نقد كتاب آية العظمة
الكتاب تأليف محمد الشريف الحسني وهو يدور حول تفسير ما سماه آية العظمة وهى قوله تعالى بسورة القلم "وإنك لعلى خلق عظيم " وفى هذا قال الحسنى:
" أما بعد:فإن هذا الكتاب العظيم لا تنتهي عجائبه ولاتنفد غرائبه، فكلما اكتشفت منه معاني غابت منه أضعافها، فكل ذي فن يدلي بدلوه في قاموسه المطمطم، فيقتني منه بقدر حاله ومقامه، ولما كان لنا تعلق بالجناب الشريف، كانت تستوقفنا بعض الآيات الخاصة به (ص)
فلما استوقفتني آية العظمة (وإنك لعلى خلق عظيم) نقبت عن أراء المفسرين فيها، فلم أجد من يشفي غليلي منها، وحينما نظرت في كتب العارفين وجدت ضالتي، فأحببت أن أصوغها في رسالة بسيطة لمن على شاكلتي"
الرجل يقول أن كتب التفسير لم تقدم لها التفسير الصحيح الذى وجده فى كتب المتصوفة الذين سماهم العارفين
الحسنى وجد فى الكلمات الخمس او الست أسرارا كثيرة وفى هذا قال الحسنى:
فأقول وبالله التوفيق:
- وإنك لعلى خلق عظيم -
لا جرم أن لوائح العظمة ظاهرة على هذه الآية العظيمة، فلا شك أنها تواري ضمنها أسرارا عجيبة غريبة؛ حيث أن العظيم - جل جلاله - لا يعظم إلا عظيما، فأمر عظمه العظيم في القرآن العظيم، حقا إنه لعظيم
ومما زاد الشأن عظمة على عظمة، تلك التوكيدات التي تنبه على أن الأمر خطير، فلوكان الأمر مجرد الأخلاق الظاهرة، كالصدق والأمانة ، لما احتاج الحق - جل جلاله - أن يؤكدها، وحتى الكفار مسلمون له فيها
فأكدها بواو القسم، ثم ثناها بأداة التوكيد " إن " ثم ثلثها بلام التوكيد، ثم ربعها بحرف الإستعلاء " على " ثم خمسها بالتعظيم , فما العلة من ذلك ياترى؟!
1) الخلق العظيم هو: الملة المحمدية
قال سيدنا ابن عباس : {وإنك لعلى خلق عظيم} أي: على دين عظيم (الطبري)وتأويل ذلك أن النبوة ذات والرسالة صفاتها، فكل رسالة تستمد من نبوة، وكل رسالة هي مظهر لصاحبها، فالظاهر عنوان الباطن، والسيرة تعرب عن السريرة، ومن أعظم مقاما وحالا، من سيد الوجود (ص)
فلإن كانت رسالات وشرائع الرسل تسفر عن نبواتهم الصفاتية، فإن الملة المحمدية تسفر عن النبوة الذاتية، وكل إناء بالذي فيه ينضح وإذا كان الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)، فجدير أن يعظمه العظيم - جل جلاله - في القرآن العظيم ووجه الربط بين الدين والأخلاق هنا، أن الشريعة هي منظومة أخلاق، مع الحق تعالى بالعبادة، ومع الخلق في العادة "
الفقرة هنا تحتوى على النفسير الصحيح وهو ما نسبه لابن عباس وهو يوافق قوله تعالى بسورة الزخرف"إنك على صراط مستقيم" وقوله بسورة يس " إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم " وقوله بسورة الحج"إنك على هدى مستقيم"
فالممدوح هو الوحى وليس النبى(ص)
والأخطاء فى الفقرة:
الأول هى جعل النبوة غير الرسالة فكلاهما واحد وإنما يختلفان عن النبى وهو الرسول فالرسالة غير الرسالة لأن الرسالة كلها صحيحة لا يمكن أن يوجد فيها اى خطأ بينما النبى وهو الرسول0ص) يمكن أن يخطىء أى يذنب كما قال تعالى فى النبى الأخير(ص):
