حكاية أميرة
أيها القادم من بعيد تمهل ، سأقرأ عليك الآن صفحة من صفحات طفولتي الملقاة على عتبة الزمن البريء لأنك ربما تكون أحد الوارثين لماض مجيد ، لم أعرف أنا كيف السبيل لإعادته كي يجاري حاضرنا الذي خرج عن طوره ، فصار حزين . سأحطم الأبواب ثم أدخل إلى سجنها وأقتل عصابة البرابرة الحقيرة وأنقذ الأميرة .. هل تكفي عندها عن البكاء يا أمي ؟
كنت كلما جلست أمام تلك الصخرة الجريحة التي هي أمي ، حسبت نفسي حجراً صغيراً ، يكاد أن يتفتت ويذوب في دمعها والبكاء . كانت تحدثني عن يافا تلك الأميرة التي جلست غير مكترثة وظهرها صوب الشاطيء لترسل شعرها الطويل إلى البحر الذي تسابقت أمواجه بالقدوم من بعيد لتغسل آثار العصور الغابرة من عليه ، فيعود لسابق لمعانه مع كل إطلالة شمس
كانت تحدثني ، كيف جاءت عصابات البرابرة أثناء غفلة زمن عابرة وكيف إنتزعوا من يدها السوار واستبدلوه بسلاسل وقيود ، وكيف انتزعوا من على جسدها الثوب والخمار وراحوا يتلذذون بإغتصابها وأبقوها كطير تكسرت جناحه ، فراحت تستجير بالأرض وبالسماء وبالعروبة والعشيرة وكل من صارت عيناه لا ترى بأنها أسيرة ، وصارت تنظر إليهم بنظرة كسيرة وكأنها تستدر عطف قلوب تحجرت ، وأيادي ظلت قصيرة لا تقوى إلا على التوقيع على المعاهدة تلو المعاهدة لضمان أمن عصابة البرابرة ، فما عادت لدى القوم ولا ذرة غيرة
ومن يومها ودموع الأميرة يافا الغزيرة تنهال وصارت تذبل كزهر فقد عبيره ، أو كأورق أشجار فقدت خضارها بعد أن فارقت حضن أمها ولم تعد نضيرة وأضحت في جزيرة ومن حولهاجموع غفيرة وضاعت الأميرة
سأحطم الأبواب ثم أدخل إلى سجنها وأقتل عصابة البرابرة الحقيرة وأنقذ الأميرة .. هل تكفي عندها عن البكاء يا أمي ؟
أنت لازلت صغيراً يا ولدي ، لكنك ستكبر يوماً وستكون هذا الفارس المقدام الذي تخشى العدا سيفه ... الآن ، كبرت يا أمي لكن رجال عشيرتي لازالت أصغر مني عندما كنت طفلاً
احمد منصور ـ المانيا