نقد كتاب علم أئمة الشيعة بالغيب
الكتاب من تأليف عبد الحسين الأميني وهو كتاب يدور حول موضوع خاطىء وهو علم بعض الناس بالغيب وفى المقدمة قال "
"شاعت القالة حول علم الأئمة من آل محمد (ص) ممن أضمر الحنق على الشيعة وأئمتهم، فعند كل منهم حوشي من الكلام، يزخرف الزلح من القول، ويخبط خبط عشواء، ويثبت البرهنة على جهله"
ويبين أن المذاهب كلها تنسب العلم بالغيب إلى بعض المسلمين وليس الشيعة فقط ومع هذا فالاتهام موجه للشيعة فقط فيقول:
"كأن الشيعة تفردت بهذا الرأي عن المذاهب الإسلامية، وليس في غيرهم من يقول بذلك في إمام من أئمة المذاهب، فاستحقوا بذلك كل سبسب وتحامل ووقيعة، فحسبك ما لفقه القصيمي في " الصراع " من قوله في صحيفة ب تحت عنوان: الأئمة عند الشيعة يعلمون كل شئ، والأئمة إذا شاءوا أن يعلموا شيئا أعلمهم الله إياه، وهم يعلمون متى يموتون، ولا يموتون إلا باختيارهم، وهم يعلمون علم ما كان وعلم ما يكون ولا يخفى عليهم شئ ص 125 وص 126 [ من الكافي للكليني ] ثم قال:
وفي الكتاب نصوص أخرى أيضا في المعنى، فالأئمة يشاركون الله في هذه الصفة صفة علم الغيب، وعلم ما كان وما سيكون، وإنه لا يخفى عليهم شئ، والمسلمون كلهم يعلمون أن الأنبياء والمرسلين لم يكونوا يشاركون الله في هذه الصفة، والنصوص في الكتاب والسنة وعن الأئمة في أنه لا يعلم الغيب إلا الله متواترة لا يستطاع حصرها في كتاب إلخ
ج - العلم بالغيب أعني الوقوف على ما وراء الشهود والعيان من حديث ما غبر أو ما هو آت إنما هو أمر سائغ ممكن لعامة البشر كالعلم بالشهادة يتصور في كل ما ينبأ الانسان من عالم غابر، أو عهد قادم لم يره ولم يشهده، مهما أخبره بذلك عالم خبير، أخذا من مبدأ الغيب والشهادة، أو علما بطرق أخرى معقولة، وليس هناك أي وازع من ذلك، وأما المؤمنون خاصة فأغلب معلوماتهم إنما هو الغيب من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقاءه والحياة بعد الموت والبعث والنشور ونفخ الصور والحساب والحور والقصور والولدان وما يقع في العرض الأكبر، إلى آخر ما آمن من به المؤمن وصدقه، فهذا غيب كله، وأطلق عليه الغيب في الكتاب العزيز، وبذلك عرف الله المؤمنين في قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب " البقرة 3 " وقوله تعالى: الذين يخشون ربهم بالغيب " الأنبياء 49 " وقوله: إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب " فاطر 18 " وقوله: إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب " يس 11 " وقوله: من خشي الرحمن بالغيب " ق 33 " وقوله:
إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة " الملك 12 " وقوله: جنات عدن وعد الله عباده بالغيب " مريم 61 " "
فى الفقرة السابقة نجد الفهم الخاطىء لمعنى الغيب فى الكتاب العزيز فالغيب هنا هو وحى الله فالمؤمنون يؤمنون بالوحى سواء كان فيه غيب أخبار أو أحكام أو غيره ولو قلنا أنه يعنى الغيب الإخبارى لتناقض القرآن فى أقوال عدة كقوله تعالى :
"فقل إنما الغيب لله"
وقوله:
" قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله "
وقوله:
"وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو"
وتحدث عن علم الأنبياء(ص) بالغيب فقال:
"ومنصب النبوة والرسالة يستدعي لمتوليه العلم بالغيب من شتى النواحي مضافا إلى ما يعلم منه المؤمنون، وإليه يشير قوله تعالى: كلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين " هود " ومن هنا قص على نبيه القصص، وقال بعد النبأ عن قصة مريم" ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " آل عمران 44 " وقال بعد سرد قصة نوح: تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك " هود 49 " وقال بعد قصة إخوان يوسف: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك " يوسف 102 "
وهذا العلم بالغيب الخاص بالرسل دون غيرهم ينص عليه بقوله تعالى: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول نعم: ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا فالأنبياء والأولياء والمؤمنون كلهم يعلمون الغيب بنص من الكتاب العزيز، ولكل منهم جزء مقسوم، غير أن علم هؤلاء كلهم بلغ ما بلغ محدود لا محالة كما وكيفا، وعارض ليس بذاتي، ومسبوق بعدمه ليس بأزلي، وله بدء ونهاية ليس بسرمدي، ومأخوذ من الله سبحانه وعنده "

