ثم تحدث الكتبة عن توزع القبائل فى عهد النبى(ص) فقالوا:
"قبائل العرب وتواجدها في الجزيرة العربية في العصر النبوي
جزيرة العرب مهوى أفئدة المسلمين:
وعيرني الواشون أني أحبها وتلك شكاة زائل عنك عارها
لما كانت الجزيرة مهبط الوحي وسابقة الأراضي للإسلام -فما مات رسول الله (ص) حتى فتح الله عليه سائر الجزيرة العربية لما كان الأمر كذلك عظمت مكانة الجزيرة في قلوب المسلمين جميعا عربا وعجما، ولاغرابة فهي التي مدت البقاع والأصقاع بالإسلام، فلا عجب إذا قرأت في بعض التراجم، عن بعض أهل العلم من الأعاجم، أنه كان: "واسع الاطلاع بشئون العالم الإسلامي، شديد التعلق بجزيرة العرب والحجاز والحرمين الشريفين، عميق الحق، شديد التعظيم للنبي -(ص)، وأصحابه وأهل بيته- شديد الحب للعرب، يسوؤه ويؤلمه ذمهم وانتقاص حقهم وفضلهم، خبيرا بجغرافية الجزيرة العربية، ألف كتابا باللغة العربية في هذا الموضوع في شبابه"وكيف لا يكون للمسلمين في المشارق والمغارب تعلق بها وهم يتوجهون تلقاءها في الخمسة الأوقات وقد قال قائلهم إقبال:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاما أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا بمسامع الروح الأمين فكبرا
وهذا التعلق نلحظه في كثير من العجم وبخاصة في شبه القارة الهندية، فتراهم يكبرون ويجلون من عرفوا أنه من أرض العرب، وهذا كثير فيمن عنوا بالشرع والدين، ولاسيما من لم يعش منهم بأرض الجزيرة، وأما من عاش فيها فكثير منهم تغيرت نظرته إما لاختلاف واقع أحفاد أبي بكر وعمر وسائر الصحابة- عما في مخيلته، أو نتيجة معاملة وأخلاق ليست بأخلاق أهل هذه البلاد، ولكنها أخلاق حضارات وافدة فتحت لها الصدور فتطاير شررها واستشرى شرها"
بالقطع حكاية الانتسابات لبعض سكان شبة الجزيرة الهندية هى كسائر الانتسابات الحالية الله أعلم بصحتها من بطلانها خاصة أن الكفار الذين هدموا دولة الإسلام الخيرة تسموا بأسماء المسلمين وانتسبوا إلى مشاهيرالمسلمين وتسموا بأسماء عائلات أعطوها الشرف والمجد مع أن أصلهم كفار وعائلاتهم هى أس الفساد فى الأرض
الثابت الوحيد فى النسب هو أننا كلنا ننتسب لآدم(ص) والأجيال المعروفة للجيل الواحد كالجد قبل الأخير والأخير والأب وأحيانا الجد قبل قبل الأخير
والغريب أن الكتبة لم يتحدثوا عن أسماء القبائل ولا أماكن وجودها فى الجزء السابق رغم العنوان الذى جعلوا رأس الفصل
بعد هذا تكلموا عن جزيرة العرب ودعوة إبراهيم(ص) وإسماعيل (ص)فقالوا:
"رابعا: جزيرة العرب ودعوة إبراهيم(ص) وإسماعيل (ص):
ومن مميزات جزيرة العرب التي جعلتها ذات حضارة رائدة متميزة، قيام دعوة إبراهيم (ص) بها هي الحنيفية عين الله تكلؤها فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
(وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير) (ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)، فاستجاب الله دعوته؛ وجعل في نسله من الأنبياء من يقوم بدعوة الحنيفية يحوطها ويرعاها ويتممها، فكان إسماعيل (ص)أبا العرب، ورسولهم، والمجدد الأول لملة إبراهيم (ص)وعن بنيه انتشرت بقايا الحنيفية في سائر أرجاء الجزيرة العربية، وصارت الحنيفية الديانة الرسمية لشبه الجزيرة العربية
ولقد ظل العرب رواد حضارة نبوية مجيدة ردحا من الزمن، ثم تقادمت بهم السنون، اندرست معالم حضارة التوحيد شيئا فشيئا، إلى أن جاء عمرو بن لحي الخزاعي واستورد عبادة الأصنام عن دين العماليق بأرض الشام، قال (ص): (رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار)، وأورد "ابن إسحاق في السيرة الكبرى … أتم من هذا ولفظه: (سمعت رسول الله (ص)، يقول لأكثم بن الجون: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، لأنه أول من غير دين إسماعيل، فنصب الأوثان وسيب السائبة وبحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحامي )"، وقال و" قال هشام وحدثني أبي وغيره أن إسماعيل (ص)لما سكن مكة وولد بها أولاده فكثروا حتى ملئوا مكة ونفوا من كان بها من العماليق ضاقت عليهم مكة ووقعت بينهم الحروب والعداوات وأخرج بعضهم بعضا فتفسحوا في البلاد والتماس المعاش فكان الذي حملهم على عبادة الأوثان والحجارة أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتمل معه حجرا من حجارة الحرم، تعظيما للحرم وصبابة بمكة، فحيثما حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالبيت حبا للبيت وصبابة به، وهم على ذلك يعظمون البيت ومكة ويحجون ويعتمرون على إرث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ثم عبدوا ما استحسنوا ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم من قبلهم، واستخرجوا ما كان يعبد قوم نوح (ص)منها على إرث ما بقى من ذكرها فيهم، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل يتنسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة والمزدلفة وإهداء البدن مع إدخالهم فيه ما ليس منه"
