|
أَمِنْ فِضَّةٍ شُكِّلتَ يَا صَاحِ أَم حَمَأْ |
أَمِ الجَمرُ وَقَّاداً عَلَى خَدِّكَ اْنطَفَأْ |
وهَل جِئتَ مِن جَنَّاتِ عَدنٍ إِلَى الثَّرَى |
جَمِيلاً وفِي عَينَيكَ سِحرٌ قَدِ اْختَبَأْ |
فَلَمَّا وَطِئتَ الأَرضَ واْنصَبَّ مِلحُهَا |
بِفِيكَ وأَنتَ العَذبُ أَغرَتْكَ بِالظَّمَأْ |
أَرَى وَجهَكَ الوَضَّاءَ قَد صَارَ شَاحِباً |
و مَا بِكَ مِن ضَعفٍ، ولا هَدَّكَ الوَبَأْ |
ولَكِنَّنِي يَا صَاحِبِي مُذْ فَتَحتَ لِيْ |
كِتَاباً، وقُلتَ اْقرَأْ، فَكُنتُ الَّذِي قَرَأْ |
فَعُلِّمتُ مِنكَ الصِّدقَ حَتَّى وإِن بَدَا |
ثَقِيلاً عَلَى مَن صَانَ دِيناً ومَن صَبَأ |
عَرَفتُكَ طُولَ العُمرِ تَختَالُ بَينَنَا |
رَشِيقاً، كَمَا لَو كُنتَ فِي عَدْوِكَ الرَّشَأ |
وتَجلِسُ مَلْكاً فَوقَ عَرشِكَ آمِراً |
رَعَايَاكَ، كَالفِرعَونِ إِن ثَارَ أَو هَدَأْ |
حَنَانَيكَ لا تَزعُمْ بِأَنَّكَ جِئْتَنَا |
عَلَى تَعَبِ الأَسفَارِ فِي الزَّمَنِ الخَطأْ |
فَمَا كُنتَ مَسلُوبَ الإِرَادَةِ إِن جَرَى |
بِوَادِيكَ أَحدَاثٌ، وطَارَ بَهَا النَّبَأ |
ولا كُنتَ فِي سِفرِ الأَسَاطِيرِ نُقطَةً |
عَلَى السَّطرِ، لَكِنْ للأَسَاطِيرِ مُبتَدَأ |
فَمَالِي أَرَى نَسْراً تَكَسَّرَ رِيشُهُ |
عَلَى صَخرَةِ الأَحزَانِ، تَقتَاتُهُ الحِدَأْ |
ومَالِي أَرَى طَوْداً بِعُكَّازِهِ مَشَى |
إِذَا اْهتَزَّ مِن رِيحٍٍ، عَلَى وَجهِهِ اْنكَفَأ |
بِرَبِّكَ قُل لِي، لا تَدَعنِي بِحَيْرَتِي |
أَمِن أَرضِنَا تَشكُو حَزِيناً أَمِ المَلأْ؟ |
هِيَ الأَرضُ، ذَاتُ الأَرضِ مُذْ أَن رَوَيْتَهَا |
فَأَنبَتَّ فِيهَا النَّخلَ والبَقْلَ والكَلأْ |
وشَيَّدتَ دُوراً لا يُضَاهِي بَهَاءَهَا |
ثَمُودُ، ولا عَادٌ هُنَاكَ، ولا سَبَأْ |
فَيَا أَيُّهَا الشَّيخُ الَّذِي اْنسَابَ فِي دَمِي |
وَقُوراً، لَكَ الوُجدَانُ والرُّوحُ مُتَّكَأْ |
ويَا سَيِّدَ الدُّنيَا ومَشرِقَ مَائِهَا |
و يَا مَن لَهُ قَلبِي .. أسِيفاً .. قَدِ اْلتَجَأْ |
أَمَا ثُرتَ بَعدَ الصَّمتِ عُمراً عَلَى الأَذَى |
و أَظهَرْتَ عَينَ السُّخطِ جَمراً لِمَن رَقَأْ |
فَمَا زِلتَ يَا نِيلُ القَوِيَّ، ولَم يَزَل |
كِلانَا حَدِيثَ المَاءِ لِلطِّينِ مُذْ نَشَأْ |