أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 57

الموضوع: لإيلاف ذكرى

  1. #31
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صبري الصبري مشاهدة المشاركة
    رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته ورحم الله أمواتنا وأموات المسلمين
    رثاء صادق الشعر والشعور
    معلقة باذخة الجمال والحزن
    تحياتي لكم وتقديري ومحبتي

    بارك الله بك أيها الأخ الكريم والشاعر الرائع، وأشكر لك كريم رأيك وجميل تقريظك وألق شعرك!
    دام دفعك!
    ودمت بخير وعافية!


    تقديري
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #32
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميسر العقاد مشاهدة المشاركة
    أحسن الله عزاءك شاعرنا الكبير وأعظم أجرك
    وما من مصيبة لعمري كفقد الأم ولكن الأجر على قدر المصاب فاصبر وتجمل
    وكلٌّ على هذا الدرب سائر
    لا فض فوك ولا غيض مدادك وأنت تكتب كدأبك هذه وأمثالها من خرائد الشعر الرائعة التي تسقي أرواحنا الظمأى لعذوبة ونقاء نبع الأقدمين الأكرمين
    تحياتي وتقديري
    بارك الله بك أيها الشاعر المبدع والأخ الحبيب ولا حرمني الله من تفاعلك الراقي وحسك الواعي وأدبك الجم.
    دام دفعك!
    ودمت بخير وعافية!


    تقديري

  3. #33
    الصورة الرمزية صباح تفالي شاعرة
    تاريخ التسجيل : Aug 2016
    المشاركات : 408
    المواضيع : 56
    الردود : 408
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    روى الأصمعي أن أبا عبيد سئل عن خيرة الشعراء فقال: "امرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا طرِب، وزهير إذا رغب، والنابغة إذا رهِب" وأنا أراكم كل هؤلاء
    لا تقديد ولا تقليد في شعركم وإنما هو رمز لقيادة عليا لكل الأجيال وقلادة متفردة تتلألأ وسط كل إبداع شعري لهذا العصر ولكل العصور..


    حرف مستقل بذاته ذو ابتكار في المعاني ورصده للصور البيانية التي تتميز باستعارات وتشابيه لم يسبق لأحد أن باح بها


    حرف يعكس وعي الشعر الأصيل المتأصل في الموهبة الحقيقية، نضْرٌ ونضِرٌ ورحيب، متقن الحبك والسبك فيه أنفة الملوك وعزة نفس بليغة اللسان وخلود


    محطة كبرى لحرف يتقد فيها الشعر العربي النخبوي الذي أراه مدرسة عمرية خالدة لحرف متميز الإنطلاقة في شاعريته وأساليبه لا مناص لتجاوزه أو حتى لتطويره فهو ثابت في إبداعه وكينونته قائم بذات سطوعه


    لسنين عديدة عاصرنا هذا الحرف فوجدنا أنه يلهج كيفما يحلو له بيانا وصورا واستعارات وتشابيه تبعث إلى الدهشة والإعجاب


    وإنا وقفنا عند هذه الأبواب أوقاتًا عدة نتأمل هذا الوهج المتأجج والألق المتواصل فلم نجد له إلا تصاعدا وقوة في السطوع والشموخ وقد كان بالفعل مصدرا موثوقا لمراجعة قواعد اللغة والأدب وما يتضمنه من نحو وصرف وإعراب


    وإني والله لا أراكم شاعرنا السامي الدكتور سمير العمري إلا من سلاطين الشعر في هذا العصر، أذكيتم وهجه وأعليتم رتبه ومقامه وأيقظتم وجدانيته وجودته وإنه لملكية يصعب مجاراتها ومبارزتها..

    تقديري وإعجابي لا حدود لهما نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    #صباح تفالي

  4. #34
    الصورة الرمزية جلال دشيشة مشرف أقسام الفكر
    مشرف النثر والقصة
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Oct 2012
    المشاركات : 284
    المواضيع : 50
    الردود : 284
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    وعطفا على ما قالت الشاعرة صباح تفالي ، أقول بأن شعر الأستاذ العمري متفرد لا شريك له في أي عصر من العصور ..وهو مقتدر على أن ينيخ في أي عصر ويستخدم أساليبه وتراكيبه وألفاظه بكل سهولة ، فسبحان من خصه بهذه الملكة العظيمة ، وحفظه الله لنا وأدام عزه ومجده.

  5. #35
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رائد عبد اللطيف مشاهدة المشاركة
    وَمَــــا الــلَّــيْــلُ إِلَّا تُــرْجُــمــانُ سَـــرَائِــرِي
    وَسُــبْــحَــةُ أَفْــكَــارِي وَحِـنْــطَــةُ مُــنْــخُلِــي


    وكأني برحلة امرئ القيس ، وفارس من العصر القديم، يحمل سيفه ويمتطي صهوة حصانه، بورك الجهد.
    أرى إنها قصيدة للخاصة، ولا يستطيع أن يستلذها العامة، لجزالة اللفظ وطول السرد، فهي متعة للأبصار وتغذية للعقول والأرواح.


    رأيت أن كلمة "بنزين" طفلا تائها في قوم لا يعرفهم.

