أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: كفر الأشباح

  1. #1
    الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 170
    المواضيع : 59
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي كفر الأشباح


    [ كَفرُ الاشْبَاح ]
    تعج القرية بالظلام كما تعج كل القرى به فإذا غابت الشمس أوى الناس إلى ديارهم يلتمسون السكينة ..لقد تعود الناس أن يناموا مبكرين ودأبوا على ذلك ويصحوا مبكرين قبل طلوع الشمس ليكدحوا نهارهم في حقولهم تحت حرارة الشمس وخلف الثيران يحرثون الأرض فلا سبيل للراحة إلا بغياب الشمس ...أما سالم أحيط بظروف أفضل من ظروف غيره من أهل بلدته فأوضاعه المعيشية أفضل بكثير عن غيره لمَ ترك له أبيه ..

    يسد به حوجه وعوزه فهو لا يعمل مثل غيره ً في الحقول ولا يحصو مبكراً غير المباشرة لبعض العمال المؤجرين للعمل في حقوله وهو الآن يخلد للراحة منذ أن تزوج فتاته ومحبوبته ذات الحسن والجمال فأنه يركن إلى جوارها لا يفارقها ليلاً أو نهارا ...وهي فتاه مدللة ناعمة كالقطة تميل إلى اللهو والمداعبة ولا تكل من ذلك فكثيرا ما تنهك سالم في المداعبة معها ... زهور وليس زهرة كثيرا ما يدعوها بالتدليل وهو ينادي عليها فناديها يا ورد ...فإذا أتى الليل وغابت الشمس خرج إلى بعض أصدقاءه ليلتقي بهم ويجالسهم ويلهو معهم ويحتسي ما يحتسونه من شراب وكحول أما زهور فهي لا تريده يفارقها إلا إنها تعودت على خروجه وعودته متأخراً بعد منتصف الليل ..كانت زهور وحيدة في الدار فلا مؤنس فيه يؤانسها فقد كان سالم وحيداً وماتت أمه ثم لحقها أبيه فأصبح سالماً بالدار وحيداً ولذلك سارع بالزواج وكان أبيه يود أن يزوجه ويفرح به قبل موته لولا أن اختطفه القدر ومات بعد أمه بشهور.. كانت زهور هي المؤنس الوحيد لسالم في الدار وكذلك هو أيضاً هو المؤنس لزهور في وحدتها أحست زهور بالوحدة فشكت لسالم وحدتها في لحظات غيابه وفي كل مرة يوعدها بأن يحضر لها من يؤانسها ويسليها في غيابه .......وفي ذات ليلة كان راجعاً من سهرته مع أصدقاءه وفي جنح الليل رأى قطة بيضاء تدنؤ وتبرق عيناها في الظلام فرغب في اقتناؤها فأمسك بها وأخذها معه للدار وهو يربت عليها ويزف بها إلى زهور حين دخوله إليها فقد كانت قطة جميلة ومختلفة عن غيرها من القطط التي تجوب الشوارع وتسكن مع الناس في البيوت ....حينما رأتها زهور فرحت بها فرحاً شديدا وضمتها على صدرها وهي تقبل فيها وقد أعجبت بمنظرها ووداعتها فلم ترفضها زهور حينما رأتها فقدمت لها الطعام والشراب وراحت تدللها وتعلب معها في غيابه وحضوره وأصبحت أداة تسليتها ومؤنسها في البيت وهي تنام معها على السرير لا تفارقها ......وفي ليلة من الليالي عاد سالم من سهرته وفتح الباب ودخل فإذا بالقطة تقف فوق صدر حبيبته زهور وتعبث بصدرها بأرجلها كأنها طفل بشري أو إنسان يعقل مداعبة النساء الحسناوات فاستغرب سالم من أمر القطة وأمر حبيبته ...فقد كان ذلك بالنسبة له جديد فقال : مازحا
    خديها يا قطة .... أو خذها يا قِِط ...!
    رفعت القطة رأسها وأبرقت عيناها كأنها أمرت وتلقت الأمر ......
    وفي سرعة البرق وأمام عينيه خوى السرير والفراش من القطة وزهور كأن الأرض انشقت وابتلعتهما ......فلا وجود لصاحبته ولا القطة .....
    كاد سالم يصعق أو يجن ......وانتابه الرعب الشديد فأطلق قدميه فاراً وهارباً حتى أنه من شدة خوفه ضل عن الباب ليخرج ...خرج سالم من البيت كالمسعور لا ينظر خلفه وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ..فليس على لسانه إلا لاحول ولا قوة إلا بالله و لا إله إلا الله ، وأعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم ....لم ينم في تلك الليلة ولم يستطع أن يدخل البيت ولم يغمض له جفن وهو يرتعد من هول ما رأى لقد قضى الليل خارج المنزل ولا يعرف لمن يذهب وأين يذهب ...!حتى لما طلعت عليه شمس النهار كان سالم مازال الخوف والرعب يملكانه بشدة ولا يعرف كيف يقص الأمر على الناس أو على أهلها ؟ ،...

