ولي العهد السعودي يتزندق وفي الجهل يتخندق

في مقابلة بثتها قنوات فضائية كالعربية يوم أمس ظهر قرآني جديد يتنكر للسنة النبوية الشريفة بصفاقة ووقاحة تضاهي صفاقة ووقاحة القذافي، فالقرآنيون الجدد ليسوا قرآنيين أصلا لأنهم لو كانوا قرآنيين حقا لأرشدهم القرآن إلى اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا أولا، ثانيا من جهلهم المركب أنهم دون مستوى فهم القرآن، إذ القرآن ذاته كتاب فيه المُجْمل والمُطْلق والعام، كما فيه قليل من المفصل والمقيد والخاص، ومن الطبيعي والبديهي أن يكون مرشدا إلى من يفصِّل مُجْمله ويقيِّد مُطْلقه ويخصِّص عامَّه وهو النبي صلى الله عليه وسلم في سنته الشريفة، فخذوا مثلا أحكام الصلاة من القرآن والسنة المتواترة فلن يسعفانكم في الإتيان بالصلاة على الوجه الذي كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أضف إلى ذلك عبادة الصوم وعبادة الحج والزكاة، فكيف نعمل بهذه الأوامر الربانية التي جاءتنا في كتابه العزيز مجملة غير مفصلة ومطلقة غير مقيدة وعامة غير مخصصة؟ هل نلغي جميع ما جاء من فعل للنبي وقوله لأنهما وردانا بالآحاد؟ أيّ جهل هذا وأي زندقة هذه؟
أليس الاقتصار على القرآن الكريم وترك السنة كفر صراح؟ أليس هو رأي الخارجين عن الإسلام؟ ألم يقل الله تعالى عن رسوله: ((قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) سورة الأنبياء، ألم يقل: ((وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3))) النجم، ألم يقل: ((قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (9))) الأحقاف، أليست هذه الآيات قطعية الثبوت قطعية الدلالة؟ ألم يقل الله: ((مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) النساء))، ألم يقل: ((لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور))، ألم يقل: ((فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) النساء))، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) )) النساء.
وعليه فاتباع السنة كاتباع القرآن سواء بسواء لأنهما وحي من الله عز وجل، وهذا الذي انضم إلى جنود إبليس محمد بن سلمان، هذا المفتي الجديد، هذا الذي يدهده النتن قلبه وعقله قد طلع علينا يفتي بترك سنة الآحاد والإبقاء على السنة المتواترة الشيء الذي يوحي أنه يعمل فعلا بالقرآن ويعمل بالسنة المتواترة وهذا إن رآه راء فهو واهم، فالسعودية كسائر الدول العربية لا تعمل لا بالقرآن ولا بالسنة المتواترة ولا بسنة الآحاد، لا تعمل بالإسلام، فالرجل ينوء بأجندة الكفار الأمريكيين ينفذ مخططاتهم حتى لا يلاحقوه على جرائمه داخل السعودية وخارجها، لن يتركوه وها هو "بايدن" قد وضع بين يديه ملف الصحافي "خاشاقجي" ليزيد من ابتزازه والضغط عليه لينفذ كل شيء تراه أمريكا، الأمر لن يقتصر على حرب الإسلام، بل يتعداه إلى شن حرب على المسلمين بمسميات عديدة، ويحضرني من ذاكرتي قول فهد بن عبد العزيز لمجلة هولندية في ثمانينيات القرن الماضي صرح لها قائلا: ((لقد أخطأ مصطفى كمال أتاتورك لأنه عمل على هدم الإسلام من القمة بينما نعمل نحن على هدم الإسلام من القاعدة)) أليس هذا من ذاك؟ ألم يغرق آل سعود في الخيانات والتآمر مع الإنجليز على دولة الخلافة؟ هل رأيتم قردا ينجب غزالا أو فهدا ينجب جرذا؟
ألم يقل عنه وعن أمثاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يقعد الرجل منكم على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيني وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإنما حرم رسول الله كما حرم الله)) أخرجه الحاكم والبيهقي، وفي رواية أخرى عن جابر مرفوعة وردت في مجمع الزوائد قال: ((من بلغه عني حديث فكذب به، فقد كذب ثلاثة: الله، ورسوله، والذي حدث به)).
إن الحديث مثل القرآن من حيث وجوب العمل به، ولكن إذا ورد ما يعارض القرآن يترك ولا يؤخذ به وهذا قد قتله العلماء بحثا قديما وحديثا، فالحديث هو الذي يأتي بالأحكام المفصلة والمقيدة والخاصة أكثر من القرآن، فكيف نفهم ذلك لولا الحديث؟ لا يمكن إلا أن نعتقد في وجوب العمل بالحديث والاعتقاد باتباعه بحسب ما ورد.
وأخيرا وليس آخرا يظهر أن المقصود علم انفردت به أمة الإسلام ولا يوجد له نظير في البشرية، إنه علم الحديث وأعظم ثروة معنوية نملكها، هذا العلم يصنع سلسلة من الصدق والتحري تصل إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما لا يستغرب من محمد بن سلمان أن ينبطح لأمريكا حتى لا تحاكمه أو تلقي به في المزبلة وهو يدرك ذلك كما يدركه الحكام الذين طبعوا مع إسرائيل ولذلك فهو يعمل لإرضاء الكفار ولن يرضوا عنه أبدا بشهادة القرآن الكريم، ومن الطريف أنه سيركز على الآيات والأحاديث التي تعطيه مصداقية في الطاعة حتى ولو كانت الأحاديث هي تلك التي لا يقبل بها.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة بتاريخ: 05 مايو 2021م