    بارك الله بك أيها الشاعر المبدع والأخ الحبيب ولا حرمني الله من تفاعلك الراقي وحسك الواعي وأدبك الجم.
    ونعم صدقت وأحسنت ... هي قصيدة أردتها للخاصة وفيها ما أردته أن يستوقف كل ذي عقل لبيب وحكم نزيه ورأي صادق. وأنا أتفهم رأيك في تلك المفردة ولكنها تنساق في جملة المقاصد خصوصا وأنني أردت في هذه القصيدة أن أجمع فيها كل المستويات وكل العصور وكل الأساليب وبهذا لا تكون تلك المفردة تائهة إلا بقدر ما يتيه المرء على دهره.
    دام دفعك!
    ودمت بخير وعافية!




    تقديري

  6. #36
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.29

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالسلام حسين المحمدي مشاهدة المشاركة
    دكتورنا الحبيب
    تحياتي واحترامي
    تقومستَ في هذي القصيدةِ عالياً
    وكسَّرتَ صلصال الحروف بمعولِ
    تعثكلتَ كي تبدو أشــدَّ رصانـــةً
    وأتعبتَ فتّـال القريــض بمغـــزلِ
    لعلك كما رأيت أيها الحبيب من انتباه الكرام أن القصيدة هي للخاصة ولأسباب خاصة، ولذا أتفهم انزعاجك منها رغم أن عدد الألفاظ المعجمية لا تقترب حتى من 1% من عدد ألفاظ القصيدة. ولكن أن تقول كي تبدو أشد رصانة فلعلك هنا تجاوزت وأسأت وجنفت مع من تتبعه الرصانة حرفا وأدبا وخلقا ويلهث العلاء وراءه أملا في رضاه وقبوله، ولا أعلمني يوما إلا بالغت في إكرامك وما أسأت إليك قط غفر الله لي ولك!
    عموما ... بارك الله بك أيها الشاعر المبدع والأخ الحبيب ولا حرمني الله من تفاعلك الراقي وحسك الواعي وأدبك الجم.
    دام دفعك!
    ودمت بخير وعافية!


    تقديري

  7. #37
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    مَــحَــضْتُ لَـهَــا صَــغْــوَ الــضَّــمِيرِ فَــأَقْبَلَـتْ=بِــحَــو َاءِ كَــيْــدٍ يَــبْــتَلِــي نَـــزْعَ مَـــنْ بَــلِــي

    يبدأ في هذا المقطع في الحديث عن حبيبة مدلّلة متمنّعة حينما أخلص لها فصغا ضميره إليها ووثقت بهذا الإصغاء من مهتمٍّ بها أقبلت بفعل ما تفعله بنات جنسها من كيد تمتحنه بها .
    فقال هنا (
    بحواء كيد) وكأنّه جعل الكيد نفسه هو حواء ، شبه الكيد بحواء وحذف وجه الشبه وحرف التشبيه ، فهو تشبيه مؤكّد مجمل .
    (
    يبتلي نزع من بلي) يبتلي وبلي بينهما جناس ناقص والمعنى جميل.
    فهي بهذا الكيد تبتلي أي تختبر شخص مُحِبّ قد أفنته هذه الابتلاءات فلا يضير فعلها ولن يؤثّر فيه وهو قد أصبح رثًّا فانيا من الداخل من كثرة الابتلاءات التي مرّت عليه وجرّبها ، فأن يشبه نفسه بشخص قد بلي أي فني وزال فهو تشبيه يوحي بما وصل إليه من مرحلة موت داخلي في التأثر من أفعال الكيد أو المكر بشكل خاص ولا يعني هذا موت القلب أو الضمير أو المشاعر، بل هو تبلّد وصلابة في حالة يمرّ بمثل هذه المواقف على وجه الخصوص لا العموم في كل أمر .
    أو قد يكون بمعنى تختبر نزع أي قلع ما بداخل قلبه ليظهر لها فيُخبرها أنه قد بلي وفني فكيف تستطيعين قلع ما تريدين معرفته من داخلي ، وهنا يحمل معنى محاولة إدخال اليأس عليها من أنها لن تنجح في جذب ما بداخله .


    مع أنها جملة خبرية، يخبر أنها تمتحنه وأنه رجل قد فني وتلاشى من الداخل بسبب ما مرّ به من ألم شديد وصدمات وتحمّل العداوات ، إلا أني ألمح ظهور سؤال ناشئ من قوله ( من بلي) وكأنه يقول وهل تستطيعين باختبارك لي أن تنزعي شخص قد بلي ما بداخله أصلا !

    يُــوَتِّــرُهَــا بِــالــصَّــمْتِ صَــــوْنُ تَــعَــتُّــبِــي=وَيُــ ْــضِــبُهَا بِــالــخَــبْتِ هَــــوْنُ تَــرَسُّــلِــي


    ثم يبدأ في ذكر بعض صفات المحبوبة في تقسيم جميل وله أثر موسيقي رائع في القصيدة مابين ارتفاع وانخفاض وشدة ولين (
    صون تعتبي) و ( هون ترسّلي )
    فيقول : أن الحبيبة يوترها طول صمته الذي يدلّ على معاتبته الصامتة لها بدون أن ينطق بكلمة وهي تعرف أو تشعر بذلك ، ويغضبها حينما تراه أكثر لينٍ من المعتاد وأكثر سهولا في تعامله معها برفق .


