ومن إخبار الرسول الأعظم بما يكون صلوات ربي عليه وسلامه
عن أم ذر ، قالت :
لما حضرت أبا ذر الوفاةُ بكيتُ ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندى ثوبٌ يسعك كفنا ، ولا يدان لي في تغييبك ؟ قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتَّن رجلٌ منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابةٌ من المسلمين ، وليس أحدٌ من أولئك النفر إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، فوالله ما كَذَبتُ ولا كُذِبت ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنَّى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرق ، فقال : اذهبى فتبصَّرِي . قالت : فكنت أسند إلى الكثيب(أصعد فيه) أتبصر ، ثم أرجع فأمرّضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم(طائرٌ غزيرُ الريش ، أَبيضُ اللون مبقَّع بسواد له جناحٌ طويل مذَبَّب يبلغ طوله نحو ذراع ،)تخبّ بهم رواحلُهم ، قالت : فأشرت إليهم ، فأسرعوا إليَّ حتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمةَ الله ؛ ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه . قالوا : ومن هو ؟ قلت : أبو ذر . قالوا : صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، ففدّوه بآبائهم وأمهاتهم(أي قالوا له فداك أبي وأمي) ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتَّن رجلٌ منكم بفلاةٍ من الأرض يشهده عصابةٌ من المؤمنين . وليس من أولئك النفر رجلٌ إلا وقد هلك في جماعة ، والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبت ، إنه لو كان عندي ثوبٌ يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفنْ إلا في ثوب هو لي أو لها ، فإني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجلٌ منكم كان أميرا ، أو عريفا ، أو بريدا ، أو نقيبا ، وليس من أولئك النفر أحدٌ إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفى ثوبين من عيبتي (وعاءٌ من أَدَمٍ ونحوه يكونُ فيه المتاعُ.)
من غزل أمي . قال : أنت فكفِّنِّي ، فكفَّنَه الأنصاري ، وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلُّهم إيمان
الحديث حسنه الألباني في " صحيح الترغيب "
مابين قوسين كلامي لشرح الحديث