إعادة العلاقات القطرية السعودية والتحول الإعلامي

على السياسي المحنك، وعلى الواعي سياسيا أن يتنبه إلى التحول الإعلامي الذي سيحصل جراء إعادة العلاقات بين قطر والسعودية، الشيء الذي يؤكد خبث التمثيليات وتبادل الأدوار في الممارسة السياسية، كما يؤكد ظلم المتابعين للقنوات الفضائية التابعة لها ووسائل الإعلام الخاضعة لتمويلها لأن المتابع في عالمنا العربي والإسلامي يفتقد للوعي السياسي ولن يحصل عليه إلا إذا اعتمد عقيدته زاوية من خلالها ينظر إلى الوقائع والأحداث ويحكم عليها، وهو في غياب هذا ضحية التضليل الإعلامي والسياسي.
فهذه قناة العربية ستغير من توجهها ويتبعها الإعلام التابع لمدرستها، وهذه قناة الجزيرة ستغير من توجهها ويتبعها تلاميذ لها، ولكن هل نغير نحن من غبائنا السياسي وفهمنا الضحل لما يجري؟
وما نشهده يبدي توجها سياسيا في الأفق أدناه السير بالخليج على شكل القطيع لتنفيذ سياسات تراها الولايات المتحدة الأمريكية لصالحها وصالح إسرائيل كالتسريع في التطبيع وربط اقتصاديات الخليج بالرأسمال الإسرائيلي والأمريكي وفتح شهية الطمع للزيادة في الابتزاز، وإبراز حقوق اليهود في الجزيرة من أجل التعويض أو الاستيطان في خَيْبَر وغيرها ادعاء للحقوق التاريخية في الجزيرة.
والقمة الخليجية التي وُقِّع بيانها من طرق (القادة الخليجيين) اليوم قد أظهرت الوُكوف على بيضة الدجاجة؛ إيران، وفي المقابل تدعي إيران التقدم في تخصيب اليورانيوم وهذا وذاك نهج سياسي يغطيه إعلام غبي من كلا الطرفين، فأمريكا وإيران دولتان غير متنافستين، أمريكا تأمر وتقود وإيران تسير كالجحش الذي ينوء بثقله ولكنه يسير ويتقدم، صحيح أن إيران الشيعية لا يؤمن عهدها حتى وإن عاهدت أو وقعت على اتفاقيات ما لم ترغم بالقوة على الخضوع لها، وهذه اللعبة تتقنها أمريكا وتنجح منذ الثورة الإيرانية في إخضاعها بين الحين والآخر وإذا ظهر من إيران ما يدل على التمرد فهو مجرد تمثيلية لأنه موجه لدغدغة مشاعر الشيعة حتى يرفعوا شعارات الموت لإسرائيل وأمريكا ويكون ما يفعلونه بين الحين والآخر حبل ملتو على أعناقهم يمسك بطرفه خمينائي، وانظر إن شئت إلى توقيت الإعلان عن الزيادة في تخصيب الأورانيوم في ظل انتقال السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، وانظر إلى عرض عضلات إيران في اعتراض سفينة لكوريا الجنوبية..
وأخيرا وليس آخرا يبدو أن الخليج متجه إلى الزيادة في الابتزاز من خلال وضع إيران على الخط، فالعداء والطمع وزعزعة الأمن في المنطقة وغير ذلك كله أوراق بالية ولكنها لا تزال صالحة في حق أغبياء السياسة من الحكام الخليجيين، ولا ننسى أن منهم من يعي على اللعبة ولكن ليس له إلا اللعب رغم كراهيته لها، وليس له إلا أداء فاتورة اللاعبين.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 05 يناير 2020م الساعة: 12,36 بتوقيت غرينتش