وَجَمَ اللِسَانُ وَأَجْهَشَ القَلْبُ النَدِي
وَخَــجِلْتُ مِــنْ عَيْنِي وَأُسْقِطَ فِي يَدِي
الــجُــرْمُ أَعْــظَمُ مِــنْ قَــصَائِدِ شَــاعِرٍ
وَالــهَــمُّ أَجْــثَــمُ مِــنْ أَسَــى الــمُتَوَجِّدِ
وَالــحُــزْنُ أَلْــجَــمَ مَــنْــطِقِي مِــمَّا أَرَى
فَــبِــأَيِّ حَــرْفٍ بَــعْدَ ذَلِــكَ أَبْــتَدِي
يَــا حُــرْقَةَ الْوِجْدَانِ مِنْ هَرْفِ النُّهَى
تَــزْهُــو بِــمَــا اكْــتَسَبَتْ وَلَــمَّا تَــرْشُدِ
قَــدْ هَــزَّنِي الــخَطْبُ الــجَلِيلُ وَعَادَنِي
غَــــضَــبٌ بِــرَجْــعِ لَــهِــيبِهِ الــمُــتَجَدِّدِ
فَــكَأَنَّ صَــدْرِي مِــنْ حَــرَارَةِ مَــا بِهِ
أَمْــسَــى يُــقَــلَّبُ فَــوْقَ جَــمْرَةِ مَــوْقِدِ
مِــنْ كُــلِّ مَــنْ أَهْــدَى الوَفَاءَ لِخَائِنٍ
أَوْ كُــلِّ مَــنْ أَبْــدَى الْــوَلَاءَ لِــقُنْفُدِ
أَوْ كُــلِّ مَــنْ عَــفَرَ الْأُخُوَّةَ بِالْأَذَى
إِنْ لَــمْ يَــكُنْ كَفَرَ الْهُدَى فَكَأَنْ قَدِ
أَوْ سَــــادِرٍ لَــــمَّــا تَــفَــتَّــقَ ذِهْــــنُــهُ
ظَـــنَّ الــنَّــجَاةَ مَـــعَ الْــغَرِيرِ الْــمُلْحِدِ
حَــردَ الــزَّمَانُ فَــلَمْ تَــزَلْ زُمَرُ الْهَوَى
تَــعْــتَدُّ فِـــي زُمَـــرِ الــهُدَاةِ وَتَــعْتَدِي
وَتَــهَــافَــتُوا حَــــتَّــى تَــــجَــرَّأَ فَــــاجِــرٌ
وَأَتَـــى بِــكُــلِّ جَــرِيــرَةٍ لَـــمْ تُــعْــهَدِ
هِــيَ أَزْمَــةُ الْأَخْــلَاقِ فِــي أُمَمٍ تَرَى
أَنَّ الْــبَــسَــالَــةَ شِــيــمَــةُ الْــمُــسْــتَعْبَدِ
تَــــهَــبُ الْــمَــكَانَةَ لِــلَّــئِيمِ وَتَـــزْدَرِي
حــلْــمَ الْـكَــرِيمِ وَتَــحْــتَفِيَ بِــالْـمُفْسِدِ
تَــرَكُــوا الــزِّمَــامَ لِــمُــفْرِطٍ وَمُــفَــرِّطٍ
لِــيَجُورَ فِــي سَــفَهٍ عَــلَى مَــنْ يَهْتَدِي
لَـــوْ كَـــانَ فِــيــهِمْ أَرْطَــبُــونُ زَمَــانِهِ
إِلَّا تَــمَــنَّــى قَــــبْــلُ أَنْ لَــــمْ يُــولَــدِ
مَــاذَا تُــؤَمِّلُ فِي الصُّقُورِ إِذَا ارْتَضَتْ
حُــكْمَ الْــهَوَانِ مِــنَ الْغُرَابِ الْأَسْوَدِ
وَإِلَامَ تَــبْــتَعِثُ الْــسُّرَاةَ إِلَــى الــنَّدَى
إِنْ كَانَ أَنْدَى مَنْ سَرَى مَنْ يَجْتَدِي
يَـــا أُمَّـــةَ الــمِــلْيَارِ وَالــنِّــصْفِ الــتِي
نَــامَتْ عَــلَى ضَــعَةٍ وَهَامَتْ فِي الدَّدِ
غَــفــلَتْ زَمَــانًــا فَــاِسْتَبَاحَ حِــيَاضَهَا
عَــبْــدُ الأَنَــا فِــي الــدَّهْرِ غَــيْرَ مُــؤَيَّدِ
دَاسُــوا عَلَى اَلدِّينِ الْحَنِيفِ وَقَدْ دَرَوْا
أَنْ لَــمْ يَــعُدْ فِــي الْــقَوْمِ غَيْرَةُ هُدْهُدِ
كَــيْفَ ارْتَــضَيْتُمْ أَنْ تُدَنْسَ أَرْضُكُمْ
وَيَــجُــورُ فِــيــكُمْ كُــلُّ أَرْعَــنَ أَرْعَــدِ
وَتَــرَكْــتُمُ نَــسْــلَ الــزُّنَــاةِ تَــسُــوْمُكُمْ
فَــتَرُوحُ فِي عِرْضِ الحِصَانِ وَتَغْتَدِي
وَالــفَارِسُ الــمَأْمُوْلُ مَــا وَرَدَ الــوَغَى
يَــرْجُــو الــفِــداءَ وَلا سَـــرَى بِــمُهَنَّدِ
أَيُــدَاسُ بَــيْتُ اللهِ؟ يَــا وَيْــحَ الــذِي
لَـمْ يَـضْطَرِبْ مِنْ هَوْلِ هَذَا الـمَشْهَدِ
أَيْـــنَ اتِّــبَــاعُ الْــحَــقِّ أَيْـــنَ مَــكَــانُهُ
وَمَــقَــامُهُ فِـــي قَــلْبِ كُــلِّ مُــوَحِّدِ؟
أَيْـــنَ اِنْــتِــقَامُ الْــحُرِّ أَيْــنَ سِــلاحُكُمْ
أَيْــــنَ الْــتِــزَامُ أَخِ الــتُّــقَى الــمُــتَهَجِّدِ
أَيْــنَ الْــحَمِيَّةُ فِــي نُــفُوسِ مَــنْ ادَّعَــوْا
أَيْـــنَ الْــكَــرَامَةُ سَــيِّــدًا عَـــنْ سَــيِّدِ
وَإِلَـــى مَــتَى يَــحْدُو الــتَّشَرْذُمُ رَكْــبَنَا
مِــثْــلَ الــقَــوَافِلِ فِــي مَــجَاهِلِ فَــدْفَدِ
وَإِلَـــى مَــتَــى يَــضَعُ الــنِّفَاقُ خِــلالَنَا
مَــنْ قَــامَ فَــيْمَا رَامَ قِــيْلَ لَــهُ اقْــعُدِ
وَإِلَـــى مَــتَــى الــدُّنْــيَا تُــزَيِّنُ قُــبْحَهَا
مَـــا بَــيْــنَ بَــارِقِ عَــسْجَدٍ وَزَبَــرْجَدِ
قَدْ خَاصَمَتْنِي الرُّوحُ وَاشْتَكَتِ الرُّؤَى
مِـــنْ فِــتْــنَةٍ تَــعْــرَى وَضَــيْمٍ يَــرْتَدِي
وَأَنَــا إِلَــى الْــجُودِيِّ أَدْعُــو مَــنْ أَبَى
لِــنُــقِــيْمَ دِيْــــنَ اللهِ فَـــوْقَ الــفَــرْقَدِ
أَدْعُـــو إِلَــى الْإِنْــسَانِ مَــوْثِقَ رَحْــمَةٍ
وَأُعِــــدَّ لِــلْأَوْطَــانِ بَــيْــرَقَ سُـــؤْدُدِ
حَــتَّى إِذَا سَخِرُوا اسْتَوَيْتُ عَلَى الْمَدَى
أَقْــتَادُ فُــلْكَ الــصَّبْرِ فِي الزَّمَنِ الرَّدِي
مِــنْ زَيْــتِ مَــأْسَاتِي اشْتَعَلْتُ قَضِيَّةً
وَهَــبَبْتُ أُسْــرِجُ فِــيكَ قِــنْدِيلَ الْــغَدِ
رُوحِــي عَــلَى كَــفِّي وَخَــيْلِي فِي دَمِي
وَإِلَــيْــكَ أُشْــهِــرُ مُــصْحَفِي وَمُــهَنَّدِي
أَرْنُـــو إِلَـــى الــسُّورِ الْــعَتِيقِ وَأَقْــتَفِي
أَثَـــرَ الْــبُــرَاقِ إِلَـــى الْــقِبَابِ الْــخُرَّدِ
وَأَدُقُّ أَبْــــوَابَ الــسَّــمَــاءِ بِــدَعْــوَةٍ
عُــمَــرِيَّةُ الــعَــزمَات عُــلْــيَا الْــمَــقْصِدِ
وَأَضُــمُّ فِــي الطُّرُقَاتِ مِنْ عَبَقِ الْأُلَى
تَــــارِيــخَ عِــــزٍّ رَاسِـــخٍ لَـــمْ يَــنْــفَدِ
وَأَقُــصُّ مِــنْ عَــيْنَيْكَ أَلْــفَ حِــكَايَةٍ
لِــلــصَّامِدِينَ عَـــنِ الــتُّــرَاثِ الأَمْــجَدِ
إِنَّـــا الْــجِــبَالُ الــرَّاسِــيَاتُ صُــخُورُهَا
فِــي الْأَرْضِ أَصْــلَدُ مِــنْ رِمَالِ تَهَوِّدِ
إِنَّــا حُــمَاةُ الْــقُدْسِ زَيْــتُونُ الْــفِدَى
مَــهْــمَــا يَـــزِدْ فِــيــنَا الــتَّــجَبُّرُ نَـــزْدَدِ
يَـــا ثَــانِــيَ الْــحَــرَمَيْنِ ثَــمَّــةَ ثَــالِــثٌ
فِــي الْأَسْــرِ حَــنَّ أَسًى لِأَوَّلِ مَسْجِدِ
اَلْــقُــدْسُ بُــوصَلَةُ الــصِّرَاعِ وَطُــهْرُهَا
أَغْــلَــى الْــقِــلَاعِ وَلَــنْ تَــكُونَ لِــمُعْتَدِ
وَالْــقُدْسُ عَــهْدُ الــلَّهِ كَــيْفَ يَــخُونُهُ
بِــالْــغَدْرِ وَالْــخِــذْلَانِ كُـــلُّ مُــعَــبَّدِ
وَإِلَامَ تَــقْــتَــرِفُ الْــقَــبِيلَةُ هَــضْــمَهَا
لِــلْــقِبْلَةِ الْأُولَـــى وَمَــسْــرَى أَحْــمَــدِ
مَـــنْ لَـــمْ يَــدُنْ لِــلدِّينِ دَانَ لِــدَوْلَةٍ
وَمَــنِ ابْــتَغَى الــطَّاغُوتَ رَبًّــا يُــصْهَدِ
إِنَّ الــجِــهَادَ سَــبِــيلُ كُـــلِّ كَــرَامَــةٍ
فِــيْــهِ الــنَّــجْاةُ مِـــنَ الــهَوَانِ الأَنْــكَدِ
وَبِــهِ اِكْــتَسَى الإِسْــلامُ أَفْــخَرَ حــلَّةٍ
وَبِــــهِ أَعَــــزَّ الــــلّــهُ دِيـــنَ مُــحَــمَّدِ
يَــــا قَـــوْمِ لَا تَــهِــنُوا وَأَنْــتُــمْ أُمَّـــةٌ
فِــيــهَا الــوَفَــاءُ دَلِــيْــل طِــيْبِ الــمَحْتِدِ
إِنِّـــي أَرَى الْأَيَّـــامَ تُــسْــفِرُ وَجْــهَهَا
شَــمْــطَاءَ تَــحْرُقُ كُــلَّ أَخْــضَرَ أَمْــلَدِ
وَأَرَى الْــمَشَاعِرَ فِــي الْقُلُوبِ تَبَلَّدَتْ
يَــــا لَــيْــتَهَا يَـــا قَـــوْمِ لَـــمْ تَــتَــبَلَّدِ
سَــيُــذِيقُنَا الْــمَوْتُ الــزُّؤَامُ كُــؤُوسَهُ
إِنْ غَـــرَّتِ الــدُّنْــيَا وَلَـــمْ نَــتَــوَحَّدِ
وَتَــظَــلُّ تَــنْــهَشُنَا الــذِّئَــابُ فَــرِيــسَةً
إِنْ لَـــمْ نَــسُــدْ خُــلُــقًا وَلَــمْ نَــتَأَسَّدِ
هَــيَّــا نَــعُــدْ لِــلــذَّاتِ أَكْـــرَمَ أُمَّـــةٍ
وَنَــسِيرُ دَرْبَ الــمَجْدِ وَالــيَدُ فِــي الــيَدِ
لا رَمْــزَ لا ثَــورَاتِ لا رَبًّــا سِــوَى
رَبِّ الخِلائِقِ ذِي الجَلالِ السَّرْمَدِي
دُسْــتُــوْرُنَا الــقُــرْآنُ مَــنْهَجُنَا الــهُدَى
وَبِــغَــيْــرِ شَـــرْعِ مُــحَــمَّدٍ لا نَــقْــتَدِي
هَــيَّــا نُـــدَاوِ الْــجُــرْحَ قَــبْــلَ تَــعَفُّنٍ
وَنَــلُــمَّ شَــمْــلَ الْــحُــبِّ بَــعْــدَ تَــشَرُّدِ
فَإِذَا ابْــتَــلاكَ الْــهَــمُّ فَــارْتَــقِ هِــمَّــةً
ثُـــمَّ اسْــتَــعِنْ بِــالــلَّهِ رَبِّــكَ وَاسْــجُدِ