    وَمِــنْ كُــلِّ رِفْـــقٍ حَـــلَّ تَــسْتَــلُّ قَــسْــوَةً=وَتَـشْـكُــ ابْــتِــهَالِي فِـــي الــهَــوَى وَتَــبَـتُّلِــي
    ثم يقول أنها في كل تصرف ليّن صدر منه تكون ردّة فعلها بأن تقسو أكثر ،فهنا تشبيه جميل وهو استلال خيط القسوة من بين كمية الرفق الكبيرة .
    قال إن الرفق (
    حلَّ) ليبين أن الأصل في استقرار وبناء معاملته معها كان هو الرفق . .

    إذن من كل هذا الرفق الذي يعامله بها ، تعامله بالمقابل بالقسوة التي تستلّها من ذلك الرفق ، ثم تشكو انقطاع هواه بعد معاملته بتلك القسوة ،واعتزاله وهو في حالة ابتهال أي دعاء ورجاء في أن تعامله بالمثل على الأقل ليس أكثر.

    وبين (
    الابتهال والتبتل) رابط قويّ حيث يتعلّق بمعنى الإخلاص في العبادة عادة والزهد والانقطاع عن متع الدنيا والتضرّع إلى الله مابين صلاة ودعاء وذكر ، وكأنه استعار هذه الحالة من التبتل والابتهال في هوى المحبوبة ليُظهر مدى إخلاصه في حبها ، إضافة إلى أنّ تكرار هذه التاءات المهموسة قوّت المعنى من ناحية الرجاء والاحتمال والصبر مما يلقاه المرء في الهوى غالبا وهو معلوم غنيٌّ عن الذكر.

    (
    ومن كل رفق حلّ) شبه الرفق بالإنسان الذي أحبّ بقعة معينة من الأرض وارتاح فيها فحلّ ووضع متاعه واستقرّ بها ، ذكر المشبه وحذف المشبه به وهو استعارة مكنية ، وكانت استعارة موفقة وألفاظ أنيقة في أسلوب جميل .

    ثَــوَى طَــيْفُهَا مَــا بَــيْنَ جَــفْنِي وَخَــاطِرِي=أَرَاهَـــا، وَلَــكِــنْ لَا يَــرَى الــعُشَّ بــلْبلِـــي
    وهنا يقول أن مثوى طيفها أي مكان عيشه مابين جفنيه وخاطره والخاطر يكون مكانه القلب ، ولكن هي بالمقابل لا ترى هذا العشّ داخله بمعنى لا ترى فيه مايرى فيها من محبة عظيمة.

    (
    ثوى طيفها) وقفة ( مابين جفني وخاطري) وقفة ( أراها) وقفة ( ولكن لايرى ) وقفة (العش بلبلي) ..
    شعرت أن فيها ترتيب ، ووقفات ، هذه الوقفات قد توحي بتأكيد إحساس الشاعر وأضفت على البيت جمالا .


    أُفَــتِّــقُ زَهْـــرَ الــقَــوْلِ مِــنْ مُــحْكَمِ الــنَّدَى=فَــتَــقْــطِ ُ مَــعْــنَــىً مُــمْــتَــرَى بِــالــتَّــأَوُّلِ
    ثم يشبه قوله وكلامه وقصائده بالزهر المتفتق وهذا الصنيع من القول هو إرادة منه يجعله متفتحا قابلا للتأويل، فقوله الذي يشبه الزهر يزهو ولا يتفتق إلا بمحاسن القول والكرم والخلق والحكمة ، وهذه الحبيبة تقطف من زهر قصائده الوارفة ثمار المعاني الطيبة عن طريق التأويل والتحليل.

    شبه أقواله بالزهر المتفتّق وهذه الأقوال لم تظهر بهذا الحسن لولا ما يتحلّى به من صفات كريمة ونبيلة ، فهذه الأقوال عامة شعرا ونثرا ، ونستطيع أن نقول أن الزهر أي قصائد الشاعر بشكل خاص.
    ثم ذكر وحدّد القطف هنا (
    قطف الأزهار) لأن الفتاة بشكل أخص من الرجل حينما تقطف الزهر تقطفها بأكثر رفق وبعاطفة ودقّة لتتشبّع عينيها وقلبها من تأمّل الزهر ، ثم تنطلق في تغريدها بهذه المعاني ليُدرك خوافيها أاسرارها الناس .