    فتلك الأمور لا تجد الكثير من الناس من يصدقك فيها ولا تجد غير الدهشة والاستغراب ، ولن ينال سالم إلا الاتهام ..ضرب سالم يديه كفاً بكف وهو حزين مكتئبا غائباً عن الدنيا ،رجع إلى بيته والرعب يملكه وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ آية الكرسي وسورة الفلق وسورة الناس وراح يضع المفتاح في الباب ليدخل ... وأحس أن شعر رأسه قد شاب وانتابه الفزع وهو يود أن لا يدخل حجرتها ويرى سريرهما فلم تأته الجرأة ليفعل ذلك ،، فأغمض عينيه وكاد يفر هارباً كما فعلها بالليل .. لقد كانت زهور تنام على هذا الفراش هي وهذه القطة الملعونة .. وخرج سالم حزيناً خائفاً لا يعرف كيف يدير أمره في ذلك وكيف يتصرف في مصيبته فراح يطوف في شوارع القرية حيناً ويخرج للفضاء حيناً أخر مسروق ومسلوب العقل والتفكير ... ولقد مضت ليلة ويوم على سالم ولم يبح لمخلوق عما حدث معه لزوجته وحبيبته وجاءت أخرى وسالم يكتم سر غياب زوجته زهور لا يستطيع أن يبيح بما رآه فلن يصدقه أحداً من الناس وسيتهم بقتلها .... لقد قتله الفكر والهم وعرف إن لا سبيل له إلا المصارحة وافشاء ما رآه وليكن ما يكن وسوف يجعل الله له مخرجاً ..
    ذهب سالم إلى بيت والد زهور وهو مكدر خائف مرتعب يرتعش جسده كالذي أصابته لفحة من برد وحمى ،،،وقد استقبل كالعادة بحفاوة وتقدير وبشاشة من حماه وحماته كالعادة وهو واقف مكسور الخاطر لا يرد و ينكس رأسه لأسفل إلى الأرض ...نظرت أمها في وجه سالم فقرأت ما لم يقرأه زوجها واستغربت صمته الغير معتاد ، .. سالم : ما بك .....؟
    هل هناك مكروه في بيتك ..؟
    أين زهور ,؟ لماذا لم تأت معك .؟
    لم يملك سالم نفسه ورح يبكي كطفل رضيع نزع من صدر أمه عنوة ، ووقفت أم زهور وزوجها وقد شدهما بكاؤه وحالته التي هو عليها فانتابهما الفزع ، تقدم حماه وضمه إليه وهو يقول تكلم يا سالم ما الذي حدث ؟ .
    سالم : سالم لا يستطيع أن يتكلم ..... ! ولا يعرف كيف يبدأ...؟
    حماه : تكلم يا سالم خلعت قلوبنا يا ولدي
    سالم : وكيف أسرد ما رايته .؟شيء يا عمي لا يصدقه عقل
    حماته : وقد وقفت على رأسه تكلم يا بني الله يرضيك
    سالم كأنه لقم حجراً في فمه أو خيطت شفتاه فمنع لسانه عن الكلام ،
    ضربت حماته على صدرها وصرخت ...قل : يا سالم ...! ماتت زهور ماذا جرى لها .!
    وبعد صمت ، جمع سالم قواه وراح ينطق ويتكلم ، والله يا حماتي والله يا عمي ما قتلتها وزهور لم تمت ولكن ....! ولكن .! ماذا ...؟
    سالم : هل ستصدقونني .؟ حماه : نعم يا ولدي وقل .....

