أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَكَ اعْتِذَارِي
وَدَمْعُ القَلْبَ قَبْلَ العَيْنِ جَارِي
عَلَوْتُمْ يَابْنَ إِسْمَاعِيلَ قَدْرًا
نَقِيًّا مِثْلَ رَابِعَةِ النَّهَارِ
كَتَبْتَ صَحِيحَكَ الفَخْمَ المُعَلَّى
بِمَاءِ القَلْبِ يَسْطَعُ كَالنُّضَارِ
وَشَاءَ اللهُ أَنْ يَبْقَى إِمَامًا
فَلَا تَمْحُوهُ أَمْوَاجُ البِحَارِ
فَإِنَّ الذِّكْرَ مَحْفُوظٌ وَيَأَبَى
عَلَى كَرِّ الزَّمَانِ مِنِ انْدِثَارِ
وَنُؤْمِنُ أَنَّهُ حَقٌّ صَحِيحٌ
عَلَى رَغْمِ المُشَكِّكِ وِالمُمَارِي
لِسَيِّدِنَا أَبِي بَكْرٍ مَقَامٌ
كَقَدْرِ صَحِيحِ سَيِّدِنَا البُخَارِي
فَذَا خَيْرُ الصِّحَاحِ بِلَا نِزَاعٍ
وَذَلِكَ خَيْرُ أَصْحَابٍ خِيَارِ
وَمَا فِي سِفْرِهِ المَيْمُونِ إِلَّا
أَحَادِيثٌ كَمَا الشُّهُبِ الدَّرَارِي
فَهَذَا العِلْمُ فَأْتُونِي بِعِلْمٍ
فَطِيبُ الأَرْضِ يُعْرَفُ بِالثِّمَارِ
وَلَمْ أَحْمَدْ صَحِيحَكَ قَبْلَ هَذَا
وَتَرْكِي الحَمْدَ آيَاتُ الخَسَارِ
يُطَاوِلُ عَزْمَكَ السَّامِي حَقِيرٌ
تَرَبَّى بَيْنَ أَقْنِيَةِ المَجَارِي
وَبَيْنَ يَدَيْهِ كُتْبٌ مَا وَعَاهَا
كَأَسْفَارٍ عَلَى ظَهْرِ الحِمَارِ
أَيَهْزَأُ جَاهِلٌ غِرٌّ سَفِيهٌ
بِعِلْمٍ قّدْ تَجَلَّلَ بِالوَقَارِ
وَيَعْبَسُ إِنْ ذَكَرْتَ اللهَ كِبْرًا
وَيَنْظُرُ لِلْعِدَا نَظَرَ انْبِهَارِ
بَدَتْ مِنْ قَوْلِهِ البَغْضَاءُ عَارًا
وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ أَخَسُّ عَارِ
فَلَا دِينًا تَبِعْتَ وَلَا إِمَامًا
أَطَعْتَ وَذَاكَ عُنْوَانُ الصَّغَارِ
وَلَا عَجَبٌ فَإِنَّا فِي زَمَانٍ
عَدَا فِيهِ الصِّغَارُ عَلَى الكِبَارِ
وَعُدْوَانُ السَّفِيهِ إِلَى انْقِطَاعٍ
كَعُدْوَانِ البُغَاثِ عَلَى الضَّوَارِي
وَمَا آذَاهُ أَهْلِ الجَهْلِ إِلَّا
وَعَادُوا بِالمَذَلَّةِ وِالخَسَارِ
أَيَكْفُرُ مَنْ أَوَى فِي خَيْرِ أَرْضٍ
وَيُؤْمِنُ مَنْ ثَوَى أَقْصَى الدِّيَارِ
أَتَرْضَى دِيْنَنَا وَتَشُذُّ عَنْهُ
وَتَنْصَحُنَا بِعَقْلٍ مُسْتَعَارِ
مَخَالِبُ لِلْعِدَا لَبِسَتْ ثِيَابًا
وَلَابِسُ ثَوْبَ أهلَ البَغْيِ عَارِ
فَيَتَّبِعُونَ مَا يُمْلَى عَلَيْهِمْ
بِطَيْشٍ سَادِرِينَ بِلَا اخْتِيَارِ
وَإِنْ سَمِعُوا كَلَامَ اللهِ يُتْلَى
قَضَوْا غَمًّا وَلَاذُوا بِالفِرَارِ
فَسُبْحَانَ الذِيْ عَلِمَ الخَفَايَا
وَأَطْمَعَ حِلْمُهُ أَهْلَ البَوَارِ
وَحَتَّى ظَنَّ مَأْفُونٌ كَرِيهٌ
بِأَنَّ خُوَارَهُ صَوْتُ الهَزَارِ
سَيَبْقَى الوَحْيُ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ
مَنَارَةَ حَائِرٍ وَدَلِيلَ سَارِي
لَهُ رَبٌّ فَإلَّا تَنْصُرُوهُ
سَيَنْصُرُهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ غَارِ
يُنَافِحُ عَنْهُ ذُوَّادٌ كِرَامٌ
فَيْجَلُو مَا أَثَارُوا مِنْ غُبَارِ
وَيَنْشُر عِلْمَهُ بُزْلٌ هُدَاةٌ
بِعَزْمٍ وَاحْتِسَابٍ وَاصْطِبَارِ
وَعَنْ دَرْبِ الهُدَى ذَادُوا فَسَادًا
كَتَنْقِيَةِ الطَّرِيقِ مِنَ الحِجَارِ