أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: من القصص القرآني ( 4 ) : مع نوح عليه السلام بقلم مجدي جعفر

  1. #1
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي من القصص القرآني ( 4 ) : مع نوح عليه السلام بقلم مجدي جعفر

    من القصص القرآني ( 4 ) :
    مع نوح عليه السلام
    بقلم مجدي جعفر

    يقول كاتب السيناريو مفسرا وشارحا :

    يقول المولى عز وجل :
    ( لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره ) .. " الأعراف 59. ".
    تدخلنا القصة في الحدث مباشرة، وبدون مقدمات، نرى ( نوحا ) يحمل راية التوحيد، ويدعو قومه إلى عبادة الله الواحد الأحد.

    المخرج :

    القصة القرآنية كما اتفقنا من قبل، تهتم بالعناصر التالية: ( الأحداث – الشخصيات – الحوار ) وقد تغفل باقي العناصر ، مثل المكان والزمان، وتحديد الزمان والمكان يحدد معنى القصة في بيئة محددة، وتظل مرتبطة بواقعة أو حادثة معينة، لا تتعداها، وتظل أسيرة الحدث التاريخي، أما تجريدها من الزمان والمكان وحتى الأسماء في بعض الأحيان، يجعلها صالحة لكل الأزمان ولكل البيئات، وما تبوح به من مغزى ومعنى يكون عاما ولكل البشرية، إنها تعني بالأمثولة أو الرسالة التي تحملها القصة.

    كاتب السيناريو :

    وكما قلنا من قبل أيضا، جاء اهتمام القرآن في قصة نوح بحقبة زمنية واحدة من حياته، وهي الحقبة التي حمل فيها لواء الدعوة، ولذلك لم يشر من قريب أو بعيد إلى حقبة الطفولة مثلا، وسيتعرف عليه القارئ أو المشاهد، من خلال الحركة والفعل أثناء دعوته لقومه، بعبادة الله الواحد الأحد، فأرسله الله بعد أن أخذ منه الميثاق الغليظ وأوصاه بالدين، وبعثه لهؤلاء القوم الذين عصوا الله، وكفروا، وعبدوا الأصنام.

    المخرج :

    وهو واحد أمام كثرة؟.

    كاتب السيناريو :

    نعم، ويجابه قوم يقول عنهم المولى عز وجل :
    ( إنهم كانوا قوما عمين ) .. "الأعراف : 64 ".
    ويقول المولى عز وجل عنهم في موضع آخر :
    ( إنهم كانوا قوم سوء ) .. " الأنبياء : 77 ".
    وهذه بعض صفاتهم.
    ويتصدى لهؤلاء القوم الذين يمكرون به :
    ( ومكروا مكرا كبارا، وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ) .. " نوح : 22 – 23 ".
    ومكرهم هو استخدامهم كل الحيل الممكنة لصد نوح عن دعوته، وتأليب الناس عليه لإجهاض دعوته.

    المخرج :

    وما حكاية آلهة قوم نوح؟.

    كاتب السيناريو :