وكما قلت فهناك فهم خاطلاء بمعنى علم الرسل(ص) بالوحى وهو /
أن الغيب هو الوحى المنزل أى الكتب كالقرآن والتوراة وأفنجيل وفى هذا قال تعالى :
"وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبى من رسله من يشاء"
فاجتباء الرسل (ص) هو لإنزال الوخى أى الغيب عليه وسمى غيبا لأنه خفى عن بقية الناس قبل نزول وعند نزوله على النبى(ص) وعندما يهبر النبى أيا كان الناس به يكونون قد علموا بالشىء الخفى وهو الغيب الذى نزل عليه
والرسلوبقية الخلق لا يعلمون الغيب الإحبارى غير المنزل فى الوحى وفى هذا طلب الله من نبيه أعلامه الناس أنه لا يعلم الغيب فقال:
"قل لا أقول لكم عندى خزائن الله ولا أعلم الغيب"
وبين الرسول )ص* انه لا يعلم الغيب الإخبارى مطلقا لأنه لو علمه لجعل الخير يأتيه فقط ومنع الضرر أن يلحقه وهو السوء وفى هذا قال تعالى على لسان نبيه(ص)
"ولو كنت أعلم الغيب لأستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
والجن المشهورون بعلم أخبار الغيب لا يعرفون شىء بدليل أنهم لم يعرفوا بموت سليمان (ص) مدة طويلة مع انه كان أمامهم وفى هذا قال تعالى:
"فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين"
وحدثنا الرجل عن حاجة الرسل (ص)والأئمة للعلم بالغيب مع أنه عنون الكلام بعلم الله وحده بالغيب ونثل من بطون كتب السنة ما يدل على هذا فقال:
"مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو :
والنبي ووارث علمه في أمته يحتاجون في العمل والسير على طبق علمهم بالغيب من البلايا، والمنايا، والقضايا، وإعلامهم الناس بشئ من ذلك، إلى أمر المولى سبحانه ورخصته، وإنما العلم، والعمل به، وإعلام الناس بذلك، مراحل ثلاث لا دخل لكل مرحلة بالأخرى، ولا يستلزم العلم بالشئ وجوب العمل على طبقه، ولا ضرورة الاعلام به، ولكل منها جهات مقتضية ووجوه مانعة لا بد من رعايتها، وليس كلما يعلم يعمل به، ولا كلما يعلم يقال
قال الحافظ الأصولي الكبير الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الشهير بالشاطبي المتوفى 790 في كتابه القيم [ الموافقات في أصول الأحكام ] ج 2 ص 184: لو حصلت له مكاشفة بأن هذا المعين مغصوب أو نجس، أو أن هذا الشاهد كاذب، أو أن المال لزيد، وقد تحصل [ للحاكم ] بالحجة لعمرو، أو ما أشبه ذلك، فلا يصح له العمل على وفق ذلك ما لم يتعين سبب ظاهر، فلا يجوز له الانتقال إلى التيمم، ولا ترك قبول الشاهد ولا الشهادة بالمال لذي يد على حال، فإن الظواهر قد تعين فيها بحكم الشريعة أمر آخر، فلا يتركها اعتمادا على مجرد المكاشفة أو الفراسة، كما لا يعتمد فيها على الرؤيا النومية، ولو جاز ذلك لجاز نقض الأحكام بها وإن ترتبت في الظاهر موجباتها، وهذا غير صحيح بحال فكذا ما نحن فيه، وقد جاء في الصحيح: إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأحكم له على نحو ما أسمع منه الحديث فقيد الحكم بمقتضى ما يسمع وترك ما وراء ذلك، وقد كان كثير من الأحكام التي تجري على يديه يطلع على أصلها وما فيها من حق وباطل، ولكنه عليه الصلاة والسلام لم يحكم إلا على وفق ما سمع، لا على وفق ما علم وهو أصل في منع الحاكم أن يحكم بعلمه، وقد ذهب مالك في القول المشهور عنه: إن الحاكم إذا شهدت عنده العدول بأمر يعلم خلافه، وجب عليه الحكم بشهادتهم إذا لم يعلم تعمد الكذب، لأنه إذا لم يحكم بشهادتهم كان حاكما بعلمه، هذا مع كون علم الحاكم مستفادا من العادات التي لا ريبة فيها لا من الخوارق التي تداخلها أمور، والقائل بصحة حكم الحاكم بعلمه فذلك بالنسبة إلى العلم المستفاد من العادات لا من الخوارق، ولذلك لم يعتبره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحجة العظمى إلى أن قال: في ص 187