    تَـــقُــولُ وَقَـــدْ جَـــارَتْ عَــلــيَّ أَهَــنْــتَنِــي=وَأَلــ َــمْــتَنِي بِــالــكِــبْرِ صَــحْــنَ الــتَّــطَفُّــلِ
    فَــقُــلْتُ فَـــدَاكِ الــقَدْرُ يَــا بِــنْتَ مُــهْجَتِي=أَمَــــا وَالَّــــذِي سَــــوَّاكِ لَــــمْ أَتَــبَــجَّــلِ
    أَطَــعْــتُ الــمَعَانِي بِــالَّذي شِــئْتِ أَحْــتَرِي=وَلَـــوْ نَــزْرَ قَــطْــرٍ مِـــنْ رِضَـــاكِ الــمُؤَمَّــلِ
    وَلَــوْ أَزْعَـــجَــتْ كَــفِّــي هَـــوَاكِ بِــلَــمْسَةٍ=لَــفَــرَ قَ فَــضْــلِــي بَــيْــنَ كَــفِّــي وأَنْــمُــلِــي
    وفي هذه الأبيات ينقل لنا الحوار بينه وبين حبيبته ،فيقول أنها ظلمته باتهامه بإهانتها ورمته بصفتي الكِبر والتطفّل .

    فأتى بلفظ (
    ألقمتني) وكأنه بالإجبار وبالغصب وهذا يناسب لفظة الكبر
    وعبّر (
    بالصحن) كناية عن الكثير الذي قام بإلقامها إياه بالقوة ليعرف عنها الأكثر
    بمعنى أنها تقول له متهمة إياه أنك تريد التطفل عليّ بالقوة وأنا لا أرغب في ذلك لهذا اختار لفظة (
    ألقمتني صحن) .

    ثم ردّ عليها بأنه لم يتكبر ولم يتعالى عليها، وتمّت اختيار الألفاظ بعناية وحرص لتجنّب الصدام مثل قول (
    يابنت مهجتي) وهذا يوحي بعظيم القدر والمكانة التي تحتلها في قلبه .
    وأيضا العجز من هذا البيت كان جزلا وتوهّج فيه قوّة النظم (
    أما والذي سوّاك لم أتبجّل) .

    وأكمل في البيت الذي يليه (
    أطعتُ المعاني بالذي شئتِ أحتري) هنا يُظهر صفة اللين بشكل واضح في إطاعته للمعاني التي تحبّها فهو اختار تلك المعاني الجيدة ثم قال أطعتُ من باب اللين والودّ والتقرّب ، ثم قال ( أحتري) أي أنتظر ولو النزر أي اليسير مما أؤمّله من إعجابك ورضاك بهذه المعاني التي تقرّ لها عينك. .

    ثم يبيّن الشاعر مقدار هذا الهوى والحب الذي يكنّه لها ويبديه لها كما أنه يوحي بالتدليل للحبيبة ي قوله ( ولو أزعجت كفي ) وكأنه يقول لو فقط شعرت بإزعاج لمسة كفي هواها لفرّق فضلي بين كفي وأنملي وبدأ بقول (
    ولو أزعجت) ولم يبدأ بغيرها ليثبت أانه من المستحيل أو من المستبعد أن يزعجها وإن فعل ذلك على سبيل الافتراض البعيد لفرقّ ... إلخ

    وضرب مثلا على هذا الإزعاج الافتراضي المستبعد وهو لمسة كفه لهواها ، خيال جميل فعادة اللمس يكون للجسد أو شيء محسوس ، ولكنه جعل هنا المعنوي محسوسا وكأن الهوى إنسانا تمثّله الحبيبة ، وهذه اللمسة لا تزعج ،لكن أتى بها على سبيل المثال فإن كانت لمسة الكف هذه قد أزعجت هواها لميّز ذلك بالتفريق بين كفه وأنامله فالأنملة جزء من الكف واللمس بالأنملة قد يكون أكثر رفقا ونعومة لذا قال (
    بين كفي وأنملي ) .

    وحقيقة قد لا أكون فهمت العجز كما ينبغي لكن هذا ما توصّلت إليه. .

    لَــكِــنَّ بَــلــوَى الــنَّــفْسِ تَــسْــوِيلُ ظَــنِّهَا=وَتَــزْيِــيـ نُ مَــــا تَـــأْتِــي بِــنَــفْجِ الــتَّــزَيُّـــل
    ثم يستدرك ب (لكنّ) ليخبرنا عن الظنّ السيئ الذي يصدر من تسويل النفس ووسوستها للإنسان وتزيين ما تحدّث به نفسها بما تثيره من أمرٍ عظيم يدعو للتفرُّق أو الافتراق .
    وكانت (
    نفج وتزيل) كلمتين معبرتين وقويتين وفيهما أناقة لتأدية المعنى المراد من خلال هذا التركيب.

    والنفج :هو الفخر بما ليس عند الشخص أو تعظيمه ، وتأتي بمعنى الريح أيضا .
    والتزيّل : من زيّل الشيء وأزاله وهو تفريق الأشياء عن بعضها ، وقد قال تعالى (
    فزيّلنا بينهم)

    فالبيت كاملا قد يعني ..
    أنّ هذه النفس من أعظم بلواها أمرين :
    - تسويل الظن والوسوسة .
    - وتزيّن للإنسان أن ريح التفرقة بين أفراد المجتمع .

