أحدث المشاركات

مختارات في حب اليمن» بقلم محمد نعمان الحكيمي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مدينة الضباب!

  1. #1
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,141
    المواضيع : 253
    الردود : 5141
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي مدينة الضباب!

    «مدينة الضباب»



    وفي نهاية الحكاية:
    وماذا كنت أريد من تلك المدينة.. لا شيء تقريباً..
    والحقيقة أنّي كنت أحسّ في قرارة نفسي وعلى مدى العشرين عاماً الماضية، وقبل أن ألتقي بهذه المدينة، أنّي آخذ من هذا العالم أكثر ممّا أعطي، أعبّ ما استطعت منها، أستجمع.. ربما ليومٍ ما..
    ثم لمّا التقيتها هذه العنيدة لم أعد أريد شيئاً، بل كان كل همّي أن أعطيها ما جمعت في تلك السنين، وكان كل حلمي أن أذوب لها كالشمع لتضيء.. أن أسهر عليها لتغفو.. أن احتويها بكل ما لديّ.. لقد عملت جهدي لتضيء.. لتنّبعث من بين الألم.. لتفتح عيونها على عالم الحقيقية..
    تركت عاداتي من أجلها، فلم أعد أجلس للقراءة ساعات طويلة، ولا أنام القيلولة، ولا أسترخي أوقات الفراغ، بل لم يعد لي منذ أن تشابك نبضينا فراغٌ ولا وقتٌ خاصّ لي، كل شيء كان لها.. وكان لها فقط.. لتلك المدينة التي لفظتني ذات اتهام!
    *
    لم أكن أنتظر من تلك المدينة بعد تلك السنوات سوى رسالة.. ممّن؟ لا يهم.. وما محتوى الرسالة؟ لا يهم.. فقط رسالة.. قصاصة ورقةٍ وبعض كلمات هي كلّ ما أردت!
    أحقاً لم يعد أحدٌ في تلك المدينة الجاحدة يذكرني..
    إحدى العجائز التي كنت أساعدهم في حمل سِلالهم.. الخبّاز في وسط الشارع المزدحم.. بائع الحلوى.. بائع الجرائد.. الشّرطيّ الذي علّمته كيف يكون شرطياً يحترمه الناس.. تلك الفتاة ذات العينين الوقحتين التي تشبه عيون قطّة، والتي لا شكّ أنها اليوم غدت عجوزاً ذابلة العينين.. المتسوّل الذي لم أبخل عليه يوماً بشيء، ولو بابتسامة؟!
    رسالةٌ فقط.. قصاصةٌ وبعض كلمات.. أيّتها الجاحدة!
    ولكن.. أعود وأتساءل: لو فكّر أحدهم أن يكتب لي رسالة، فأين سيرسلها؟
    *
    ويمضي الليل ثقيلاً، وأسهر والصّداع ينهشني، أفكر في تلك المدينة التي دخلتها ذات صدفة..
    وهل الصدفة إلا قَدَر؟
    وفي الصباح أتتبّع خطى الظاعنين أسألهم عن خبرها، فإذا أنا فيها متهمٌ.. خاذلٌ.. محطمٌ.. حتى ذلك المتسوّل الذي لم أكن أبخل عليه ولو بابتسامة صار يردّد الاتهامات ضدّي كبقيّتهم!
    آهٍ.. ما تفعل الأيام بالبشر؟
    مغرورةٌ أنت أيتها المدينة السابحة في أوهام عقلك الذي أخطأ طريقه..
    لم يكن الأمر يحتاج أكثر من الوقوف تحت نبض الساعة القائمة على الجهة اليسرى من صدر المدينة، لمعرفة الوجهة الصحيحة، فدقّاتها بوصلة الحقيقة!
    ولكن.. ما تقول وميزان الأرض يُخسر؟!
    *
    ويحدث أنّي بعد هذه السنوات أشتاق إلى تلك المدينة العنيدة التي لفظتني ذات اتهام!
    تلك المدينة التي يطغي الضباب على معظم مشاهدها..
    وأتساءل: أعود؟
    فتتردّد على مسامعي كلمات محكمتها الأخيرة:
    أخرج من هنا.. فقد أصبحت عبأً وثقلاً على هذه المدينة، وحجر عثرةٍ أمام مستقبل أبنائها.
    فأنسحب.. ثمّ أنزوي في زاوية صمتِ اشتياقي!
    *
    ثم أنظر في الأرض فإذا هي زور، وأُصعد نظري نحو السماء فإذا هي نور..
    فأغطّي الوجع بسجاف الصبر، وألملم بقاياي كجنديّ تخاذل عنه أصحابه ذات حرب..
    كجنديّ مطعون في ظهره، بينما عدوّه أمامه!
    فلتحتفل تلك المدينة إذن بانتصار كبريائها الزائفة، ولينتفش طاووس وهمها في جميع تفاصيل ملامحها، ولتملأ السماوات بأضواء ألعابها النارية التي تخطف الأبصار برهةً ثم تتلاشى، نعم تتلاشى، لأن الأرض زور.. والسماء نور.
    *
    كان ذلك الموقع أقرب ما يمكن له أن يكون فيه منها، وعندما لم يجد غير النُكران، حَمل زاده القليل وقِربة الماء، وأشاح بوجهه عن المدينة ومضى..
    كانت شمس الأصيل تغادر وجه الأرض، تنسحب رويداً رويداً، وتسلخ نورها من ظهور الجبال والسهول، وتغور في أعماق الظلام!
    وغار هو أيضاً في ظلمة ليلٍ بهيمٍ، ومنذ ذلك الحين ولم يسمع أحدٌ عنه شيئاً.
    وعن غيابه وظهوره قِيلَ وقِيلَ..
    وفي الحكايا كما الاساطير تعدّد وجوه النهايات.