إن فتح هذا الباب يؤدي إلى أن لا يحفظ ترتيب الظواهر، فإن من وجب عليه القتل بسبب ظاهر فالعذر فيه ظاهر واضح، ومن طلب قتله بغير سبب ظاهر بل بمجرد أمر غيبي ربما شوش الخواطر وران على الظواهر، وقد فهم من الشرع سد هذا الباب جملة، ألا ترى إلى باب الدعاوي المستند إلى أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولم يستثن من ذلك أحد حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتاج إلى البينة في بعض ما أنكر فيه مما كان اشتراه فقال: من يشهد لي؟ حتى شهد له خزيمة بن ثابت فجعلها الله شهادتين فما ظنك بآحاد الأمة، فلو ادعى أكبر الناس على أصلح الناس لكانت البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وهذا من ذلك والنمط واحد، فالاعتبارات الغيبية مهملة بحسب الأوامر والنواهي الشرعية
وقال في ص 189: فصل: إذا تقرر اعتبار ذلك الشرط فأين يسوغ العمل على وفقها؟ فالقول في ذلك أن الأمور الجائزات أو المطلوبات التي فيها سعة يجوز العمل فيها بمقتضى ما تقدم وذلك على أوجه: أحدها أن يكون في أمر مباح كأن يرى المكاشف أن فلانا يقصده في الوقت الفلاني أو يعرف ما قصد إليه في إتيانه من موافقة أو مخالفة، أو يطلع على ما في قلبه من حديث أو اعتقاد حق أو باطل وما أشبه ذلك، فيعمل على التهيئة له حسبما قصد إليه أو يتحفظ من مجيئه إن كان قصده بشر، فهذا من الجائز له كما لو رأى رؤيا تقتضي ذلك، لكن لا يعامله إلا بما هو مشروع كما تقدم
الثاني: أن يكون العمل عليها لفائدة يرجو نجاحها، فإن العاقل لا يدخل على نفسه ما لعله يخاف عاقبته فقد يلحقه بسبب الالتفات إليها أو غيره، والكرامة كما إنها خصوصية كذلك هي فتنة واختبار لينظر كيف تعملون، فإن عرضت حاجة أو كان لذلك سبب يقتضيه فلا بأس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بالمغيبات للحاجة إلى ذلك، ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لم يخبر بكل مغيب اطلع عليه، بل كان ذلك في بعض الأوقات وعلى مقتضى الحاجات، وقد أخبر عليه الصلاة والسلام المصلين خلفه: أنه يراهم من وراء ظهره لما لهم في ذلك من الفائدة المذكورة في الحديث، وكان يمكن أن يأمرهم وينهاهم من غير إخبار بذلك، وهكذا سائر كراماته ومعجزاته، فعمل أمته بمثل ذلك في هذا المكان أولى منه في الوجه الأول، ولكنه مع ذلك في حكم الجواز لما تقدم من خوف العوارض كالعجب ونحوه
الثالث: أن يكون فيه تحذير أو تبشير ليستعد لكل عدته فهذا أيضا جائز كالإخبار عن أمر ينزل إن لم يكن كذا، أو لا يكون إن فعل كذا فيعمل على وفق ذلك إلخ
فهلا كان من الغيب نبأ إبني نوح، وأنباء قوم هو وعاد وثمود، وقوم إبراهيم ولوط، وذكرى ذي القرنين، ونبأ من سلف من الأنبياء والمرسلين؟!وهلا كان منه ما أسر به النبي صلى الله عليه وآله إلى بعض أزواجه فأفشته إلى أبيها فلما نبأها به وقالت: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير؟ " تحريم 3 " وهلا كان منه ما أنبأ موسى صاحبه من تأويل ما لم يستطع عليه صبرا؟ " الكهف " وهلا كان منه ما كان يقول عيسى لأمته: وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم؟ " آل عمران 49 " وهلا كان منه قول عيسى لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد؟ " الصف 6 " وهلا كان منه ما أوحى الله تعالى إلى يوسف: لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون؟ " يوسف 15 " وهلا كان ما أنبأ آدم الملائكة من أسمائهم أمرا من الله يا آدم أنبئهم بأسمائهم؟" البقرة 33 "
وهلا كانت منه تلكم البشارات الجمة المحكية عن التوراة والانجيل والزبور وصحف الماضين وزبر الأولين بنبوة نبي الاسلام وشمائله وتاريخ حياته وذكر أمته؟
وهلا كانت منه تلك الأنباء الصحيحة المروية عن الكهنة والرهابين والاقسة حول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قبل ولادته؟ "
ما ضربه الرجل من امثلة هو خبل فتلك الأنباء التى رواها نزلت فى الوحى ومن ثم فلا أحد علم الغيب من خارج الوحى وبذلك قال الله خلف تلك الأخبار :
" ذلك من أنباء الغيب نوحيها إليك "
وحتى ما سماه اليشارات كانت جزء من الوحى كما فى سورة الصف" ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد "
ومن ثم فما قاله القسس والأحبار والكهنة ليس نوع من العلم بالغيب لأنهم قرئوه فى الوحى المنزل على الرسل السابقين (ص)
لا يوجد أخبار للغيب خارج الوحى المنزل وقد انتهى نزول الوحى بموت النبى الأخير(ص) ومن ثم لا مجال لعلم أحد بالغيب خارج الوحى وأى كلام يقال عن علم بالغيب يدخل ضمن ما يسمى المؤامرات الخفية التى يفعهلها شياطين الإنس والجن