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"
الثانى أن الدين الإسلامي الكامل، المحيط بكل الشرائع الإلهية، والمهيمن على سائر الكتب السماوية، هو خلقه (ص)
فالإسلام كان دين كل الرسل 0ص) وليس محمد (ص) وحده كما قال تعالى " إن الدين عند الله الإسلام"
الثالث وهو فى نفس كلمات الخطأ الثانى أن دين افسلام هو خلقه (ص) وهو كلام خاطلاء باطل فالرسالة وهى الدين غير الرسول فالرسالة ليس فيها أخطاء فكلها صحيحة وأما النبى(ص) نفسه هو فهو أحيانا يخطىء
ثم تحدث الحسنى مرتكبا مصيبة ارتكبها المتصوفة وايضا النصارى مع الاختلاف فقال:
"2) الخلق العظيم هو: الخلعة الصفاتية
ولقد ذهب زمرة من العارفين، إلى أن الخلق هاهنا المراد به الصفة، وفي تعظيم القرآن العظيم لها دلالة على أنها ليست صفات عادية، بل صفات عظيمة مقدسة، وما الصفات العظيمة إلا صفات الحق تعالى، والتي تحققت بها الحضرة المحمدية، ثم ظهرت بها في صورة بشرية
فكأن الآية تقول: سبحان الله العظيم ما هذه صفات بشرية، ولكنها صفات ربانية عظيمة، فتكون من قبيل (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) وما شاكلها "
الرجل هنا يجعل الحضرة المحمدية التى لا نعرف لها مسمى فى القرآن بهذا الاسم أصبحت تشبه الله وهو ما سماه أن صفات النبى(ص) البشرى اصبحت صفات الله وهو كلام من لا يعى ما يقوله فمحمد مخلوق والله هو الخالق وما محمد إلا عبد من عباد الله لا يشارك الله فى أى شىء كما قال تعالى " ليس كمثلة شىء"
ثم أكمل تخريفاته فقال :
"3) الخلق العظيم هو: المظهرية الذاتية
ولقد نحى الخواص ما هو أدق من ذلك، فقالوا في قوله تعالى بـ " على " إشارة إلى المقام الذاتي، فضلا عن المظهر الصفاتي، حيث أن " على " تفيد الإستعلاء
فيكون تأويل الآية: إنك علوت وتفوقت على رتبة التحققات الصفاتية، المعبر عنها بـ (خلق عظيم) إلى مستوى التحقق بالمظهرية الذاتية، الملغز لها بـ (على) ولا غرو من هذا فكلما دق المعنى دقت العبارة وهذا ما تدل عليه آية (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم) حيث أن "السبع المثاني" هي الصفات السبع المعنوية، و"القرآن العظيم" هو التحقق الذاتي "
هنا التلاعب اللفظى الذى لا يوجد فى وحى الله وهو التحققات الصفاتية والمظهرية الذاتية فالرجل جعل محمدالعبد 0ص) يعلو فوق البشرية وهو كلام من لا يفقه قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" فمحمد(ص) ليس ‘إلا مخلوق كأى مخلوق بشرى
ثم أكمل الرجل خرافاته فقال :
"4) الخلق العظيم هو: القرآن الحكيم
وذهبت أم المؤمنين عليها الرضوان، إلى أن الخلق العظيم هذا هو القرآن العظيم، فلما سئلت كما في الصحيح، كيف كان خلقه (ص) قالت (كان خلقه القرآن)، وهو جواب ملغز دقيق، ولله درها من صديقة إبنت الصديق عليهما الرضوان وكأنها تقول: من كانت جبلته ذاتية، لا بد أن تكون أخلاقه قرآنية، ولهذا كانت كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة (ص)، كما قال تبارك (إن هو إلا وحي يوحى)
