محطات الرحيل
مثلُ القطار هي الدنيا وإِبحارُ = تسوقُها في ضبابِ الدهرِ أقدارُ
يحوي على غرفٍ ألوانها قزجٌ = أحوالها عجبٌ كالبحرِ غدّارُ
تضمُّنا فِرقاً من بعد مولدنا = في أيّ واحدةٍ؟ اللهُ يختارُ
فيها اختلافٌ وأحوالٌ مقلّبة = والمكثُ فيها إلى الركابِ أدوارُ
فغرفةٌ جلّها سعدٌ ومتّسعٌ =وغرفٌ جلّها حزنٌ وإعسارُ
نُعطى البطاقات لا ندري مقاصدها = والركبُ يسري كأنّ القصدَ أمتارُ
عند المحطاتِ تُرسينا مصائرنا = ونترك الركْبَ والآمالُ أبكارُ
دنا المحطةَ يا ويحي بلا مؤنٍ = والقلب يعزفُ حزناً والدما نارُ
نلهو وتجري بنا الأيّامُ مسرعةً = كالعابرين بها والعمرُ مشوارُ
نعدو من الموتِ أميالاً ونحسبه = قد غابَ عنّا وبعدُ الموت أشبارُ
يأتي رويداً وكان النوم غالبنا = فأيقظ النفسَ والأحلامُ أقمارُ
كم غابَ عنّا خليلٌ أو ذوو رحمٍ = حتّى كأنّ جموعَ الأهلِ أنفارُ
قوسُ المنيّة لم يُخطئ ضحيّته = بل إنّ سيفاً لها للعنقِ بتّارُ
الناسُ موتى ودنياهمْ قبورهمُ = والصالحونَ بها أحياءُ أخيارُ
ما فازَ مَنْ يعشقُ الدنيا ويعبدُها = بلْ مَنْ يُطلّقها والدينَ يختارُ
ما يذكر الموتَ إلّا حاذقٌ فطنٌ = قد ساقهُ من غُسُوقِ الجهلِ إبصارُ
أن ترجُ ربّك لا تقنطْ لنائبةٍ = إنّ النوائبَ للأبرار أنوارُ