بحر الموفور وأحذ المنسرح والشاعر الكبير رياض شلال المحمدي

فاجأنا الشاعر الكبير رياض اليوم بقصيدته (جنان الجنان) والتي اصطف بها مع شاعر العراق الكبير معروف الرصافي ورائدة الشعر الحر نازك الملائكة, فقصيدته جاءت على وزن الموفور الذي سبق وتحدثت عنه, وكعادته التي لمستها منه في اختبار البحور والأوزان الجديدة, وشاعر كبير مثله حين يستسيغ وزنا معينا وينظم عليه فهذا يعني الكثير.
وفي القصيدة رد أيضا على من اعترض على مجيء (مستفعلاتن) في الشعر أو الحشو لأن في القصيدة تأكيدا أيضا على ما قلته سابقا عن تطابق الموفور مع المنسرح في وزن معين كما تطابق الموفور مع مخلع البسيط عند اعتماد زحاف الخبن في مستفعلاتن الثانية كما حدث في قصيدة الشاعر الكبير معروف الرصافي.
وقصيدة الشاعر رياض مطلعها:
نعيمُ قلبي مَغنى الحِسانِ * وهمّةٌ تاقتْ للتداني
ووزنه عروضيا هو:
متفعلاتن مستفعلاتن * متفعلاتن مستفعلاتن
أي أن التفعيلة الأولى في كل شطر جاءت مخبونة من أصل الوزن :
مستفعلاتن مستفعلاتن * مستفعلاتن مستفعلاتن
وهذا هو ما سمته الشاعرة نازك الملائكة (بحر الموفور) ونظمت عليه قصائد من الشعر الحر كما سبقها الشاعر معروف الرصافي بالنظم عليه بقصيدة من الشعر العمودي.
والملاحظ في قصيدة الشاعر رياض أنه لم يزاحف التفعيلة الثانية لذا لم يظهر وزن مخلع البسيط فيها, والزحاف الوحيد الذي اعتمده هو خبن التفعيلة الأولى في كل شطر وجاء ذلك في كافة أبيات قصيدته.
وما يجلب الإنتباه في هذه القصيدة أنها يمكن أن تقطع على ضوء وزن المنسرح كما أوضحت سابقا:
مستفعلاتن مستفعلاتن * مستفعلاتن مستفعلاتن
وهذا الوزن يتطابق مع (المنسرح الأحذ) لو قطعناه كما يلي:
مستفعلن مفعولاتُ فعلن * مستفعلن مفعولاتٌ فعْلن
وهنا العروضة والضرب (فعْلن) هي من (مستفعلن) المنسرح بحذف الوتد وهذا يسمى الحذو أي ان الوزن هو من أحذ المنسرح , وهنا لابد أن أذكر أن الأحذ جاء في الكامل فقط , كما أن المنسرح لم يرد فيه سابقا في العروض هذا الوزن, ولم يتكرر الحذو في أي بحر عدا الكامل.
والشاعر رياض حافظ على وزن (مفعولاتُ) إن اعتبرناه من المنسرح بوتد مفروق بدون أي زحاف في كافة الأبيات.
لأنه لو طوى مفعولاتُ لتكون فاعلات لأصبح الوزن:
مستفعلن فاعلات فعْلن , ويمكن قراءته
مستفعلن فاعلن فعولن (وهذا مخلع البسيط)
ولو خبن مفعولات لتكون فعولات لأصبح الوزن:
مستنفعلن فعولن فعولن (وهذا بدون تسمية لأن الحذو لم يأت سابقا في المنسرح)
وإذا اعتبرناه بدون وتد مفروق كما طرحت سابقا فسيكون وزن المنسرح:
مستفعلاتن مستفعلن فاعلن
وبحذف الوتد من (فاعلن) أي بالحذو فسيكون الوزن:
مستفعلاتن مستفعلن فا
وهذا يقرأ : مستفعلاتن مستفعلاتن.

المهم في طرحي هذا هو الرد على من لا يتقبل (مستفعلاتن) في الشعر العربي وهي موجودة لفظا أصلا كما تبين في المنسرح.
ولأن الأحذ لم يرد في المنسرح سأعتبر أن وزن القصيدة من بحر الموفور كما نظم عليه معروف الرصافي.
وفي الحالتين إن كان من الموفور أو المنسرح الأحذ فهو وزن سليم مستساغ.
وتم وضع المطلع في لوحة تقطيع عروضي أقدمها هدية مني ومن رابطة الواحة الثقافية لشاعرنا الكبير رياض.
آمل أن تروق له ولكم.

تحياتي وتقديري

القصيدة كاملة:
جِنانُ الجَنان
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
نعيمُ قلبي مَغنى الحِسانِ * وهمّةٌ تاقتْ للتداني

وصالُ أيامٍ ليس يُنسى * وبهجةُ الرحمى والحنانِ
تبغددتْ بالعرفانِ تشدو * وأصّلتْ ترنيمَ الأمانِ
تحضّنتْ قوسَ النصرِ راحتْ * تهيم في ألحانِ التهاني
فللهوى يا روحي جمالٌ * وللندى تهمي مقلتانِ
وخوذةٍ في الأرض استقرّتْ * تأنقتْ دهرًا بالهوانِ
تأمّلتني ، لم تنسَ أنا * فؤادُنا جسرٌ في العَوانِ
وأننا والآمالُ تترى * بلا ارتيابٍ صُنا المعاني
فكيف دالت سُحبُ الندامى * وأسلمت جفنًا للأناني
قيامةٌ في الزوراء قامت * وقد جفاها صدقُ الجَنانِ
وأرسلت مبعوثًا لسعدٍ * عساه يأتينا بالجِنانِ

*******

وللإطلاع على لوحة التقطيع فهي على الرابط التالي :

https://web.facebook.com/groups/rabi...2281914513578/