    لقد خطفها عفريت من الجن يا عمي ......!
    نظر الحمى إلى زوجته أم زهور وكأنه سُكب عليه كوباً من ماء مثلج ،
    سرعان ما نهض الحاج محمد من مكانه وجلسته وأمسك بتلابيب سالم وراح يهزه بقوة وعنف وهو يصرخ ويقول :قتلتها وجئت تكذب علينا ..قتلتها وجئت تكذب علينا يا مجرم ،
    سالم : أقسم بالله العظيم يا عمي ما قتلتها ولم أمسها بسوء ،من فضلك يا عمي اسمعني ، والله لم أقتلها وعزة الله وجلاله ما تعرضت لزهور بسوء ،كثرت الأيمان والحلف من سالم وهو يبرر بها ذاته من قتل زهور مما دفع الرجل لأن يهدأ بعض الشيء ليسمع ما وراء سالم فهو لم يصدقه.....لأنه مضطر ليسمع من سالم باقي روايته التي زلزلت العقول وفجرت الحزن في القلوب ، سالم : أقسمت بالله عليك يا عمي أن تهدأ وتسمعني ،
    الحمى :تكلم أيها الفاجر القاتل ....شكراً لك يا عمي وسأقص عليكما قصتي ،
    .....ع..........دت ي.....ا ي.......ا ع........مممممميمن سه.............رتي
    وفتحت الباب ودخلت فإذا بزهور تقف على صدرها قطة أتيت به إليها لتؤنسها
    فما أن رأيت القطة تلاعبها وتلعب معها بطريقة أدخلت في قلبي الشك بالرغم إنني أعلم أنها حيوان وقد جئت بها إلى البيت لتسليها فلما رأيتها على الوضع فوق صدرها أدخلت في قلبي الغيرة فقلت كلمة أمازحها بها وأنا لا اشك لحظة بانها قطة صغيرة أو حيوان مستأنس
    فقلت خذها يا قط .........لم أنطق غير هذه الكلمة حتى وجدت زهور والقطة لا وجود لهما أمامي وكأنها الأرض انشقت وابتلعتهما سويا ً ...فخرجت من البارحة أو من لحظتها هائم على وجهي ولا أعرف كيف أحكي لكما ما حدث معي أو للناس وأعرف أن أمر كهذا لا يصدق ...مهما حلفت لكم بأغلظ الإيمان ،صعق الحاج محمد وهو يسمع لسالم وراح يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ولسان حاله اللهم أحفظنا من الشيطان ونفخه ونفسه وأعوانه المردة أما حمى سالم أم زهور فجاءتها حالة من الهستيريا وانتابها الرعب وأصبح لسان حالها ( لا تضرونا ولا نضركم .....
    قريباً مع الفصل الثاني من رواية [كفر الأشباح)
    بقلم كاتبها :: سيد يوسف مرسي



  2. #2
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,444
    المواضيع : 234
    الردود : 3444
    المعدل اليومي : 2.18

    افتراضي

    قصة ماتعة ومثيرة بداية من عنوانها ـ تشد القارئ بسرد شيق
    وببراعة في التصوير .. وفي انتظار للفصل الثاني لأكون لك من المتابعين.
    ولك تحياتي.
    ملحوظة .. أحتاج النص للمراجعة قبل النشر.

