أحكام وآداب زيارة مسجد النبي (ص)
الكتاب ليس من تأليف عبد العزيز بن باز مع أنه كلامه المفرق فى فتاوى ومقالات جمعه بندر بن عتيق المطيري وفى المقدمة قال:
"فهذه رسالة مختصرة جليلة في أحكام وآداب زيارة مسجد النبي (ص)من كلام الإمام ابن باز جمع فيها الشيخ ما ينبغي أن يفعله وما ينبغي أن يحذر منه في الزيارة في كلام سهل ميسر "
استهل الكتاب بذكر ما سماه الجامع أحكام الزيارة وآدابها فقال:
" أحكام الزيارة وآدابها :
تسن زيارة مسجد النبي (ص) لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" وعن ابن عمر أن النبي (ص) قال "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" رواه مسلم وعن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله (ص)"صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا" أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وعن جابر أن رسول الله (ص)قال "صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه" أخرجه أحمد وابن ماجة والأحاديث في هذا المعنى كثيرة "
بالقطع ما ذكر هنا من الروايات ليس فيها شىء اسمه زيارة النبى(ص) وإنما كل الروايات تتحدث عن الصلاة فى المسجد المنسوب للنبى(ص) والروايات كلها مخالفة للقرآن فيما يلى:
أن أجر الصلاة هو عشر حسنات كما قال تعالى "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" بينما الأجر المناقض هو أكثر من أجر ألف صلاة أى 1000×10=10000حسنة
أن المساجد لا يقال عنها مسجد فلان أو علان ولا يجوز نسبتها لغير الله كما قال تعالى "وأن المساجد لله"
وتحت عنوان تنبيه قال أن الزيارة سنة أى ليست واجبه فقال:
" تنبيه :
الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة وليس لها تعلق بالحج بل السنة أن يزار المسجد النبوي في جميع السنة ولا يختص ذلك بوقت الحج لقول النبي (ص)"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى" متفق عليه وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في الروضة ركعتين ثم يسلم على النبي (ص) وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر كما يشرع زيارة البقيع والشهداء للسلام على المدفونين هناك من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم كما كان النبي (ص)يزورهم وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين و إنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" وفي رواية عنه (ص) أنه كان يقول إذا زار البقيع "يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد"
ويشرع أيضا لمن زار المسجد النبوي أن يزور قباء ويصلي فيه ركعتين لأن النبي (ص) كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين وقال عليه الصلاة والسلام "من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة" هذه هي المواضع التي تزار في المدينة المنورة أما المساجد السبعة ومسجد القبلتين وغيرها من المواضع التي يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فلا أصل لذلك ولا دليل عليه والمشروع للمؤمن دائما هو الإتباع دون الابتداع والله ولي التوفيق "
وما قيل هنا معظمه لا علاقة له بزيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) كزيارة البقيع وزيارة مسجد قباء فما شرعوزه هو زيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) وحده ومن ثم فما يقال عن غيره لا يصح
وأما حديث شد الرحال فهو مخالف للقرآن فهناك مسجد واحد فقط هو من يزار أى يحج له وهو البيت الحرام كما قال تعالى ط ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا"
ثم ذكر الرجل أفعال الزيارة المشروعة عند ابن باز فقال:
" ما يفعله الزائر إذا وصل مسجد النبي (ص):
إذا وصل الزائر إلى المسجد (فعل الآتي) :-
1) استحب له أن يقدم رجله اليمنى عند دخوله ويقول "بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك" كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد وليس لدخول مسجده (ص)ذكر مخصوص
2) يصلي ركعتين فيدعو الله فيهما بما أحب من خيري الدنيا والآخرة وإن صلاهما في الروضة الشريفة فهو أفضل لقوله (ص)"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
