عيون المليح
أسعى بسحرك يا مليحُ هياما *** وأصوغ من أوصافك الأنغاما
بحُلاك قد فقت البهاء بحسنه *** وبك استحقّ سنا الجمال وساما
لولاك ما كتب الفؤاد قصيدةً *** أو طاوعت أوراقي الأقلاما
حلو اللسان تلعثمت ألفاظه *** وغدا به صوت البيان فصاما
سقمي بدونك إن تأمّل بلسما *** مثل الضرير اذ استجار عتاما
عشقي إليك أيا جميل مخلد *** قد جاوز الأزمان والأعواما
ما كان حبّي نزوةً أو شهوةً *** أو كان وعدي بالغرام كلاما
سَحَرٌ عيونك والجفون ندية *** وبه الزهور تعانقُ الأجراما
عيناك سعدٌ يُستطاب لمهجتي *** ويكون من فزع الفؤاد سلاما
نظري لعينك قد أفاق مشاعري *** كالفجر يوقظ للحياةِ نياما
زاد الزمان على الجمال نضارة *** كالورد دام ربيعه واقاما
عين تغالي شيبتي في عشقها *** وتعيش شوق وصالها الأحلاما
مثل الرضاعة قد شغفت بعينها *** ولشيبتي لم أعرف الإفطاما
في العين يرتسمُ الجمال فيعتلي *** بروائها فوق الكمال مقاما
حلو الحواجب كالهلال بليله *** فوق المحاجر تستهلّ سناما
كحلاء ما صبغ الرموش تكحّلٌ *** كالليلِ أطبقَ والسَّوادُ ترامى
نجلاءُ ما عرفَ الحساب مدادها *** فالكون ضمّته الجفونُ تماما
قلبي إذا لمح العيون تصيبه *** حتّى الهلاك نواصلاً وسهاما
الروح قد هامت بحسن عيونها *** وغدت بشوق المقلتين ضراما
خضراء كالورق الطويل ربيعه *** واللونُ زهوا فاضل الآجاما
مثل المحار جفونُها وعيونها *** دررٌ أضاءت للبحارِ ظلاما
وطفُ الجفونِ إلى الحواجبِ آيةٌ *** مثل النخيلِ على الضفافِ تنامى
العينُ بابُ للغرامِ وفتحُها *** رهنُ الفؤادِ إذا استجاب وهاما
ما لمت نفسي حين همت بعينها *** أو حزّ قلبي الحاسدون ملاما
القلب يعزف للعيون كأنّه *** زهر يغازل في النَعَام غماما
في الليل تزهو الوجنتين كأنّها *** بدر تلألأ بالخدود وعاما
يختال بالجسد البهاءُ لحسنه *** وهو بتلك المقلتين تساما
زهراء تعلو كالزهور رقيقةً *** وتميل كالغصن الطريّ قَساما
ألوانها مزجتْ فكانتْ لوحةً *** قد حيّرت في وصفها الإلهاما
فيها الجمالُ مفاتنٌ قد زانها *** حسنُ الطباعِ وداعةً ووئاما
تعلو بها الأخلاق كلّ جميلة *** وحجابها زاد البهاء قواما
لا خيرَ في حسنٍ بدونِ تخلّق *** حتّى وإن ملك القلوبَ لزاما
اسألْ عن الخلقِ الجميلِ فإنّه *** خيرُ الضمانِ بدايةً وختاما
لا تعحبنّ من الجمالِ فإنّه *** آياتُ ربّك تبهرُ الأعلاما