أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: على أكفّ الليل ينام النّهار...

  1. #1
    الصورة الرمزية جهاد بدران شاعرة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Jun 2019
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 624
    المواضيع : 40
    الردود : 624
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي على أكفّ الليل ينام النّهار...

    على أكفّ الليل ينام النّهار...

    كنّا مديح المطر في شوارع المساء، وبين أزقّة كانون الماضي، يوم أن غرسنا الحلم في عيون الشّمس، يوم أن مسحنا عن الثّرى كحل الآثام، ورقصنا بجسد القصيدة على أكفّ الذّكريات.

    كلّما التصقت أفواهنا بأطراف الزّمن يبساً!! تساقطت مشاعرنا سنابل عجفاء..
    هو لا يفقه طلاسم الرّيح على خربشات الضّباب، وعلى وجوه ملامحنا جوعاً، حين تُقضم من الجرأة نبضها، ومن الصوت حنجرته، وهو يبحث عن حروف الغد بين جرائد الأمس النّازف طيناً..

    تاهت الفصول بين جراحنا واختمرت العتمة يقظة تثرثر على بقايا الذاكرة أوراقاً خاسرة، هو لا يملك أن يكون ظلاًّ تحت شجرة الصّنوبر، أو أن يكون آذاناً صاغيةً لمزامير داود، وهو يندسّ في أسرار أجوبة الكلام، وهو يقضم أسئلة فجرٍ سالت من فمه المتكاسل سهواً كل اللغات، وهو يقلّبُ في فراشه كلّ الأحلام تحت رماد الضوء المجبول بالذكريات.

    تتربّصُ بالنّور كل الحكايات الهاربة من أكفّ الليل، بعد أن أطالت تهجئة خطواته الآيلة للسقوط. فالمسافات المثقوبة لا تملك حبراً تؤرّخهُ للذكرى، ولا الدّفاتر فيها سطور الأمنيات، وأنا لا أملك من انكساري إلا ابتلاع العلقم الذي يفور كالإعصار في نعش الذات.
    والحمائم تبحث عن شفاه الأرض اليابسة، وزوايا البحر الهائجة، كي يكبر فيها الطوفان.
    هو لا يفقه شيفرة الأرض، عندما تتشقّق شفاهها من ملامح الإنسان، وهي تتخبّط بفوضاه العمياء، هي لا تحمل منديلاً تمسح به دمع الوقت، ولا أقداح صبرٍ تسقي بها أيتام المدينة عند احتباس الأرغفة في جيوب الملوك والأمراء، ليبقى التسوّل شيفرة الغرباء، يُقيم طقوسه على أكف الليل حين ينام النهّار،
    وحين يسقط الطين في مدن الصّمت، وحين تُشيّع رفات الذاكرة بين حقول النّسيان.

    تجترّ العيون الذابلة كلّ يوم أنساق الأحلام، والفجر يصفّق بالعويل على خدود الضّياء. وأنامله قد بترها الغروب على المرافئ المشردة، حين ودّعه اصفرار الشّروق المثخن بالجراح، وحين اضطرب أنين الخطو برجفة الطّريق نحو الغربة، يهمسه السّراب في آذان الرّياح، وبعض الوصايا المعلّقة على ذاكرة الصّلاة، وهو يتمتم تعويذة المغفرة، ويلملم ضجيجه من رماد الرّاحلين سهواً، ليشدو أسطورة الشّروق على مقصلة الأحزان، وهو يرتّل على تقاسيم وجهه صبر أيّوب من خاصرة الحدثان.
    .
    .
    .
    جهاد بدران
    فلسطينية

  2. #2
    الصورة الرمزية أحمد صفوت الديب شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2011
    الدولة : أرض الكنانة
    العمر : 34
    المشاركات : 212
    المواضيع : 20
    الردود : 212
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    سيدتي الفلسطينية المبدعة / جهاد بدارن

    نص ثريّ بمفرداته سلس في أسلوبه

    أعجبتني هذه الجمل :

    فالمسافات المثقوبة لا تملك حبراً تؤرّخهُ للذكرى،
    ولا الدّفاتر فيها سطور الأمنيات،
    وأنا لا أملك من انكساري إلا ابتلاع العلقم الذي يفور كالإعصار في نعش الذات.
    خاصة المسافات المثقوبة فهي تعيدك لنقطة البداية

    كنتِ رائعةً

    تحياتي و خالص الود و التقدير

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية جهاد بدران شاعرة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Jun 2019
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 624
    المواضيع : 40
    الردود : 624
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد صفوت الديب مشاهدة المشاركة
    سيدتي الفلسطينية المبدعة / جهاد بدارن

    نص ثريّ بمفرداته سلس في أسلوبه

    أعجبتني هذه الجمل :



    خاصة المسافات المثقوبة فهي تعيدك لنقطة البداية

    كنتِ رائعةً

    تحياتي و خالص الود و التقدير
    أستاذنا الراقي المبدع
    أ.أحمد صفوت الديب
    هو حضوركم المثري قد رفع هامة الحرف وعزف أيقونة الشعر من نور توقيعكم الفاخر
    وزاد المكان ثراء حتى اتساع المدى، وأنتم تضيئون عتمة الحروف من قنديل لغتكم الراقية..
    تشرفت بهذا المرور المزهر في متصفحي المتواضع
    وأنا في حضرة قلم له كل التبجيل والتقدير
    شكراً لنور حرفكم
    وجزاكم الله كل الخير
    وفقكم الله ورضي عنكم

  5. #5
    الصورة الرمزية جهاد بدران شاعرة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Jun 2019
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 624
    المواضيع : 40
    الردود : 624
    المعدل اليومي : 0.36

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيل أحمد مشاهدة المشاركة
    حرف شجي وتحليق على جناح الحرف في سماء الإبداع
    بقوة وعمق وشفافية ، وبقلم يقطر روعة وإبداع.
    سلم مدادك.
    وما كان من الضياء تمامه إلا بما نسجتم من حروف الجمال، قنديلكم يتوهج حرفه كلما أسند المداد على صدر الكلام..
    وكلما نطق بمسافات الحروف، أعتق خيوط الشمس من المغيب، واستظل بخصر الفجر من عبق الندى وهو يسكب خطاه على أول البزوغ..

    أستاذتنا الراقية المبدعة الأديبة
    أ.أسيل أحمد
    شكراً لهذه الإطلالة من قلمكم الرشيق وما نمّقتم من الكلام العبق على طول السطور وبين نخيل الكلام..
    سعدت جداا بهذا المرور الذي ملأ المكان رقياً وجلالاً
    رعاكم الله ورضي عنكم وأرضاكم