توقيت الهجرة الجماعية إلى سبتة وتشجيع الإسبان لها
مع الاعتداء اليهودي على غزة

[IMG]file:///C:/Users/DELL/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image002.jpg[/IMG][IMG]file:///C:/Users/DELL/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.jpg[/IMG]

إن الهجرة الجماعية إلى مدينة سبتة بالأمس واليوم تُقلص من الاهتمام بالقضية الرئيسية لأمة الإسلام، تقلص من الاهتمام بالاعتداء الصهيوني منذ تسعة أيام وإلى الآن على غزة، فالمغاربة في شمالهم وجنوبهم يتظاهرون ضد الاعتداء الإسرائيلي ويستنكرون تطبيع دولتهم مع العدو الصهيوني ويطالبون بإلغائه، ولكنه في كل الأحوال يستهدف إيجاد مخرج لليهود لأنهم في ورطة، والمخرج قد بدأ يلوح في الأفق منه: بعث قوات دولية لغزة، ومنه: العودة إلى حل الدولتين لكسب الوقت فقط ريثما ينضج مخطط يرى مناسبا للمخرج، ومنه: اختراق المقاومة بدعمها ماليا وسلاحيا حتى يستأنس بالمتبرع وهو منافق شيعي خبيث ثم بعد ذلك تنتهي القضية الفلسطينية نهائيا، ولكن ليس من المعقول أن يصادر المرء عقول الناس، وليس من المعقول أيضا أن يعتقد الإنسان في غياب القيوم على ملكه وهو الله تعالى وله عباد يسعون إلى تحقيق مراده في الأرض، قال جل جلاله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24))) الأنفال.
وأما من جهة الهجرة الجماعية لمدينة سبتة وسكوت الإسبان عنها من أجل مصلحة ((مدينتهم)) بل وتأييدهم للهجرة الجماعية لأنهم لم يمنعوها، فإن الأمر وإن ظهر فيه ما يؤكد إحراج المغرب وإظهاره بالظالم لشعبه حين أغلق باب سبتة عمليا فأوقع عشرات الآلاف من الأسر في البطالة والفقر دون تقديم بديل يذكر إلا أن الأمر أبعد من ذلك بكثير، فتبني قضية جوع المهاجرين وبطالتهم ولو بعدم نقلهم إلى إسبانيا وإبقائهم في سبتة مع مدهم مجانا بالطعام والشراب والتطبيب وربما تعليم أبنائهم بإدخالهم المدارس الإسبانية في سبتة، أقول كل هذا لا يُظْهِر الخطر الحقيقي، ولا يجعل من الدولة المغربية دولة تحسن قراءة الأحداث، أو تعرف كيف تتصرف فيها، فالدولة المغربية وإن أغضبها استقبال ممثل البوليساريو من الإسبان إلا أنها لم تعرف كيف تتعاطى مع الحدث، فتكون الدولة الإسبانية هي التي سحبت البساط من تحت أرجل الدولة المغربية وخصوصا المخابرات، صحيح أننا نسمع عن الاستخبارات المغربية الشيء الكثير ولكن لا ننسى أن غيرهم يفكرون ويكيدون ولهم مخابرات أيضا، والنتيجة أن الخطر الذي يلوح في الأفق هو جعل مدينة سبتة ومدينة مليلية وجزيرة ليلى والجزر الجعفرية منطلقا لاستهداف الانفصال في المغرب من أجل إضعافه مع العلم أن هناك من يتمناه ويروج له، ولإزابيلا قول مشهور عن المغاربة يسكن قلوب الصليبين تذكروه جيدا، فقد قالت: ((كتبت الملكة إيزابيلا في فراش موتها في 12 من شهر أكتوبر سنة 1504م -وقد توفيت هي في 18 من شهر دجنبر من عام 1504م- وصية كما في كتاب: (العلاقات بين البرتغال وقشتالة في زمن الاكتشافات والتوسع الاستعماري) (ص:72) للكاتبة “أنا ماريا طوريس”، ونقلها مترجمة إلى العربية الأستاذ علي الريسوني التطواني في كتاب: (مغرب لا يقهر.. ولكن!) (ص:19):
(أوصي وأنصح وآمر بالطاعة النهائية للكنيسة الكاثوليكية، والدفاع عنها دائما وأبدا بكل غال ونفيس من الأموال والأرواح، وآمركم بعدم التردد في التخطيط لتنصير المغرب وإفريقيا، ونشر المسيحية فيهما ضمانا حقيقيا لكل استمرار كاثوليكي في جزيرة إيبيريا الصامدة، ومن أجل ذلك فالخير كل الخير لإسبانيا في أن يكون المغرب مشتتا جاهلا فقيرا مريضا على الدوام والاستمرار)؛ اهـ من نسختي التي أهداها إلي المؤلف.
