أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حلم فوق بساط الريح

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 5
    المواضيع : 1
    الردود : 5
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

    افتراضي حلم فوق بساط الريح

    حلم فوق بساط الريح



    وأخيرا حصل على شهادة الباكلوريا، أحس بسعادة عارمة، وشعر بارتياح كبير، وكأن ثقلا قد انزاح عن كاهله..
    عانى الكثير في السابق، وذاق مرارة الرسوب مرارا، وواجه اليأس وواجهه لحظات عديدة، لكن الكلمة الأخيرة كانت لإرادته وعزيمته.
    لم يكن كسولا أو بليدا، فقد استوعب المقرر بطوله وعرضه، وكرر استيعابه مرات ومرات بسبب تكرار السنوات، فأصبح مرجعا للتلاميذ الجدد، يستفتونه في معلومات مختلفة، فيجيبهم بإسهاب، ويحل مااستعصى عليهم.. مشكلته فقط أن الحظ لم يحالفه.. ولم يرد أن يلجأ إلى طرق الغش وفنونه التي برع فيها بعض أصحابه..وهنا يتذكر لجوء الكثير منهم إلى العنف.. ويبتسم عندما يستحضر ما قام به أحد زملاء عندما وضع سكينا على طاولة الامتحان، وعندما استفسرته المراقبة عن ذلك أجابها بأن الأمر لا يتعلق بسكين بل بمسطرة فقط، يستعين بها في وضع الخطوط، فلم تملك المسكينة إلا الانسحاب والإفلات بجلدها.. يطرد من ذاكرته صورا أخرى مشابهة .. هو يريد أن يفوز في الامتحان باجتهاده وعرق جبينه.. ربما لأنه لم يجرب الغش يوما .. وربما لأنه يريد أن يشعر بقيمة النجاح ولذة تحقيقه.
    صبر كثيرا.. ولم ييأس.. وانتظر حظه.. فزاره حظه في الأخير.. ونجح في امتحان الباكلوريا.
    أحس أن أبواب السماء قد فتحت.. وفتحت معها أبواب الدراسات العليا بالمعاهد والكليات، وما عليه إلا أن يختار.. الطب مهنة راقية.. ومستقبلها زاهر.. فبضاعتها رائجة، والأمراض منتشرة والحمد لله، وكل الأطباء مياسير. حقيقة سيبذل جهدا خلال الدراسة، لكن مستقبل المهنة مضمون. ثم إن الاختيارات عديدة.. فالهندسة أيضا مهنة يحترمها الجميع، ودور المهندس في المجتمع مهم، ولقب " مهندس " له سحره وبريقه..وكذلك لقب أستاذ، لكن هو لا يفضل التعليم، فمردوديته المادية غير مريحة، وجميع المدرسين يشتكون، إذن فليختر القانون، لأن مجاله واسع وفسيح، قد يكون قاضيا يحسب له ألف حساب، وينعم بحياة ميسرة، جميع القضاة الذين يعرفهم يقطنون أحياء راقية، فليتوكل على الله، ويقتحم سلك القانون.. ثم هناك المحاماة، فالمحامي رجل مهم أيضا، يجلجل صوته في ساحات المحاكم، والمشاكل متوفرة لا تنتهي.. إذن فبضاعة المهنة غير كاسدة.
    ابتسم مستسلما لأحلامه.. واحتارفي الميدان الذي سيختار.. المجالات متسعة إذن.. والمستقبل زاهر والحمد لله.. وشهادة الباكلوريا بجيبه جواز سفر.. يرحل به حيثما يريد، وما عليه إلا أن يوجه الدفة.. وباسم الله مجراها ومرساها.
    وابتدأ الجري.. أو بالأحرى التحليق.. تسلح بنسخ عديدة من شهادة الباكلوريا.. ولم ينس أن يصادق عليها من طرف ولاة الأمر " بمقاطعة " الحي.. وهيأ رزما من عقود الازدياد وشهادات السكنى والحياة وأوراقا مختلفة منها المتنبرة والمدموغة وما وقعها " المقدم " و" الشيخ " والقايد.....
    ملف ثقيل مكتمل يشفع له بولوج الكلية التي ارتضاها حلمه.
    امتطى شهادته كبساط الريح.. وطار بها محلقا ينشد الهبوط في المكان المناسب..
    حط به التجوال بمدرج الكلية الأولى.. وتخيل المسؤولين يستقبلونه بحفاوة.. ولاحظ طوابير مصفوفة متراصة.. اعتقد أنها جمهور المستقبلين.. فإذا به يكتشف وجوها كالحة أضناها طول الانتظار.. يحمل أصحابها ما يشبه ملفه الثقيل.. بها شهادة تشبه شهادته.. وأيقن أنهم " ناجحون " مثله، ينتظرون فتح الأبواب.. لم يصدق الأمر.. وبعد تردد حاول الانحشار معهم.. لكن الزحام كان شديدا، ومع ذلك صبر وانتظر دوره، فقد ألف رفقة الصبر منذ زمن.. وبعد مدة أتى دوره.. أطلوا عليه من الشباك.. وتأملوا أوراقه.. ثم قالوا له" متأسفون، ملفك تنقصه أوراق مهمة نسي أن يوفرها..
    أوْ لم يكن بمقدوره أن يتوفر عليها.. وعليه أن يبحث عن كلية تتناسب مع إمكانيات ملفه.."
    وارتأى أن يحلق من جديد ليحط بمعهد آخر.. فلقي نفس الرد.. ولم ييأس.. وحلق مرة ثالثة ورابعة و.. و.. ونفذ وقوده.. ولم ينتبه لمقدار الزمن الذي استغرقه التحليق والطيران..
    ثم قام بآخر محاولة.. دق بعد جهد باب المطار/الكلية..ولم يطلوا عليه من الشباك هذه المرة.. بل أدخلوه من الباب.. وأجلسوه على الكرسي.. وتفحصوا أوراقه مليا.. ثم أعادوا له الملف والأسف على وجوههم
    - غير مقبولة
    - لماذا؟
    - انتهت مدة صلاحية الشهادة.......
    - ؟؟؟ !!!!
    - عليك اجتياز امتحان آخر للباكلوريا من جديد !!


