ومن الحب ما قتل".
وللمقولة قصة وقعت مع الشاعر العربي العراقي عبد الملك الأصمعي ، وهو أحد أئمة الشعر والأدب الذين قلما جاد بهم الزمان ، فقد كان فصيح اللسان واضح البيان ، وما من أحد استمع إلى شعره ،
إلا وأثنى عليه ، والقصة وقعت مع شاب عاشق لم يره الأصمعي ولكن شعره تسبب بقتله .
فكان الأصمعي دائم التجول في البوادي ، ومر ذات يوم بصخرة كبيرة ، لاحظ عليها بعض الأبيات المنقوشة، وكان مكتوبًا على البيت:
(أيا معشر العشّاق بالله خبروا ، إذا حلّ عشقٌ بالفتى كيف يصنع)
فلما رأى الأصمعي ذلك البيت رد على صاحبه ، وذلك بالنقش على نفس الصخرة ببيت شعر آخر يقول فيه :
(يُداري هواه ثم يكتم سره ، ويخشع في كل الأمور ويخضع)
وفي اليوم التالي مرّ الأصمعي بنفس الصخرة ، ولاحظ عليها وجود بيت جديد من الشعر مكتوب أسفل البيت الذي كتبه
و يقول صاحبه :
(وكيف يداري والهوى قاتل الفتى ، وفي كل يومٍ قلبه يتقطع)
فرد الأصمعي ببيت آخر يقول فيه:
(إذا لم يجد الفتى صبرًا لكتمان أمره ، فليس له شي سوى الموت ينفع)
وبعدها بأيام مرّ الأصمعي على نفس الصخرة ، فوجد شابًا ممدًا على الأرض ، قد قتل نفسه ، وتبيّن له بأنه هو نفسه الشاب العاشق الذي كان يكتب الشعر ، وقد عمل بنصيحة الأصمعي بأن يقتل نفسه.
ولما طالع الأصمعي الصخرة التي خلفه وجده قد كتب عليها بيتين من الشعر يقول فيهما:
(سمعنا أطعنا ثم متنا فبلّغوا ، سلامي إلى من كان للوصل يمنع)
(هنيئًا لأرباب النعيم نعيمهم ، وللعاشق المسكين ما يتجرع)
وبعد هذه الحادثة التي وقعت مع الأصمعي أطلق مقولة "ومن الحب ما قتل".