3) بعد الصلاة يزور قبر النبي (ص)وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر فيقف تجاه قبر النبي (ص)بأدب وخفض صوت ثم يسلم عليه ، عليه الصلاة والسلام قائلا "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته" لما في سنن أبي داود بإسناد حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص)"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله على روحي حتى أرد عليه السلام" وإن قال الزائر في سلامه "السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا خيرة الله من خلقه السلام عليك يا سيد المرسلين وإمام المتقين أشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده" فلا بأس بذلك لأن ذلك كله من أوصافه (ص) ويصلي عليه عليه الصلاة والسلام ويدعو له لما قد تقرر في الشريعة من شرعية الجمع بين الصلاة والسلام عليه عملا بقوله تعالى {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} ثم يسلم على أبي بكر وعمر ويدعو لهما ويترضى عنهما
وكان ابن عمر إذا سلم على الرسول (ص)وصاحبيه لا يزيد غالبا على قوله : السلام عليك يا رسول الله ، السلام عليك يا أبا بكر ، السلام عليك يا أبتاه ، ثم ينصرف ، وهذه الزيارة إنما تشرع في حق الرجال خاصة أما النساء فليس لهن زيارة شئ من القبور كما ثبت عن النبي (ص)"أنه لعن زوارات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج"
وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد الرسول (ص)والدعاء فيه ونحو ذلك مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع لما تقدم من الأحاديث في ذلك
4) يسن للزائر أن يصلي الصلوات الخمس في مسجد الرسول (ص)وأن يكثر فيه من الذكر والدعاء و صلاة النافلة اغتناما لما في ذلك من الأجر الجزيل
ويستحب أن يكثر من صلاة النافلة في الروضة الشريفة لما سبق من الحديث الصحيح في فضلها وهو قول النبي (ص)"ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"
أما صلاة الفريضة فينبغي للزائر وغيره أن يتقدم إليها ويحافظ على الصف الأول مهما استطاع وإن كان في الزيادة القبلية لما جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي (ص)من الحث والترغيب في الصف الأول مثل قوله (ص)"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا" متفق عليه ومثل قوله (ص)لأصحابه "تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم ولا يزال الرجل يتأخر عن الصلاة حتى يؤخره الله" أخرجه مسلم وأخرج أبو داود عن عائشة بسند حسن أن النبي (ص)قال "لا يزال الرجل يتأخر عن الصف المقدم حتى يؤخره الله في النار"وثبت عنه (ص)أنه قال لأصحابه "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ قالوا : يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف" رواه مسلم
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وهي تعم مسجده (ص)وغيره قبل الزيادة وبعدها وقد صح عن النبي (ص)أنه كان يحث أصحابه على ميامن الصفوف ومعلوم أن يمين الصف في مسجده الأول خارج الروضة فعلم بذلك أن العناية بالصفوف الأول و ميامن الصفوف مقدمة على العناية بالروضة الشريفة وأن المحافظة عليهما أولى من المحافظة على الصلاة في الروضة وهذا بين واضح لمن تأمل الأحاديث الواردة في هذا الباب والله الموفق
5) يستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه لما في الصحيحين من حديث ابن عمر قال "كان النبي (ص)يزور مسجد قباء راكبا وماشيا ويصلي فيه ركعتين" وعن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله (ص)"من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة" رواه أحمد والنسائي وابن ماجة
6) يسن (لزائر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم) زيارة قبور البقيع وقبور الشهداء وقبر حمزة لأن النبي (ص)كان يزورهم ويدعو لهم ولقوله (ص)"زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" أخرجه مسلم وكان النبي (ص)يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية" أخرجه مسلم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه
وأخرج الترمذي عن ابن عباس قال مر النبي (ص)بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال "السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر"
ومن هذه الأحاديث يعلم أن الزيارة الشرعية للقبور يقصد منها تذكر الآخرة والإحسان إلى الموتى والدعاء لهم والترحم عليهم
فأما زيارتهم لقصد الدعاء عند قبورهم أو العكوف عندها أو سؤالهم قضاء الحاجات أو شفاء المرضى أو سؤال الله بهم أو بجاههم ونحو ذلك فهذه زيارة بدعية منكرة لم يشرعها الله ولا رسوله ولا فعلها السلف الصالح رضي الله عنهم بل هي من الهجر الذي نهى عنه الرسول (ص)حيث قال "زوروا القبور ولا تقولوا هجرا "
وهذه الأمور المذكورة تجتمع في كونها بدعة ولكنها مختلفة المراتب فبعضها بدعة وليس بشرك كدعاء الله سبحانه عند القبور وسؤاله بحق الميت وجاهه ونحو ذلك وبعضها من الشرك الأكبر كدعاء الموتى والاستعانة بهم ونحو ذلك "
فيما سبق تكرر بعض ما قاله الرجل فى تنبيه من زيارة قبور البقيع وقباء وزاد قبرى الصاحبين والمسجد المنسوب للنبى (ص)مثله كمثل أى مسجد فى الأرض عدا المسجد الحرام المباح فيه مباح فى الكل والمحرم فيه محرم فى الكل وحكاية زيارة القبور قبور النبى(ص) والصحابة تتعارض مع فتاوى ابن باز وغيره فى تحريم زيارة المساجد التى بها قبور مثل:
"الرسول(ص)نهى عن الصلاة عند القبور ولعن اليهود والنصارى باتخاذهم المساجد على القبور، قال عليه الصلاة والسلام: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي ، وفي الصحيحين: عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما أنهما ذكرتا للنبي (ص) كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال النبي (ص)أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله فأخبر أنهم بهذا العمل هم شرار الخلق بكونهم يبنون على قبور الصالحين مساجد ويصورون صورهم عليها، هذا من عمل شرار الخلق، فالواجب على حكام المسلمين وعلى أعيان المسلمين التعاون في هذا الأمر، وأن لا يبنى مسجد على قبر وأن لا يدفن ميت في مسجد"https://binbaz.org.sa/fatwas/8115
وما يسمى بالروضة وكونها جزء من الجنة فكلام يخالف كون الجنة حاليا فى السماء كما قال تعالى "وفى السماء رزقكم وما توعدون" فالموعود وهو الجنة والنار فى السماء حاليا كما قال تعالى "وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات"
ومن ثم فالروايات هنا متناقضة بين فتواه وفتواه المنقولة هى الأخرى من موقعه
وتحت عنوان تنبيهات وتحذيرات قال :
" تنبيهات وتحذيرات لزائر مسجد رسول الله (ص):
1) لا يجوز لأحد أن يتمسح بالحجرة أو يقبلها أو يطوف بها لأن ذلك لم ينقل عن السلف الصالح بل هو بدعة منكرة
2) لا يجوز لأحد أن يسأل الرسول (ص)قضاء حاجة أو تفريج كربة أو شفاء مريض أو نحو ذلك لأن ذلك كله لا يطلب إلا من الله سبحانه وطلبه من الأموات شرك بالله وعبادة لغيره ودين الإسلام مبني على أصلين : أحدهما أن لا يعبد إلا الله وحده ، والثاني أن لا يعبد إلا بما شرعه الله و الرسول (ص)وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
3) لا يجوز لأحد أن يطلب من الرسول (ص)الشفاعة لأنها ملك الله سبحانه فلا تطلب إلا منه ، كما قال تعالى{قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون} فتقول "اللهم شفع في نبيك ، اللهم شفع في ملائكتك وعبادك المؤمنين ، اللهم شفع في أفراطي" ونحو ذلك وأما الأموات فلا يطلب منهم شئ لا الشفاعة ولا غيرها سواء كانوا أنبياء أو غير أنبياء لأن ذلك لم يشرع ولأن الميت قد انقطع عمله إلا مما استثناه الشارع
