إِلَى حُورِيَّةِ الشَّمْسِ
إِلَى نَفْسِي
إِلَى تَاجٍ عَلَى رَأْسِي
إِلَى فِرْدَوسِيَ الغَافِي عَلَى ظَمَئِي
وَسُقْيَا كَوْثَرِي الْمُنْسَابِ فِي لِينِي
إِلَى ذِكْرَى اِبْتِسَامَتِهَا وَدَمْعَتِهَا وَشَايِ الْعَصْرِ مِنْ كَانُونِ تِشْرِينِ
تُحَدِّثُنِي عَنِ الْقُدْسِ
وَعَنْ أَمْسِي
وَعَنْ بَطَلٍ أَتَى بِالسَّيْفِ وَالْقَوْسِ
أُحَلِّقُ فِي مَعَارِجِهَا فَتُدْنِينِي
وَتُطْعِمُنِي رَغِيفَ حَنَانِهَا الْمَخْبُوزَ فِي تَنُّورِهَا الطِّينِي
وَتَسْقِينِي حَلِيبَ الْعِزِّ مِنْ ثَدْيٍ فِلَسْطِينِي

مَدَاكِ مَدَحْ
وَثَغْرُكِ مِنْ شَذَاكِ نَضَحْ
وَوَجْهُكِ رَغْمَ قَهْرِ الْحُزْنِ نَهْرُ فَرَحْ
وَوَمْضُ الدَّمْعَةِ الْعَذْرَاء يَا أُمَّاهُ قَوْسُ قُزَحْ
فَأَنْتِ الرَّوْحُ تَسْرِي فِي شَرَايِينِي
وَأَنْتِ الطُّهْرُ يَا أُمِّي
دُعَاءُ الْفَجْرِ، نُورُ الصَّدْرِ، إِبْرِيقُ الْوَضُوءِ، بَرَاءةُ الْقِسْمَاتِ، دِفْءُ الْحِضْنِ
آيَاتٌ تُنَاجِينِي
خَدِيجَةَ كُنْتِ فِي بَعْلٍ
وَآمِنَةً إِلَى طِفْلٍ
وَمَرْيَمَ فِي نِسَاءِ الْأرْضِ
أَنْقَى مِنْ صَقِيلِ الدُّرِّ
أَرْقَى مِنْ نَبِيلِ الشِّعْرِ
أَتْقَى مِنْ دُعَاةِ الزُّهْدِ وَالدِّينِ

لِأَجْلِكِ أَنْتِ يَا أُمِّي
لِعَرْشِ جَلَاَلِكِ الْأُمِّي
لِتِلْكَ الدَّمْعَةِ الشَّمَّاءِ فِي عَيْنَيْكِ تَفْخَرُ بِي
جَعَلْتُكِ قِبْلَةَ الْعُمُرِ
أُنَـمِّي غُصْنَكِ الْعُمَرِيْ
لِيَعْلُوَ فِي سَمَاءِ الْمَجْدِ يَحْمِلُ سُنْبُلَاتِ الْحُبِّ
يُخْبِرُ عَنْ حَصَانٍ أَنْجَبَتْ بِالصَّبْرِ حُرًّا غَيْرَ مَفْتُونِ
فَقَلْبُ الطِّفْلِ يُوهِينِي عَلَى أَثَرِ
وَطِفْلُ الْقَلْبِ يُؤْوِينِي عَلَى حَذَرِ
وَفِي الْقَلْبَيْنِ أَدْفِنُ لِـمَّتِي الْبَيْضَاءَ
أَرْقُبُ شُرْفَةَ الذِّكْرَى لِوَجْهٍ أَنْ يَعُودَ لَنَا سَنَا طَيْفٍ
يَقُولُ: بـَخٍ...
فَيُحْيِينِي

كَبِرْتُ وَشِخْتُ يَا أُمِّي
وَمَا زَالَتْ حُرُوفُ الطِّفْلِ تَكْتُبُنِي
وَمَعْنَى الْيُتْمِ يبْكِينِي
وَمَا زَالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ فِي أَثَرِي
بِآمَالٍ تُوَدِّعُنِي وَآلَامٍ تُوَاعِدُنِي
وَبَوْصَلَتِي لِدَرْبِ رِضَاِكِ يَا قَمَرِي تُنَادِينِي
أُفَتِّشُ صُرَّةَ الْكَلِمَاتِ عَنْ مَعْنَى يَذُوبُ عَلَى شِفَاهِ الْبِرِّ أَدْعِيَةً
وَأُفْرِزُ مِنْ رَحِيقِ الصَّمْتِ شَهْدَ قَصِيدَةٍ ثَكْلَى
تَلُـمُّ الْقَلْبَ عَنْ شَفَتِي
تَؤُمُّ الْحُبَّ فِي رِئَتِي
تُوَاسِي طِفْلَكِ الْمَسْطُورَ فِي سِفْرِ الْحَنِينِ إِلَيْكِ
مَا عَثَرَتْ بِهِ لُغَتِي
وَلَا عَمَهَتْ عَنَاوِينِي

مناسبة القصيدة:
هي قصيدة قديمة أنشرها لأول مرة كتبتها يوم رأيت فيديو يظهر أمي وقد التقطتها العدسات في شرفة منزلي تتهادى بضعف متوكئة بين ابنتين تنظر لي بدمعة فخر وابتسامة رضا وأنا ألقي كلمة وقصيدة في حفل كبير في الحي. وما زالت منذ ذلك الحين العين تهمي سخينة كلما تذكرت هذا وكلما رأيت شيئا يذكرني بهذا. يرحمك الله يا أمي ... واعذروا طفولة قلب ولثغة حرف يناجي بالشوق أمه.