وما زال الأمينى مصرا على أنه لا يوجد مانع من علم الناس بالغيب فيقول:
"ليس هناك أي منع وخطر إن علم الله أحدا ممن خلق بما شاء وأراد من الغيب المكتوم من علم ما كان أو سيكون، من علم السماوات والأرضين، من علم الأولين والآخرين، من علم الملائكة والمرسلين كما لم ير أي وازع إذا حبا أحدا بعلم ما شاء من الشهادة وأراه ما خلق كما أرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ولا يتصور عندئذ قط اشتراك مع المولى سبحانه في صفته العلم بالغيب، ولا العلم بالشهادة ولو بلغ علم العالم أي مرتبة رابية، وشتان بينهما، إذ القيود الامكانية البشرية مأخوذة في العلم البشري دائما لا محالة، سواء تعلق بالغيب أو تعلق بالشهادة، وهي تلازمه ولا تفارقه، كما أن العلم الآلهي بالغيب أو الشهادة تؤخذ فيه قيود الاحدية الخاصة بذات الواجب الأحد الأقدس سبحانه وتعالى وكذلك الحال في علم الملائكة، لو أذن الله تعالى إسرافيل مثلا وقد نصب بين عينيه اللوح المحفوظ الذي فيه تبيان كل شئ أن يقرأ ما فيه ويطلع عليه لم يشارك الله قط في صفته العلم بالغيب، ولا يلزم منه الشرك فلا مقايسة بين العلم الذاتي المطلق وبين العرضي المحدود، ولا بين ما لا يكيف بكيف ولا يؤين بأين وبين المحدود المقيد ولا بين الأزلي الأبدي وبين الحادث الموقت ولا بين التأصلي وبين المكتسب من الغير، كما لا يقاس العلم النبوي بعلم غيره من البشر، لاختلاف طرق علمهما، وتباين الخصوصيات والقيود المتخذة في علم كل منهما، مع الاشتراك في إمكان الوجود بل لا مقايسة بين علم المجتهد وبين علم المقلد فيما علما من الأحكام الشرعية ولو أحاط المقلد بجميعها، لتباين المبادئ العلمية فيهما
فالعلم بالغيب على وجه التأصل والاطلاق من دون قيد بكم وكيف كالعلم بالشهادة على هذا الوجه إنما هما من صفات الباري سبحانه، ويخصان بذاته لا مطلق العلم بالغيب والشهادة، وهذا هو المعنى نفيا وإثباتا في مثل قوله تعالى: قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله " النمل 65 " وقوله تعالى: إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور " فاطر 38 " وقوله تعالى: إن الله يعلم غيب السموات والأرض بصير بما تعملون " الحجرات 18 " وقوله تعالى: ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون " الجمعة 8 " وقوله تعالى: عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم " الحشر 22 " وقوله تعالى: ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم " السجدة 6 " وقوله تعالى: عالم الغيب والشهادةالعزيز الحكيم " التغابن 18 " وقوله تعالى: حكاية عن نوح، لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك " أنعام 50، هود 31 " وقوله تعالى حكاية:لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير " الأعراف 188 "
الرجل هنا ينفى التعارض بين علم الله بالغيب وعلم الناس بالغيب وكما قلت هناك فهم خاطىء للغيب الذى يعلمه الناس وهى كتب الوحى التى فيها بعض أخبار الغيب فالناس لا يعلمون أخبار الغيب خارج الوحى
وما زال الرجل يصر على علم ائمته بالغيب مع أنه يروى فى الفقرات القادمة نفيهم بعلمهم بالغيب ولكنهم يثبتونه بطريقة أخرى وهى الوراثة ولا نعلم ان الوراثة فى افسلام سوى وراثة المال واما الوحة فقدج انقطع بموت النبى(ص) الذى لا يوجد له اقارب ينسلون له من ألساس كما قال تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم "
وهو ما قاله فى الفقرة التالية:
"وبهذا التفصيل في وجوه العلم يعلم عدم التعارض نفيا وإثباتا بين أدلة المسألة كتابا وسنة، فكل من الأدلة النافية والمثبتة ناظر إلى ناحية منها، والموضوع المنفي من علم الغيب في لسان الأدلة غير المثبت منه وكذلك بالعكس وقد يوعز إلى الجهتين في بعض النصوص الواردة عن أهل البيت العصمة عليهم السلام مثل قول الإمام أبي الحسن موسى الكاظم عليه السلام مجيبا يحيى بن عبد الله بن الحسن لما قاله: جعلت فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب؟ فقال عليه السلام: سبحان الله ضع يدك على راسي فوالله ما بقيت شعرة فيه ولا في جسدي إلا قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول الله صلى الله عليه وآله