    فهنا جعل ظنّ النفس وهو من الإثم وتسويلها للإنسان كالريح التي حينما تهبّ تفرقّ وتبعثر الأشياء ، كذلك ظن السوء والوسوسة تفرّق بين أبناء البيت الواحد والبلد الواحد وأفراد المجتمع بشكل عام .
    وبرأيي هذا البيت يُضاف إلى أبيات الحكمة ، أي يجري كحكمة على ألسنة الناس.

  8. #38
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    لَــقَــدْ كُــنْــتُ أَرْجُــو مِــنْ سَــنَابِلِ رَأْمِــهَانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيفَـمَــا لِــي كَــأَنِّــي حَـطَّمَ الــيَأْسُ مِــنْجَلِــي

    أرجو : أي قد كان يأمل وهو أمل مع رجاء يستطيع أن يُحقق وليس كما التمنّي الذي قد يكون غالبا بعيد المنال أومستحيل وقوعه .
    الرأم : له معان كثيرة وقد يكون هنا بمعنى العطف ، نظرا للسياق .

    فهو يقول : قد كنت أرجو عطفها ، وجعل هذا (
    الرأم) أي العطف شبيها بالسنابل وهو من التشبيه البليغ ، وذلك لأنّ صفة العطف محمودة وهي تنبع من قلب رحيم ، وفيها نفع ونشر للخير ، ولولا العطف لقسا قلب الإنسان على كل يتيم ومحتاج و ... إلخ
    لذ برأيي أنه تشبيه بديع وربط ذكي بين العطف والسنابل .


    ثم انقضى هذا الرجاء وزال بعدم تحقيق ماكان يرجو فقال بسؤال أعتبره من الأسئلة المتأمّلة التي يُفكّر الإنسان في أجوبة وحلول عديدة لها مع إحساس المتعجّب ..
    (
    فما لي كأنّي حطّم اليأسُ منجلي ) ؟!
    وقد شبّه اليأس بالفأس والجامع بينهما هو التحطيم والتدمير الأوليّ ، فاليأس يحطم النفس ويُوهن القلب ، والفأس يحطم الأشياء ويخربها ، ذكر المشبه وهو (
    اليأس) وحذف المشبه به وهو (الفأس) وأتى بشيء من لوازمه وهو ( حطّم) على سبيل الاستعارة المكنية .

    فاليأس هنا قال أنه حطّم منجله ، ولم أصل إلا لمعنى وهو ..
    أنّ هذا اليأس حطّم شيء من طباعه الأصيلة من الهمّة والتفاؤل ...إلخ وغيرها من الخصال الطيبة ، وذلك لأن الإنسان حينما يغزوه اليأس يكون في فترة وهن ، وضعف يجتاح كل ماكان يُحفّزه ويبعث في قلبه أملا وقوة وإصرارا ومايجعله أكثر إرادة فقد قضى اليأس على ذلك كله بالتحطيم، وهنا أراد أنّ فقدان ماكان يرجو من العطف وتقديم المعونة والخير الذي رمز إليه بالسنابل جعله يشعر بشيء من التحطيم الذي يجلب الحزن ويُوقف ذو الهمّة عن مايطمح إليه فترة قد تطول وقد تقصر ، والله أعلم .
    وكان هنا تحطيم اليأس معنويًّا لايُرى ، أمّا تحطيم الفأس فيكون محسوسًا .



    تَــنَــامُ عَــلَــى سَــجْــوِ الــهُــنَــيْهَــةِ نَــأْمَــتِــي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيوَيَــصْــحُـوَ عَــلَــى سَــطْـوِ الــحَــنِينِ تَــعَــلُّــلِي
    مقابلة بين الشطرين في البيت ..

    في الصدر : عبّر (بالنوم) وهو يريد به توقّف الحركة ، فلا يُصدر أية صوت ، وليس شرطا أن يكون وقت النوم بل قد يكون للتأمّل أو التفكّر أو وقت تخلو فيه النفس وتفرغ من كلّ المُكدّرات .

    فكلمة (
    سجو ، هنيهة ، نأمتي) كلها تدلّ على السكون والهدوء والتوقّف لحظة قصيرة عن الحركة .

    وفي العجز : عبّر بـ ( يصحو) والصحو والاستيقاظ يكون فيه نشاط وحركة وضجيج .

    ثم جعل الحنين مثل اللص الذي يسطو على المنزل فيُحدث فيه حركة بعد تسللّه المباغت .
    لذا مفردة
    يصحو حينما تقرأها مع الجملة كاملة فإنها توحي بالصحو المفاجئ وكأنّما هذا الحنين أوقظه بعدما كان هانئا في نومه وسكونه .

    وحقيقة البيت من أجمل الأبيات التي قرأتها وذلك للمقابلة فيها وللاستخدام الدقيق للمفردة حيث ساعدت على إيصال المعنى كما يريد الشاعر .