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    بسرد متقن جذاب ، وبسلاسة في اللغة مع تشويق في العرض استطعت أن تستحوذ
    على إنتباه القارئ ـ فمن قديم الأزل وحتى يومنا هذا لا تزال القصص التي تحكي
    عن الجن والعفاريت تثير اهتمامنا وترعبنا في آن واحد.
    وإلى أن نلتقي بالفصل الثاني سنكون لك على إنتظار.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    همسة:
    كثرت الغلطات الكيوباردية والإملائية التي كان من الممكن تلافيها ببعض المراجعة.

  4. #4
    الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 170
    المواضيع : 59
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيل أحمد مشاهدة المشاركة
    قصة ماتعة ومثيرة بداية من عنوانها ـ تشد القارئ بسرد شيق
    وببراعة في التصوير .. وفي انتظار للفصل الثاني لأكون لك من المتابعين.
    ولك تحياتي.
    ملحوظة .. أحتاج النص للمراجعة قبل النشر.

    ربنا يبارك في حضرتك وألف شكر لحضورك الراقي وشكراً
    من القلب على همسك الرقيق وتحيتي لكم بحجم السماء

  5. #5
    الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 170
    المواضيع : 59
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة
    بسرد متقن جذاب ، وبسلاسة في اللغة مع تشويق في العرض استطعت أن تستحوذ
    على إنتباه القارئ ـ فمن قديم الأزل وحتى يومنا هذا لا تزال القصص التي تحكي
    عن الجن والعفاريت تثير اهتمامنا وترعبنا في آن واحد.
    وإلى أن نلتقي بالفصل الثاني سنكون لك على إنتظار.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    همسة:
    كثرت الغلطات الكيوباردية والإملائية التي كان من الممكن تلافيها ببعض المراجعة.

    ربنا يبارك فيك أستاذة نادية دائما تسعودنا بحضوركم الراقي وطلتكم الندية
    تحية مني لكم بحجم السماء وتقديري ومحبتي وشكراً كبيرة على الهمس الراقي

  6. #6
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Feb 2015
    المشاركات : 1,269
    المواضيع : 38
    الردود : 1269
    المعدل اليومي : 0.38

    افتراضي

    قصّ مشوق ..ننتظر الفصل الثاني ..

    دمت بكل خير و عافية ..
    كـلُّ الـشموس تـجمّعتْ فـي فُـلْكهِ
    ويَرانِيَ الشمسَ الوَحيدةَ في سَماهْ

  7. #7
    الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 170
    المواضيع : 59
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي



    [ الفصل الثاني ]
    [ كفر الأشباح ]

    كُممت الأفواه وتوقفت العقول عن التفكير وألتجم القوم ..صمٌ ،بكمٌ ،عميٌ فهم لا يعقلون ،، بين التصديق والتكذيب يقف العقل بلا حراك فأن ما قيل على لسان سالم لا يعقل ولا يؤخذ به ولا يستطيعا أن يسلما بما سمعا ولا يصدق هذا الكلام أحداً من الناسقالت : أم زهور وهي في غيابها واستغرابها كأنها تستخلص من سالم نتيجة وهي تقول وماذا نقول للناس يا ولدي؟ ،إن كانت أغضبتك زهور ثم قمت بضربها فهربت منك فقل لنا ، ونحن نسعى لإرجاعها لك فهذا الكلام يا ولدي لا يصدقه عاقلفقل وتكلم : وقف سالم وهو حائر وراح ينظر حوله إذا به يجد مصحفاً بجواره ، فأمسك به سالم ووضعه على عينيه ثم وضع يده عليه وقال : أقسم بالله العظيم وبحق هذا الكتاب وما أنزل فيه لصادق يا عمي ويا حماتي فيما قلت لكم .....وراحت عيناه تخران الدموع وتهطلان بغزارة فشاركاه أبويها البكاء ....نهض الحاج محمد من مكانه واقفاً ، كأنه لاح له حلاً فشد سالم من يده ،. امتثل سالم لأمر حماه ومضى خلف الحاج محمد دون أن ينبس بكلمة واحدة ،ولا يدري كيف ينتهي به المطاف ؟.عرض الحاج محمد على سالم أمراً وهو يهامسه ويؤكد عليه ،لا بد من تنفيذه فاتخذا طريقهما إليهً حتى وإن كان سالم يأنفه ويرفضه وإن كان بعضا من أبناء القرية أو الناس يسلكه ويؤمن به فدخلا به كفراً صغيراًمن توابع قريته يعيش أهله في غير ألفة مع جيرانهم ، فالجميع يخشاهم ويشمئز منهم ويخشى التعامل معهم فلا يطأ كفرهم وديارهم إلا القليل والراغب والقاصد مصلحة فيهم ،الجميع يعرفون بشدة بطشهم وتعاطيهم للسحر الأسود ومعاشرتهم للجن فجميعهم أبناء رجل واحد وأبناء عمومه ....