وهذا ما تعطيه دلالة القرآن، من معاني ربانية قدسية، وصفات نورانية روحانية، وأحوال غيبية كلية، وليس على حسب التشريع فحسب "
الخطا هنا هو أن كل أحواله وأفعاله وأقواله معصومة فهل يكذب الحسنى وينكر قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر"فمحمد(ص) ليس معصوما من عمل الذنوب وهى الخطايا أى ألخطاء فقد كان معصوما من أذى الناس كما قال تعالى :
"والله يعصمك من الناس"
ثم أكمل الرجل أكاذيبه على الله فقال :
"5) الخلق العظيم هو: الواسطة العظمى
ومنها أن الخلق العظيم هو: ما وسع الخلق أجمعين، وهذا ما يتضمنه معنى الواسطة العظمى، من سعة الإمدادات المحمدية للعالمين فما من ذرة في الكون إلا ووسعها إمداده (ص)، لكونه واسطة تأثيرات الأسماء والصفات بالكل في الكل، وكفى بهذا الخلق عظمة، حيث أن الإمداد يشمل كل صفات الإحسان، جمالا وجلالا وكمالا، غيبا وشهادة "
الدين الذى جاء لمنع الوساطة بين الله والناس فى قوله تعالى" والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" يعيده الحسنى للكفر فيجعل محمد(ص) واسطة إلى الله
المصيبة الأخرى أن محمد(ص) أصبح فجأة هو الله الذى يمد المخلوقات بكل شىء ألم تقرأ أيها الحسنى أنه كله من عند الله ومحمد(ص) عبد ابن عبد لا يملك أى شىء من أمر الدنيا كما قال تعالى على لسانه" "قل لا أقول لكم عندى خزائن الله"
ألم تقرأ أن الله هو الذى يعطى كل مخلوق كما قال "إنك انت الوهاب"
ثم أكمل الحسنى أساطيره فقال :
"6) الخلق العظيم هو: الرحمة للعالمين
ومنهم من رأى أن الخلق العظيم هذا، هو صفة الرحمة التي تحقق بها (ص)، حتى كان هو مظهرها بل عينها، بمقتضى قوله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، وقوله - جل جلاله - (بالمؤمنين رؤوف رحيم)، وقول الكامل (ص) (إنما أنا رحمة مهداة) ومعنى هذه العظمة في صفة الرحمة، أنها هي المهيمنة على تأثيرات باقي الصفات، لقوله - جل جلاله - (ورحمتي وسعت كل شيء) وقوله - جل جلاله - (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيما تدعوا فله الأسماء الحسنى) وقوله - جل جلاله - في الحديث القدسي (رحمتي سبقت غضبي)، وبتعظيمه - جل جلاله - لصفة الرحمة في نبيه (ص) تعظيم لكل صفاته"
الرجل هنا جعل صفات المخلوق هى الرحمة وحدها وكأن الرجل لم يقرأ قوله تعالى " "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار"
فمحمد(ص) هنا ليس رحيما بالكفار ومطلوب منه أن يغلظ عليهم كما قال تعالى "يا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم"
فالرحمة ليست صفته وكذلك الغلظة وإنما هى استجابة منه لأوامر خالقه
ثم أكمل الحسمى أقواله فقال:
7") الخلق العظيم هو: أدبه الرفيع مع الرب - جل جلاله -
ومنهم من فقه أن الخلق العظيم، هو في تخلقه (ص) في بساط العبودية الخالصة، وهو المعروف عند القوم بالأدب مع الحضرة الإلهية
ولا شك أنه (ص) هو الإمام محراب العبودية على الإطلاق، وبه يهتدي ويقتدي المقربون قاطبة، وهو ما يمكن أن نوجه به قول الإمام الجنيد قدس سره: "لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى"
