بغداد
أقسمُ أني لن أرثيكِ لأنكِ ما سقطتِ وسقطَ العربُ جميعاً وقبلهم سقطَ المسلمونَ وسقطَ قبلهمْ جزءٌ من سَقَط ِ رحمكِ و ووتدِ خيمتكِ .
سقطَ شاعرُهم وسقط قاضيهم وسقط قائدُ جندهم ، سقطتْ أمعاء ٌوسقطت أرحامٌ وسقطت أقدامٌ وأفخاذ، وسقطت شيوخٌ وكتاتيبُ وأغان ٍ وموشحاتٌ وبقيت اللغةُ وبقيت شرانقُ جسر ٍ وبقيت إرادة لا يمكن لها السقوطَ وفق أيِّ قانونٍ كيميائيٍ أو فيزيائيٍّ .
مظفرُّكِ أدخلَ كل َّ زناةِ الليلِ إلى خدرِ صبيَّتي الجميلةِ وقدسي َ الحسناءَ باكياً مولولاً ساخطاً حزيناً غاضباً ، فما فقدت بكارتَها ولا نزفت عذريتَها وبقيت رغمَ أنفهم جميعاً كما هي بروحِها المقاتلةِ ورقمها الصعبِ وفنيقها الماردِ ولا تزال .
انتحر َ بين نهريك ِ كلُّ من آثرَ أن لا يكونَ عربياً صميماً ولا مسلماً حنيفياً ولا كائناً بشرياً ولا مشروعَ عدالةٍ ولا مجموعَ قيمٍ وأخلاقٍ ولا شيئاً مما يبررُ له بعد ذلك الحياةَ ويبقيهِ فقط على حياة .
ومن بوابة ثأرِ القبائلِ التي بثأرها الباردِ الجافِ قطعتْ وتينَ ما ادّعت من إسلامَ وعروبةٍ وآثرت ثأرها من يدِ أبرهةَ على البيتِ وربّهِ وسكانهِ ومن كوَّة ِحساباتِ الغنائمِ والمغارمِ المتسخة ِوعجز ِالقرابيِن، وصَلَكِ زناةُ الليلِ هؤلاء لأنهم ما أفلحوا أن ينتزعوا بكارةَ صديقتكِ الكنعانيةِ فظنوا أن الطريقَ لذلك من خلالِ بكارتكِ السومريةِ وربما تاليا صديقاتكِ الأخرياتِ من الفنيقيات إلى الفرعونياتِ إلى من جاورهنَّ ومن بعدَ عنهنَّ وقرُبْ .
لقد ضربَ الطبلَ ورقص َعلى أنغامِ دخولهمُ إلى خدركِ العفيفِ أبناؤكِ الصامتينَ ونفرٌ من أبنائك ِالمقيميَن والمغادرينَ والمنفييَن وكلُّ من شاركَ في حفلةِ هذا المجونِ ظاهراً أو مختفياً ، وكلٌ على طريقتهِ مقدِّماً ما ادعاهُ وكأنهُ الحقيقةُ الوحيدةُ، أما الحقيقةُ الوحيدةُ فهي أنهم جميعا غيُر بريئينْ .
من كانَ أصحابكِ يا بغداد ؟
أحمقٌ نزِقٌ وجاهلٌ خائبٌ وقصيرُ النظر ِكثيُر العَثَر ومحاولٌ غيرُ مجتهدٍ ومصيب ٌ في الإجتهادِ أكثر الأخطاءَ وبعضَ الخطايا ومنهكُ الإرادةِ مسروقُ الفكرِ والصبر ِوأولادٌ أوفياءُ مسلوبي الخطى وأولادٌ غيُر أوفياءَ بيدهم فتاتُ غيرهم مقدمةً على حساب ِ قمحكِ وطهارتك ِ ودمُك ِموزعٌ على كلِّ القبائل ِوكلِّ الغيومِ وبعضِ نخلاتك.
حسناًيا بغداد
إن كنتِ تريدينَ الجوابَ ، فالجوابُ لن نموتَ ولن نغادرْ وإن كنتِ تريدينَ النصيحةَ فالنصيحةُ شيءٌ من أناةٍ وشيءٌ من إباءْ وإن كنتِ تريدينَ ما تروينَ لصديقاتكِ فقولي لهنَّ حذار ِ وإن كنتِ تلحينَ في طلبِ لماذا ؟ فعليكِ أولاً بلن ْ وإن كنتِ تريدينَ الوصيةَ فإياكِ والنواح الطويل وخيانة الحليلِ وما تبقى سوفَ يبقى تكملة.
ولمنْ ظن َّ في الدخولِ إلى خدركِ وخدورِ غيركِ ممن انطبقَ عليهنَّ ما انطبقَ عليكِ ولو تأخرَ الدخولُ أن بكارةَ صبيتي بعدَكُنَّ ممكنةٌ صبيحةَ اليومِ أتاهُ الجوابُ فلا يفرحنَّ كثيرا ًولا يرفعَ الأنخاب ، لأن زيتونَ صبيتي علَّمنا أننا إلى الأبدِ واقفونَ أمامها حتى تأمرَ بالجلوسِ وخلفَها حتى تأذنَ بالقيامِ ومهما كرهنا من أمر ِمن هو إلى جوارنا واقفٌ من أبنائها على طريقته فإنا لن نلقيَ عليه حجر ليسرَّ الزناةُ النظر ، ولن نرقصَ لدخولهم ولا لخروجهم ، ونجوعُ لكن لن نأكلَ بالأثداءِ مهما طال الزمنُ.
نقاتلُ في الكيلو الواحد عشرة أيام وفي العاصمِة عشرةَ شهور وفي الخارطةِ إلى ما شاء الله ونبقى لكِ ولأخواتكِ أحبةً مستعدين أن نذودَ عنكنَّ كما نذودُ عنها ، أوفياء لكنَّ وليس لمن مرَّ بكن ّ ، فإن سلمتَّن وسلمت بكارتكنَّ كانت تلك هديتُنا وجائزتُنا الأثيرة ، وإن حميتنَّ ظهورنا الواقفة شكرنا وإن كشفتَّن صبرنا ، ولكنا نبقى كما نحنُ عهدنا أن لا نموتَ ولا نغادرْ.
برغم ذلك صباحُ الخيرِ يا بغداد
يذهبُ من دخل ويبقى لكِ الصباح ْ......
أيمن اللبدي
10/4/2003