أحدث المشاركات

قراءة في مقال حقائق مذهلة عن الكون المدرك» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: سيجارة....

  1. #1
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي سيجارة....

    د. ريمه الخاني


    من الصعب جدا أن تشعر بسعادة و أنت تسجن مع من تكره، أوتجبر على تقبل من يرفضك في مكان واحد، أوترغم على دخول منزل من طردك منه يوما...أو تجد نفسك في ثلاجة فيقفل عليك بابها ولاتستطيع خروجا!!! مثلا طبعا، أو تنام على وسادة حديدية مليئة بالمال وأنت جائع تعيش في صحراء!....وحتى أن تضطر لتعتذر ممن جرحته وخدشت كرامته يوما وآذيته!..
    هذا هو شعوري بالذات عندما أصبت بحساسية صدرية من جراء كوني مدخن سلبي أملك حياء المواجهة ممن يضر صحتي.. كيف صبرت وقبلت أن أكون هذا المريض السلبي فعلا؟...وقد همستْ ابنتي في أذني يوما ما.. ألا أجامل في الأمور التي تمس الصحة أبدا، فأطلب من كل من يدخن سيجارته في أي مكان، وقريبا مني بحكم المكان وظروفه تركها لأن هذا يضرني، فإن انصاع لطلبي كان منطقيا، وإلا فعلي الابتعاد، فأنا أشعر الآن بأني سأدخل متاهات صحية جراء ذلك بخجلي وترددي، فأكدتْ وهي المجتهدة في مجال أعمال الخير، أن أطلب منه بلهجة الواثق الابتعاد أو إطفاء سيجارته لطفا، وحصل .. عدة مرات ووجدت الأمر أكثر من ضروري بل مهما جدا في تفعليه، يجب علينا ألا نفسح المجال لغيرنا أن يدخل الخط الأحمر خاصتنا...لكن ردة الفعل كانت تتراوح كالعادة، مابين عدم التجاوب والتجاوب الإيجابي، والتردد طبعا، أو الابتعاد بامتعاض، وهذا طبع البشر على تنوع سلوكهم، لكن مايحزن أكثر، ويصيب بالخيبة أكثر.. هؤلاء الشباب وصغار السن، الذين تلمس أدبهم ورقيهم، وتشعر تجاههم بواجب التنبيه ولفت النظر، وماأقلهم ، لكن نفسك تأبى إلا أن تقدم شيئا لهم مهما كان بسيطا، وتكون قد فعلت مايمكن فعله.
    كنت أشعر بدخان لفائفهم تغشى صدري،تحاصرني، تسجنني في دخانها اللافح ذي الرائحة النفاذة، تؤرقني وتجعلني أتخيل كيف سيكونون غدا؟ ماذا عن صحتهم التي تتسرب رويدا رويدا للفراغ الآثم!؟، خاصة من حيث التعلق وعدم المقدرة على تركها بسهولة عندما يتقدمون بالعمر ؟، إلا أن يدخلوا دوامة المرض فعلا...فيستمروا أو يقلعوا، خطوة شجاعة لايقدم عليها إلا ذو إرادة حديدية، حديث كهذا كان يدور في رأسي دوما طالما كان في الوقت متسعا للتفكير في صحة يمكن استردادها قبل فوات الأوان، فقد استطال الوقت عندي، بسبب سفر الأولاد وابتعادهم عن مرمى حضورهم الجميل قربي، وبات الأمر متاحا لإعادة النظر فيما حولي وفي العلاقات الاجتماعية القديمة والبائتة التي نامت ومضت بلا استقرار تفاهمي، حيث بقي لكل طبعه الفريد، يدور حوله ولايبارحه للأفضل، فيصل المرء لمرحلة الانتقاء الحتمي، ويرشد علاقاته، المهم منها فقط والإيجابي برأيه، وبقيت الذكريات تحيك نسيحها العنكبوتي على الحاضر صارخة بقوة:
    -لايمكن لشيء أن ينسى، حتى سوء التفاهم، إنه يحفر في النفس أخاديدا عميقة..
    أشحت عن خاطري أحاديث نفس لاتنتهي أبدا، كاجترار وقائع ماضٍ لن يعود أبدا...
    خرجت لأجلب بعض حاجيات للمنزل، رغم أن الاستهلاك قد تراجع وبات الطعام يسبّح ربه في الثلاجة، مناديا:
    - هل من متناول لهذا الطعام اللذيذ اليتيم؟.
    أردد في ذاكرتي: جبن وخبز طازج من صنع يدي ّ من ألذ الطعام.
    رأيته كالعادة على رأس عمل ليس له، كان يقبع وراء نظاراته الأنيقة، وشاربه الأسود حالك السواد، وشعره الممشط بعناية فائقة، حتى لتخاله وجد هنا خطأ، يغرق في تهذيب شديد،وحساب لكل كلمة يقولها، صامت إلا من المجاملات المهمة، عند أداء عمله، بنشاط وحيوية، لكن أمرا واحدا كان يحزنني عند رؤيته، لأطلب منه حاجياتي تلك، هذه السيجارة التي لاتفارق فمه أبداً لكأنها رضّاعة تدر له الحليب وتمنحه قوة وحنانا دائما!.
    مافكرت يوما بتنيهه ، ربما ترددا أو عدم دخول تفاصيل حديث لاطائل منها أو حياة إنسان لاتعنيني بشيء..، ذلك لأنني أتمتع بجدية فائقة، قد تمنعني من التحدث بأطراف الحديث الذي لالزوم له.لكنني لاأدري كيف استجمعت شجاعتي وتذكرت عبارات ابنتي التي كنت يوماما قدوتها فصارت مستشارتي الرائعة.. فقلت:
    -خسارة أن تودي بصحتك، بسبب سيجارة، وأنت الشاب القوي النشيط..الله يعطيك الصحة والتوفيق والنجاح دوما...تستأهل كل الخير، يبدو أنك من عائلة محترمة جدا.
    نظر إلي نظرة ذات معنى..نظؤة المتأمل الذي يملك من الحديث الكثير لكنه لايريد الإفصاح عنه..فتوقف عن تعبئة الجوز المطلوب في العبوة، صمت طويلا وتأمل السماء ، أوكأن أحدا ما لم يوجه له دعاءً من القلب كهذا..دمعت عيناه رمى عقب السيجارة على الأرض سحقها بحذائه...وقال:
    -متعك الله بصحتك وأولادك، بالله عليك زيديني دعاء..كم أنا بحاجة إليه، فربما عدت إلى جامعتي يوما ما، ورزقني الله رزقا حلالا كافيا، لأعيل به جدي وجدتي وأمي وأبي.
    **************