وقول الإمام الحسن البصري قدس سره: "لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص) "
عاد الرجل هنا للاعتراف بعبودية محمد(ص) لله بعد أن شبهه بالله فى عدة فقرات سابقة وهو تناقض واضح ثم قال مكملا تخاريفه:
8) الخلق العظيم هو: الفطرة النورانية
ومنها أن الآية تشير إلى قدسية الفطرة المحمدية، والتي هي كالخلفية المصدرية لسيرته وشمائله (ص)، حيث أن الخلق مشتق من الخلقة، أي السجية التي خلقت عليها، كمثل اشتقاق الأمية من الحالة التي ولدتك عليها أمك فيكون توجيه الآية: أنك لعلى فطرتك الربانية، المشار إليها بـ (أدبني ربي فأحسن تأديبي) وعلى خلقتك النورانية، المعبر عنها بـ (كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد)، ولم تغيرك الأغيار، ولم تعكر صفوك الآثار، بل ظهرت أخلاقك طبقا للأصل الذي كنت عليه سالفا "
التخريف هنا هو وجود فطرة ولد بها محمد(ص) وهو كلام ينافى مبدأ الأختيار فلو كان مولودا بها لكان مجبرا ولم يكن له فضل كما ان الفطرة وهى الدين أمر مكتسب ولا يولد به الإنسان لأن الكل يولدون وهم لا يعلمون أى شىء كما قال تعالى :
"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
وقال مكملا تخاريفه :
9") الخلق العظيم هو: التنزل للورى ومنها أن الخلق العظيم، هو في تنزله وتواضعه (ص) إلى المستوى السفلي، مع عليه حقيقته النورانية من مجد ورفعة، ولكن الخلق لم يوفوه حق قدره، لأنهم جاهلون بمقداره العظيم، فتولى الحق سبحانه ذلك لأنه الأعلم بمكانته
وهذا ما تشير إليه الآية، حيث عدل تعالى عن خطابنا إلى خطابه، مع أنه (ص) ليس في حاجة إلى كل تلك التواكيد، فكان التوكيد لنا والخطاب موجه له، ففيها وفي ما سبق من الآيات والتي أتت في معرض الذب عن جنابه الشريف، أسلوب رفيع من العناية الربانية
وكأن الحق تعالى حينما أعرض عنهم ولم يخاطبهم، فيه تحقير لشأنهم، وتعظيم لشأن المعصوم (ص)، بل وفيه إعراض حتى عن المؤمنين، لعجزهم عن إدراك تلك العظمة، فما خاطب إلا من يدركها (ص)"
السفلية والنورانية تعبيرات الصوفية وهى تعبيرات لا تدل على الحقيقة فليس محمد(ص) وحده من له نور وإنما كل مسلم له نور جعله الله كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به"
وانتهى الحسنى إلى التالى:
"خلاصة:
وبالجمع بين هذه التأويلات الدقيقة، ندرك معنى العظمة التي أثنى بها الحق تعالى على حبيبه (ص)، حتى كلت ألسنة الخلق بعده عن مدحه وتعظيمه، وشتان بين تعظيم العظيم - جل جلاله - وبين تعظيم الخلائق، ولله در القائل:
يا مصطفى من قبل نشأة آدم والكون لم تفتح له اغلاق
أيروم مخلوق على ثناءك بعدما أثني على أخلاقك الخلاق
وعليه فإن المعنى العميق الذي دار عليه بحثنا، هو أن تلك العظمة ليست مجرد عظمة بشرية عادية، بل هي عظمة قدسية ربانية، بمقتضى الصبغة الجبروتية التي تتوجت بها الحضرة المحمدية، في مضمار الحضرات الإلهية
