دائرة الملتحق من إشكالات بحر المتقارب

استجابة لدعوة الشاعر الكبير عباس شكر قبل أيام للإطلاع على قصيدة نشرها على صفحته وهي من بحر المتقارب المبتور والمهجور حاليا من قبل شعرائنا, لمعرفته بأن لي رأيا سبق وطرحته عن بحر المتقارب وإشكالاته العروضية.
وقبل أن أعيد طرح الموضوع لابد من استعراض قصيدة الشاعر عباس شكر.
لمن توجه القصيدة؟ من المتقارب المبتور المهجور

1 - تجبّرَ غيركَ فاستعسرْ * وكانت مفازاته الأيسر
2 - فسادَ فساداً بأقدامه ِ * فأتبع فرعونه الأكبر
3 - وخان يميناً بقرآنه * وخاض الصراع فلم يُنصرْ
4 - كأنَّ بخمّارةٍ يحتسي * كؤوساً وتعذيبه المعصرْ
5 - تعنّبَ فنّاً يقيءُ بها * كلاماً جبالاتها أصغرْ
6 - أيعكسُ أصلاً دناءاتها * لقيطاً تحدّرَ بالمنكرْ
7 - يقيناً يموت بلا ذكرى * سيبقى بذكراه كالأبترْ
8 - بإتباعهنَّ مخالفةً * (فأمّا اليتيمَ فلا تقهر)