    الآن..يملأ الكيس البلاستيكي جوزا، وقد عاد لوجهه لونه الوردي وصحته ونشاطه ، وأقلع فعلاعن التدخين، وسط تعجبي وسروري الكبيرين، وعندما رآني ابتسم وقال من جديد:
    - متعك الله بصحتك وأولادك، بالله عليك زيديني دعاء... قد عدت لدراستي والحمد لله..
    كنت أسير على عجلات كرسيي المتحرك الذي أقلني حديثا..قلت له حينها عبارة كنت نسيتها:
    -أمين
    14-1-2020
    فرسان الثقافة

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    إنما الدين النصيحة .. ورب نصيحة مصحوبة بدعاء صادق تكون سببا في هداية
    صاحبها ووضعه على الطريق الصحيح.
    فكرة جميلة ، ورسالة جليلة ـ هدى الله شبابنا بالإبتعاد عن ما يضرهم ويغضب الله
    من حرق لصحتهم ولأموالهم ، وتهديد صحة كل من يستنشق ذلك الدخان المنبعث من زفيرهم.
    قصة ماتعة وحبكة متينة وسرد شائق اعتمد المباشرة بلا تعقيد، وبراعة في التصوير.
    بورك الفكر والقلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    إنما الدين النصيحة .. ورب نصيحة مصحوبة بدعاء صادق تكون سببا في هداية
    صاحبها ووضعه على الطريق الصحيح.
    فكرة جميلة ، ورسالة جليلة ـ هدى الله شبابنا بالإبتعاد عن ما يضرهم ويغضب الله
    من حرق لصحتهم ولأموالهم ، وتهديد صحة كل من يستنشق ذلك الدخان المنبعث من زفيرهم.
    قصة ماتعة وحبكة متينة وسرد شائق اعتمد المباشرة بلا تعقيد، وبراعة في التصوير.
    بورك الفكر والقلم.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    أستاذة نادية وقارئة متميزة وتعمق في المرمى والمعنى..دمت بعز وفكر متقد. اللهم قِ كل مدخن من سمومها.

  4. #4
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 38
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    بعض العادات تكون عبئا ثم يشحذها المدخن لتكون مقصلة لكل مخالطيه و يتبين ذلك بعد الغوص في أعماق ذاته ..
    النصيحة و النية الحسنة تترك في النفوس أثرا جميلا ..
    قصّ ماتع و أسلوب بارع ..
    دمتِ بكل خير و عافية..
    كـلُّ الـشموس تـجمّعتْ فـي فُـلْكهِ
    ويَرانِيَ الشمسَ الوَحيدةَ في سَماهْ

  5. #5
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.56

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سحر أحمد سمير مشاهدة المشاركة
    بعض العادات تكون عبئا ثم يشحذها المدخن لتكون مقصلة لكل مخالطيه و يتبين ذلك بعد الغوص في أعماق ذاته ..
    النصيحة و النية الحسنة تترك في النفوس أثرا جميلا ..
    قصّ ماتع و أسلوب بارع ..
    دمتِ بكل خير و عافية..
    حضورك أنار النص وأضاف أفكار مهمة نعم هذا صحيح.