ولهذا نجد أن لآية العظمة هذه أخوات، كمثل قوله - جل جلاله - (وكان فضل الله عليك عظيما)، وقوله - جل جلاله - (إنا أعطيناك الكوثر)، وقوله - جل جلاله - (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)، وقوله - جل جلاله - (فسبح باسم ربك العظيم)
إذا فكأن تولي الحق تعالى التعظيم لحبيبه (ص) بنفسه، فيه إشارة إلى عظمة تلك الحضرة وإطلاقها، حيث أن الخلق عاجزون عن معرفتها ووصفها، ولهذا لما سئلت السيدة الصديقة عن خلقه (ص)، علقته بالقرآن العظيم، الذي هو بحر بلا سواحل
كما جاء في السير أن يهوديا من فصحاء اليهود جاء إلى سيدنا عمر - - في أيام خلافته فقال: أخبرني عن أخلاق رسولكم، فقال عمر: اطلبه من علي فلما سأل سيدنا عليا قال: صف لي متاع الدنيا حتى أصف لك أخلاقه، فقال الرجل: هذا لا يتيسر لي، فقال سيدنا علي - -:
عجزت عن وصف متاع الدنيا وقد شهد الله على قلته حيث قال: قل متاع الدنيا قليل فكيف أصف أخلاق النبي وقد شهد الله تعالى بأنه عظيم حيث قال: (وإنك لعلى خلق عظيم) "
الخلاصة كمعظم الكتاب تدل على الجهل فكما أن الله ذكر للنبى (ص)محاسنه فقد ذكره له مساوئه وهى ذنوبه كما فى قوله تعالى " واستغفر لذنبك " وقوله "" إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر" وقوله " عيس وتولى أن جاءه الأعمى "وقوله " هقا الله عنك لم أذنت لهم"
وهذا الكلام عن ذنوب النبى(ص) وأخطائه هو من أدلة صحة القرآن فلو كان من عند غير الله لمحا النبى(ص) منه تلك الأقوال
بالقطع نشهد للنبى (ص) بأنه أدى الرسالة وعمل الصالحات وتاب من السيئات وتوفاه الله على الإسلام ولكن لا يجب أن نعمى عن الحق فنصفه ونمدحه بما لم يمدحه الله متناسين انه طلب ألا يتم اطراءه كما أطرى السابقون عليه رسلهم حتى جعلوهم آلهة
واختتم الحسنى كتابه بنقول من بطون كتب المتصوفة بها نفس الأخطاء التى قالها تقريبا وهى :
"خاتمة:
وأختم البحث بهذه النبذة، من تأويلات العارفين لآية العظمة:
يقول الإمام جعفر الصادق - عليه السلام -:
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، أي: على النور الذي خصصت به في الأزل»
قال الإمام الجنيد
«(وإنك لعلى خلق عظيم) كان على خلق عظيم لجوده بالكونين»
وقال الإمام الجنيد
«لأنه (ص) لم يكن له همة في سوى الله تعالى»
وقال الإمام الحسن البصري
«لأنك لم يؤثر فيك جفاء الخلق، مع مطالعة الحق، وهذا غاية في كمال أدبه (ص)»
وقال الإمام ابن عطاء
«كأنه يقول لنبيه (ص) أفترضى بالعطاء عوضا عن المعطي، فيقول: لا؛ فقيل له (وإنك لعلى خلق عظيم) أي على همة جليلة، إذ لم يؤثر فيك شيء من الأكوان، ولا يرضيك شيء منها»
يقول الإمام القشيري
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لا بالبلاء تنحرف، ولا بالعطاء تنصرف»
ويقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج
«لما دنى السفير الأعلى من الحق في المسرى أيده، فقال: (سل تعط) فقال: ماذا أسأل وقد أعطيت، وماذا أبتغي وقد كفيت، فنودي: (إنك لعلى خلق عظيم)، حيث نزهت بساطنا عن طلب الحوائج»
ويقول الشيخ أبو علي الدقاق