وكذلك الحال في بقية الصفات الخاصة بالمولى العزيز سبحانه وتعالى فإنها تمتاز عن مضاهاة ما عند غيره تعالى من تلكم الصفات بقيودها المخصصة، فلو كان عيسى على نبينا وآله وعليه السلام يحيي كل الموتى بإذن الله، أو كان خلق عالما بشرا من الطين بإذن ربه بدل ذلك الطير الذي أخبر عنه بقوله: إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله " آل عمران 49 " لم يكن يشارك المولى سبحانه في صفته الإحياء والخلق، والله هو الولي، وهو محيي الموتى، وهو الخلاق العليم وإن الملك المصور في الأرحام مع تصويره ما شاء الله من الصور وخلقه سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها لم يكن يشارك ربه في صفته، والله هو الخالق البارئ المصور، وهو الذي يصور في الأرحام كيف يشاء والملك المبعوث إلى الجنين الذي يكتب رزقه وأجله وعمله ومصائبه وما قدر له من خير وشر وشقاوته وسعادته ثم ينفخ في الروح لا يشارك ربه، والله هو الذي لم يكن له شريك في الملك وخلق كل شئ فقدره تقديرا وملك الموت مع أنه يتوفى الأنفس، وأنزل الله فيه القرآن وقال: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " السجدة 11 " صح مع ذلك الحصر في قوله تعالى: الله يتوفى الأنفس حين موتها، والله هو المميت ولا يشاركه ملك الموت في شئ من ذلك، كما صحت النسبة في قوله تعالى: الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " النحل 28 " وفي قوله تعالى: الذين تتوفاهم الملائكة طيبين " النحل 32 " ولا تعارض في كل ذلك ولا إثم ولا فسوق في إسناد الإماتة إلى غيره تعالى
والملك لا يغشاه نوم العيون ولا تأخذه سنة الراقد بتقدير من العزيز العليم وجعله، ومع ذلك لا يشارك الله فيما مدح نفسه بقوله: لا تأخذه سنة ولا نوم
ولو أن أحدا مكنه المولى سبحانه من إحياء موتان الأرض برمتها لم يشاركه تعالى والله هو الذي يحيي الأرض بعد موتها "
الرجل هنا يثبت علم الناس بالغيب اعتماد على مثال خاطىء وهو أن عمل الله والخلق واحد كما فى قوله إبراهيم(ص) "والله خلقكم وما تعلمون"
فمثلا إماتة ملك الموت للخلق هى إماتة الله لهم لانه من أقدره على ذلك ومثلا تصوير الملك للجنين هوتصوير الله له فلا تعارض لأنه الله من اعطاه القدرة على ذلك
هذا فهم خاطىء لنه فى تلك الساعة يحاج الكفار على الله بأنه هو من عمل كفرهم به ومن ثم يكون ظالما إذا عاقبهم
ثم لا يمكن أن يكون هناك تماثل بين الغيب وتلك الأمور بين الله والخلق لأنه لا يوجد نص واحد يقول أن الناس يعلمون أخبار الغيب ولو افترضنا صحة القول فمعنى هذا أنه كما يفدر ملك الموت على إماتة الكل فالإنسان عالم الغيب يقدر على العلم بالغيب كله وكما يقدر ملك التصوير فى ألرجام على تصوير ألجنة كلها يثدر الإنسان على العلم بالغيب كله ولكن هناك فارق وهو أن الملائكة هنا مكلفة بعمل من الله بينما الإنسان الذى نفرتضه لم بكلفه الله بهذا فلا توجد آية تقول أن الإنسان الفلانى أو العلانى مكلف بالعلم بكل أهبار الغيب
ويعود الأمينى لمناقشة قول القصيمى فيقول:
"فهلم معي نسائل القصيمي عن أن قول الشيعة بأن الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا شيئا أعلمهم الله إياه كيف يتفرع عليه القول بأن الأئمة يشاركون الله في هذه الصفة صفة علم الغيب؟ وما وجه الاشتراك بعد فرض كون علمهم بإخبار من الله تعالى وإعلامه؟وقد ذهب على الجاهل أن الحكم بأن القول بعلم الأئمة بما كان وما يكون - وليس هو كل الغيب ولا جله - وعدم خفاء شئ من ذلك عليهم يستلزم الشرك بالله في صفة علمه بالغيب تحديد لعلم الله، وقول بالحد في صفاته سبحانه، ومن حده فقد عده، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والنصوص الموجودة في الكتاب والسنة على أن لا يعلم الغيب إلا الله قد خفيت مغزاها على المغفل ولم يفهم منها شيئا، ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد
ونسائل الرجل: كيف خفي هذا الشرك المزعوم على أئمة قومه؟ فيما أخرجوه عن حذيفة قال: أعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان وما يكون إلى يوم القيامة وما أخرجه أحمد إمام مذهب الرجل في مسنده ج 5 ص 388 عن أبي إدريس قال: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة
وقد جهل بأن علم المؤمن بموته واختياره الموت واللقاء مهما خير بينه وبين الحياة ليس من المستحيل، ولا بأمر خطير بعيد عن خطر المؤمن فضلا عن أئمة المؤمنين من العترة الطاهرة، هلا يعلم الرجل ما أخرجه قومه في أئمتهم من ذلك وعدوه فضائل لهم؟ ذكروا عن ابن شهاب قال: كان أبو بكر - ابن أبي قحافة - والحارث بن كلدة يأكلان حريرة أهديت لأبي بكر فقال الحارث لأبي بكر: ارفع يدك يا خليفة رسول الله إن فيها لسم سنة وأنا وأنت نموت في يوم واحد فرفع يده فلم يزالا عليلين حتى ماتا في يوم واحد عند انقضاء السنة
وذكر أحمد في مسنده 1 ص 48 و 51، والطبري في رياضه 2 ص 74 إخبار عمر عن موته بسبب رؤيا رآها، وما كان بين رؤياه وبين يوم طعن فيه إلا جمعة، وفي الرياض ج 2 ص 75 عن كعب الأحبار إنه قال لعمر يا أمير المؤمنين اعهد بأنك ميت إلى ثلاثة أيام فلما قضى ثلاثة أيام طعنه أبو لؤلؤة فدخل عليه الناس ودخل كعب في جملتهم فقال: القول ما قال كعب
وروى إن عيينة بن حصن الفزاري قال لعمر: إحترس أو أخرج العجم من المدينة فإني لا آمن أن يطعنك رجل منهم في هذا الموضع ووضع يده في الموضع الذي طعنه فيه أبو لؤلؤة
وعن جبير بن مطعم قال: إنا لواقفون مع عمر على الجبل بعرفة إذ سمعت رجلا يقول: يا خليفة! فقال أعرابي من لهب من خلفي: ما هذا الصوت؟ قطع الله لهجتك والله لا يقف أمير المؤمنين بعد هذا العام أبدا فسببته وأدبته فلما رمينا الجمرة مع عمر جاءت حصاة فأصابت رأسه ففتحت عرقا من رأسه فسال الدم، فقال رجل: أشعر أمير المؤمنين أما والله لا يقف بعد هذا العام ههنا أبدا فالتفت فإذا هو ذلك اللهبي فوالله ما حج عمر بعدها خرجه ابن الضحاك
وإن تعجب فعجب إخبار الميت وهو يدفن عن شهادة عمر في أيام خلافة أبي بكر، أخرج البيهقي عن عبد الله بن عبيد الله الأنصاري قال: كنت فيمن دفن ثابت بن قيس وكان قتل باليمامة فسمعناه حين أدخلناه القبر يقول: محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الشهيد، عثمان البر الرحيم فنظرنا إليه فإذا هو ميت وذكره القاضي في " الشفاء " في فصل إحياء الموتى وكلامهم
وعن عبد الله بن سلام قال: أتيت عثمان وهو محصور أسلم عليه فقال:
مرحبا بأخي مرحبا بأخي، أفلا أحدثك ما رأيت الليلة في المنام؟ فقلت: بلى قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مثل لي في هذه الخوخة - وأشار عثمان إلى خوخة في أعلى داره - فقال: حصروك؟ فقلت نعم فقال: عطشوك؟ فقلت: نعم فأدلى دلوا من ماء فشربت حتى رويت، فها أنا أجد برودة ذلك الدلو بين ثديي وبين كتفي فقال: إن شئت أفطرت عندنا وإن شئت نصرت عليهم؟ فاخترت الفطر وعنه قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة وأبا بكر وعمر فقالوا لي:صبرا فإنك تفطر عندنا القابلة وعن كثير بن الصلت عن عثمان قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي هذا فقال: إنك شاهد معنا الجمعة " ك 3 ص 99 "
وعن ابن عمر: إن عثمان أصبح يحدث الناس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام قال: يا عثمان أفطر عندنا غدا فأصبح صائما وقتل من يومه
قال محب الدين الطبري في " الرياض " 2 ص 127 بعد رواية ما ذكر: واختلاف الروايات محمول على تكرار الرؤيا فكانت مرة نهارا ومرة ليلا
وأخرج الحاكم في " المستدرك " 3 ص 203 بسند صححه إخبار عبد الله بن عمرو الأنصاري الصحابي ابنه جابر بشهادته يوم أحد، وإنه أول قتيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فكان كما أخبر به
م - وذكر الخطيب البغدادي في تاريخه 2 ص 49 عن أبي الحسن المالكي أنه قال: كنت أصحب خير النساج - محمد بن إسماعيل - سنين كثيرة ورأيت له من كرامات الله تعالى ما يكثر ذكره غير أنه قال لي قبل وفاته بثمانية أيام، إني أموت يوم الخميس المغرب فادفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه قال أبو الحسين: فأنسيته إلى يوم الجمعة فلقيني من خبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين فسألتهم لم رجعوا فذكروا أنه يدفن بعد الصلاة، فبادرت ولم ألتفت إلى قولهم فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة أو كما قال وهذه القصة ذكرها ابن الجوزي أيضا في المنتظم 6 ص 274 ]
