الملك الّذي أوصلني

قصة غير حقيقية يمكنها الوقوع
قبل خمس سنوات , قمت حينها عند السّحر , صلّيت ركعتين خفيفتين ما استطعته مع الثّقل الّذي كنت أعيشه , وبكيت بمرارة عند السّجود , والدّعاء , وقلت والدّموع تخنقني : اللّهم أنت ربّ المعجزات وأنا تلزمني معجزة , ثم ذهبت وصلّيت الفجر في المسجد , وغفوت بعدها قليلا على أن أذهب باكرا إلى العاصمة , وكأنّي بصوت أسمعه كالهاتف : قد أُجيبت دعوتك , وقفت طويلا تحت المطر , لا أشعر بشيء وقد بلّلتني المياه , على رأسي وملابسي حتّى الحذاء , والدّموع على خدّي تهطل أيضا , طال مكوثي ولم أجد سيّارة تنقلني إلى محطّة المسافرين , وفجأة توقّفت أمامي سيارة كبيرة فاخرة , يسوقها رجل يبدو أنّه في العقد الخمسين من عمره , ابتسم لي وقال : اصعد أوصلك , وضعت حقيبتي في الباب الخلفي وركبت بجانبه , كنت كعصفور مبتل وجد عشا دافئا , أدخل يده في كيس كان أمامه وقدّم لي تفاحة خضراء , - إلى أين وجهتك ؟ , - محطة المسافرين فقط , أريد أن أذهب إلى العاصمة , - زيارة أم عمل ؟ , - لم يعد لدينا مجال للزّيارات سيّدي , نحن نلهث وراء أشغالنا ولا نقضيها , - تبدو مرهقا , ويظهر أن مكوثك قد طال تحت المطر , - المطر لا يُسبّب الإزعاج سيّدي , المطر رحمة , الحياة هي الّتي لا ترحم , أنقص صوت مديح نبوي عذب ينبعث من المذياع ليسمعني وقال : أنت صغير جدا عن هذا الكلام , كم عمرك ؟ , - لقد هرمنا في شبابنا , وسرقت قساوة الدّنيا أحلى سنين العمر , - ما الّذي تعانيه ؟ قل لي , ربما أستطيع مساعدتك , - تساعدني ؟ الأمم المتّحدة ولا يُمكنها ذلك , مشاكلي كثيرة ومتنوّعة , وتُحل كلّها بمفتاح المال , ربّما يشاركني في هذا النّوع من الهموم معظم شباب جيلي لكن وصلت عندي الأمور إلى حد لا يُطاق , أنا الآن أعيش في عنق الزّجاجة فعلا , اهتمامه بالإصغاء إلي جيّدا دفعني للإسترسال في الحديث , يحتاج المرء عادة إلى الكلام عندما يمتليء صدره بالألام , أنا أعاني الفاقة سيّدي , توظّفت بعد مدّة طويلة من تخرّجي لكن الوظيفة لا تكفي مع الغلاء الّذي نعيشه , وأتحمّل مسؤوليّة عائلتي فأنا كبير إخوتي وأبي يكابد مرضا مزمنا , أخرجوه من شركة أجنبيّة كان يعمل فيها حارسا بلا تقاعد ولا منحة ضمان إجتماعي , ومقبل أنا على الزّواج , لكنّي لم أفعل شيئا لتحضير مصاريف وتكلفة العرس وقد كثرت ضغوط أهل الفتاة عليّ , وأخشى أن يفشل مشروع زواجي هذه المرّة كالمرّات السّابقة , أنا فنان سيّدي , رسّام ومؤلّف قصص , تدور في رأسي آلاف الأفكار وعندي يعض الأعمال الجاهزة للطّباعة , لكن لا أستطيع تحقيقها لقلّة ذات اليد , العين بصيرة كما يقولون واليد قصيرة , - عندك شيئا من أعمالك أراها الآن ؟ , - نعم , أخرجت أوراقا لقصّة كنت قد أنجزتها قبل سنين طويلة , موجّهة للأطفال بالشّريط المرسوم عنوانها : الملائكة وأحباب الله , وأخرجت له لوحة زيتيّة , أمسك الأوراق بيد ووضعها جانبا , ورمق اللّوحة بنظرة خاطفة , - بكم تبيع اللّوحة ؟ , - تريد شراءها حقّا ؟ أنا لم أبع من قبل , لكن أي شيء سأقبله منك , - نعم سأأخذها , أعجبتني كثيرا , أيضا سأطبع لك كتابك , أنظر يا صديقي , هذا الشّخص الّذي بجانبك قد خرج من ماديّة الحياة , مررت بتجربة خطيرة جدا , خرجت منها سالما الحمد لله , وقد اكتسبت وأدركت القيمة والمعنى الحقيقي للحياة , لبست الدنيا وجه المادة منذ عقود من الزّمن حتى خيّل الينا أنّ هذا هو جوهرها , والعكس تماما يا صديقي , الحياة روح وقيم عميقة جدا جدا , قد نعيش عمرنا كاملا ولا نصل الى ادراك جزء يسير منها , انا قد عدت إلى المعنى الحقيقي للحياة , أعيش الآن بمفردي , زوجتي ماتت مريضة , وأولادي في الخارج , أتّصل بهم , بالإضافة إلى العائلة وما فيها من قيم وكنوز العواطف والأحاسيس بعض الأشياء في الحياة ستُدهشك إن بدأت وصفها لك وتعريفك بها , ولا يسعنا الوقت ولا الظّرف الآن لذلك , هاهي محطة المسافرين أمامنا , إسمع , جلب حقيبة يد كانت أمامه في الأعلى , أخرج حزما سميكة من الأوراق النّقديّة , قدّمها لي وقال : هذه خمس مائة مليون سنتيم كنت ذاهبا لأتبرّع بها الآن من أجل بناء مسجد , خذها هي لك , تستطيع أن تحلّ بها الكثير من المشاكل , خذ قصّتك اطبعها بمعرفتك وأسعد الأطفال , لكن اعطني اللّوحة , قد اشتريتها بالمبلغ الّذي قدّمته لك الآن , بشرط واحد فقط , أنّك تنساني وتنسى ما جرى بيننا مع لحظة خروجك من السّيارة , لا تعرفني ولا تذكرني أبدا , طبعت قصّتي – الملائكة وأحباب الله – وأخذت عليها جائزة الدّولة التّقديريّة , وتلتها قصصا أخرى كثيرة , متزوّج الآن وأعيش ميسور الحال وعندي توأم جميل : ملك ودعاء , وبرغم كل الأسباب الّتي ذكرها لي ليفعل ما فعله من أجلي لا زلت أشك في بشريّته , وأعتقد أن الشخص الّذي أوصلني هو ملك قد ساقه الله لي .

مضت على قصّتي المتواضعة أكثر من 24 ساعة , اقتربت من الخروج من واجهة الصّفحة , ولا تعليق ولا رد , وقد كنت أحسبها متميّزة وأنّني أبدعت فيها شيئا , المبتديء يكون عادة حساسا لردود الأفعال , كلمة بسيطة تثشجّعني وتدفعني إلى الأمام , والتّجاهل يقتلني , شكرا جزيلا وعفوا

مضت على قصّتي المتواضعة أكثر من 24 ساعة , اقتربت من الخروج من واجهة الصّفحة , ولا تعليق ولا رد , وقد كنت أحسبها متميّزة وأنّني أبدعت فيها شيئا , المبتديء يكون عادة حساسا لردود الأفعال , كلمة بسيطة تثشجّعني وتدفعني إلى الأمام , والتّجاهل يقتلني , شكرا جزيلا وعفوا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، العزيز عماد هلالى. لك باقات المحبة والود.
القاص يكتب لا أجل شيء سوى أنه يحب ذلك، ولذا فتعليقات القراء ليست هي المسألة بل عشقك للكتابة هو الدافع، كما أنّ مضي لحظات أو بعض يوم أو أشهر، دون تعقيب لايدل على عدم روعة النص، بل لأمور أخرى. أنت تصنف نفسك جديدا ولكنك خبير بمسألة تحفيز النفس، واعلم أنّ آراء القراء قد تحفزك وقد تحبطك، لكن عشقك للكتابة هو الأهم، ولايعد ذلك تجاهلا لاسمح الله.

النص الذي أنشأته من ابداعك فيه مسائل منها:
أنك لم تقم بوضعه على فقرات بل كل القصة فقرة واحدة، وهذا قد يدفع القراء للابتعاد عن قراءته، فلنحسن جميعا تنسيق القصة عبر فقرات، كل منها تخدم الفكرة الأساس.
القصة كلها عبارة عن مكان واحد، من المسجد إلى السيارة، داخل السيارة، مع شخص واحد، السائق، وكل النص حوار بين اثنين. والموضوع فيه فجأة، وأمور لاتحدث عادة، أو غريبة، أو قليلة الحدوث، فقل في ذلك الادهاش والاقناع.
القاص لايكتب إلا لايصال فكرة ما، وأنت تريد ايصال فكرة: أن كل شيء يمكن أن يحصل وتتحقق الأحلام بإرادة الله سبحانه وتعالى. وهذا أمر لاغرابة فيه، ولكن كيف حدث كل ذلك، فجأة، وبدون مقدمات، لأنّ الله على كل شيء قدير. ( الشخص الّذي أوصلني هو ملك قد ساقه الله لي .)

هناك جماليات الخشوع فجرا مع المصلين، وهطول المطر، مما يدل على الأمل، وهذه فكرة جميلة ورائعة منك، لو أنك أطلت فيها، وقللت من الحوار، لكان نصك متميزا. ستجد في تعقيبي عليك بعض الأخطاء الاملائية وغيرها؛ لأني كتبت مباشرة ما أريد أن أقوله لك، لذا ينبغي منّا جميعا أن نكتب أولا ثم ننقح ما نريده، ونراجعه، كي لانقع في الأخطاء، وأن لانتعجل بالنشر، ولهذا أوجه لنفسي قبل غيري، أن ندقق في علامات الترقيم، وأن تكون اللهجة الدارجة مميزة بين قوسين، وماشابه تلك الأمور.

أخي عماد، نحن في مشوار طويل، نتسابق فيه جميعا، ولكننا قد مضينا معا، وسنصل بعون الله.


تقبل مني خالص الود

الأديب الأستاذ المشرف عباس العكري : ولكم مني باقات المودّة والحب , والتقدير والإحترام
شكرا جزيلا , أفدتني كثيرا , ما دفعني لإبداء هذه الملاحظة , هو رغبتي في التّفاعل مع النّصوص الّتي تُنشر , ولأنّني متحمّس نوعا ما وأحبّ أن أنشر الكثير من القصص , وعندي عدّة أفكار , لكن لا أُحب أن أنشر قصة جديدة بدون أن أشاهد آراءا حول القصة الّتي وضعتها , لأنّ آراء الكتّاب والأساتذة تهمّني وأحب أن أتطوّر دائما للأفضل , وأعرف أخطائي وأصحّحها
قصّتي المتواضعة أردت أن أقول فيها عدة أشياء مهمّة , كطغيان المادّة على حياتنا , وأنّ الأحلام تتحقّق , والأدعية تُستجاب , والله يُفرّجها , وأفكار ثانوية طرحتها مثل تفريجك عن شاب أهم من بناء مسجد
يمكن أن تحدث قصة في مكان واحد , توجد أحداث بتباعد زمني ذكرتها سريعا , الحوار وسيلة استخدمتها للإخبار عن الشّخص وظروفه , وموضوع القصّة غريبا لكن يمكنه الحدوث وأشرت الى هذه النقطة في البداية
هل تقصد بالفقرات وضع النقطة والعودة الى السّطر ؟ , تقسيم النّص إلى فقرات ؟
قُدّمت لي أيضا ملاحظة سابقا عن علامات التّرقيم , ولم أفهمها , هل هي الفواصل والنّقاط وغيرها ؟ , كيف وأين أتعلّم ذلك ؟
أريد أن أتحسّن وأتعلّم , وهذا من بين أهدافي في عضويّتي في هذه الواحة الغنّاء , لطك خالص مودتي وتحياتي وتقديري , شكرا جزيلا ومعذرة مرة أخرى

أولا : وقبل كل شيء موضوع علامات الترقيم موجود بإستفاضة في مدرسة الواحة للإستاذة القديرة/ كاملة بدارنة
أما بالنسبة للقصة .. فلم أرد عليها لأني لم احب موضوعها .. واسمح لي هذا رأي خاص ووجهة نظر
فعهد المعجزات قد ولى .. والقصص التي تحكي عن من جاءته فرصة من السماء فأصبح بين يوم وليلة
صاحب مال وجاه وشهرة ـ رغم إمكانية حدوث هذا ولكن بنسبة واحد في المليون..
وإنما يجب أن نركز على الجد والإجتهاد والنحت في الصخر لكي يصل الإنسان بكده وصبره وجلده
متغلبا على صعوبات الحياة حتى تنصاع الدنيا قاهرا كل الإحباطات التي تعترض طريقه.
هذه وجهة نظري وهذا ما جعلني أتأخر في الرد عليك
هذا لا يعني إني غير معجبة بقلمك القادر وخيالك الواسع وأسلوبك الجذاب.

تبقى همسة : كل ما نشرت من قصص تقع تحت مسمى : القصة القصيرة
وليست .. ق. ق. ج وهذا للمستقبل إن شاء الله.
تحياتي وتقديري.

الأديبة الأستاذة المشرفة نادية محمد الجابي : شكرا جزيلا على كل ما جاء في ردك الكريم , وبارك الله فيك , لم أهدف في قصّتي الى انتظار المعجزات وترك العمل والاجتهاد , بالعكس أشرت ضمنيّا الى صعوبة الحياة وما يعانيه الشاب لكي يحقق أمانيه ويبني مستقبله , وفيها دعوة للإحساس بالآخرين ومساعدتهم , ربطتها بالدعاء , والفرج الّذي يأتي في الشّدّة , بعد طرق كل الأبواب وعمل الأسباب , ليست معجزة , حدثت وسمعت بها , لكن لم تحدث معي للأسف , هذا يدفعني مستقبلا الى التّدقيق اكثر في المواضيع , وفي الرسّالة الّتي اريد ايصالها من القصّة , لحد الآن صراحة ليس لدي ميزان تحديد القصة القصيرة من القصة القصيرة جدا , القصة الّتي تكون في حدود الخمسة أسطر وأقل اعتبرها قصيرة جدا ولا ادري ان كنت مصيبا , رأيت قصصا هنا فيها جملة واحدة , شكرا جزيلا