الخلق العظيم: هو لسيدنا محمد (ص)، حيث طويت له الدنيا وشاهد مشارقها ومغاربها، ورقي إلى قاب قوسين أو أدنى، فلم يساكن شيئا من الدنيا والعقبى، لأنه (ص) على همة عظيمة
ويقول الشيخ أبو الحسين النوري
«كيف لا يكون خلقه عظيما وقد تجلى الله لسره بأنوار أخلاقه»
ويقول الشيخ نجم الدين الكبرى
يقول: «كان خلقه (ص) القرآن، بل كان هو القرآن»
ويقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«أخلاقه الكاملة (ص): هي أخلاق الله العظيم، فإن الله غيور على عظمته أن يوصف بها سواه، فهو (ص) إكسير التطهير، لأنه السراج المنير، فأخلاقه معنى الكمال الإلهي»
ويقول الامام الاكبر :
«(وإنك لعلى خلق عظيم) فكان ذا خلق لم يكن ذا تخلق»
ويقول الامام الفخر الرازي :
«لما كانت أخلاقه الحميد كاملة لا جرم وصفها الله بأنها عظيمة ولهذا قال: (قل ما أسئلكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا بل يرجع إلى الطبع
وإن الله تعالى وصف ما يرجع إلى قوته النظرية بأنه عظيم، فقال: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)
ووصف ما يرجع إلى قوته العلمية بأنه عظيم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) فلم يبق للإنسان بعد هاتين القوتين شيء، فدلى مجموع هاتين الآيتين على أن روحه فيما بين الأرواح البشرية كانت عظيمة عالية الدرجة، كأنها لقوتها وشدة كمالها كانت من جنس أرواح الملائكة»
الإمام الكتاني
«(وإنك لعلى خلق عظيم) على قراءة الإضافة بدون تنوين، أي وإنك أيها الهيكل الجامع لعلى خلق عظيم، وهو الحق إذ لا أعظم منه»
ولاشك أن أخلاقه (ص) لا تحصى، وهاهنا اثبت له الحق أنه اكتنف الأخلاق الإلهية و لم يحصرها في جنس معين، فأبقينا هذا اللفظ على ما تعطيه صراحته، والمراد أنه حائز لجميع الكمالات الإلهية بدليل الآية»
الشيخ كمال الدين القاشاني
«قال تعالى: (وإنك لعلى خلق عظيم) وذلك الخلق العظيم: هو التحقق بالقرآن العظيم علما وعملا»
الشيخ محمد بهاء الدين البيطار
«(وإنك لعلى خلق عظيم)، لأن الله تعالى خلقه، فهو بأخلاقه الكريمة كالبحر يسع كل شيء ولا يسعه شيء، وقد قال (ص) في وصف البحر: (الطهور ماؤه، الحل ميتته)، فبحره لا يقبل النجاسات، لأنها تنقلب فيه ماء مطلقا طهورا، يطهر به كل شيء، كما أن ميتته التي هي كناية عن الأخلاق الردية، تنقلب في بحره أخلاقا إلهية، فالجهل في بحره يعود علما، والخبث يعود طيبا، والإثم يعود قربا وطاعة»
الشيخ علي الخواص
«" إذا الشمس كورت " بطنت، وباسمه الباطن ظهرت، ولم تظهر، ولم تبطن " إنك لعلى خلق عظيم " وانقست بعد ما توحدت ثم تعددت، وانعدمت بظهور المعدود " والقمر إذا تلاها " ثم تنزلت بما عنه انفصلت لما به اتصلت، واتخذت " والنجم إذا هوى " ثم تنوعت بالأسماء، واتحدت بالمسمى، وظهرت من أعلى عليين إلى أسفل سافلين، ثم رجعت إلى نحو ما تنزلت »
الشيخ ابو طالب المكي
«(وإنك لعلى خلق عظيم) قيل على أخلاق الربوبية، وقرئت بالإضافة ليكون عظم اسم الله سبحانه لا يظهر من حاله ونصيبه شيئا لقوة التمكين»
ويقول الشيخ نعمة الله علوان (الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية):