    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.50

    افتراضي

    الأستاذ بهجت
    نص جميل وفيه من عنصر الإيحاء ما يستدعي التوقف و التأمل .
    وقفت بداية عند العنوان " مدينة الضباب " .. بحثت عن مدلول الضباب فوجدت اللفظ في وسط النص : تلك المدينة التي يطغى الضباب على معظم مشاهدها .. والدلالات في كثير من المشاهد ..ولعل الضباب هنا ليس بدلالته الطبيعية بل لما يكتنف الأجواء من ستار يغطي على الحقيقة حينا فبل ان يزول ..
    هي إذن رحلة عن مدينة او عن مجتمع يعود الغائب إليه فيجده قد سار على غير ما يشتهي .. هي الشمس التي تنزوي وتنسحب رويدا رويدا لتغور في الظلام .. قرات هنا خيبة أمل العائد بعد غياب ليجد نفسه غريباً تتنكر له الشخوص و التفاصيل ..
    أبدع الكاتب في وصف حال المغترب العائد (ويمضي الليل ثقيلا وأسهر والصداع ينهشني ، افكر في تلك المدينة التي دخلتها ذات صدفة .. وهل الصدفة إلا قدر ؟وفي الصباح أاتتبع خطى الظاعنين أسألهم عن خبرها .. الخ)
    .. قد لا تكون المدينةُ هي تلك المدينة بالمفهوم الحسيّ .. لكنها ما كان يعيشه المرء من واقع مرّ عليه فأحبه و ألِفَه ثم ها هو الآن يراه وقد ظغى عليه الزيف والوهم ..

    نص جميل .
    وافر تقديري .

    تشابك نبضانا ..التي كنت أساعدهن ..عبئا..
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    النص يوحي بهاجس ينتاب صاحبه عن وطن عن جذور عن ماضٍ يبحث عنه لكنه لايجده…يتحدث عنه وكأنها من زمن أقل وقد لايعود..حيث الأمل فيه ضعيف وقلق..
    اتخذ النص منهج البوح في سرد مايعتلج صدر البطل.
    كنت هنا في أفياء حرفكم.
    دمتم بخير.
    فرسان الثقافة