الظلم:
الظلم هو مضاد العدل
والعدل هو وزن الفعل والقول على ما هو صحيح مطلقا
والصحيح المطلق ليس صفة من صفات البشرية
إذ البشرية الاصل بها النقص لكون العلم ليس صفة ذاتية للبشرية
فالعلم الصحيح المطلق يلزم ان يكون صاحبه العليم
ولكون الاقوال والافعال ستقع من كائن على أخر
ولكثرة العوالم المختلفة من الكائنات
ولكون الفعل الواحد له اثره على كل الكائنات المحيطة لترابط تلك الكائنات ببعضها البعض
يلزم ان يكون العليم يعلم حال الكائنات جميعا
ونظرا لكون القول والفعل له اثره على ظاهر النفس وباطنها
لزم ان يكون العليم عالما بظاهر النفس وباطنها حتى يكون عدله واقع على ظاهر النفس وباطنها
ونظرا لان القول والفعل له توابعه على المتغيرات الداخلية للنفس فتمرض او تسعد
لزم ان يكون العليم عليما بالتركيب المادي للخلق جميعا
فتالي فتلك الصفات لا تتحقق إلا لمن له الصفات العلى
وهذا الوصف لا ينصرف إلا لله سبحانه
بالتالي من اجل ان تكتسب الاقوال والافعال صفة العدل البحت فيجب ان يكون هناك البرنامج العلمي الذي به يقاس هذا العدل
لذلك فالله سبحانه خلق الخلق ولم يتركهم عبثا يختارون هم ميزان عدلهم
فجعل سبحانه البرنامج الإداري للخلق جميعا كل له ما يخصه من هذا البرنامج والكل يتفاعل معا بالتبادل التجاري وفق هذا البرنامج الذي صفته صفة لله سبحانه وتعالى لكونه علمه سبحانه
فكان هذا الكمال في الخلق جميعا
ولهذا فإن تفاعل كل تلك المخلوقات مع بعضها البعض اساسه العدل المطلق
ثم ياتي ما هو اعلى من العدل وهو تفاعل الاعلى مع الاقل ليكون الإحسان
إذ العدل هو تبادل مصالح
والإحسان هو تقديم الخير لغاية مستقبلية قد تقع وقد لا تقع
لذلك فالاباء يحسنون إلى ابنائهم
لذلك يخاطب الشرع الأبناء بإعادة ذلك الإحسان كما ربياني صغيرا ولا يخاطبهم بالعدل إذ سيستحيل عليهم الوفاء بحقهم
كما يخاطب الكبير بالإحسان لمن دونه في صفة ما
ولما كان الإحسان هو الإحسان بالقول والفعل
لذا لزم ان يكون هناك البرنامج العلمي الصحيح لقياس هذا القول والفعل
فالقول في الخطاب بين الخلق جميعا
والفعل في تلك الافعال الي ستقع على الغير من جماد او نبات او حيوان او إنسان
والبرنامج الوحيد الذي يحقق ذلك لابد ان يكون هو برنامج خالق كل شئ
فهو اعلم باعلى درجات الإحسان للربط بين كل هذا الخلق جميعا
والبشرية تحيا على الإحسان من الخلق حولها والذي هو اصلا من الله سبحانه لكونه خالق الخلق وواضع البرنامج العلمي لهذا الخلق ليتفاعل به مع غيره
فالإنسان يزرع حبة واحدة من القمح كل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة
فهذا إحسان من تلك الحبة إلى الإنسان لمجرد ان اتبع علم الله في كيفية قيامه بمصالح تلك الحبة
وتلك الشحرة المثمرة بتلك الاعداد الوفيرة من الثمار
قدمت للبشرية الإحسان
وذلك لمجرد ان اتبع الإنسان علم الله سبحانه في كيفية زرع تلك الحبة الواحدة من تلك الشجرة
وكذلك كل شئ
بالتالي فاتباع البشرية لعلم الله سبحانه فيما بينها كجنس بشري سيتبعه من الخير ما لا يحصى عدده ولا ينتهي مدده حالا ومستقبلا
وهذه هي الصدقة الجاريةو العلم الذي ينتفع به والولد الصالح يدعو له إذ الدعاء ليس فقط هو تلك الكلمات المخصوصة للاب والإبن إذ الإبن كسب ابيه
فهو كل اقوال وافعال الإبن الموافقة لمراد الله سبحانه محبة وتعظيما الناتحة من تربية أبيه له
ولهذا فلن يبلغ احد من الخلف ما بلغه السلف من الصحابة والتابعين لكون إحسان الخلف في ميزان هؤلاء الصحابة والتابعين لكونهم نتج ثمار هم زرعوها
ولهذا (فالعاقبة للمتقين) وهم هؤلاء المحسنين الذي نتج إحسانهم يعمر الارض ظاهر وباطنا
لهذا من اجل ان تحقق البشرية الإحسان بمعناه فعليها ان تجعل علم الله سبحانه هو برنامج إدارتها لتحيا علو صفات ذلك العلم إحسانا لظاهرها وباطنها
ولم ينتشر السوء من الأمراض وكل ما هو سئ إلا بالبعد عن هذا العلم كبرنامج إدارة
فكان من الطبيعي ان ترد الكائنات على البشرية عدلا
مردود افعال تلك البشرية معها
فافعال الخلق جميعا مع البشرية معلقة بفعل البشرية معها
فإن احسنت البشرية بتحقيق برنامج الإحسان أحسن لها الخلق جميعا