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص)"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" وإنما جاز طلب الشفاعة من النبي (ص)في حياته ويوم القيامة لقدرته على ذلك فإنه يستطيع أن يتقدم فيسأل ربه للطالب أما في الدنيا فمعلوم وليس ذلك خاصا به بل هو عام له ولغيره فيجوز للمسلم أن يقول لأخيه اشفع لي إلى ربي في كذا وكذا ، بمعنى أدع الله لي ويجوز للمقول له ذلك أن يسأل الله ويشفع لأخيه إذا كان ذلك المطلوب مما أباح الله طلبه ، وأما يوم القيامة فليس لأحد أن يشفع إلا بعد إذن الله سبحانه كما قال الله تعالى{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } وأما حالة الموت فهي حالة خاصة لا يجوز إلحاقها بحال الإنسان قبل الموت ولا بحاله بعد البعث والنشور لانقطاع عمل الميت وارتهانه بكسبه إلا ما استثناه الشارع وليس طلب الشفاعة من الأموات مما استثناه الشارع فلا يجوز إلحاقه بذلك ، ولاشك أن النبي (ص)بعد وفاته حي حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء ولكنها ليست من جنس حياته قبل الموت ولا من جنس حياته يوم القيامة بل حياة لا يعلم حقيقتها وكيفيتها إلا الله سبحانه ولهذا تقدم في الحديث الشريف قوله 0ص) "ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
فدل ذلك على أنه ميت وعلى أن روحه قد فارقت جسده لكنها ترد عليه عند السلام والنصوص الدالة على موته (ص)من القرآن والسنة معلومة وهو أمر متفق عليه بين أهل العلم ولكن ذلك لا يمنع حياته البرزخية كما أن موت الشهداء لم يمنع حياتهم البرزخية المذكورة في قول الله تعالى{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}
وإنما بسطنا الكلام في هذه المسألة لدعاء الحاجة إليه بسبب كثرة من يشبه في هذا الباب ويدعو إلى الشرك وعبادة الأموات من دون الله فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلامة من كل ما يخالف شرعه والله أعلم
4) ما يفعله بعض الزوار من رفع الصوت عند قبره (ص)وطول القيام هناك فهو خلاف المشروع ، لأن الله سبحانه نهى الأمة عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي (ص)وعن الجهر له بالقول كجهر بعضهم لبعض وحثهم على غض الصوت عنده في قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ، إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} ولأن طول القيام عند قبره (ص)والإكثار من تكرار السلام يفضي إلى الزحام وكثرة الضجيج وارتفاع الأصوات عند قبره (ص)وذلك يخالف ما شرعه الله للمسلمين في هذه الآيات المحكمات ، وهو (ص)محترم حيا وميتا فلا ينبغي للمؤمن أن يفعل عند قبره ما يخالف الأدب الشرعي
5) ما يفعله بعض الزوار وغيرهم من تحري الدعاء عند قبره مستقبلا للقبر رافعا يديه يدعو فهذا كله خلاف ما عليه السلف الصالح من أصحاب رسول الله (ص)وأتباعهم بإحسان بل هو من البدع المحدثات وقد قال النبي (ص)"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد حسن وقال (ص)"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منا فهو رد" أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"
ورأى علي بن الحسين "زين العابدين" رجلا يدعو عند قبر النبي (ص)فنهاه عن ذلك وقال ألا أحدثك حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله (ص)أنه قال "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم" أخرجه الحافظ محمد بن عبد الواحد المقدسي في كتابه الأحاديث المختارة
6) ما يفعله بعض الزوار عند السلام عليه (ص)من وضع يمينه على شماله فوق صدره أو تحته كهيئة المصلي فهذه الهيئة لا تجوز عند السلام عليه (ص)ولا عند السلام على غيره من الملوك والزعماء وغيرهم لأنها هيئة ذل وخضوع وعبادة لا تصلح إلا لله كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح عن العلماء والأمر في ذلك جلي واضح لمن تأمل المقام وكان هدفه اتباع هدي السلف الصالح
وأما من غلب عليه التعصب والهوى والتقليد الأعمى وسوء الظن بالدعاة إلى هدي السلف الصالح فأمره إلى الله ونسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق لإيثار الحق على ما سواه إنه سبحانه خير مسؤول
7) ما يفعله بعض الناس من استقبال القبر الشريف من بعيد وتحريك شفتيه بالسلام أو الدعاء فكل هذا من جنس ما قبله من المحدثات ، ولا ينبغي للمسلم أن يحدث في دينه ما لم يأذن به الله وهو بهذا العمل أقرب إلى الجفاء منه إلى الموالاة والصفاء وقد أنكر الإمام مالك رحمه الله هذا العمل وأشباهه وقال "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها" ومعلوم أن الذي أصلح أول هذه الأمة هو السير على منهاج النبي (ص)وخلفائه الراشدين وصحابته المرضيين وأتباعهم بإحسان ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا تمسكهم بذلك وسيرهم عليه