«(وإنك) من كمال تخلقك بالأخلاق الإلهية وتحققك بمقام الخلة والخلافة (لعلى خلق عظيم) لا خلق أعظم من خلقك لحيازتك وجمعك خلق الأولين والآخرين حسب جامعية مرتبتك وبالجملة»
ويقول الشيخ إسماعيل حقي الحنفي الخلوتي (روح البيان):
«قال الله تعالى لنبيه (ص) وهو الإنسان الكامل (ولقد آتيناك سبعا) هي سبع صفات ذاتية لله - جل جلاله - "السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة"
(من المثاني) أي من خصوصية المثاني وهى المظهرية؛ (والقرآن العظيم) أي حقائقه القائمة بذاته تعالى وخلقا من أخلاقه القديمة بأن جعل القرآن العظيم خلقه العظيم كما قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) ولما سئلت السيدة عائشة عن خلق النبي (ص) قالت: (كان خلقه القرآن)»
ويقول الشيخ في (روح البيان):
«(وإنك لعلى خلق عظيم) لكونك متخلقا بأخلاق الله، واخلاق كلامه القديم، ومتأيد بالتأييد القدسي، فلا تتأثر بافترائهم، ولا تتأذ بأذاهم، إذ بالله تصبر لا بنفسك، كما قال تعالى (واصبر وما صبرك الا بالله)
وكلمة "على" للاستعلاء، فدلت على أنه (ص) مشتمل على الأخلاق الحميدة، ومستول على الافعال المرضية، حتى صارت بمنزلة الأمور الطبيعية له، ولهذا قال تعالى (قل لا أسالكم عليه أجرا وما أنا من المتكلفين) أي لست متكلفا فيما يظهر لكم من أخلاقي، لأن المتكلف لا يدوم أمره طويلا، بل يرجع إليه الطبع »
ويقول الشيخ ابن عجيبة (البحر المديد):
«كان خلقه عظيما، لأنه مظهر العظيم - جل جلاله -، فكان خلق العظيم عظيما، فافهم جدا»
وقال الشيخ عبد الرحمن العارف
كان (ص) على خلق عظيم؛ لشرح صدره بالنور، كما قال تعالى: (ألم نشرح لك صدرك)، ولحديث شرح صدره وشقه وتطهيره، ونزع حظ الشيطان منه، ثم إفراغ الحكمة والنور فيه، حتى ملىء بذلك، فكان شيئا محضا لله تعالى، لا تعلق له بغيره، فناسب القرآن، وصار خلقا له، منقوشا فيه، من غير روية، ولا تكسب في ذلك، بل طبع على ذلك، وسرى فيه أمر الوحي، وجرى على مقتضاه في جميع أحواله، ولذلك تجد السنة مشرعة من القرآن، وخارجة منه خروج اللبن من الضرع، والزبد من اللبن، فصار متخلقا بالقرآن، وفي الحقيقة متخلقا بخلق الله، ومظهر أوصافه، ومجلاة سره وشأنه، (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، ومن رآه فقد رأى الحق، فالسيدة عائشة إحتشمت وسترت، حيث عبرت بالقرآن، ولم تقل كان خلقه خلق الرحمن» "
بالقطع النقول فيها أخطاء أخرى غير ما ذكرناه فى كلام الحسنى منها حكاية الكونين والأكوان فالمعروف أنه كون واحد وحكاية القوتين النظرية والعلمية بينما هما قوة الجسم والعلم كما قال تعالى "وزاده بصطة فى العلم والجسم"وحكاية أنه من جنس الملائكة وهو ما ينافى قوله تعالى " قل إنما أنا بشر مثلكم" وتفسير السبع المثانى بغير ما فسرها الله وهى عندهم السمع والبصر والكلام والحياة والعلم والارادة والقدرة بينما فسر الله المثانى بأنها الكتاب وهو الوحى ""الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى"