الفيسُ" سوقٌ وذي الأسواق مُذْ خُلِقتْ
............................يَؤمُّها الناسُ أشكالا وألوانا
لا تحفَلنَّ بمن جادتْ قريحَتُه
...........................ويملأ الحرْفَ تبيانا وألحانا
بل تحتَفي بمَزادٍ أو مُراهنةٍ
.........................أو تشتري بهراء القوْل دكّانا
بانتْ عُكاظُ وَهذا البيْنُ يوجِعُنا
....................وَمرْبَدُ الشعر أمسى بعضَ قتلانا
في السوق داهِيَةٌ والشعرُ ينكرُها
.........................والنَّحْوُ يبكي بلَطْم الخدِّ يَلقانا
تحتلُّ رُكناً ومن في السوق متكئٌ
......................يُناورُ الطرفَ مأخوذا ونشوانا
فكيْفَ بالله يُصغي مَنْ بِه وَلَهٌ
.....................و"اللاَّيكُ" في يده يرْميه هيْمانا
قد يمنَحُ "اللايكَ" حين الشعرُ يصفعُهُ
..............بل يمنَحُ "اللايكَ "جُلّ الوقت إحْسانا
هل غادَرَ الشُّعَرا فالشعرُ في ضَنَكٍ
....................أم أنّ أزْمَتَه في السوقِ تغشانا؟
****
ما زلتُ أؤمنُ أنَّ الشِّعرَ واحتنا
.................فيها البلابلُ تثري النَّخْلَ وجدانا
وتنعشُ الرّوحَ رغمَ الصمتِ نغمتُها
..............وتمنحُ النفسَ في الصحراء بُستانا
كالماءِ يَجري رَقيقاً في تدفُّقِه
..............لتملأ الواحَ رغمَ الجدْبِ غُدْرانا
ما دامتِ الرّيحُ تسفو الرَّملَ نفخَتُها
.................وتشحن الجَوَّ أحداثا وأضغانا
سينبتُ الوَرْدُ كَيْ تبقى بلابلُهُ
.................ويرحَلَ الرَّملُ أرتالاً وكثبانا
والعشبُ يقضمُ بعضاً من تَصَحُّرِنا
.............وترتدي الأرضُ أفنانا وأغصانا
بالدوْحِ تعمُرُ فالأفياءُ وارِفَةٌ
.................والطُّهْرُ ينبعُ ثرَّاً من خَلايانا
ما زلتُ أؤمن أنَّ اللهَ خالقنا
..............وَخالِقُ الخَلْق لا يسهو فيَنْسانا