علماء سيفتون بجواز إحراق الميت المسلم؟

في ظل جائحة كورونا تميز المشهد الديني في المغرب وفي سائر البلدان العربية والإسلامية بتصنيف للعلماء والفقهاء والدعاة، فكان التصنيف كما يلي:
علماء كوفيد -19.
فقهاء كرورنا.
دعاة الجائحة.
هذه الفئات من المسلمين تعتبر رأس الأمة، وتعتبر الحصن الذي يقي الأمة من الضلال، ويبصِّرها بالمكائد والخيانات، فهم القائمون على أمر الإسلام حتى لا يدخله دخيل، ولا يحرِّفه محرف، ولكن في ظل جائحة كورونا اختفى كل العلماء والفقهاء والدعاة تقريبا، اختفوا وهم يرون الأمة تتخبط في جهلها، تحار من التلاعب بها وبالبشرية جمعاء، وتعاني فرض الطوارئ الصحية عليها والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قد عالج أمر الوباء بإجراء يقر بصحته أطباء وباحثون أحرار حين قرر منع المرضى من الاختلاط بالأصحاء وترك الأصحاء خارج الحجر الصحي بعيدا عن الطوارئ الصحية يمارسون تبادل العلاقات في كل شيء حتى لا تتعطل الحياة؛ فكيف لا يتصدى العلماء للإجراءات الغاشمة التي تتخذها كل الدول التي تحتضن مسلمين ولا تستنكر على حكامها ذلك؟ لماذا لا يجهرون بالحق وقد سحق المسلمون وتم دهسهم بالأقدام؟ كيف لا يُروْا في الساحة ويتركوها للرويبضات؟
إن الإسلام لحسن الحظ لم يترك احتكار العلم لأحد، وإن الإسلام بحمد الله ليس كهنوتيا، فإذا كان الإسلام كذلك وهو كذلك حقا وصدقا فلم لا يظهره العلماء والفقهاء والدعاة بذلك الشكل في هذا الظرف الحرج؟ ألا يكون ذلك مبررا لتصنيفهم بالتصنيف الذي مر معنا؟ وإذا كان كذلك وتفاقم أمر الجائحة بقصد خبيث ثم بدأ الناس يتساقطون بالمئات والآلاف وربما مئات الآلاف وحصلت فوضى جراء ذلك وارتبك الأريب وهاج الحليم وسد باب العلم عن العليم ألا يبرز من يفتي بجواز إحراق الميت المسلم بحجة أو أخرى؟ إذا كثر الموتى ولم تستوعبهم المقابر فهل تخلق لهم مقابر بعيدة مكلفة أم يكتفى بالإبقاء عليهم في أماكنهم وذلك بخلق أفران لحرقهم كما يفعل النصارى فلا بلادهم والمشركون في الهند مثلا؟
هذا مجرد تصور رغم بشاعته لا أستبعد حدوثه حين يحتاج الحاكم إلى حل يكون فيه الناس جثثا هامدة في برادات المستشفيات والدور والأزقة، سيناريو قبيح للغاية وقد شهدناه حين انهارت البنية الصحية في إحدى دول أمريكا اللاتينية.
ولا يقال إنك تتحامل على قامات شاهقة، لا تحترم العلماء والفقهاء والدعاة، لا يقال ذلك فــ ((من يُهِنِ الله فما له من مُكْرِم)) وما نحياه ونعيشه من إهانات وحيرة وضياع لن ينجو منه علماؤنا وفقهاؤنا ودعاتنا إلا من هم في مواقفهم مختلفون عن المنبطحين والجالسين على موائد الحكام يقتاتون من فتات الدنيا وفي ذلك نار وهوان في الآخرة.
أتذكرون المفتي الذي أجاز جماع المرأة الميتة بحجة أنها زوجه؟ ألم يكن يعلم أن جثمان الميت ليس ملكا لنفس الميت بحيث لا يجوز له أن يوصي بالتصرف فيه وأن الزوج عند وفاة زوجه تنقطع العلاقة التي تجعله صاحب حق في جماعها فكيف يكون الحق له بعد الموت؟
أنا هنا لا أتحامل على المفتي وقد نشرت مقالة في الموضوع حين كان حيا، أنا لا أتحامل عليه ولكن أحب أن ألفت النظر إلى الشذوذ الفتوي، فلا نستبعد من مريد للشهرة أو مضغوط عليه أو صاحب هوى لا يتقي الله عز وجل أن يفتي بجواز حرق الميت.
اللهم سلم، فليس لنا سواك ونعم المتوكَّل عنه حضرتك الجليلة، علماؤنا وفقهاؤنا ودعاتنا أسماء على غير مسمى، الطف بنا ربنا وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
محمد محمد البقاش
طنجة بتاريخ: 23 دجنبر سنة: 2020م