غيض من فيض
توجد في طي كتب الحفاظ ومعاجم أعلام القوم قضايا جمة في أناس كثيرين عدوها لهم فضلا وكرامة تنبأ عن علمهم بالغيب وبما تخفي الصدور، ولا يراها أحد منهم شركا، ولا يسمع من القصيمي ومن لف لفه فيها ركزا، وأمثالها في أئمة الشيعة هي التي جسها القوم، وألقت عليهم جشمها، وكثر فيها منهم الرطيط، وإليك جملة من تلكم القضايا
1 - قال أبو عمرو بن علوان خرجت يوما إلى سوق الرحبة في حاجة فرأيت جنازة فتبعتها لأصلي عليها ووقفت حتى يدفن الميت في جملة الناس فوقعت عيني على امرأة مسفرة من غير تعمد فلححت بالنظر واسترجعت واستغفرت الله " إلى أن قال ": فخطر في قلبي: أن زر شيخك الجنيد، فانحدرت إلى بغداد فلما جئت الحجرة التي هو فيها طرقت الباب فقال لي: ادخل أبا عمر وتذنب بالرحبة ونستغفر لك ببغداد تاريخ بغداد 7 ص 247، صف 2 ص 236
2 - قال ابن النجار كان الشيخ " أبو محمد عبد الله الجبائي المتوفى 605 " يتكلم يوما في الاخلاص والرياء والعجب وأنا حاضر في المجلس فخطر في نفسي: كيف الخلاص من العجب؟ فالتفت إلي الشيخ وقال: إذا رأيت الأشياء من الله وأنه وفقك لعمل الخير وأخرجك من البين سلمت من العجب هب 5 ص 16
3 - عن الشيخ علي الشبلي قال: احتاجت زوجتي إلى مقنعة فقلت: علي دين خمسة دراهم فمن أين أشتري لك مقنعة؟ فنمت فرأيت من يقول لي: إذا أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى الشيخ عبد الله بن عبد العزيز فلما أصبحت أتيته بقاسيون فقال لي: ما لك يا علي؟ اجلس وقام إلى منزله وعاد ومعه مقنعة في طرفها خمسة دراهم فأخذتها ورجعت هب 5 ص 74
4 - قال أبو محمد الجوهري سمعت أخي أبا عبد الله يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله أي المذاهب خير؟ وقال قلت: على أي المذاهب أكون؟ فقال: ابن بطة ابن بطة فخرجت من بغداد إلى عكبرا فصادف دخولي يوم الجمعة فقصدت الشيخ أبا عبد الله ابن بطة إلى الجامع فلما رآني قال لي ابتداء صدق رسول الله، صدق رسول الله هب 3 ص 123
5 - قال أبو الفتح القواس لحقتني إضاقة وقتا من الزمان فنظرت فلم أجد في البيت غير قوس لي وخفين كنت ألبسهما فأصبحت وقد عزمت على بيعهما وكان يوم مجلس أبي الحسين بن سمعون فقلت في نفسي: أحضر المجلس ثم انصرف فأبيع الخفين والقوس قال: وكان القواس قل ما يتخلف عن حضور مجلس ابن سمعون قال أبو الفتح: فحضرت المجلس فلما أردت الانصراف ناداني أبو الحسين: يا أبا الفتح لا تبع الخفين ولا تبع القوس فإن الله سيأتيك برزق من عنده تاريخ ابن عساكر 1 ص 276
6 - قال الحافظ ابن كثير في تاريخه 12 ص 144: قدم الخطيب أردشير بن منصور أبو الحسين العبادي وكان يحضر في مجلسه في بعض الأحيان أكثر من ثلاثين ألفا من الرجال والنساء، قال بعضهم: دخلت عليه وهو يشرب مرقا فقلت في نفسي: ليته أعطاني فضله لأشربه لحفظ القرآن فناولني فضله فقال: اشربها على تلك النية قال:فرزقني الله حفظ القرآن
7 - قال أبو الحارث الأولاسي: خرجت من حصن أولاس اريد البحر فقال بعض أخواني: لا تخرج فإني قد هيأت لك " عجة " حتى تأكل قال: فجلست فأكلت معه ونزلت إلى الساحل وإذا أنا بإبراهيم بن سعد [ أبو إسحاق الحسني ] العلوي قائما يصلي فقلت في نفسي: ما أشك إلا أنه يريد أن يقول: امش معي على الماء، ولئن قال لي لامشين معه، فما استحكم الخاطر حتى قال: هيه يا أبا الحارث امش على الخاطر فقلت: بسم الله فمشى هو على الماء فذهبت أمشي فغاصت رجلي فالتفت إلي وقال لي يا أبا الحارث: العجة أخذت برجلك فذهب وتركني طب 6 ص 86، كر 2 ص 208، صف 2 ص 242
8 - كان ابن سمعون محمد بن أحمد الواعظ المتوفى 387 يعظ يوما على المنبر وتحته أبو الفتح بن القواس فنعس ابن القواس فأمسك ابن سمعون عن الوعظ حتى استيقظ فحين استيقظ قال ابن سمعون: رأيت رسول الله في منامك هذا؟ قال: نعم قال: فلهذا أمسكت عن الوعظ حتى لا أزعجك عما كنت فيه تاريخ بغداد 1 ص 276، المنتظم 7 ص 199، تاريخ ابن كثير 11 ص 323