    فليس لهم عمل إلا السحر والشعوذة وفك المربوط ، وربط المفكوك ، وتزويج العانس وتطليق الساكن ، وخلق المعارك ، وافشاء الفتن وعمل الأحجبة للحب والكره والبغض والغرام والقبول والرفض ...كل هذا موجود عند أهل هذا الكفر وتستطيع أن تقول إنه مجمع عيادات للسحر والشعوذة ...وما باليد حيلة لسالم وحماه الحاج محمد إلا سلوك هذا الطريق ، ولم تطأ أقدامهما تلك الناحية ...وقد لفت نظرهما منظر الطبيعة الذي يشعرك بالقشعريرة وبالخوف لأول وهلة ويوحي إليك أن سكان هذه البلدة ليسوا من البشر وإنما هم خلقاً أخر غير الخلق ، أوهم من عالم أخر مثل الجن ، أو هم أشباح أرضية ، أو مخلوقات فضائية ارتعدت فرائس سالم خلف الحاج محمد وكاد يلتصق فيه الخوف لولا خشيته أن يحس الحاج محمد ويشعر بخوفه فيلومه ، لقد أحس سالم أن الأرض التي يمشون عليها تشبه أرض المقابر ورائحتها تزكم النفوس وتعبق الجو وتملؤه برائحة تشبه رائحة الموتى والشجر ما هو بالشجر ، كأن رؤوس الشياطين أو الشياطين تسكنه ، فكانت رقاب الأغصان كالحة ، لا ترتدي الثوب الأخضر والنخيل القديم المرتفع أعوج ساقه وانحنى عوده، جريده اليابس الضامر بفعل الزمن ...حتى الطيور يبدو أنها تخشى المكان فلا توجد طيور تحلق غير الغربان والبوم ، فلا تسمع إلا نعق الغراب


