قال لأخيه في وهن: قدماي لا تحملني، لا أستطيع أن أحمل الفأس
نظر إليه أخوه في ضيق ولكنه قال له : إذا شئت فاذهب.
تحامل الأخ الأصغر علي نفسه، وبالكاد بلغ الشجرة القابعة علي رأس
الأرض ،،واستلقي في ظلها ،إقتربت زوجة الأخ الأكبر منه ،ثم زمت
شفتيها في ضجر، وقالت في خفوت : إنه يدعي المرض ،الليلة الفائته
كان ساهرا إلي منتصف الليل ،لماذا يسهر؟ألا يعرف أن الأرض
تحتاج إلي مجهود؟ أم إنه يريد النوم إلي الظهر، طالما هناك
خدامين يعملون ليل نهار مثل العبيد.
قال لها بضجر متصاعد : ألا تصمتي يا امرأة ؟
كان يعرف أنها متي بدأت، لن تنتهي، إلا بمعجزة ،وما كان ليخفي عليه
اللهجة التحريضية في نبراتها،وهو بالفعل، بدأ يتأثر بكلامها ،وهي لا تكف
أخذت تأتي بالقريب والبعيد حتي رمي زوجها الفأس من يده وانطلق
مشحونا بالغيظ الي أخيه النائم مستريحا في الظل بينما هو تلفحه الشمس
بسعيرها وكأنها تنتقم منه بلاذنب جناه.
كانت الأفكار تتراص وتتكدس أمام عينيه، فهو يلاحظ منذ مدة أن أخاه بدأ
يتغير، أصبحت حركته بطيئة، وأصبحت قواه خائرة ،وبات يفضل النوم.
هو أخوه الوحيد فلا أخ، ولا أخت ،وهو يعرف أنه يحبه حبا كبيرا، وهو أيضا
يحبه ،ولكن زوجته تفسر حالته هذه كما تعبر هي بإسلوبها أنه – لايف- علي
بنت الحاج فرج، وهو مشغول بالليل والنهار بها ،وربما كان ينوي السفر.
هذه المرأة إستطاعت أن تغير قلبه اليوم تجاه أخيه ،فسوف يذهب إليه ويعنفه
ويجبره علي العمل معه ليل نهار، وإذا لم يستجب، فسوف ينفصلا في المعيشة
أخذ يخطط لكيفية الإنفصال، وهو يري بعين الخيال وهو يعمل بجد ونشاط
ويشتري أرضا جديدة ،وأخري بينما أخوه ينام في كسل ،فيشتري منه نصيبه
وبدأ الشيطان يؤجج النار في صدره ضد أخيه، حتي وصل لذروته عندما بلغ
موضع أخيه، وبدون أن يشعر، لم يتكلم، ولكنه رفسه بقدمه رفسة خفيفة،
فلم يتحرك قال في نفسه :هو يستغرق في النوم وأنا أكابد الشمس، أعاد الرفسة
مرة أخري أشد، فلم يتحرك، بدأ القلق عملاق وذاب عنه ما بصدره ، انحني علي
أخيه فوجده باردا كالثلج، حركه فلم يتحرك حمله علي صدره ونظر في وجهه
فأدرك أنه قد مات .جاءت زوجته تعلو شفتيها ابتسامه جانبية ساخرة
:ألم اقل لك انه يدعّي المرض؟
إلتفت إليها في صمت و وجهه وثيابه مبتلة بالدموع وقال لها في هدوء شديد:
أنت طالق.