السّحور
في تلك الليلة الرّمضانية الدّافئة أدرْتُ المفتاح في القفل برَويّة وهدوء، ودخلت البيت وأنا أمشي على أطراف أصابعي، لا أريد أن أكدّر صفو نومها بعد تعب يوم كامل من أشغال البيت..
لم تتبقّ سوى عشرين دقيقة تقريبا عن أذان الفجر، لذلك اتّجهت مباشرة إلى المطبخ بحثا عن الطعام الذي يمكن أن تكون قد ادّخرتْه لي كسَحور..
أشعلتُ النّور وألقيتُ بصري في كلّ الاتجاهات فارتدّ لي خاسئا وهو حسير، لا أثر لصحن مغطىً كما كنتُ أتوقّع، فتحتُ الثّلاجة علّ وعسى، لكن أيضا لا شيء هناك يمكن أن يقتات عليه جائع مثلي غيرُ صحن صغير من الزّبدة، أخرجته وتوجّهتُ نحو طبق السّمار المخصّص للخبز حيث حالفني الحظ في وجود قطعة..
بدأت وجبتي وأنا أحتمل أن تكون قد تهاونت عن إعداد وجبة السّحور، أو ربما اضطرّت لتقديم سحوري لضيف أو أكثر..
"نعم، يمكن.. في رمضان تكثر الزيارات العائلية الليلية"
تناولتُ سحوري واقفا، وشربتُ بسرعة ربع ابريق شاي مازال يحتفظ بدفئه..
لم يتبقّ للأذان سوى عشر دقائق..
جلستُ إلى الحاسوب بضعة دقائق قبل أن يرنّ هاتفي الذي ضبطته على دقيقة واحدة قبل انتهاء وقت السّحور.. أسرعتُ نحو المطبخ وشربتُ كأسا من الماء على عجل. وفيما كان المؤذّن يصدح بدخول الفجر تذكّرتُ الفرن الكهربائي الذي فتحته حيث وجدتُ صينيّة عليها نصف دجاجة وسلطة خضار وكأس عصير من البرتقال.