هناك على الضفة الأخرى منذ شطرين من الألم..
المسافة التي لم تكن بعيدة جداً؛ باردة جداً. والشاطئ الذي لم يكن قريباً من الأمواج المتلاطمة؛ دافئٌ حقاً, كالحب يا وجع النائحات خلف الأماني!
حين تيمم الحزن قرب نافذةٍ على جانبٍ منها شجرةُ صبارٍ تعيسة؛ لم تكن تلك إلا نخلة الصبر في ضفاف المدينة!
فكيف بالمجهول إذاً..
والضفاف ما زالت هي الضفاف, وآخر الأمواج زوبعة جاءت على الشاطئ الشرقي تذرف ما تبقى من الأوجاع. ذات حلمٍ جففته الأماني وخاتلته أشواق عابرٍ مذ كانت الأحلام لا تفسر, مذ كانت الأوراق لا تجف, مذ تشظت من الأعماق شهقة عاشقٍ فارق المَدى وعانقتهُ المُدى على أطياف زلزلةٍ من الآماد هوت به على وجه الرماد.
الحلم لم يزل له لون البنفسج, وعلى الضفة الأخرى لم يكن أبداً غير سرابٍ راودته الصحاري دون صبارٍ لنا على ضفاف المدينة..
أبداً أيها الأمد المستمد لحزنه من الأبد. المستبد بشوقه من الأمد. المستظل بروحه يدعوا الأحد. ويا لحدة الليل حين يموسق ما تلظى على الضفاف.
حيث كانت الأشواق حقل من الأشواك على الضفة الأخرى منذ شطرين من الألم, منذ كان الظلم حاضراً على شواطئ الروابي خلف قريتنا, خلف قرة عينٍ كانت تحسبنا قرة عينٍ لها.
نحن لن نعود إلى وضع العمامة, إلى زمن الإمامة, سنبقى خالدين بوحدتنا منذ كانت الشطرين هي اليمن وستبقى هي اليمن حتى وإن أصبحت شطرين من الألم.