مزدوج المتقارب والشاعر الكبير غازي المهر

نشر الشاعر الكبير غازي المهر قصيدة (درب النجاة) وقدم لها أنها من مشطور المتقارب.
وأود أن أوضح أن المشطور ورد في بعض البحور كالرجز والسريع لكنه لم يرد في المتقارب. كما ذكرت مصادر العروض أن المشطور اختص في البحور سداسية التفاعيل فقط.
وكنت قبل سنوات قد نشرت موضوعا تضمن دعوة لإسقاط المشطور والمنهوك من الشعر العربي لأسباب ذكرتها وأعيدها هنا:
1 – الشطر لا يكمل فيه بناء بيت شعرعربي لعدم تضمنه صدرا وعجزا وعروضة وضربا, كما هو حال المنهوك أيضا في بعض البحور.
2 – إن شطر الشعر العربي كان يجري على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم مثلما تذكر بعض المصادر ومنها (الجامع في العروض والقوافي) لأبي الحسن العروضي:
- أنه كان يقول بيت طرفة بن العبد :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا * ويأتيك من لم تزود بالأخبار
لذا جرى على لسانه الشطر الأول صحيحا بينما الشطر الثاني لم يذكره صحيحا لأنه في الأصل ( ويأتيك بالأخبارِ منْ لم تزوَّدِ) وهو من بحر الطويل.
فإذا اعتبرنا المشطور شعرا فهذا يعني أن الشعر جرى على لسان النبي وهذا ليس صحيحا.
3 - وهنا الأهم أن معظم بحور وأوزان الشعر العربي وردت في القرآن الكريم كأشطر وان اعتبرنا المشطور بيتا شعريا فهذا يعني أن أبيات شعر وردت في القرآن الكريم وهذا غير صحيح فلم يرد إلا بيت واحد كما ورد في (ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) عن أبي نؤاس:
(لن تنالوا البرَّ حتَّى * تنفقوا مما تحبُّونْ) وهو من مجزوء الرمل.
في المتقارب ورد عن الشهاب :
فعولن فعولن فعولن فعولن * "وإن يستغيثوا يغاثوا بماءِ"
فهل يجوز أن أقول عن الآية الكرية أنها بيت من مشطور المتقارب ؟ طبعا لا ...
كما ورد مجزء المتقارب والذي ذكرته سابقا في أحد المواضيع التي طرحتها:
فعول فعول فعولن * " فصلِّ لربِّكَ وانحَرْ"
وهذا يسقط المشطور والمنهوك من الشعر العربي, بل هي أشطر وأجزاء من بيت الشعر العربي.
وأنا أعدت كتابة القصيدة كما يلي:
درب النجاة - مزدوج المتقارب

أطعت الإلهَ أطعت النبيّا * فأمسيت عبدا مطيعا تقيّا
ولست بقربِ إلهي شقيّا * فكانت حياتي ظلالا نديّا
**********************
طريقي مضاءٌ بنور صلاتي * أصوم وربي عليمٌ بذاتي
بكلّ التفاني أؤدّي زكاتي * بصدق التزامي تمرّ حياتي
***********************
أحجّ وروحي تشاء الرحيلا * إلى كعبة ما استطعت السبيلا
وإنّي لأرجو ثوابا جزيلا * دعاءً مجابا وعفوا جميلا
**********************
إلى الله أمضي لنيل رضاهُ * لألقى نعيما وطيب جناهُ
فدرب نجاتي بنور هداهُ * فحمدا لربٍ تجلّى علا
هُ
*******
وتكون قصيدة من المتقارب التام بتفعيلاته أما نمط النظم فيمكن استعارة ما ورد في المراجع.
حيث ذكرت أنه في العصر العباسي ظهرت أنماط من النظم لأغراض تعليمية أو توثيقية خاصة نمط (المزدوج) والذي اختص به بشار بن برد وأبو العتاهية وربما آخرون.
وكما ذكر السيد أحمد الهاشمي في كتابه (ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) أن أبا العتاهية نظم أربعة آلاف بيت في الحكم والأمثال وذكر منها بعض الأبيات اقتبست منها:
حسبُكَ ممّا تبتغيهِ القوتُ * ما أكثرَ القوتَ لمنْ يموتُ
الفقرُ فيما جاوزَ الكفافا * منِ اتَّقى اللهَ رجا وخافا
ويقول عنها أنها مشطورة من الرجز وكل بيتين بقافية , لكنني أرى الصحيح أن نقول أنها أبيات مصرعة من الرجز وكل بيت بقافية وروي لذا هي ليست مزدوجة .
لهذا سأطلق تسمية النمط المزدوج على ما نظم عليه الشاعر غازي المهر وهو مجيء بيتين مصرعين في كل مقطع (مزدوج) ولكل مقطع روي يختلف عن المزدوج الذي قبله.
(ملاحظة هنا عن أبيات أبي العتاهية وهي إن نظرنا البيت الثاني مستفعلن مستفعلن فعولن وهو ما سميته مخلع الرجز وحتى البيت الأول جاء الضرب فعولن بينما العروضة مفعولن , وهذا ليس موضوعنا حاليا)
تم وضع المطلع في لوحة تقطيع عروضي وفق ما عرضته أعلاه , ويظهر باللون الأحمر زحاف القبض في أحد التفعيلات.
آمل أن تروق له ولكم...

تحياتي وتقديري

,وللإطلاع على الموضوع الذي أشرت له:
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...9%8A&highlight=

وللأطلاع على لوحة التقطيع :

https://web.facebook.com/groups/rabi...2456794496090/