غير أنه بقيت فيهم قلة على الحنيفية مستقيمون، كأمثال زيد بن عمرو بن نفيل، قال ورقة بن نوفل -وهو كذلك من المتألهين قبل البعثة دارسا للكتاب- في رثائه:
رشدت وأنعمت بن عمرو وإنما
بدينك ربا ليس رب كمثله
تجنبت تنورا من النار حاميا
وتركك أوثان الطواغي كما هيا
...وقد كان زيد يلتمس الحنيفية ملة إبراهيم، " فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الأوثان ونهى عن قتل الموءودة وقال أعبد رب إبراهيم ; وبادى قومه بعيب ما هم عليه"وقد ثبت في صحيح البخاري "أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم يسأل عن الدين ويتبعه، فلقي عالما من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين دينكم، فأخبرني فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله قال: زيد ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا، وأنى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله فخرج زيد فلقي عالما من النصارى، فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا، وأنى أستطيع؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، ولا يعبد إلا الله فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم عليه السلام، خرج فلما برز رفع يديه فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم وقال الليث كتب إلي هشام عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة، يقول: يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموءودة يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها أنا أكفيكها مئونتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مئونتها"
ومن المتألهين قبل البعثة أيضا أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو القائل:
إن آيات ربنا ثاقبات
كل دين يوم القيامة عند الل
لا يماري فيهن إلا الكفور
ه إلا دين الحنيفة بور
..إلى آخر ما قال، غير أنه لم يسلم بعد البعثة النبوية حسدا من عند نفسه وما مضى يدل على بقايا سمحة كانت عند العرب، صقلت أذهانهم وجلت أبصارهم ليروا زيغ النصارى واليهود وما آلو إليه والخلاصة أن دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بالإضافة إلى الجانب الروحي الذي عمرته بالعبادات التي شرعتها والشعائر والمناسك التي تركتها وبقيت آثارها إلى حين البعثة النبوية الشريفة، فقد أرست دعائم حضارة فذة، في مجالات الحياة كلها، وقد كان لها أثر كبير على العرب وما تميزوا به من كريم خصال وحسن أخلاق، فلئن كان في العرب صدق ووفاء فإن أباهم كان صادقا، (واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا)، ولئن كان في العرب صبر وجلد فإن أباهم قال عند الذبح (يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)، ولئن كانوا يجيدون القتال والرمي بالنبال فإن أباهم كان راميا، ولئن كانوا فرسانا فإن أباهم أول من ذللت له الخيل، ولئن كان فيهم كرم فجدهم مالبث أن جاء بعجل حنيذ ثم لما ضاعت هويتهم الحنيفية السمحة، ذهبت حضارتهم، وأمسوا في شر حال كل عام يرذلون، وبالمقابل فقد سطعت شمس القياصرة، وتأججت نار الأكاسرة
جزيرة العرب قبل البعثة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام"
الكتبة هنا أخطئوا فى التالى :
الأول كون إسماعيل(ص) أبو العرب أى أول من تكلم العربية وهو كلام يخالف كون الله خالق الألسن وهى اللغات كما قال تعالى ""ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم" فالعربية كانت موجودة من قبل إسماعيل(ص) منذ آدم(ص)