    وَمَـــا زِلْــتُ أَجْــفُو الــرُّوحَ حَــتَّى نَــكِرْتُنِــي
    وَحَــتَّــى كَـــأَنَّ الــصَدْرَ فِــي قَــعْرِ مِــرْجَلِ

    فَـــلَا تِــعْــزِفِي لِــلــنَّايِ يَـــا نَــفْــسُ بُــحَّتِــينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيوَلَا تُــنْــشِــدِي بَــوْحِــي الـشَّـجِيَّ لِــعَــنْــدَلِ

    وَمِـنْ خَــمْرِ شِـعْرِي طَــفِّفِي أَكْؤُسَ الطِّلَــىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمُــشَــعْشِعَةً تَــنْــسَابُ فِـــي رِيـــقِ مُــثــمَلِ


    في هذه الأبيات كأني ألمس شعور الحزن قد توهّج من بعد إحساس بيأس ..

    ( ومازلت أجفو الروح حتى نكرتني = وحتى كأنّ الصدر في قعر مرجل )

    من هنا بدأ الحزن بالتوهّج والياس يصل إلى قمته ، فهو يقول مازلت أجفو الروح أي أبتعد عن روحي وكأني أنفر منها وهنا يريد ان يوصل رسالته إليها وكأنه يقول جفوت عن روحي لأني صاحبتُ روحك ولازمتها وكأني نسيت نفسي إلى أن أتى الوقت الذي نكرتني اي جحدتني فيه وقتها عادت لروحه بعد مجافاة وعودته لروحه بدأت بعد غليان الصدر وسبب غليانه هو النكران والجحود حتى كأنّه قدر على النار .

    فشبّه الغضب والألم في صدره جرّاء هذا النكران بالقدر الذي يغلي وسطه الماء وهو على نار عالية ويكون له أزيزا
    ، ووجه الشبه هو أنّ المشاعر السلبية المختلطة التي تسبب الألم والقهر والغضب تغلي كما يغلي الماء والصدر كالمرجل أي القدر حيث انّ كلامها عبارة عن شكل وهيئة كالوعاء يُصب فيهما سائل المشاعر في الصدر والماء في المرجل ، وهو تشبيه مرسل ومجمل .


    والبيت التالي ( فلا تعزفي للناي يانفس بحّتي = ولا تنشدي بوحي الشجيّ لعندل)
    بين ( بحتي وبوحي) جناس ناقص .

    وهنا يأمر النفس أن تعرض عن العزف بالناي الذي يحبّ سماعه الناس ، وخصّص الناي لأنه غالبا يصدر منه صوتًا يحمل حكاية إنسانية مليئة بالأحاسيس المختلفة وينبعث منها معنى من معاني الحزن والغربة والوحدة وهي مؤثّرة على قلب السامع ، والبحّة في الصوت رغم بعض الخشونة فيها إلا أنّها قد تُعطي الصوت حُسنا خاصّا يتفرّد به الإنسان، ثم نهى نفسه أيضا عن إنشادها بما يبوح به الشاعر من أبيات شجيّة للعندل ، وخصص العندليب لأنّه من الطيور المشهورة بأصواتها الشجيّة الجميلة .

    وكأنّ الشاعر يُقابل ماعنده من الحسن بشيء ىخر مشهور بهذه الصفة ، بمعنى أنه قابل بحّة أشعاره الحسناء التي تمتلأ شاعرية وإحساسا بالناي والناي هو المشهور بهذا النوع من الصوت والإحساس ، ثم قابل إنشاد بوحه بصوت العندليب والعندليب مشهور بالصوت الشجيّ ، وهذه المقابلة بين شعره وبوحه مع من اشتُهر بذلك في الأصل من الناي ذات الصوت المرهف الرقيق والعندليب الشجيّ ، أضفى على المعنى روعة ورسم لنا تحديًّا ظريفًا وكأنّ الشاعر قد قلب الصفات الاصلية التي اشتُهروا بها فجعلها أصلا له دون أن يُقلّل من قيمة الناس والعندليب .


    ( ومن خمر شعري طففي أكؤس الطلى = مشعشعة تنساب في ريق مثمل)

    مايفعله الإنسان غالبا عند الوقوع في يأس أو حزن عميق هو مايمثّله البيت الأخير من الأبيات المقتبسة وهو ( ومن خمر شعري طففي أكؤس الطلى) ..
    غالبا قد يلجأ الإنسان للشرب والمخدرات أو الرقص أو ... إلخ ، ولكن الشاعر جعل خمره أشعاره التي ينتشي بها بل ويُكرم غيره بما عنده وهذا مادلّ عليه قول ( طفّفي) الذي يعني هنا أعطيهم ووزعي عليهم أكؤس الطلى أي اللذّة ، واللذّة تُقرن مع الخمر لأنها من لذائذ الدنيا المحرّمة .

    فالشاعر هنا شبّه شعره بالخمر ووجه الشبه بينهما التذوّق واللذّة والمتعة ، لكنّ الشعر تذوّقه معنويّ ، والخمر تذوقه حسيّ وهو تشبيه بليغ ومجمل .

    وقد يقصد بـ ( تنساب في ريق مثمل) أي حينما ينطق القارئ ويقرأ أبيات القصيدة :

    - يستعذب موسيقاها وأحرفها (أولا ).
    - ثم يستلذّ بمعانيها فيثمل بها (ثانيا ).


    ثم يصف هذه الأكؤس بأنها (مشعشعة تنساب في ريق مثمل )

    مشعشع هو الضوء المنتشر خفيفا ، وأيضا الخمر الممزوج بماء ، وأرى المعنى هنا أي قصائده مشعشة ممزوجة بالفكر والصور والمعاني والألفاظ الجزلة التي تجعل القارئ مبهور بحسنها ثملا من جمالها مستلذًّا بها .

    (أكؤس الطلى مشعشعة) كناية عن الشعر الممزوج بالفكر والصور والمعاني والشكل الجميل التي يثمل منها القارئ المتذوّق كما يثمل شارب الخمر بالخمر ، وهو تصوير جميل يحمل معنى الفخر والثقة .
    وهنا يذكرنا بقول عمرو بن كلثوم وهو يصف الخمر ( مشعشعة كأنّ الحُصّ فيها = إذا ما الماء خالطها سخينا)


    ونلاحظ أنّ الناي والإنشاد والعندليب الشجيّ والبوح والبحّة ..
    كلها تتعلّق بالاصوات الجميلة الحسنة وغايتها التأثير على قلوب الناس بشكل كبير .

    فبعد نهي النفس عن العزف والإنشاد طلب منها ماهو اشدُّ أثرًا على الإنسان بحيث إن فعله يثمل وهو ( الخمر) وذلك لأن الإنشاد والعزف مهما كان تأثيره قويًّا وممتعاً إلا أنه يبقى معنويًّا قد يستمر لحظات يهتزُّ له الروح والقلب ، لكن لايقع عليهم كالخمر الذي يؤثّر على الجسد والروح ، لذا أمر النفس بعد نهيها بأن توزّع أكؤس شعره وأراد أن يكون لشعره تاثيرا كالخمر تماما الذي يكون أشدّ من العزف بالناي والإنشاد بصوت شجيّ كالعندليب .

  9. #39
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.11

    افتراضي

    بَــذَلْــتُ إِبَــائِي أَسْــأَلُ الــوَصْلَ مَــنْ جَــفَا=كَــأَنِّــي وَثِـــيــلٌ عِــــنْــدَ بَـــابِ مُــؤَثَّـــلِ
    أُبَــالِــغُ بِــاَلشُكْرانِ فِــي الــقُرْبِ وَالــنَّـوَى=وَلَـيْـسَ سِــوَى الــنُّكْرَانِ فِــي كُــلِّ مَــوْئِــلِ
    الوثيل : هو حبل من الليف أو القِنّب ، وأيضا يأتي بمعنى الضعيف والأنسب هو المعنى الثاني .

    أتى الشاعر بصورة توحي بالأصالة والقِدَم ،وكأنّها صورة لأطلال بيت يوجد به باب قديم ويقف أو يجلس عند عتبة هذا الباب شخصٌ ضعيف ، وضعفه هذا ليس بمعنى أنه مسكين أو محتاج ،بل هو الاحتياج المعنوي ،أي ضعف القلب رغبةً في وصال من جفا عنه وابتعد .
    فهذا الشخص رغم أنه عزيزٌ في قومه ويتّسم بالإباء ومالديه من العزّة والمنعة ،إلا أنّه بذل من إباءه وعزّته فكأنه أصبح ضعيفًا يسأل من يسكن هذا البيت ممّن جفاه ، وينتظر عطاء وصله .

    وهناك ألفاظ ساعدت على تفخيم الصورة مثل
    ( بذلت إبائي) و(وثيل) و (مؤثّل) حيث أوحت بالمكانة الكبيرة للصورة لعراقتها وشرف هذه العلاقة التي تزعزت بالجفاء
    كما أوحت بتناسب هذه المشاعر المؤلمة من الهجر -ومافي معناه -
    بصورة الباب القديم الذي يرمز إلى الشخص الجافي حيث الباب هو الفتحة ومنه يكون الوصل بفتحه أو الصدّ والهجر بغلقه ، فالربط بين الضعيف عند الباب الذي يسأل حاجته من طعام أو غيره ، مناسب جدًّا لمن يقف عند باب من جفا ويتخلّى عن بعض عزّته ببذلها في سبيل وصل ذاك الشخص .

    شبه الشاعر نفسه وهو يبذل من إبائه في سبيل وصل من جفاه بالمؤثّل وهو الضعيف الذي يقف عند باب مؤثّل أي قديم يسأل حاجته ، ووجه الشبه المحذوف هو سؤال الحاجة فالأول حاجته هو إعطائه الوصل ، والثاني هو إعطائه حاجته من مال أو مأكل أو ملبس ..إلخ ، وأداة الشبه (كأنّ) وهو تشبيه مرسل ومجمل .

    وألحظ في هذا البيت والأبيات التي سبقته تركيز الشاعر بشكل مستمرّ ومكثّف على كل ماهو معنويّ ...

    ( كاليأس الذي يوهن القلب ، والحاجة إلى الوصل ، وتذوّق الشعر اللذيذ والاستمتاع به وكأنه خمر ، والمشاعر المؤلمة الساخنة التي تغلي في الصدر ، ولمس الهوى بالأنملة والكفّ ) ..
    هذه كلها معنوية وعبارة عن أحاسيس ومشاعر ،وفقدانها قد يكون أبعد تأثيرا وأكثر سوءا من مرض الجسد المحسوس ، قد تكون الأمور المعنوية عابرة وموجودة في قصائد كثير من الشعراء ولكن هنا برزت بكثرتها عن طريق التركيز عليها وهي حاضرة وبقوّة في هذه المعلّقة وهذا شيء لافت ومميّز .

    ثم قال في البيت الذي يليه أنه يبالغ بالشكران في القرب والنوى ..
    والشكر يحمل معنى أعمق وأشمل من لفظة الوصل وحده ،فالشكر ينبع من الاحترام والتقدير ،ويكون على التصرّف الحميد وعلى السيء، ففي كلا الحالتين تشكر وتصل وتعطي بنفسٍ طيبة معطاءة وقلبٍ سليم ، ويحمل أيضا معنى الصبر على الجفا وهو أحد أنواع الألم ، ومع ذلك لم يُقابَل هذا الشكر والتقدير إلا بالنكران والجحود في كل ملجأ أو مكان يرى أنه قد استقرّ فيه واطمأنّ إليه .

    وربما الثاني - أي النكران- نتج عن المبالغة في الشكران ، ورغم أن الشكر والعطاء والوصل تصرّف جيد إلا أنّ الإفراط والمبالغة قد يؤدي إلى الجحود .
    ولا أرى في البيت أن المبالغة يعنيها نفسها ؛لأنها لن تصدر من شخص حكيم غالبا ولكن قد يقصد بالمبالغة هو الصبر على العطاء ومدّ حبل الوصال ومحاولة البدء بالإصلاح ونشر الألفة مع استمرار نكرانهم ،وتغاضيه عن ذلك رغم الألم الذي يحلّ على قلبه من ردّة هذا الفعل والتصرّف غير اللائق الذي يُقابل به الشاعر وهو الجحود .

    وأعجبني التقسيم والنغم في هذا البيت الصادر من هذه الألفاظ المتضادّة وتسمّى الطباق ( الشكران ، النكران) ( القرب، النوى) .

    ونلاحظ أنّه قدّم (الشكران والقرب) ..
    لأنهما اصلٌ في أخلاق الإنسان لاسيّما المسلم ، لما فيهما من ربط أواصر المجتمع والألفة التي تنتشر من خلال هذا التقارب والتعاون ، ثمّ أنّ القيام بالشكر هو فعلٌ يؤلّف القلوب وهو الأساس والبداية لبناء الاحترام ومدّ حبل الوصل وزرع المودّة .
    وانظر إلى حرف الكاف ( في الشكران) وتقاربها مع حرف القاف في (القرب) واشتراكهما بحرف الراء ، وكأنما نطقها بهذه الحركات من ضم وسكون تؤكّد المعاني السابقة وتُحرّص عليها لما فيها من قوّة وإرادة في المجتمع الذي يتحلّى بها .

    وأخّر (النوى والنكران) ..
    لأنّهما من الحالات المستثناة وتقع كحدث عارض وليست الأصل في بناء المجتمع الصالح ، ولما فيهما من من ألم ووهن وتفرقة للمجتمع بشكل عام، وأستثني من معنى النوى العام ، المعنى الخاص وهو ماكان البعد عنه بوجه حقّ كمن هو واجب اجتنابه أو يكون فراقه مصلحة وأقلّ ضررا من القُرب ، وهذه قد تكون أحكام مستثناة حسب الحالة والموقف وهي قليلة وليس الأصل كما أسلفنا .

    وانظر حرف النون المشتركة بينهما والواو ونطقها بحركاتها توحي بالوهن والتفكّك الذي تؤدي إليه هاتين اللفظتين ، والكاف الساكنة والراء المفتوحة كأنّما تحذّر من هذه وقوع هذه المعاني المذمومة .

  10. #40
    الصورة الرمزية أحمد صفوت الديب شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2011
    الدولة : أرض الكنانة
    العمر : 34
    المشاركات : 212
    المواضيع : 20
    الردود : 212
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    خُـــذَانِــي إِلَــيْــهَــا فِـــي رَحِــيــلٍ مُــعَــجَّلٍ
    وَلَا تُــبْــقِــيَانِي رَهْــــنَ مَــــوْتٍ مُــؤَجَّــلِ
    خُــذَانِــي إِلَــيْــهَا إِنَّ فِـــي الـــرُّوحِ وَحْــشَةً
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيتُــذِيــبُ فُـــؤَادِي كُــلَّــمَا الــتَّوْقُ عَــنَّ لِــي
    خُــذَانِي فَــظَهْرُ الأَرْضِ قَـدْ صَــارَ غُــرْبَــةًنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    وَفِــي لَـحْـدِهَــا الــمَــعْمُورِ بِــالــبِرِّ مَــنْـزِلِــي

    الشاعر الرائع الدكتور / سمير العمري


    رحم الله الوالدة و أسكنها فسيح جناته

    نص فخم من الطراز الأول
    يذكرني بالمعلقات فيه من أصالتها الكثير

    تحياتي لحرفك السامق

    خالص الود و الاحترام

صفحة 4 من 6 الأولىالأولى 123456 الأخيرةالأخيرة