وزن المتقارب المبتور هو :
فعولن فعولن فعولن فعْ * فعولن فعولن فعولن فعْ
وفعْ هي بعد حذف السبب الخفيف من فعولن لتكون (فعو أو فعِلْ) ثم قطع رأسه لتصبح (فعْ) والتي تكافئ سببا خفيفا.
وجاز في المتقارب مجيء الأعاريض مبتورة أيضا كما هو الحال مع بعض الضروب الأخرى.
ومن خلال استعراض أبيات القصيدة نرى ما يلي :
1 – إن الأشطر الثانية في كل بيت هي فعولن فعولن فعولن فعْ والتزم الشاعر بعدم مزاحفة فعولن قبل الضرب. والفراهيدي لم يجز القبض فيها بينما الأخفش أجازه.
2 - الأشطر الأولى في الأول والسابع كانت العروضة بتراء كالضرب فعْ , بينما في الأبيات الأخرى جاءت على وزن (فعِل) وهي المحذوفة .
3 – البيت الخامس زاحف الشاعر فعولن قبل العروضة (فعِل) بالقبض. وهذا يظهر موضوعا آخر للنقاش. علما بأن الفراهيدي لم يجز قبض فعولن قبل العروضة البتراء بينما أجازه الأخفش.
لقد سبق وأن طرحت موضوع (بحر المتقارب وإشكالاته العروضية) وهذه هي إحداها والتي سأشرحها بالتفصيل.
في قراءة للبيت الأول والسابع بإعادة التفعيلات المزاحفة لأصلها في الحشو:
فعولن فعولن فعولن فعْ * فعولن فعولن فعولن فعْ
وأنا كانت قراءتي للوزن كما يلي:
فعولن فعولن مفاعيلن * فعولن فعولن مفاعيلن
وهذا الوزن أمكن تدويره كما بينت ذلك في موضوع المتقارب وإشكالاته العروضية والذي نشر نهاية عام 2015 , وكانت نتيجة التدوير ما يلي:
1 - فعولن فعولن مفاعيلن (يكافئ وزن المتقارب الأبتر من دائرة المتفق)
2 - فاعلن فاعلن فاعلاتن (معكوس مجزوء المديد المحذوف من دائرة المختلف)
3 - مستفعلن فاعلن فاعلن ( بحر اللاحق كما سماه الدكتور عمر خلوف) (وهذه دائرته)
4 - مفاعيلن فعولن فعولن (مجزوء المستطيل المحذوف من دائرة المختلف)
5 - فاعلاتن فاعلن فاعلن (مجزوء المديد المحذوف من دائرة المختلف)
6 - فعولن مفاعيلن فعولن (مجزوء الطويل من دائرة المختلف)
7 - فاعلن فاعلن مستفعلن (معكوس اللاحق) ويمكن أن نقرأه أيضا (فاعلن فاعلاتن فاعلن) فيكون مجزوء الممتد من دائرة المختلف.
وحينها أطلقت عليها اسم الدائرة العاشرة (دائرة المديد مؤقتا)
لكنني الآن سأعتمد تسمية (دائرة الملتحق) لتضمنها بحر اللاحق الجديد والذي سبق وأوضحت بعض الأوزان التي نظم عليها الشعراء ومنهم الشاعر الكبير عباس شكر على وزن:
مستفعلن فاعلن فعِلن
من عينها حصتي الأرقُ * فالكحلَ قد مدّهُ الشفقُ
مستفعلن فاعلن فعِلن * مستفعلن فاعلن فعِلن
كما نظم الشاعر محمد أبو كشك على وزن:
"مشَبِّكٌ" مثلما الشَّبَكْ * وخيطهُ لفَّ واشْتَبَكْ
متفعلن فاعلن فعِلْ * متفعلن فاعلن فعِلْ
ورددت عليه بقصيدة أيضا على نفس الوزن.
مُحَمَّدٌ بارِعُ السَّبكْ * وَشِعرُهُ قَطَّعَ الشَّبَكْ
متفعلن فاعلن فعِلْ * متفعلن فاعلن فعِلْ
علما بأن هذا الوزن يمكن أيضا أن ينتج من بحر المتقارب المحذوف بإشكالية الخرم :
فعولن فعولن فعولن فعل * فعولن فعولن فعولن فعل
وإذا خرمنا الشطرين كما أجاز الأخفش:
عولن فعولن فعولن فعل * عولن فعولن فعولن فعل
وهذا بإعادة قراءته ينتج:
مستفعلن فاعلن فاعلن * مستفعل فاعلن فاعلن
قال الأعشى:
فموتوا كرامًا بأسيافكمْ * والموتُ يجشمُهُ من جَشمْ
بالطبع هو خرم الشطر الثاني لكن لو خرم أيضا الشطر الأول وهذا جائز:
موتوا كرامًا بأسيافِكُمْ * والموتُ يجشِمُهُ من جَشَمْ
عولن فعولن فعولن فعِل * عولن فعولُ فعولن فعِل
وقراءتي له:
مستفعلن فاعلن فاعلن * مستفعلن فعِلن فاعلن (فعِلن مخبونة من فاعلن)
ولو دورنا هذا الوزن لأنتج أيضا الأوزان المذكورة أعلاه.
كما يمكن أن ينتج وزن اللاحق من مجزوء البسيط المقطوع:
مستفعلن فاعلن مستفعلن
وبالقطع:
مستفعلن فاعلن مفعولن
وبالخبن:
مستفعلن فاعلن فعولن (مخلع البسيط)
وبالطي :
مستفعلن فاعلن فاعلن (اللاحق)
أما البيت الخامس والذي أجلت الحديث عنه وهو :
تعنّبَ فنّاً يقيءُ بها * كلاماً جبالاتها أصغرْ
ووزنه حسب المتقارب هو:
فعولُ فعولن فعول فعِل * فعولن فعولن فعولن فعْ
وحسب رؤيتي وزنه:
فعولُ فعولن مفاعلتن * فعولن فعولن مفاعيلن
ويكون أصله:
1 - فعولن فعولن مفاعلتن * فعولن فعولن مفاعلتن
وبتدويره ينتج:
2 - فاعلن فاعلن فاعلاتكَ * فاعلن فاعلن فاعلاتكَ )وهذا يمكن أن يحذف لانتهائه بمتحرك
3 - متفاعلن فاعلن فاعلن * متفاعلن فاعلن فاعلن
4 - مفاعلتن فعولن فعولن * مفاعلتن فعولن فعولن
5 - فاعلن متفاعلن فاعلن * فاعلن متفاعلن فاعلن
6 - فعولن مفاعلتن فعولن * فعولن مفاعلتن فعولن
7 - فاعلن فاعلن متفاعلن * فاعلن فاعلن متفاعلن
وهذا ينقلنا لدائرة بسبب ثقيل كما في المؤتلف.
وبالتأكيد لا يمكن اعتماد أي وزن ما لم يستسغه الشعراء وينظموا عليه.
كما توصل الأخ الشاعر المهندس محمد السحار لنفس النتيجة من خلال افتراض مجزوء الطويل (فعولن مفاعيلن فعولن) واستنبط نفس الأوزان التي ذكرتها أعلاه ونشر الموضوع بداية عام 2016 تحت اسم (دائرة مجزوء الطويل).
علما بأن أسلوب البناء الشعري في أوزان هذه الدائرة اعتمد على (تفعيلة سباعية واحدة وتفعيلتين خماسيتين) وجميع التفعيلات سالمة وزنا في البناء (حتى لا يقال دورت علة).
تم وضع المطلع في لوحة تقطيع عروضي حسب مقاطعه العروضية ويظهر باللون الأحمر موقع زحاف القبض في تفعيلة (فعولن).
أما اللوحة الثانية فتبين أوزان الدائرة الناتجة من عملية التدوير.
وأقدمهما هدية مني ومن رابطة الواحة الثقافية لشاعرنا الكبير عباس شكر مع هذا الشرح.
آمل أن تروق له ولكم...
وأنا مستعد لأي حوار أو نقاش حول الموضوع.

تحياتي وتقديري

https://www.rabitat-alwaha.net/molta...AF%D9%8A%D8%AF

وللإطلاع على مخطط اللوحتين فهما على هذا الرابط

https://web.facebook.com/groups/rabi...6506292091140/