الثانى دخول الأوثان والأصنام لداخل بيت الله الكعبة وهو كلام محال لقوله تعالى " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" فلا يمكن ارتكاب ذنب داخل الكعبة لأن من يقرر فقط وليس من يفعل يعاقب فورا فكيف يمكن إدخال الأصنام لبيت الله مع هذا النص إنما الأصنام كانت حول بيت الله ولم تدخله أبدا
ثم تحدثوا عن الدعوة فى الجزيرة فقالوا:
"خامسا: جزيرة العرب ودعوة محمد (ص):
جرت سنة الله القاضية بإهلاك المكذبين الظالمين، في أصحاب الحضارات السابقة من الأمم التي خلت في أرض الجزيرة وذلك لما بطرت معيشتهم، وعتوا عن أمر ربهم، وتفاقم ظلمهم، (فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد)، (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين)، (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين) (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون)، (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا)
إن من سنن الله عز وجل في هذه الحياة أن جعل لكل بداية نهاية، فمع اليوم غدا، وبعد الحدث جدثا، ولكل مولود يوم موعود، وهذه سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، فكم من حضارة قامت وازدهرت ثم ما لبثت أن تبدلت وتبددت ولكن جعل الله لهذه السنن أسبابا ونواميس وقوانين؛ حتى يسهم البشر في صنعها؛ في تقديمها و تأخيرها، بحسب علمهم وحلمهم وحتى يكون الجزاء من جنس العمل، فيقال يداك أوكتا وفوك نفخ، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
وهكذا لما اندرست معالم التوحيد في أرض الجزيرة وترك الناس ملة الحنيفية خلا نفر قليل، واجتالت الشياطين البشر فتاهوا بين وثنية جائرة، ومجوسية فاجرة، ويهودية مدمرة، ونصرانية حائرة، (وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب) أمست حضارة العرب في حضيض وغدو في شر حال وآذن الناس بهلاك، ولكن اقتضت رحمة الله أن ينبثق فجر وأن يبعث رسول يخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ويهديهم إلى صراط مستقيم فألف الله به بين الشمل وجمع به بين القلوب وعصم به من كيد الشيطان
واقتضت حكمته أن تكون أرض النبوة الخاتمة والرسالة العالمية الخالدة هي أرض الجزيرة العربية ليبلغ أهلها رسالة ربهم إلى الناس كافة "فالعرب هم حملة شريعة الإسلام إلى سائر المخاطبين بها لأنهم يومئذ قد امتازوا من بين سائر الأمم باجتماع صفات أربع لم تجتمع في التاريخ لأمة من الأمم، وتلك هي: جودة الأذهان، وقوة الحوافظ، وبساطة الحضارة والتشريع، والبعد عن الاختلاط ببقية أمم العالم فهم بالوصف الأول: أهل لفهم الدين وتلقيه وبالوصف الثاني: أهل لحفظه، وعدم الاضطراب في تلقيه وبالوصف الثالث: أهل لسرعة التخلق بأخلاقه، إذ هم أقرب إلى الفطرة السليمة وبالوصف الرابع: أهل لمعاشرة بقية الأمم، إذ لا حزازات بينهم وبين الأمم الأخرى"ومن رعاية الله لهذه الجزيرة وأهلها أن النبي (ص) لم يمت حتى فتح الله عليه سائرها
ومن عناية النبي (ص) بها أنها كانت وصيته قبل موته عن ابن عباس قال: " وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب "
وفي صحيح مسلم عن عمر أنه سمع رسول الله (ص) يقول: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما) ومن ثمرة تلك الرعاية الإلهية والعناية النبوية ما أخبر به الصادق المصدوق (ص)إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم ومن لطف الله بهذه الجزيرة وأهلها، أنه قصم فئاما من الظالمين اعتدوا فيها، (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول)، (وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود)وهذه سنة الله الباقية فمن موعود الله لنا ما ثبت في حديث أم المؤمنين عائشة قالت: قال رسول الله (ص): (يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم) قالت: "قلت يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم" قال: (يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم)
ولا مجال هنا للحديث عن حضارة الإسلام وكم سادت من قرون وكيف انتكس أهلها لما تخلو عنها، فإن النهار لا يحتاج إلى دليل، والمعروف لا يعرف، وما كتب أكثر من أن يحصر..؟والحاصل أن لأهل هذه الجزيرة مقوم من مقومات ظهور حضارتهم ألا وهو أس الحضارة وأساسها ذلك هو الإسلام، الذي وطئ كل أرض فدخل كل قلب صالح ولئن سمعنا بأن بعض الدول الإسلامية نسبة المسلمين إلى المائة فيها مئوية، فأي دولة أعجمية -أيا كانت حضاراتها- لا وجود لمسلم فيها؟ وهذا دليل على قوة حضارة الإسلام ونفوذها وبيان جلي عملي يؤكد صلاحها لأي زمان وفي كل مكان والإسلام باق، والتجربة التاريخية في القيادة الحضارية شاهدة ماثلة، والمقومات المادية موجودة، فإذا جمعنا هذه الثلاث واستفدنا منها كانت حضارتنا الأجدر بالسيادة والريادة، كما كانت في سابق عهدها"
