الطائرات بمحركات كهربائية
والسقوط الأقل خسارة في الأرواح

حلم العالم الأندلسي الموسوعي عباس بن فرناس بالطيران قديما فلم يوفق، ولكنه زرع حلمه في الأجيال وظل ذلك الحلم بذرة حية في عقول الباحثين إلى أن حل عصر الطيران في القرن العشرين.
والمركبات والصواريخ التي صارت تخترق الأجواز تستعمل أنواعا كثيرة من الوقود، من الوقود الأحفوري إلى الهيدروجين والأكسيجين السائلين..
والطائرات المدنية والعسكرية التي تستعمل الوقود الأحفوري في تحريك محركاتها تخزن تلك الطاقة في أجنحتها أو في حاويات لضمان استمرار الضخ من اجل الاستهلاك الذي تتطلبه المحركات كسبا للوقت في الرحلات، وكل الرحلات محددة في الزمن بسبب كمية الوقود المحمول على الطائرات.
وفي القريب العاجل سيستغنى عن استعمال الوقود الأحفوري نهائيا وسيصبح جريمة يعاقب عليها القانون وسيمسي منع استخراجه وتسويقه قانونا، وسيضحى مستخرجه والمتاجر فيه صاحب جنحة تجر صاحبها إلى المحاكم كما سيصير عصرنا عصر سخرية من الأجيال التي ستستغني عن الوقود الأحفوري لأن رواده من العلماء والساسة قد ساهموا في تخريب المناخ وأنتجوا ما تم استعماله في التكنولوجيا من طاقة تشهد على عقلية دونية إن لم تكن إجرامية.
ستطير الطائرات دون قطرة واحدة من الطاقة الأحفورية، وستعمل محركاتها بالكهرباء، وفي هذا غياب أسباب الحريق في حوادث الطائرات، ولكن غياب تلك الحوادث يتطلب التفكير في الوقائع الجديدة التي سيخلقها استعمال الكهرباء في النقل الجوي، ومعنى ذلك أن الحرائق جراء الحوادث لن تحدث بسبب الوقود لغيابه، قد تحدث بأسباب أخرى ولكنها لن تصل إلى مستوى الكوارث بالوقود الأحفوري، وعليه وجب وضع مخططات للنجاة من حوادث سقوط الطائرات أو على الأقل التخفيف من أضرار السقوط.
أولا: السقوط في البحار أو الأنهار
أرى أن أهم ما يجب التفكير به هو محاولة السقوط في البحر أو النهر إذا أمكن، وإذا حصل ظهر إشكال الغرق والخنق في الطائرات، فالحل هو أن تبنى الطائرات بشكل يضمن السقوط المانع للانشطار، أو أن تبنى قمرة القيادة ومكان مقاعد الركاب على شكل منفاخ يمتص الصدمات ويمنع تسرب المياه وأن تركب المقاعد على شكل مانع للخروج عن موضعها، وهذه القمرة مع مقاعد الركاب مركبة تركيب الغواصات تسمح للركاب بالعيش في قاع البحر وقتا كافيا حتى حضور الإسعاف، أو تكون على شكل كابسولة هوائية.
هذا إذا لم تنشطر الطائرة وتتحطم ولكنها إن تحطمت تلقائيا فإن مكان الركاب والربان غير المفصولين معد على شكل بالون يطفو على سطح الماء، وإذا لم تنشطر وتتحطم يمكن تجهيز آلية لتحطيمها، أي فصلها عن البالون حتى يندفع نحو سطح البحر لتكون النجاة أكبر والإسعاف أسهل نظر لإمكانية رؤيتها من الجو..
ثانيا: السقوط على اليابسة
السقوط على اليابسة سقوط أكثر خطرا من السقوط على المياه ولكن تركيب جزء من الطائرات يضم الناس والربان على شكل بالونات قابلة لامتصاص الصدمات كفيل بإحداث كثير من الصدمات على اليابسة وفيه ما فيه من تحطم الطائرة إلا أن الأهم هو مكان الربان ومكان الركاب غير المفصولين فالركاب والربان عند هذه الحوادث يكونون في المكان المعد كشكل بالون بقابلية امتصاص الصدمات كما لو كان بالونا لا يستقر إلا بعد أن يفقد طاقة السقوط وطاقة الرياح وعندها يمكن إسعاف الناس بشكل أسلم مما سبق.
هذه صورة مستقبلية للقريب العاجل، صورة يجب تحقيقها والدلائل تشير إلى قرب تحقيقها لأننا نعلم أن أعداء البشرية لم يعودوا قادرين على إخفاء ما يفيد الناس صحيح أنهم قد أخفوا كثيرا من نتائج البحوث التي تفيد البشرية من أجل الإبقاء على مصالحهم ولكنهم اليوم أعجز من أن يمنعوا البشرية عن إصلاح ما أفسدوه، فالصورة جاهزة في رأيي لولا الخوف من أعداء البشرية الذين لا يقبلون التخلي عن المليارات والنفوفذ وحكم العالم بنظام غاشم هو النظام الرأسمالي العفن ولو أدى ذلك إلى اغتيال العلماء والباحثين كما هو ديدنهم..
عقلية هؤلاء هي نفس العقلية التي حجبت الخير عن الناس وأخفت بحوثا معتبرة من شأنها المساهمة في الحفاظ على مناخ الأرض خدمة للأحياء، عقلية هؤلاء هي نفس عقلية "جون بير بونت مورجان" فالمكتشف للتيار المتردد العبقري نيكولا تسلا قد توصل إلى كيفية نقل الكهرباء لا سلكيا فما كان من مموله "جون بير بونت مورجان" أكبر محتكر للنحاس في العالم آنذاك والذي يصنع منه مُوَصِّلات تنقل الكهرباء إلى أبعد الأماكن إلا أن تخلى عن مساعدته وحطّم مختبره فلم ير المشروع النور بسبب ذلك، ولكن وبعد فترة اغتيل المخترع "نيكولا تسلا" وقضى وذهب بأسراره إلى القبر، لا بل شارك في أسراره وسرقة مخترعاته مغتالوه، فقد بدأت ظاهرة استخدام الكهرباء التي تعمل بالطريقة اللاسلكية تغزو عالم التكنولوجيا، وقد تنبأ خبراء أن الهواتف والكمبيوترات المحمولة ستتوقف عن استخدام الأسلاك للحصول على الكهرباء خلال سنة فقط، وأكدوا أن هذا الأمر سيصبح عمليا خلال خمس سنوات.
تخلى "جون بير بونت مورجان" عن نيكولا تسلا لأن مصلحته في بيع النحاس الذي تصنع منه موصلات للكهرباء ستضرب إذا وزع التيار الكهربائي لاسلكيا، هذه العقلية هي عينها عقيلة أصحاب الحضارة الرأسمالية العفنة وهم حريصون على كل جديد لمنعه إذا كان يسبب ضررا بمصالحهم، انظر مثلا إلى المجرم "ترامب" ألم يتخل عن اتفاقيات المناخ في ولايته هذه مما يدل على أن "جون مورغان لا يزال يعيش معنا؟ والاغتيالات للعلماء والعباقرة كثيرة نعرفها، ولكن منع ضياء الشمس بالغربال مستحيل في حقهم وحق غيرهم وقد خرج الأمر عن سيطرتهم فباتوا يشدون على المطاط للزيادة في تمديده زيادة في عمر استغلالهم ولكن للعمر أجل وللمطاط حد لن يتمدد بعده أبدا.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
محمد محمد البقاش أديب وباحث مستقبلي مغربي
طنجة في: 05 أكتوبر 2017م