وفق الله المسلمين لما فيه نجاتهم وسعادتهم وعزهم في الدنيا والآخرة إنه جواد كريم
8) ليست زيارة قبر النبي (ص)واجبة ولا شرطا في الحج كما يظنه بعض العامة وأشباههم ، بل هي مستحبة في حق من زار مسجد الرسول (ص)أو كان قريبا منه أما البعيد عن المدينة فليس له شد الرحل لقصد زيارة القبر ولكن يسن له شد الرحل لقصد المسجد الشريف فإذا وصله زار القبر الشريف وقبر الصاحبين ودخلت الزيارة لقبره (ص)وقبري صاحبيه تبعا لزيارة مسجده (ص)وذلك لما ثبت في الصحيحين أن النبي (ص)قال "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"
ولو كان شد الرحال لقصد قبره (ص)أو قبر غيره مشروعا لدل الأمة عليه وأرشدهم إلى فضله لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله وأشدهم له خشية وقد بلغ البلاغ المبين ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر كيف وقد حذر من شد الرحل لغير المساجد الثلاثة وقال "لا تتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"
والقول بشرعية شد الرحال لزيارة قبره (ص)يفضي إلى اتخاذه عيدا ووقوع المحذور الذي خافه النبي (ص)من الغلو والإطراء كما قد وقع الكثير من الناس في ذلك بسبب اعتقادهم شرعية شد الرحال لزيارة قبره (ص)وأما ما يروى في هذا الباب من الأحاديث التي يحتج بها من قال بشرعية شد الرحال إلى قبره عليه الصلاة والسلام فهي أحاديث ضعيفة الأسانيد بل موضوعة كما قد نبه على ضعفها الحفاظ ، كالدار قطني ، والبيهقي ، والحافظ ابن حجر ، وغيرهم فلا يجوز أن يعارض بها الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم شد الرحال لغير المساجد الثلاثة "
وكل ما قيل هنا يغنى عنه أن تفصل القبور نهائيا عن المسجد إن كانت القبور فى المسجد حقا كما يقال لأن محمد عبد الوهاب ومن معه قاموا بنقلها لمكان غير معروف عندما استولوا على الحكم هو وآل سعود كما يروى البعض فى كتب التاريخ
كما يغنى عنه القول أو واجبنا تجاه النبى(ص) هو الاقتداء به لا غير كما قال تعالى "لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا"
ولو فهم القائلين بالزيارة لقالوا أن كل قبور النبيين(ص) سنة لأن الله يقول " لا نفرق بين أحد من رسله" ولكنهم يختصون النبى الأخير(ص) بذلك وحده دونهم وهو كلام يعنى عنه عدم زيارة القبور إلا للضرورة وهى دفن جنازة
وتحت عنوان أحاديث موضوعة في الزيارة قال:
" أحاديث موضوعة في الزيارة يجب الحذر منها :
وإليك أيها القارئ شيئا من الأحاديث الموضوعة في هذا الباب لتعرفها وتحذر الاغترار بها
الأول : "من حج ولم يزرني فقد جفاني"
الثاني : "من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي"
الثالث : "من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة"
الرابع : "من زار قبري وجبت له شفاعتي"
فهذه الأحاديث وأشباهها لم يثبت منها شئ عن النبي (ص) قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" بعد ما ذكر أكثر الروايات طرق هذا الحديث كلها ضعيفة
وقال الحافظ العقيلي : لا يصح في هذا الباب شئ
وجزم شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن هذه الأحاديث كلها موضوعة وحسبك به علما وحفظا وإطلاعا
ولو كان شئ منها ثابتا لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق الناس إلى العمل به وبيان ذلك للأمة ودعوتهم إليه لأنهم خير الناس بعد الأنبياء وأعلمهم بحدود الله وبما شرعه لعباده وأنصحهم لله ولخلقه فلما لم ينقل عنهم شئ من ذلك دل ذلك على أنه غير مشروع ولو صح منها شئ لوجب حمل ذلك على الزيارة الشرعية التي ليس فيها شد الرحال لقصد القبر وحده جمعا بين الأحاديث والله سبحانه وتعالى أعلم "
الغريب أن كل الروايات الموضوعة تطلب الزيارة وهى توافق إباحة الزيارة ومع هذا القوم لا يستدلون بها ولو راجعوا الروايات كلها لن يجدوا حديث فى زيارة قبر النبى (ص) أو غيره ولا حتى فى زيارة المسجد المنسوب للنبى(ص) سوى حديث شد الرحال وهو حديث يعارض كتاب الله كما سبق القول ومن ثم لا يوجد ما يعتمدون عليه فى إباحة زيارة القبر