتي بعده التفعيلتين الخماسيتين :

    فعو . فعولن . فعولن . & . علن . فاعلن . فاعلن
    11ه . 11ه1ه . 11ه1ه . & . 11ه . 1ه11ه . 1ه11ه
    لكن الوزن الأول هو نفسه وزن المجتث مع خبن مستفعلن كزحاف
    والوزن الثاني هو نفسه المتقارب لذلك قلنا إنهما احتمالان نظريان
    فعو . فعولن . فعولن . & . علن . فاعلن . فاعلن
    11ه . 11ه1ه . 11ه1ه . & . 11ه . 1ه11ه . 1ه11ه
    11ه 11 . ه1ه11ه1ه . & . 11ه1ه . 11ه1ه . 11ه
    متفعلن . فاعلاتن . & . فعولن . فعولن . فعو

    وبذلك نكون قد استنفذنا كل الإحتمالات الفعلية لتكوين الأوزان المثالية والغير مثالية من حذف ثلاث أسباب من البحر الآدم ,

    وأما احتمالات تكوين أوزان بها وتدين : فبعد تكوين البحور السباعية المثالية فلم يبق إلا احتمال واحد وهو ما تشكل منه المجتث
    1ه1ه11ه . 1ه11ه1ه
    مستفعلن فاعلاتن
    والاحتمالات الأخرى لتشكيل وزن به وتدين كلها تخالف الشرط الذي ذكرناه وهو :
    ألا يجتمع في البحر أكثر من سببين متواليين في الشطر الواحد كأصل البحر ولا يجتمع في البيت كله أربع أسباب متوالية .

    المجتث والقتضبات (المقتضب وإخوته) من الأوزان الغير مثالية التي نظم الشعراء عليها لكنها قليلة ,

    أما المضارع : فهو من الندرة حد الانعدام حيث لا نجد له إلا بعض أبيات في كتب العروض , حتى أنكره الكثير من العروضيين فنسب للأخفش إنكاره وعدم اعترافه بالمضارع , ومثله حازم القرطاجني .

    والمضارع يحمل خصائص لا تمكنه من الحياة فعلى سبيل المثال ليس له مرونة المجتث الذي يحتوي على ثلاثة أسباب يمكن زحاف اثنين منها على الأقل (خبن مستفعلن وخبن فاعلاتن) وهما زحافان مقبولان موسيقيا ,
    وليس له الجمال الموسيقي للمقتضب و (المقتضبات الأخرى) والذي ينتج من الفاصلة الموسيقية فالمضارع على العكس مقلوب فاصلته الموسيقية فهو على الصيغة المكفوف فيها مفاعيلن يصبح فعولن مكررة مرتين بينهما وتد وهو عكس قانون الفصل الموسيقي .

    كما أنه لا يفصله عن مقتضب الوافر فعولن إلا حركة واحدة أصلية ( أو سكون )
    فعولن . فعو . فعولن
    11ه1ه . 11ه . 11ه1ه
    11ه111ه . 11ه1ه
    مفاعلتن فعولن
    مع موضع مرونة في مقتضب الوافر تجعله أولى بالانتخاب إذا كان الاختيار بينهما فقط , مزيد من التفصيل في مبحث انتخاب الأوزان

    وإذ عرفنا حقيقة " البحور " الثلاث ( المقتضب والمجتث والمضارع ) وأن مجزوءات البسيط ( عدا المخلع) قد ماتت جميعا , وأن ما بقي من الأوزان يتبع القواعد الثلاث ( التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي والفصل الموسيقي) , وإذا عرفنا أن كل ما يسمى بالبحور المهملة لم يكتب لها الميلاد لا تامة ولا مجزوءة , وإن كانت كل تلك الأوزان قد خرجت من الدوائر , فقد تيقنا أن الدوائر لا تصلح لاشتقاق الأوزان الجديدة .
    وبعد دراسة ( فقه العروض ) سنعرف أن الشاعر العربي قد استنفذ كل احمالات تكوين الأوزان , كل ذلك قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم , ويتحداهم بعد أن اكتمل بناؤهم وطال عنان السماء .

