كم ضيقة مساحة الكلمات لو تكلمنا عن عطاءٍ بلا حدود , عن رجالٍ دوماً في حياتنا وأعيننا عظماء, لا توفيهم حقهم الكلمات لو كتبنا لهم طوال العام, هؤلاء الرجال هم أباؤنا, إنني أحنى قلمي من رصيف الغربة إجلالاً وإحتراماً لأبي, وأهدي كلماتي هذه الى والدي الطيب, راجياً من الله أن أكون أباً مثله.
ردوا على أبي السلام
*****************
أبي..
خطابي إليك أكتبه
إن قرأتم خطابي لأبي
أو رأيتم وجه أبي
أو سمعتم مني عن أبي
ردوا عليه أحلى السلام .
عام وراء عام.
ما زال أبي يحمل
للبيت الطعام.
لا أبي يتغير
ولا تغيره الأيام.
ما زالت تأكل من يده
العصافيروالحمام .
ما زال بيته واحة
فكرٍ وسلام.
أبي قد تعب منه التعب
والتعبُ منه لا ينام.
ما أصعب الكلمات
لو كتبتها في أبي
أو سردتها عن أبي
شتان بين الفعل والكلام.
شتان بين الكتابة على الورق
والنقش على الرخام.
ما زال أبي ينتظر عودتنا كل يوم
كما يعود الأولاد للمنازل.
ما زال صوته كلما صلى
أو قرأ القرآن يتردد بالبيت
فينساب عذباً كماء الجداول.
*****
إن سألتموني عن أبي
اجبكم ذلك الراسخ
في الوطن كشجرةٍ طيبة الثمار.
ذلك كلما إستيقظ في الصباح
تستيقظ على صوته شمس النهار.
ذاك الطيب السمعة من الأحباب
الأقارب,الأصدقاء, من الجار.
ذاك اذا ما عاد للبيت آخر المساء
تبسمت لعودته الدار.
****
ما زال قلب أبي ديواناً
يسع كل الناس.
ما زال قلبه يفيض
رقةً وإحساس.
ما زالت دعوات امه الطيبة
سحابة تظلله
اينما حل, أينما حط ,
أينما داس .
هل سمعتم عن مدرسة
من الإخلاص؟
عن مدرسة
من الإحساس؟
ذلك هو أبي
إن رأيتم أبي
ردوا السلام على أبي
أبي ما زال أغلى الناس.
*****
أبي..
يا يداً امتدت لي
من السماء
يا رمز المحبة
والفداء والعطاء.
يا معلمي ومدرسي
في مدارس الرجولة .
يا علماً للنخوة
والشهامة والبطولة.
هذه كلماتي خجلى
أتركها بين يدك
في أحضانك
وأشد بها
على يدك الطاهرة
وأمسح بها
همك أحزانك.
أود لو أبقيتني منديلاً
يمسح عرقاً سال من جبينك.
أو أشعلتني قنديلاً
يضيء عمري في سنينك.
أو تبقني عكازا في يدك
تتكيء عليه في يمينك.
ماذا أفعل هنا أبي؟
وما قيمة الحياة دون حياتك؟
وما طعم الحياة بعد مماتك؟
هأنا أكتب بعمق الشعور
وأعبق سيرتك بعطر الزهور
وأعود مرةً أخرى أقبل يدك
وأغسلها بدمعٍ كموج البحور.
حنانيك..حنانيك
من صغيرك الذي
لا يملك لك غير الدعاء
من صغيرك الذي
لا يملك لك غير السلام
من صغيرك الذي
لا يملك لك غير القلب
في اليد ورقة الكلام.
سلامً عليك أبي
سلامٌ على سالف الأيام
سلامٌ على الذكرى
سلامٌ على البيت
سلامٌ على الحب
سلامٌ على الأحلام.
إن رأيتم أبي
ردوا على أبي السلام.
أبي ما زال لي خير الأنام
*************
الأربعاء 9-4-2003
الساعة الواحدة بعد منتصف الليل