    تعددت الآلهة في ذلك العصر، وجاء في صدارة الآلهة، خمسة منهم، وهم كبار الآلهة عندهم وهم: ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، وقيل أنها أسماء لرجال صالحين كانوا في صدر الزمان، وهؤلاء الرجال كانوا عبادا مخلصين لله، ويدعون الناس إلى عبادته وطاعته، وكان لهم أتباع ومريدين كُثر يقتدون بهم، ولما ماتوا، وسوس الشيطان للناس بأن يقيموا لهم التماثيل حتى لا يضيع ذكرهم، ولتحفظهم ذاكرة الأجيال المقبلة، ويتذكرونهم جيلا وراء جيل، ويقتدوا بهم، وبدعوتهم، وبأفعالهم، وهكذا وسوس لهم إبليس اللعين، وبتعاقب الأيام ودورانها، عبدت
    الناس هذه التمائيل، وانحرفت عن عبادة رب العباد، فأرسل الله لهم نوحا ليهديهم، ويعيدهم إلى الفطرة السوية، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد، ونبذ عبادة الأصنام، وترك كل ألوان الشرك، ولكنهم تصدوا لدعوة نوح بكل ما أوتوا من قوة، وبلغ من كراهيتهم لدعوة نوح لهم بالتوحيد :
    ( أن الوالد إذا بلغ ولده وعقل كلامه وصاه فيما بينه وبينه ألا يؤمن بنوح أبدا ما عاش ودائما ما بقى ).انظر ابن كثير
    وظل نوح يدعو قومه عشرة قرون إلا خمسين عاما، وجيلا وراء جيل لا يؤمنون بدعوته، ويقاومونها بشراسة، ويحاربونه بضراوة، ورغم هذه الحرب الضروس التي شنها قومه ضده، ظل يدعو قومه دون كلل أو فتور، ومع طول مدة دعوته :
    ( وما آمن معه إلا قليل ) .. " هود : 40 ".
    وهؤلاء القليل هم المستضعفون في الأرض ( الأراذل )، الذين لا حول لهم ولا قوة، ويرفض نوح التخلي عن هؤلاء " الأراذل " بناء على رغبات وجهاء القوم، فيأتي رده عليهم حاسما :
    ( وما أنا بطارد المؤمنين، إن أنا إلا نذير مبين ) .. " الشعراء : 114 – 115 ".
    ويأتيه التهديد والوعيد منهم ليتخلى عن دعوته إلى التوحيد :
    ( قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ) .. " الشعراء : 116 ".
    ونوح لا ييأس ولا يمل ولا يكل، يدعوهم سرا وجهرا، ليلا ونهارا، مستخدما أسلوب الترغيب تارة، والتهديد والوعيد تارة أخرى، مستخدما الشدة مرة، واللين مرة أخرى.
    يقول المولى عز وجل :
    ( واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غُمة ثم أقضوا إلىّ ولا تنظرون، فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين ) .. " يونس : 71 – 72 ".
    ويستمر نوح في دعوتهم باللين واللطف والرفق :
    ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وأتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكمُوها وأنتم لها كارهون ) .. " هود : 28 ".
    ويضيق قومه به :
    ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) .. " هود : 32 ".
    ونوح لا يفقد الأمل في هدايتهم :
    ( قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين، ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون ) .. " هود : 33 – 34 ".

    يقول المخرج :

    ولعل من سياق الآيات التي ذكرت نتعرف على حوار نوح القائم على الحجة والإقناع، والتلطف والترفق أحيانا إذا اقتضى الحال، وكل جملة حوارية لنوح تعمل على تطوير موضوع القصة وتساعد في تنمية الحدث، والدفع به للأمام.
    وكل جملة حوارية أيضا تكشف عن الشخصية وأساليب وأنماط تفكيرها، سواء كانت شخصية نوح المؤمنة، أو شخصيات قومه الكافرة، فالشخصية لا تبدو كاملة الوضوح إلا إذا تكلمت، وسمعها القارئ أو المتفرج وهي تتحدث، وتحدث نوح وتحدث قومه، وكان الصراع عنيفا بين الحق والباطل، وفي هذا الصراع كانت حركة نوح وتصرفاته، وأفعاله، وحواراته، وفي المقابل كانت حركة شخصيات قومه الكافرة، وتصرفاتها، وردود أفعالها، وأتمنى أن يأتي حوارك قويا قوة الصراع العنيف، بين نوح حامل لواء الخير وقومه حملة لواء الشر.
    والمولى عز وجل يقص على محمد قصة نوح، والعنت الذي لاقاه من قومه، ومعاناته في دعوته، وجلده وصبره، فهل من مقابلة وموازنة بين قوم نوح وقوم محمد، وكيف استفاد محمد من تجربة نوح وغيره من الرسل والأنبياء في دعوته، أتمنى تكتب مشاهد دعوة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى إلى أقوامهم وتضعها في مواجهة مع دعوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الرسل و ..

    يقول الشيخ :