    دمتم أحبتنا الكرام في خير وسعادة

  8. #8
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    نشكرك أستاذنا الفاضل على جهدك الكبير الذي نتمنى له النجاح والتوفيق.
    أود في البداية توجيه بعض الأسئلة لنفهم منهجيتكم
    1- تقولون بفساد مبدأ التدوير لديكم وهذا يعني فساد مبدأ العروضيين في الاشتقاق ، فما السبب الوجيه لديكم؟
    2- عندما يستعمل العلماء وحدة قياسية لشيء ما فيحددون مواصفاتها على مايسهل استعماله وتداوله بين الناس فتصور أن الوحدة الأساسية للوزن (الطن) مثلاً كيف سيكون استعمال الناس لأوزان حاجاتهم اليومية ؟ عندما حدد الخليل الوحدات الوزنية بخماسية وسباعية حسب مكونات الكلمة العربية وما تداوله العرب في منطوقهم فكانت سهلة في التداول وجميلة في الإيقاع. فأما أن نأتي بوحدة وزنية تساعية فستكون مرهقة في التعامل العروضي.
    3- إن تفعيلة فاعلاتن لن /*//*/*/* هي مدورة عن تفعيلة مستفعلاتن /*/*//*/* بنقل سببها الأول للأخير وهذا مناقض لمبدئكم في فساد التدوير,
    4- هل الزحاف مسموح في أي سبب من أسباب التفعيلتان التساعيتان؟
    5- هل تقبلون كما نقلتم عن الأخفش (وجماعة ؟) بأن مفاعلن أصل مستفعلن؟
    فنرجو التوضيح وجزاكم الله خيرا
    مرحبا بك أستاذي الدكتور / ضياء الدين الجماس

    بالنسبة لقول الأخفش أن أصل مستفع لن في الخفيف مفاعلن ( نعم نقبل به كأصل للوزن للأسباب التي ذكرناها) أما التعميم في أن كل مستفعلن في كل الأوزان أصلها مفاعلن , فلم أقل به ولا قال به الأخفش . والتفاعيل كما نعرف جميعا ليست إلا وسيلة لتقسيم الوزن وقراءته , ولا تكتسب قيمتها إلا من النظام العام والقواعد الكلية التي يضعها العروضي والتي تتفق مع طبيعة النظام الإيقاعي ,

    أما بالنسبة لوحدات الوزن التساعية فالفارق بينها وبين السباعية ليس كالفارق بين ( الكيلو جرام والطن ) , ومستفعلاتن هي بالفعل من ( موازين ) الخليل , نراها في نهاية مجزوء الكامل المرفل عندما يدخلها الإضمار , الفارق هنا أننا نستخدمها كتفعيلة أساسية صحيحة ( بعد أن كانت عليلة ) , وإن كان استخدام تفعيلة قديمة سيجنبنا متاهة الوتد المفروق وتفاعيله الثلاثة فالرابح هو علم العروض .

    وأما عن ( فاعلاتن لن ) فهي ليست ناتج التدوير لكنها ناتج لقانون الانعكاس الساري في أوزان ( الرجز ومعه السريع , والكامل ) ونستخدمها لتحليل الأوزان لاظهار الخصائص الإيقاعية للأوزان .

    والتفاعيل هي من تفرض حدودها وصفاتها , فقط نحن نكتشفها ولا نختلقها

    ولو نظرنا لوزن مجزوء المخلع وتطوره لعرفنا كيف تفرض ( مستفعلاتن ) وجودها وتجبرنا على الاعتراف بها كتفعيلة أساسية

    وهذه مراحل ميلاده وتطوره في ملخص سريع ( من بحث للدكتور سليمان أبو ستة على ما أذكر ) مع التصرف

    (1) مستفعلن فاعلن مستفعلن
    (2) مستفعلن فاعلن مفعولن
    (3) مستفعلن فاعلن فعولن
    (4) مستفعلاتن متفعلاتن
    (5) مستفعلاتن مستفعلاتن

    حيث تتخلى العروض عن وتدها لتتحول إلى مفعولن
    ثم تتخلي فاعلن عن سببها الأول ويتجمد فلا يدخله الخبن ليلحق بمستفعلن لتتكون ( مستفعلاتن بحدودها الثابتة)
    ثم تلتزم مفعولن الخبن لتشكل مع الوتد الباقي من فاعلن ( متفعلاتن ) وهي نفسها مستفعلن وقد دخلها الخبن , لتجنب تتابع ثلاثة أسباب متوالية
    وبذلك يصبح الوزن تابعا للتكرار الثنائي للجملة الإيقاعية مستفعلاتن
    ثم يظهر شق الوتد الأول من متفعلاتن على كعلة جارية مجرى الزحاف بعد أن استوفت شروط الشق وهي ما نذكرها بعد قليل
    ويقابل الشق الالتزام بعدم التدوير , حيث تنتهي كلمة مع ساكن السبب الأول لتبدأ كلمة جديدة مع حركة السبب الثاني من الأسباب الثلاث .