    محمــــد فــــري

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    أخي الكريم محمد الفري:

    دعني أرحب بك بداية في واحتك واحة الفكر والأدب ملتقى النخبة ودار ندوتهم ، ثم دعني أشكر لك حرفك الجميل وأسلوبك السلس الواضح ومضمون موضوعك القيم.

    كنت أقرأ وأتساءل: أليس غريباً أنه بالكاد نجح وبعد محاولات كثيرة ثم يحلم بأن ينتسب لكليات تحتاج تفوقاً؟؟

    ثم عند النهاية تساءلت: هل حقاً يوجد قانون في أي دولة عربية ينتهي بموجبه تاريخ صلاحية الشهادة العلمية في وقت البحث عن الدراسة العليا؟؟ إن كان فأين وكيف؟


    أهلاً ومرحباً بك.


    تحياتي وتقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 5
    المواضيع : 1
    الردود : 5
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

    افتراضي

    الأستاذ المحترم سمير العمري
    أشكرك لمرورك الكريم..وأعتز
    بترحيبك بي في هذا المنتدى المحترم
    أما " بطل " القصة، فهو رمز للأفراد
    الذين قدر لهم أن يكتفوا بالحلم في مجتمع
    لا تتساوى فيه الفرص والحظوظ..
    وأما نجاحه فلم يكن " بالكاد ".. بل بجده وجهده..
    فقط تأخر حظه " لخلل ما "
    وفيما يتعلق بالشهادة التي تنتهي صلاحيتها ( مثل المواد الغذائية المصبرة والمعلبة )
    فهو قانون موجود رغم غرابته.. ويتلخص في فقدان الطالب
    لصلاحية شهادته إذا عاكسه الحظ ورسب مرتين
    عنده لاتفيده شهادته في الانتماء إلى أي كلية عمومية
    فيضطرإلى الترشح من جديد لينال نفس الشهادة ( الثانوية العامة )
    وهكذا أسقط في يد صاحبنا ولم يعد يملك إلا " حلما " تسرب
    من بين أصابعه، فكان حاله كباسط كفه إلى الماء ليبلغ فاه
    وما هو ببالغه..
    تحياتي وتقديري
    محمــد فـــري

  4. #4
    الصورة الرمزية إسلام شمس الدين عضو
    تاريخ التسجيل : Apr 2003
    الدولة : مصر
    المشاركات : 646
    المواضيع : 50
    الردود : 646
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    ( قد نفقد كل ما نملك
    لكن ...
    يتبقى لنا الحلم
    فماذا يتبقى لنا إن ضاع الحلم؟)


    العزيز محمد فري
    أهلاً بك في واحة الخير والجمال والإبداع مبدعاً رائعاً
    أتفق معك في أن الكثير من أحلامنا قد تتكسر على صخور الواقع الذي نحياه بكل فوضويته وعبثه
    لكن علينا أن نحرص على ألا تتكسر الأحلام بداخلنا
    وعلينا ألا نستسلم لمفردات الواقع

