انضمام المسلم لجيش كافر
من الأسئلة التى طرحت كما يزعم فى العصر الحديث فقط :
هل يجوز لمسلم أن ينضم لجيش دولة كافرة ؟
وهو سؤال قديم وحدث فى عصور سابقة ومن الحوادث التاريخية التى تحكى فى كتب التاريخ ما حدث فى دول الأندلس ودول المغرب الأقصى فقد كان قادة عسكريين وجنود يحملون أسماء مسلمة يحاربون فى صفوف النصارى ضد بلاد سكانها مسلمون وقادة وجنود نصارى يحاربون فى صفوف بلاد سكانها مسلمون ضد دول النصارى وهذا الوضع هو ما يسمونه حاليا :
حرب المرتزقة
وسوف نتناول المسألة :
أولا:
يجب أن نفرق بين أمرين:
الأول الانضمام برضا أى بإرادة حرة
الثانى الانضمام إجباريا عبر ما يسمى التجنيد الإجبارى
ثانيا :
يجب أن نفرق بين عدة أوضاع :
الأول كون المسلم موجود كفرد وحيد وسط مجتمع أو مجتمعات كافرة ولا يوجد دولة مسلمة ولا مسلمين
الثانى كون المسلم يعيش فى دولة كافرة وللمسلمين دولتهم
الثالث كون المسلم فى دولة كافرة ووجود المسلمين بلا دولة فى بلاد متعددة
وسوف نتناول كل جزئية على حدة :
ألأول الانضمام لجيش دولة كافرة برضا :
يجوز فى حالة واحدة وهى :
عدم وجود دولة للمسلمين ولا مسلمين فى الدولة الكافرة المقيم بها أو الدول الأخرى الكافرة ولكن هذا المنضم يجب أن يحارب حسب قواعد الإسلام فلا يجوز أن يشترك فى حرب اعتداء أى بدء بالعدوان والجائز له الاشتراك فى حروب رد العدوان وهى حروب عادلة
ولا توجد أمثلة لهذه الحالة والموجود فى كتب التاريخ انضمام النبى(ص) قبل الإسلام لما يسمى حلف الفضول بعد انتهاء حرب الفجار وهو حلف قائم على حرب من يظلم أخر
والمثال الموجود على عمل المسلم فى دولة كافرة هو عمل يوسف(ص) كوزير أى عزيز مصر القائم على اقتصادها لإنقاذ الناس من المجاعة فشرط عمل المسلم فى دولة كافرة هو أن يكون عمله نافع للناس .
الثانى الانضمام إجباريا عبر ما يسمى التجنيد الإجبارى وهو نظام قائم على إدخال الشباب الجيش فى سن معينة لقضاء مدة معينة فى خدمة الجيش وهذه الحالة تعتبر من ضمن الإكراه المذكور فى قوله تعالى :
"وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان"
وعلى المسلم المجبر على التجنيد بجيش كافر التهرب من الحروب الاعتدائية بكل الصور الممكنة أمامه فلو كان فى حرب ضد المسلمين عليه أن يستسلم كأسير كما فعل بعض المسلمين فى غزوة بدر وفى هذا قال تعالى :
"يا أيها النبى قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم"
وإذا كان فى حرب اعتدائية ضد كفار أو مسلمين فعليه أن يصوب سلاحه بعيدا عن الناس أو يتمارض أو يفعل شىء أخر يجعله غير معتدى

أوضاع المحارب :
الأول كون المسلم موجود كفرد وحيد وسط مجتمع أو مجتمعات كافرة ولا يوجد دولة مسلمة ولا مسلمين وقد تناولناها فى جزئية القتال برضا والحكم هو :
أن يقاتل القتال العادل فقط وهو رد العدوان عن البلد التى يحيا فيها
الثانى:
كون المسلم يعيش فى دولة كافرة وللمسلمين دولتهم وفى تلك الحالة لا يجوز له الانضمام لجيش العدو إلا مكرها والمراد إذا خاف أن يعذبه الكفار او يقتلوه كما قال تعالى :
"وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا"
فإذا خرج فى جيش العدو كان حريصا على ألا يضر المسلمين بأى شكل من الأشكال بالتصويب الخاطىء أو الوقوع فى أسر المسلمين أو بالهرب من ميدان القتال أو فعل أخر
وكما سبق ان قلنا كانت الحالة التى نعرفها هى بعض أسرى بدر الذين استسلموا للمسلمين وقالوا أنهم مسلمون
الثالث:
كون المسلم فى دولة كافرة ووجود المسلمين بلا دولة فى بلاد متعددة وفى تلك الحالة ينبغى أن يحرص المسلم على القتال العادل وهو رد العدوان فقط ولا يؤذى مسلما أو كافرا غير محارب وهو فى تلك الحال يكون مكرها على القتال
إذا لا يمكن للمسلم أن ينضم لجيش كافر برضاه إلا فى حالة لا تحدث وهو كونه المسلم الوحيد فى العالم وأما بقية الحالات فكلها حالات اكراه
وأما حرب المرتزقة فإن فعلها مسلم فقد كفر لأن الحرب كما قال تعالى "فى سبيل الله "
وقال:
"فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله"
وحروب المرتزقة هى فى سبيل المال أولا وقد تكون فى سبيل شىء أخر كاغتصاب النساء ثانيا ومن ثم فهى حروب شيطانية يعصى فيها الله تعالى
بقيت مسألة وهى :
هل يجوز لدولة المسلمين مناصرة فريق من الكفار ضد فريق أخر ؟
هذه المسألة وردت فى قصة ذى القرنين(ص) فى قوله تعالى :
"ثم أتبع سببا حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما آتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتونى أفرغ عليه قطرا فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا "
هنا ساعد ذو القرنين (ص)فريق من الكفار ضد فريق أخر يفسد فى الأرض أكثر منهم ولكنه ساعدهم بوسيلة غير الاشتراك بالحرب وهو بناء سور يمنع هجمات المحاربين المفسدين فى الأرض
ومن ثم يجوز إعانة المسلمين لبعض الكفار إن طلبوا من المسلمين العون إن علموا أن الفريق الأخر يشن حربا غير عادلة وهى حرب عدوانية يقوم فيها بانتهاكات خطيرة كقتل الأطفال واغتصاب النساء وتعذيب الرجال غير المقاتلين أوقتلهم