    كما تجبرنا مستفعلاتن على الاعتراف بوجودها في وزن السريع فاعلن مع معكوسها فاعلاتن لن , حيث يجمع الوزن بين التكرار الثنائي ( مستفعلن مستفعلن ) يتبعها الفاصلة الموسيقية فاعلن , كما يجمع الانعكاس الموسيقي أيضا ( مستفعلاتن . فاعلاتن لن ) مع زيادة حركة لعمل الفاصلة الموسيقية

    ويظهر أصل الوزن عندما يكون الضرب على ( فع لن )

    وهذا ما يفسر لنا عدم دخول الخبن على مستفعلن الثانية فالجمل الإيقاعية في الأوان الناضجة لا تندمج معا بوتد . كما يفسر لنا دخول القطع على الضرب فاعلن فيتخلى الوزن على الحركة الزائدة عن الانعكاس الموسيقي , لأن علل النقص لا تدخل على أصل الوزن من التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي , وهو أيضا ما يفسر لنا دخول الحذذ على ضرب الكامل الذي عروضه صحيحة , لأن الوتد كله زائد على الانعكاس الموسيقي ,

    ( وعندما نعرف حدود التكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي والفاصلة الموسيقية ستبدو كل الظواهر العروضية منطقية وواضحة )

    فإذا أردنا توضيح الخصائص الإيقاعية لوزن السريع من ( التكرار الثنائي والفصل الموسيقي والانعكاس الموسيقي ) نذكر تقسيم الوزن مرتين
    مستفعلن مستفعلن فاعلن
    مستفعلاتن فاعلاتن علن

    ومثله الطويل يتمتع بنفس الخصائص الثلاث
    فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن
    فعولن فعولن فاعلن فاعلن علن

    أن كنت أغفلت شيئا مما ذكرته دكتورنا الكريم فأرجو التنبيه لأستدركه

    دمت سيدي الكريم في خير وسعادة
    وكل عام وأنتم بخير

  9. #9
    أديب عروضي
    تاريخ التسجيل : Sep 2016
    المشاركات : 195
    المواضيع : 8
    الردود : 195
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس مشاهدة المشاركة
    أستاذنا الفاضل د. أحمد سالم
    بارك بك وسدد خطاك
    أود الاستيضاح أولا هل نحن أمام عروض جديد المفاهيم أم محاولة تعديل لعروض الخليل؟
    فإذا كنا أمام أسس عروض جديد يجب أن نتعلم أولا المكونات الجديدة للنظم الشعري ثم القوانين الرابطة الناظمة لهذه المكونات.
    فاعتمادك على الوحدات الأساسية للخليل (الوتد والسبب وتفعيلات الخليل) مع إضافة وحدتين أساسيتين عند الخليل بعد إضافة سبب لإحداهما وتدويرها لتولد الأخرى، فهذه ليست مبادئ جديدة ( بل لا زلت تدور في فلك الخليل) . كمن يأتي بكف طبيعية ذات خمسة أصابع ويزرع فيها أصبعاً سادساً ويقول أتيتكم بكف جديدة...
    الوتد والسبب من وضع الخليل وقال بأن ساكن الوتد لا يزاحف والساكن البحري بشكل عام يزاحف أينما كان ولا يمنع زحافه إلا سياقه الشعري التطبيقي من شعر العرب فقال بزحاف مستفعلن في الرجز يصح بساكنيها مفرداً أو مزدوجاً وأما مستفعلن في دائرة المشتبه التي لم يرد فيها الطي اضطرته إلى القول بالوتد المفروق تبريرا لسلوك هذه التفعيلة في هذه البحور اعتماداً على مبدئه العام بأن سواكن الأوتاد لا تزاحف.
    وسؤالي عن زحافات مستفعلاتن من هذا الباب . فمن المفروض حسب منهجيتك في رفض الوتد المفروق أن تقبل الزحاف في أي جزء منها...
    أرجو أن تكون إجاباتك مباشرة على الأسئلة .
    إذا كنا أمام منهج مختلف عن منهج الخليل فلن ندخل في الحوار حتى تنهي البحث.
    وإذا كنا أمام تعديل لمنهج الخليل فنرجو إثارة الأسس التي تعارضها لنتابع الحوار نقطة إثر نقطة
    لقد دخلنا في حوار مبدأ التدوير لأنه من أسس الخليل.
    وما سؤالي عن زحاف مستفعلاتن إلا سؤالا عن سلوك هذه التفعيلة وليس عن الزحاف كمبحث عروض له ظروفه حسب السياق,
    شكراً لكم وبارك الله بكم
    وبارك الله فيك دكتورنا الكريم د/ضياء الدين الجماس

    باعتبار العلوم ميراثا انسانيا يشترك فيه كل البشر , فأزعم أن من حقي أن أنتقي من نصيبي في هذا الميراث ما فيه نفع وأن أترك ما لا نفع فيه , ولا أظن أن جدنا الخليل كان سيعترض علي هذا , فقط يجب علي إن أخذت منه شيئا أن أنسبه إليه فهذا حقه .