    بطل قصتك هو نموذج للكثيرين في مجتمعاتنا ممن اعتصرت ظروف الحياة؛ أحلامهم وتطلعاتهم
    وقد أجدت التعبير عن هذا النموذج وآماله وإحباطاته
    أعجبني سردك الشيق وتمكنك من أدوات القص
    وإن كنت أتفق مع أخي سمير في كون الحبكة الدرامية ينقصها بعض الإحكام

    ويبقى أنني استمتعتُ كثيراً بقصتك
    وفي انتظار المزيد من إبداعاتك
    أهلاً بك مرة أخرى
    ولك وافر تحياتي وتقديري نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    إسلام شمس الدين

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 5
    المواضيع : 1
    الردود : 5
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

    افتراضي

    الأخ العزيز إسلام شمس الدين
    أسعدني تعليقك على القصة، وأشكرك على ترحيبك
    كما أقدر فيك مشاعرك النبيلة
    وأتفق معك بدوري حول ضرورة المحافظة على
    الحلم حتى ولو تكسرت أجنحته على الصخور
    الصلبة.. وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
    حسب قول الشاعر قديما..
    ولقد حاولت وصف حالة معينة يرحل فيها الفرد
    عبر محطات الحياة وما من سلاح لديه إلا أحلامه
    وكده وجده ...وهنا أتماهى معك في شعورك:
    " كان يغويه حلمٌ صغير كلما سار بمحاذاة "النيل"، وتقدم به العمر؛
    وخفتت جذوة الحلم؛ لكنها لم تنطفئ؛ ظلت جمرتها خامدة في إحدى زوايا النفس؛
    في انتظار سحابة عابرة تمطر رياحاً فتشعلها من جديد "


    فيما يتعلق بالحبكة حاولت أن يكون تطور الحدث منطقيا..
    وإذا كان المقصود هو ما أشار إليه الأستاذ سمير
    فقد سبق لي أن أوضحت أن نجاح " البطل " لم يكن بالمصادفة
    بل بكده واجتهاده وعدم لجوئه إلى " الغش "... وهذا لايضيره في أن يحلم
    ويفاجأ بعراقيل التسجيل
    المتعددة ومنها معدلات " التفوق "
    فهذه إجراءات " إدارية " ليس من الضروري اعتبارها
    مقاييس دامغة وصادقة على مستوى الشخص
    لذا فإنه إذا تتبعنا الخطاطة الأساسية للحدث
    بملاحظة المتتاليات السردية للنص
    نكتشف نظام تطور الحدث
    وفقا لمباديء منطقية محكمة.
    أخي إسلام
    أشكرك مرة أخرى على تعليقك المفيد
    لأنه يندرج ضمن الردود المفيدة التي
    تثير نقاشات بناءة.
    تحياتي الحارة
    محمـــد فـــري

  6. #6
    الصورة الرمزية معاذ الديري شاعر
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : خارج المكان
    العمر : 49
    المشاركات : 3,313
    المواضيع : 133
    الردود : 3313
    المعدل اليومي : 0.43

    افتراضي

    هذا القانون معروف وفي اكثر من بلد ..
    القصة ذات رسالات كبيرة وسياقها شيق غير ممل ..
    اللغة جيدة وتستحق التقدير..

    شكرا لكم واهلا بك بين اخوتك ومحبيك.
    عـاقــد الحــاجبــين
    http://m-diri.maktoobblog.com

  7. #7
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 5
    المواضيع : 1
    الردود : 5
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

    افتراضي

    شكرا للأخ عاقد الحاجبين
    وسعيد بوجودي بينكم هنا
    تحياتي وتقديري
    محمـــد فــــــري

المواضيع المتشابهه

  1. بساط الورد
    بواسطة خلود داود أحمد في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 20-08-2020, 10:40 PM
  2. بساط الريح
    بواسطة علي حسين الموصلي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-05-2013, 01:58 AM
  3. سأمٌر ّ فوق الرّيحِ ..
    بواسطة مجذوب العيد المشراوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 29-05-2009, 02:47 AM
  4. لقاء فوق بساط النار
    بواسطة عطاف سالم في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 20-09-2007, 06:00 PM
  5. سأترجم غروري لكِ ............. على بساط البساطة
    بواسطة حمزة محمد الهندي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 18-04-2007, 08:58 PM