9 - روي عن ابن الجنيد أنه قال: رأيت إبليس في المنام وكأنه عريان فقلت: ألا تستحي من الناس؟ فقال - وهو لا يظنهم ناسا -: لو كانوا ناسا ما كنت ألعب بهم كما يلعب الصبيان بالكرة إنما الناس جماعة غير هؤلاء فقلت: أين هم؟ فقال: في مسجد الشونيزي قد أضنوا قلبي واتعبوا جسدي، كلما هممت بهم أشاروا إلى الله عز وجل فأكاد أحترق قال: فلما انتبهت لبست ثيابي ورحت إلى المسجد الذي ذكر فإذا ثلاثة جلوس ورؤوسهم في مرقعاتهم فرفع أحدهم رأسه إلي وقال: يا أبا القاسم لا تغتر بحديث الخبيث وأنت كلما قيل لك شئ تقبل فإذا هم: أبو بكر الدقاق وأبو الحسين النوري وأبو حمزة محمد بن علي الجرجاني الفقيه الشافعي ذكره ابن الأثير كما في تاريخ ابن كثير 11 ص 97، وابن الجوزي في صفة الصفوة 2 ص 234
10 - جاء يوما شاب نصراني في صورة مسلم إلى أبي القاسم الجنيد الخزاز فقال له: يا أبا القاسم ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله، اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟ فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه إليه وقال: أسلم فقد آن لك أن تسلم قال: فأسلم الغلام تاريخ ابن كثير 11 ص 114
م - وحكي عن أبي الحسن الشاذلي المتوفى 656 قوله: لولا لجام الشريعة على لساني لأخبرتكم بما يحدث في غد وما بعده إلى يوم القيامة هب 5 ص 279 ]
العجب العجاب
وأعجب من هذه كلها دعوى الرجل من القوم أنه يرى اللوح المحفوظ ويقرأه فتؤخذ منه تلكم الدعاوي الضخمة، وتذكر في سلسلة الفضائل، وتأتي في كتبهم حقايق راهنة من دون أي مناقشة في الحساب
قال ابن العماد في شذرات الذهب 8 ص 286 في ترجمة المولى محيي الدين محمد ابن مصطفى القوجوي الحنفي المتوفى 950 صاحب الحواشي على البيضاوي ومؤلفات أخرى:
كان يقول إذا شككت في آية من القرآن أتوجه إلى الله تعالى فيتسع صدري حتى يصير قدر الدنيا ويطلع فيه قمران لا أدري هما أي شئ ثم يظهر نور فيكون دليلا إلى اللوح المحفوظ فأستخرج منه معنى الآية
م - وقال في ج 8 ص 178 في ترجمة المولى بخشي الرومي الحنفي المتوفى 931: رحل إلى ديار العرب فأخذ عن علمائهم وصارت له يد طولى في الفقه والتفسير (إلى أن قال): كان ربما يقول: رأيت في اللوح المحفوظ مسطورا كذا وكذا فلا يخطئ أصلا ] وقال اليافعي في مرآة الجنان 3 ص 471: إن الشيخ جاكير المتوفى سنة 590 كان يقول: ما أخذت العهد على أحد حتى رأيت اسمه مرفوعا في اللوح المحفوظ من جملة مريدي وقال في المرآة ج 4 ص 25: كان الشيخ ابن الصباغ أبو الحسن علي بن حميد المتوفى 612 لا يصحب إلا من يراه مكتوبا في اللوح المحفوظ من أصحابه وذكره ابن العماد في شذراته 5 ص 52
توجد جملة كثيرة من هذه الأوهام الخرافية في طبقات الشعراني، والكواكب الدرية للنووي، وروض الرياحين لليافعي، وروضة الناظرين للشيخ أحمد الوتري وأمثالها
الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يشعرون [ الأعراف 182 ]"
يذكرنا هنا الأمينى بالكفار الذين قالوا فى المسيح(ص): أألهتنا خير أم هو وذلك فى قوله تعالى :
"ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أألهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون"
فالله ضرب المسيح(ص) كمثال على أنه ليس إله فترك القوم قول الله إلى مسألة أخرى فقالوا هل آلهتنا خير أم هو؟
فالله لم يثل أنه غله ولكنهم حولوا الموضوع بعيدا إلى المقارنة بين المسيح والآلهة المزعومة
الرجل حتى يبين خطأ القصيمى ذهب إلى ذكر أن اصحاب القصيمى السنة يؤمنون بعلمهم بالغيب وذكر الحكايات من كتبهم فكيف ينفيه عن أئمته ؟
القصيمى على حد علمى متنصل من السنة وهو لا يقول بعلم الناس بالغيب
الأمينى إذا ترك نفى القصيمى لعلم أحد بالغيب من أى فرقة إلى إثبات شىء لم يقله القصيمى وهو علم أهل السنة بالغيب
بالقطع كما قلت لا يعلم أخبار الغيب إلا الله ولو كان ألئمة يعلمون الغيب إذا لماذا هزمت جيوشهم وهو يعلمون ما يحدث ويمكنهم تجنبه وتحويل مجرى الأحداث .؟ لماذا تركوا ألاخرين يعذبونهم ويسجنونهم ويذيقون شيعتهم الهوان وهم قادرون على إخبار أنفسهم وشيعتهم أن يتركوا المكان الفلانى حتى لا يحدث لهم ضرر ؟
اليس هذا ما طلب الله من رسوله(ص) قوله:
"لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
فنتيجة العلم بالغيب هى إبعاد الشرور والاستكثار من الخير ولكننا لا نجد هذا فى التاريخ الشيعى الذى معظمه مصائب وأحزان ونكبات