    انفردت سورة نوح بقصته مع قومه، وكيف دعاهم ولم يستجيبوا لدعوته، يقترب منهم فيبتعدون، يقبل عليهم فيعرضون، وبلغ صدهم له وإعراضهم عن دعوته حدا أوصله إلى دعائه عليهم لتتطهر الأرض من رجسهم.
    وهو لم يقصر في دعوته، ودعا في كل الأوقات ، أوقات النهار وأوقات الليل، ودعاهم جهرا وسرا :
    ( ثم إني دعوتهم جهارا، ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ) .. " نوح : 8 – 9 ".
    و بعد أن وجد منهم الصدود والنكران والعناد، يغير من طريقته وأسلوبه في الدعوة ، فيدعوهم إلى النظر إلى آيات الله في أنفسهم وفي الكون، دعوة إلى التأمل وإعمال العقل والفكر :
    ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا، مالكم لا ترجون لله وقارا، وقد خلقكم أطوارا، ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقا، وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا، والله أنبتكم من الأرض نباتا، ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا، والله جعل لكم الأرض بساطا، لتسلكوا منها سبلا فجاجا ) .. " نوح : 10 – 20 ".
    ولكن هيهات أن يستجيبوا له، فعميت قلوبهم وأبصارهم، فكيف يكونوا أصحاب بصيرة، ومثل هذه الأيات الكونية تحتاج إلى تأمل وإعمال عقل وفكر، وسنحاول في رحلتنا مع الرسل والأنبياء أن نتوقف عندها، وما تثيره من جمال وجلال، هؤلاء القوم وغيرهم من الأقوام الضالة أبعد ما يكونون عن إدراك هذه الجمال والإحساس به، فهؤلاء القوم الذين عميت بصيرتهم، ويستعجلون العذاب، يقولون :
    ( قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ) .. " هود : 32 ".
    وأحس نوح بأنه لا خير يرجى من ورائهم، وبدأ يشعر بالضيق، ووصل حد الابتئاس منهم :
    ( وأُوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فلا تبتئس بما كانوا يفعلون ) .. " هود : 36 ".
    فالمولى عز وجل يخفف عن نوح، ويرفع من معنوياته، فيقول له لا تبتئس يا نوح فقد بلغت قومك بأمانة وبحب ، وأديت رسالتك كما أمرتك ولم تقصر في تبليغها، فلا تحزن عليهم :
    ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) .. " هود : 37، المؤمنون : 27 ".
    فلا تراجعني وتعاودني يا نوح في هؤلاء القوم الطغاة، فهم من طلبوا النهاية لأنفسهم، وهم يستحقون ما يحدث لهم.
    ( قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ) .. " هود : 33 ".
    فالذي يعاقبكم هو الله، وإن شاء أن يعجل لكم العذاب " الغرق "، فلا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
    و تبين لنوح هلاك قومه، فهم من طلبوا لأنفسهم هذه النهاية، والنهاية أوشكت، فالمولى عز وجل يخبره بأنه رغم طول مدة دعوتك لهم لم يؤمن معك يا نوح إلا قليل من الناس، ألف سنة إلا خمسين عاما ولم يؤمن معه إلا قليل، فتوجه إلى الله، ورفع أكف الضراعة إليه :
    ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) .. " القمر : 102 " .
    ( قال رب انصرني بما كذبون ) .. " المؤمنون : 26 ".
    ( قال ربي إن قومي كذبون، فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ) .. " الشعراء : 117 – 118 ".
    ( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) .. " نوح : 26 – 27 ".
    وتأتي الاستجابة :
    ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) .. " الصافات : 75 ".
    ( ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ) .. " الأنبياء 76 ".
    .......

    يتبع

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,113
    المواضيع : 317
    الردود : 21113
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    تكشف لنا هذه الآيات الجهد المضني والمرهق الذي بذله نوح عليه السلام مع قومه
    وعن مدى صبره الجميل ، وإصراره الكبير لهداية قومه.
    ( وظل نوح يدعو قومه عشرة قرون إلا خمسين عاما، وجيلا وراء جيل لا يؤمنون بدعوته،
    ويقاومونها بشراسة، ويحاربونه بضراوة، ورغم هذه الحرب الضروس التي شنها قومه ضده
    ، ظل يدعو قومه دون كلل أو فتور )
    استوقفتني هذه العبارة فهل كان طول عمر نوح عليه السلام شيء أنفرد به فتتعاقب عليه الأجيال وهو يدعوهم
    جيل بعد جيل ؟؟ ـ ومع ذلك ما آمن معه إلا قليل .. وهذه رسالة لمن يدعو إلى الله عز وجل ألا ييأس أو يحبط
    بل عليه أن يتحلى بالصر الشديد.
    نسأل الله أن يرزقنا الصبر على دينه، وأن يجعلنا من أتباع سيد المرسلين.
    أتابع معك بإستمتاع تام فسلمت قلبا وقلما وفكرا.
    عيدكم مبارك إن شاء الله.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,447
    المواضيع : 235
    الردود : 3447
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    صراع عنيف بين الحق والباطل ـ وحوارات نوح عليه السلام وقومه الكافرين
    صراع بين نبي الله حامل لواء الخير، وقومه حملة لواء الشر
    الآستبسال في تبليغ الأمانة، والإصرار على الكفر والضلال من قومه
    ودعاء النبي بضراعة (( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ) . فتاتي الإجابة بالعقاب الآلهي ..
    بارك الله فيك ـ وعيدك سعيد وكل عام وأنت بخير.