    والبوم فوق أطراف الشجر والنخيل وما شابههما ..وما أكثر ما تسمع ل نهيق الحمير ، تكاد تكون شوارع الكفر خالية تماماً فلا حس ولا حركة ،... سار الحاج محمد في طريقه حتى وقف أمام بيت من دور واحد .. جدرانه من الطوب الأخضر ( الذي لم يحرق فيصير أحمراً )صنع سقفه من القش و جريد النحيل ، حتى بابه صنع من الجريد لا يتعدى عرضه المتر ولا يزيد ارتفاعه عن المترين فإذا نظرت إلى الدار من الفراغات التي تخلل الجريد بالباب أخذتك الرجفة والرعب من أول نظرة ، فهو مظلم عميق يخيم عليه السكون بشكل مرعب ،كان الباب مفلوج جزء منه ويجلس رجلاً ما هو بالطويل وما هو بالقصير ، دميم الملامح غليظ الأشفار ، أنفه كبير متعجرف وعيناه جاحظتان يطوي على رأسه ملحفة بيضاء اسود لونها وتغير من كثرة الوسخ الذي تراكم فوقها وقد طواها على رأسه بدون انتظام ، جلبابهقحلي رث ، يغمرك دخان الأبخرة النافرة من موقد أمامه همدت حدة ناره وتطايرت منه أدخنة الأبخرة إلى السقف المصنوع من الجريد والخوص والذي أصبح بلون السبورةالسوداء شديد السواد .... تنحنح الحاج محمد وهو يطرق الباب بعصاه التي يمسك بها في يده وهو ينظر خلفه ويأخذ جانباً عن الباب ،،ليأتي صوت الرجل القابع من الداخل ، صوت لم يألفه سالم ولا الحاج محمد أوحى إليهما كأنه صوت أتى من بعيد من الأدغال أو أتى من مغارة عميقة ليس لها قعر ...وهو يقول : أخذها منك بن (برقوش) أخذها منك أبن ( برقوش)، فإذا هما يقفان في لجة واستغراب بما سمعا ...ويقهقه الرجل وهو ينادي عليهما يأمرهما بالدخول وتعلو وجهه المكتظ البسمة غليظة مثل حمار ، نظر الحاج محمد إلى سالم كأنه يطمئنه ويقول له ، لا تخشى شيئاً ...هذا هو الشيخ وهدان كبير السحرة شيخ المشايخ وأحد الرجال الواصلين رجل سره( باتع ) ورجل واصل ، تبسم الشيخ وهدان وهو يسمع الحاج محمد يطري عليه ويثني عليه بهذا الكلام كأنه أعجبه ما قال ، فأمرهما بالدخول وأشار إليهما بالجلوس على حصير مواجه له ....تركهما الشيخ وهدان وهما ينظران إليه وراح يطلق البخور في (منقابه ) أو موقده وراحت الأبخرة تتصاعد وتزيدمن جو المنزل كتامة ويكاد الدخان يقتلهما سوياً ، أما الشيخ (وهدان ) فلا يعبأ بهذا الدخان ولا يهدأ في تراتيله الطلسمية وهو ينادي ملوك الجن ويعظمهم فيهم ويدعوهم للمثول وتلبية أمره ... كاد سالم أن يفر وينجو بجلده وهو يسمع الشيخ ( وهدان ) وهو يقول وينادي : شمهورش ، شمهورش ... ميمون ميمون ، عجل ‘عجل ، حان الحين وجاء الطلب .. الطلب ...لولا أن أمسك بذيل جلبابه الحاج محمد ليستقر ويهدأ على مضض وكأن يجلس على جمر من شدة الرعب والخوف .....!

    صرخ الشيخ (وهدان) صرخة شديدة زلزلت الأرض تحتهما فهبا مذعوران كأنهما ينويان الفرار والنجاة بأ رواحهما من شدة الخوف ..وقد غابت عينا الشيخ وأنقلب السواد إلى بياض وارتجت الأرض وأحسا أن جدران الدار وسقفها سوف يسقط عليهمامن شدة احساسهما بحركة الآتي والمدعو الشيطاني من قبل الشيخ ( وهدان )...

    ثم صرخ الشيخ (وهدان) الصرخة الثانية لكنها كانت صرخة أقل حدة فيها من الترحيب والتهليل بقدوم ملك الجن المعظم شمهورش ، حيث انكب الشيخ (وهدان )على جبهته صامتا كأنه يعلن ولاءه له وتعظيمه له


    وإلى فصل أخر بكفر الأشباح بإذنه تعالى

  8. #8
    الصورة الرمزية سيد يوسف مرسي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Oct 2016
    المشاركات : 170
    المواضيع : 59
    الردود : 170
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي



    [ الفصل الثالث ]
    [ كفر الأشباح )
    رفع الشيخ (وهدان ) رأسه ونصب عينيه في وجه سالم بطريقة غريبة وهو يقول له : ماذا فعلت ؟. ماذا فعلت ؟ ...سالم : لم أفعل شيئاً يا سيدي الشيخ ...!الشيخ وهدان : كذبت ...

    سالم : والله لم أكذب ...الشيخ وهدان : لقد فعلت ما لم تدرك عواقبه يا سالم ...!
    سالم : ما هو يا سيدي ....؟الشيخ وهدان : لقد كسرت قدمه وصنعت في قدمه عاهة مستديمة ليس لها علاج عندهم كما يحدث في البني آدم عندنا ....
    سالم : كيف يا سيدي ؟ وأنا لم أره ولا أعرف عمن تتكلم ..؟
    الشيخ وهدان : أنا أتكلم عن حرقوش بن برقوش الصبي الصغير الذي طاوعك قلبك وكسرت قدمه في يوم من الأيام ...
    سالم : أقسم بالله يا سيدي لم أفعل ولا أعرف ولا أعلم عما تقول شيئاً ...الشيخ وهدان : سأريك ما لم تعرفه وما لم تود الاعتراف به .....!أخرج وانتظرني خارج الدار ...!
    أخذ الحاج محمد زوج ابنته خارج بيت الشيخ وهدان وهما ينتظران وفي أشد الغرابة والدهشة مما سمعا منه ... فما أن خرج الشيخ وهدان مد عصاه لسالم وأمره بالركوب عليها كما يركب الحمار وسالم في رعب ودهشةعارمة وينظر إلى حماه كي يتكلم لكن الحاج محمد صام عن الكلام فليس لديه شيء في تلك اللحظة كي يقوله كأنه ُمسَلِماً بما يحدثمن الشيخ وهدان ، نظر سالم للشيخ وهي يبدي ابتسامة يعلوها الريب ،، كيف يا سيدي ؟،الشيخ وهدان : كما قلت لك مثلما تركب الحمار..سالم : مثل الحمار؟ ........!الشيخ وهدان : بحزم كما قلت لك ..فعل سالم وأطاع الأمر وركب العصا كما يركب الحمار وركب الشيخ أمامه على العصا ، ورفع الشيخ كفه وضرب العصا كأنها دابة تحت مؤخرته يأمرها ..واختفيا الاثنان عن عيون الحاج محمد وهو يقف في حالة ذهول...! في لحظة كلحظات البرق أو كلمحة كلمحات البصر وجد سالم نفسه في صحراء شاسعة لا ماء فيها ولا حياة ...ولا توحي سماؤها ببشر يقطنها بل هي جرداء مقفرة تسودها الصخور السوداء والجبال العالية ذات السنام المرتفعة

    الشاهقة وتتشكل في تضاريسها كأنها منازل ودور للسكنى وهي تشبه في رؤوسها كرؤوس الإبل السوداء .....نزل الشيخ من على ظهر عصا ه وسالم يتبعه ويسير خلفه وسار بعضاً من الخطوات واتجه ناحية المشرق بوجهه وكأنه حدد مكاناً للنفاذ والدخول ُثم ضرب عصاه في بالأرض ضربتين خفيفتين وهو ينظر إلى سالم ويأمره بعنف وشدة أن لا يتلو أي آيات من القرآن الكريم أو يستعيذ من الشيطان حتى وإن كان في سره فأنهم على مقربة من مملكة الشيطان الأعظم لتلك الناحية من البلاد(شمهورش) العظيم ......!سرعان ما انشقت الأرض وكشف عن محتواها المغطى قبل أن يكمل الشيخ وهدان حديثه لسالم محذراً له ، فإذا هما أمام بوابة كبيرةطليت بالطلاء الأسود ورصعت بالجواهر الثمينة ، يحرسها جنوداً أشداء وضعوا القلانس على رؤوسهموتقلدوا بالسيوف والخناجر ووضعوا على خوا صرهم الأربطة من الجلد السميك وفي أيديهم القفازاتفلا ترى لهم وجوها ولا أعين بل هم كالأصنام رصوا بتنسيق وحدة يرهبون من يراهم أو ينظر عليهم أو يقدم عليهم في ديارهم ...تقدم الشيخ وهدان وخلفه سالم يرتجف وعيناه زائغتان تدوران حوله من هول ما يرى وما تبصر عينهفي تلك المملكة الغريبة والتي تكمن أسفل التراب وتحت الأرض ......!وإذا بمنادي ينادي خلف البوابة أن أفسحوا الطريق وافتحوا الأبواب ، ليتقدم ويدخل الشيخ وهدان إلى عرش مملكة الجن ، وقد تقدمه رئيس الحرس بلباسه المميز ووجهه المكتظ يحوطه عسكره كعساكر البشر الذين دربوا في أكبر الأكاديميات العسكرية من حيث التنظيم والتدريب والهيئة العسكرية الجادة التي لا تعرف الهرج أو المرج في تلك الأمور...

    مشى الشيخ وهدان ومن خلفه سالم على البساط الملتهب الأحمر الذي تقف أشد الثعابين فتكاً متحفزة برؤوسها على جانبيه ، يتبعه سالم في خطاه وكلما مر أما م فوج من كتائب الجن المصفوفة على شماله ألقى التحية المتعارف عليهم وخر على ركبتيه وطأ طأ رأسه تعظيما لهؤلاء الملوك وحراس المملكة للجن من الزائرين الغرباء وقد هال سالم ما رآه من حفاوة الاستقبال للشيخ وهدان في مملكة الجن كأنه رئيس دولة عزيز ذو قدر عالٍ عندهم ... وقد لفت نظره ما رآه من عمران وضبط وانضباط غاب عن حياة بعض البشر ..حياة لا نعرفها عن هؤلاء المخلوقات .....انتهى البساط الممدود وتوقف الحرس وأدار رأسه ونادى رئيس الحرس بأعلى صوته الشيخ وهدان كبير السحرة في مملكة البشر وضيف ملكنا المعظم شمهورش ...انفرج الباب الحاجز على مصرعيه ليدلف الشيخ وهدان وسالم يصحبه وسط حراسة من عسكر الجن والعفاريت ...نظر سالم إلى أجسادهم فرآها كأنها براكين من النار تغلي وتشتعل وعيونهم كقرص الشمس ملتهبة تتوقد بالجحيم .لهم ذيول خلفهم يجرونها وقرون فظيعة في رؤوسهم ، أطوالهم وقاماتهم فارعة وأجسادهم ضخمة لا تقارن صفاتهم ولا تتشابه ملامحهم ببني البشر وقد لمح سالم أحد الحراس من العفاريت وقد أرعبه شكله وأرهبه أتساع أذنيه وضخامة رأسه .. أخذه الفضول فنظر إلى أقدامهم فكاد يصعق فقد وجد أقدمهم ليست كأقدام البشر إنما هي مثل حوافر النعم من البغال والحمير وقد انتعلوا بها أحذية لا وجود ولا مثيل لها عند بني البشر مع دقة في السيقان وضخامة البنيان....استدار الشيخ وهدان وولى وجهه ناحية الملك شمهورش الجالس على كرسيه تحوط به ثلةٌ من الملوك العظماء في مملكته وتحت إمرته والمحظيات من بنات الجن بأجسادهن الملتهبة وعيونهن

    البارقة البيضاوية يجلسن تحت عرشهالرمادي وهم يتبارين في كسب ثقة الملك ورضاه تقدم الشيخ وهدان ناحية كرسي ملك الجن وخر على ركبتيه وسجد تحت قدميه وألصق رأسه بالأرض تعظيما للملك وهو يقدم الولاء وسالم يقف مشدوها لم يؤمر أن يفعل كما فعل الشيخ وهدان.. لكنه غائب ٌ حاضر في تيه الملك وعرشه في هذه المملكة الغريبة وما أقدم عليه شيخ السحرة من تعظيم لملكها ...وقد انتصب الشيخ وهدان من سجدته بعد أن قدم الولاء والتحية وأمر بالنهوض ليقف أمام الملك ليدلي بطلبه الذي أتى لأجله ودخوله المملكة وتحمله العناء ليعود غير مكسور الجناح غانما إلى عالم البشر مرة أخرى ....



    وإلى فصل أخر من فصول ( كفر الأشباح) بإذنه تعالى

  9. #9

  10. #10