لم أكد أجد عنوانا مناسبا لقصيدتي هذه، لأني أنشأتها ـ لحظة جيشان مشاعر إعجاب وتقدير ـ برائعة الشاعر الكبير: د. سمير العمري: (ملكية القسمات). فهذا خصوص سببها. وما دمت قد نقلتها هنا ـ بناء على اقتراح كريم وتلبية لهذا الاقتراح - إلى حيث الفضاء الفسيح وسوق عكاظ الشعر، فقد خرجت من خصوص سببها في مدح قصيدة واحدة فقط إلى عموم مدح جميع شعر شاعرنا الكبير العمري الذي يعد ـ بدون مجاملة ـ مدرسة شعرية متكاملة لطالبي الشعر الشادين، ووللواصلين أيضا. وأرجو أن يمتد شعاع مدحها الصادق ليشمل كل شاعر حقيقي يستحق هذا اللقب بجدارة. ومن هنا يتبين أن هذه القصيدة إنما هي مدح لمعنى الشعرية متمثلة في شخص جمع إليه هذا المعنى العزيز في هذا الزمان؛ فمدارها إذن حول هذا التقدير والإعجاب والعجب كذلك من هذه الحال المتفردة. والله من وراء القصد.

القصيدة:

يـــا مُنْـضِـيًـا خَـيْــلَ الـقـريــضِ عِـتـاقــا أوْطــأتَـها ســــبــــلَ الــــعَــــلاء بُــــرَاقــــا
يا فرقدًا أنَّى اهتديـتَ إلـى الثـرى حتـى شققـتَ إلـى القلـوب نِطـاقـا
يــا أيـهــا الـشِّـعـرُ المُـكـلَّـلُ بالـسُّـهـا ومُــطَوِّقًا جِـــيْــــدَ الــمَــهـــا أطــــواقــــا
أنَّـــــى جـمــعــتَ سـهــولــة، وجـــزالـــة وفصاحة، وبــــلاغـــــة، وســـيـــاقــــا
هـــــذا نـســيــبٌ كـالـنـسـيـم تـرقْــرُقًــا يسبي العقـولَ، ويخلـب الأذواقـا
إنِّــي لأطْـعَـمُ شَـهْـدَهُ فـــي خـاطــري أحـلـى وأعــذب مــا يـكــونُ مـذاقــا
مِـنْ شـاعـرٍ سَـلِـسَ القصـيـدُ بكَـفِّـهِ حـتــى تـفـجَّـرَ فـــي الـمــدى رقـراقــا
مِـــــنْ مــالـــكٍ رِقَّ الـمـعـانــيْ كـلّــمــا فـلـتـتــتْ أقــــــامَ نـظـامَــهــا فـانـســاقــا
هــــــو شـــاهـــدٌ أن الأخـــيــــرَ زمـــانــــه إن شــاء كــان لـمـن مـضـى سَبَّـاقـا
فاهـنـأ بشـعـرٍ جـــاء واحِـــدَ نـسْـجِـه وقَـــرِيـــعَ أعـــصـــارٍ ســـمـــا عــمــلاقـــا
تلك القصيدةُ فـي القصيـدِ منـارةٌ كالنجـم تهـدي الحائـرَ المشتـاقـا
مـا زلــتُ أنشِـدُهـا وأنـسـجُ حولَـهـا نـسـجًـا أحـــاولُ مـنــه مـــا قـــد راقـــا
بقـصـيـدةٍ مــــا زلــــتُ أُسْــــدِيْ تــــارةً مــنــهـــا وأُلْـــحِــــمُ، أرتـــــــقُ الأفــتـــاقـــا
أودعــتُــهــا لــحــنًـــا أغَـــــــرَّ مُــحَــجَّـــلاً مِنْ وحْيِ موسـيـقـاكـمُ اسـتـرفـاقـا
ولـقــد يَـظُــنُّ بــهــا الـلـئـيـمُ تـحـذلـقـا ولقد تُـــــظَــــــنُّ تـــزلُّــــفًــــا ونـــفــــاقــــا
وأنــا الـغـنـيُّ عـــن الـظـنـون وإثـمِـهـا جـمَّــلــتُ نــفــســيْ هـــمَّـــةً وخَـــلاقـــا
لـكـنــمــا هِـــــــيَ مِـــدْحَــــةٌ مــحــمـــودةٌ جـــاشَ الـوِفــاقُ بـهــا فـجــاء وِفَــاقــا
حَلَّـتْ بسـاحـةِ مـاجـدٍ ذيْ سُــؤدَدٍ أحـيــا مَـــوَاتَ الـشِّـعــرِ حــتــى فــاقــا
فــاعــذرْ أخــــاكَ إذا تـعــثَّــرَ جَــدُّهـــا أو قصَّرَتْ عن مجدِكَ استحقاقا
واقــبــلْ محـاسـنَـهـا عــلـــى عِـلاَّتِــهــا واغفرْ لــــهـــــا زلاَّتِــــهـــــا إشـــفـــاقــــا
فـلأنــتَ بَـــدْرُ الـشِّـعـرِ فـــي علـيـائـه وأنــــــا هــــــلالٌ مــــــا يـــــــزالُ مُــحــاقـــا
لا زلـتَ يــا شـيـخَ القصـيـدِ مُنَعَّـمَـا بالخير، مِـعْــطــاءً، حَـــيًــــا دَفَّـــاقــــا