    وقد سألني كل تلك الأسئلة الأستاذ الفاضل م / خشان خشان , وقد جاوبته عنها جميعا , لا أعرف إن كنت سيدي الكريم قد قرأت إجاباتي عنها أم لا ؟؟ وإن كنت قرأتها لا أدري هل اقتنعت بها أم لا ؟؟

    وحقا لم يكن الجدال مثمرا , حتى اتهمت بالغرور وأنا لست بالمغرور , فخاطبني الشاعر الخلوق أ / محمد آل جرادات ناصحا يقول :

    لولا المربي ما عرفت ربي
    ===============
    يا من حباه الله علما زانه
    ...................... وغدا ملما بالعلوم خبيرا
    رفقا بمن بانت لديك عيوبه
    ................... صوِّبه فضلا لا تكن مغرورا

    ورغم رقة كلماته فقد قتلني بلطيف إشارته , وقد لمت نفسي كثيرا وعزمت على ألا أعود لهذا الجدال مرة أخرى .
    وقلت في الخليل مقالا يستحقه كعالم رائد , دون أن أنافق لا الخليل ولا محبي الخليل على حساب العلم :

    أستغفر الله الكريم لذلتي
    .................... واقبلني ربي في حماك فقيرا
    كان الخليل إمام أهل زمانه
    ....................... ورسول علم للأنام بصيرا
    بث الرسالة والوصية قومه
    ................. أن هذا جهدي فاقبلوا التقصيرا
    إن جاءكم غيري بعلم فاقبلوا
    .................... أنا لست أولهم ولست أخيرا
    محراب ربي في العلوم رحيبة
    ...................... للسابقين الفضل والتقديرا
    أنعم بكم من شاعر ذو حكمة
    ......................... أهديتنا لعيوبنا تبصيرا


    دمت سيدي الكريم في خير وسعادة

  10. #10
    الصورة الرمزية عبدالستارالنعيمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2015
    الدولة : بلد الرشيد
    المشاركات : 2,833
    المواضيع : 151
    الردود : 2833
    المعدل اليومي : 0.89

    افتراضي

    رد الأستاذ العروضي (باديس) على (فقه العروض) :

    مثل الخليل ومثل الدكتور أحمد سالم كمثل رجلين رزق الله أحدهما ولدا صحيحا مليحا , مقبولا مكمولا . لا شائنة تشينه , ولا شائبة تشوبه ؛ فسُرَّ بذلك وحمد الله على ما وهبه
    فلما رآه الآخر دعا الله وقال : اللهم إنك رزقت فلانا هذا بولد له رأس ويدان , ورأس واحد في ذا الزمان لا يكفي ! فارزقني اللهم بولد له رأسان ويدان !
    فرزقه الله الذي سأله , حتى إذا رآه بين يديه أسقط في عينيه وقال : قد والله ضللت , هذا المسخ ينبغي لا محالة قطع رأس من رأسيه , ليصير إلى طبيعته !

    وبين الولد والولد حكاية الوتد !
    عندي في الأصل فاعلن , فلمَ أشقّ أمّ وتدها لتصير مفعولن , وأقول هذا الأصل ؟ ثم أرجع مرة أخرى لأفرض عليها الطي زحافا يجرى مجرى العلة في الحشو وغير الحشو , كل ذلك لأعيدها إلى أصلها الأول فاعلن !!

    وقس على ذلك بقية ما جاء به , على أنه يحتاج لتسمية علل حشوية جديدة كتحريك الساكن الذي ألصقه بالأخفش ظلما والأخفش بريء من زعمه , وحذف السادس .. الخ

    فاللهم إن كان هذا يسمى فقها فاجعلني من الضالين المحرومين , آميـــن

صفحة 1 من 9 123456789 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. نقد كتاب د.أحمد سالم (فقه العروض) /ثناء صالح
    بواسطة ثناء صالح في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 66
    آخر مشاركة: 18-11-2016, 06:01 PM
  2. (الميزان_علم العروض كما لم يعرض من قبل)، للأستاذ محجوب موسى
    بواسطة آمال المصري في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-03-2013, 04:09 PM
  3. الملامح الحداثية للشعر العربي في عمان (دراسة منشورة )
    بواسطة هشام مصطفى في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 20-01-2011, 10:56 PM
  4. لِمَ لَْمْ يأتِ الحب ؟
    بواسطة مؤمن مجدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 15-02-2007, 03:25 PM
  5. قواعد عامة في العروض
    بواسطة خشان محمد خشان في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 14-01-2006, 05:23 AM