فى هذا الفصل ناقض المؤلفون أنفسهم حيث تحدثوا عن كون الحضارات العربية التى تحدثوا عنها كانت منحطة ولذا قضى الله عليها
ولا زال القوم يقولون أن العرب هم من قادوا الدعوة وهو كلام غير حقيقى فالمسلمون سواء تكلموا العربية أم لا هم من قادوا الدعوة ولم يقولوا أن أشرف العرب المزعومين وهم قريش هم أول من كذبوا الدعوة وظلوا عقود يحاربون المسلمين فهم لم يحاربوا عربا بل حاربوا مسلمين وظلت قريش الكافرة تقود الحرب ضد المسلمين وتجمع متكلمى العربية الأخرين رغم اختلاف أديانهم ألم يسأل الكتبة أنفسهم هل حارب النبى(ص) فى كتب السيرة والتاريخ غير العرب الكفرة ؟
ولا زال القوم يقترون على بيت الله مصدقين الروايات عن قيام قوم من الناس بهدم الكعبة متغافلين عن قوله تعالى " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم " الذى يعنى للبيت رب يحميه من كل سوء
وأيضا نجدهم يصدقون رواية إخراج المشركين واليهود والنصارى من الجزيرة مع أنهم بقوا فيها زمنا طويلا بعد النبى(ص)لم تمس معابدهم لأن الله حرم مس ما يذكر اسم الله فيه فقال ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا"
وتحدقوا عن القرآن فقالوا:
"سادسا: وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون:
إن هذا القرآن شرف للعرب إذ نزل بلغتهم (قرآنا عربيا غير ذي عوج) (إنا أنزلناه قرآنا عربيا) (وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا)، (وكذلك أنزلناه حكما عربيا)وكيف لا يكون خطاب رب العالمين إلى كافة المكلفين عربا وعجما شرفا للعرب، وقد جاء بلغتهم دون سواهم؟ (وإنه لذكر لك ولقومك) قال القرطبي: "يعني القرآن شرف لك ولقومك من قريش إذ نزل بلغتهم وعلى رجل منهم نظيره: (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) أي شرفكم فالقرآن نزل بلسان قريش وإياهم خاطب فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم كل من آمن بذلك فصاروا عيالا عليهم لأن أهل كل لغة احتاجوا إلى أن يأخذوه من لغتهم حتى يقفوا على المعنى الذي عنى به من الأمر والنهي وجميع ما فيه من الأنباء فشرفوا بذلك على سائر أهل اللغات ولذلك سمي عربيا" وعلى قدر التشريف يأتي التكليف، ولهذا قال بعدها (وسوف تسألون)، " أي عن هذا القرآن وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له" فأفهم الناس له، ينبغي "أن يكونوا أقوم الناس به، وأعلمهم بمقتضاه وهكذا كان خيارهم وصفوتهم من الخلص من المهاجرين السابقين الأولين ومن شابههم وتابعهم"
فمن قام بهذا التكليف استحق الذكر والتشريف، وبالمقابل من نبذ الرسالة وضيع الأمانة عاد عليه القعود عن التكليف بالتوبيخ والتعنيف، وكان معرضا للوعيد والتهديد، ولعل من مناسبة قول الله عز وجل: (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين) بعد قوله: (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون) الإشارة إلى أن القعود عن القيام بالذكر ظلم عاقبته وخيمة قصمت مدنا وقرى وحضارات أترفت فغدا أهلها حصيدا خامدين فواجب على أهل الجزيرة، منبع العرب، ومشرق الإسلام، أن ينهضوا بحضارتهم، وألا يغفلوا عن تبليغ رسالات ربهم، فقد آتاهم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين، وفضلهم على كثير من المخلوقين، (أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين)، (وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين)، ومن ينهض بالتكليف يناله حظه من التشريف، ولن ينسى التاريخ صلاح الدين، ومحمود بن سبكتكين"
لا زال القوم يصرون على كون القرآن شرف للعرب وهو كما قيل حجة عليك أو حجة لك وهو للأسف حجة على العرب فالكثيرون منهم مأواهم النار خاصة حكامهم وكل من يدافع عنهم فهم حرب على الإسلام والمسلمين فى أى مكان يتواجدون فيه يحكمون بشرع الكفر يتوارثون الحكم ويأخذون كل الأموال لهم ويوزعونها يغير العدل فهم يغنون من معهم ويفقرون بقية الشعب وكل من يطالب بالعدل إما فى سجونهم أو قتل بسلاحهم
القرآن هو شرف للمسلمين وليس شىء أخر