يقصد إلى ذلك لجعله (أي الشمال المغربي) منطلقا للأعمال العسكرية الثورية يشرعن لها ذاتيا وربما في الأمم المتحدة أيضا حتى لا تنعت (الثورة) بالحرب بين الدوليتين وتعطى لها مسميات عديدة وبذلك تضعف قبضة المغرب على دولته وتدخله في مساومات لن يقوى على مجاهدتها وبالتالي نزداد تمزقا، ونزداد انفصالا ولن ينفع المغرب تطبيعه مع إسرائيل، ولن ينفعه اعتماد عكازة الولايات المتحدة الأمريكية حين ((اعترفت بالصحراء الغربية الذي بقابلية أن يتم الرجوع عنه في أي وقت))، ولن ينفعه وقوفه ضد شعبه في التطبيع، ولا ننسى أن الأمر مهيئ له، مهيئ له من خلال الظروف التي صنعتها الدولة المغربية بإفقار أهل المضيق وكستياخو وتطوان وغيرهم ممن دأبوا على العمل لإعالة أسرهم عقودا من الزمن، بل قد خلفهم في التجارة أجيال جاءت بعدهم، كما لا ننسى أيضا تعاطي القضاء المغربي غير المستقل مع حراك الريف، ولا ننسى كذلك مسألة تقنين القنب الهندي، فالتقنين بصرف النظر عن الحكم الشرعي فيه لأنه مخدر كالهروين والكوكايين والخمر..، بصرف النظر عن ذلك فالتقنين سيجعل من الشركات التي يتخفى خلفها كبار الشخصيات الرسمالية المغربية يغتنون بالمتاجرة في الكيف وسيمسحون غيرهم ويحلوا محلهم دون تسميتهم بأباطرة المخدرات، بل إن ما نراه من أعمال في مناطق الريف لتهيئة القنب الهندي من أجل تصديره وبيعه في المغرب لن يبقى على حاله، فـَ "دْكْ دْكْ دْكْ" التي تسمع صداها خارجا من بيوت العاملين في الحسيمة وتركيست وغيرها على تهيئة (الهاش) فهو أيضا عمل والعمل والوظيفة سيكونان لغير أبناء المنطقة كما كان الحال في الميناء المتوسطي الذي لم يستفد منه سكان أنجرا وقد صُمّت آذانهم من كثرة الصياح في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام بأن لهم الأولوية عن غيرهم في الميناء المتوسطي، لا ننسى في الأول والأخير فتح الباب على مصراعيه لإشعال الشمال المغربي بالثورات المسلحة وقد يمتد ذلك إلى جنوبه من جهة المحيط الأطلسي، لا يستبعد ذلك المشروع، فإسبانيا حاليا لا تعمل عليه ولكنه مطروح، والمشروع مطروح قبله في أوروبا عند كثير من أبناء الجالية المغربية الانفصاليين الذين لم يجدوا من يستجيب لهم فبقيت حركتهم حركة فردية قد تتحول إلى جماعية، والمشروع قيد التنفيذ من إيران التي تعمل عليه في لبنان وسوريا والآن في فلسطين حتى وإن لم يستهدف الانفصال، ومن أدراك أن تنشأ دويلات كرتونية أخرى، لم لا تكون هناك دويلة في غزة، ودويلة في الضفة؟ هل ما تريده إسرائيل قضاء مقضي؟ كلا، فالغرب سيتخلى عن إسرائيل لمجرد أن يوجد للمسلمين كيان تنفيذي يُسَوِّد حضارة الإسلام ويطبِّق شِرعته، المهم أن يستهدف المشروع الإيراني الخراب والخراب فقط ولكن في المغرب يستهدفهما معا، أعان الله إخواننا في المقاومة على إدراك اللعبة السياسية القذرة التي تلعبها إيران باسم تحرير الأقصى، ويلعبها حسن نصر الله في الجنوب اللبناني، هذا الأخير قد يفتعل إطلاق صواريخ من لبنان لإشغال اليهود والتخفيف من وطأة الضربات على المدنيين في غزة حفاظا على ماء وجه إسرائيل وليس حفاظا على أرواح المدنيين خصوصا وأن الأصوات في الغرب بدأت تتعالى مستنكرة قصف المدنيين بالطائرات يقابله قصف المقاومة بالصواريخ (للمدن الإسرائيلية) الشيء الذي لا يقبل من الشعب الإسرائيلي والعالم، قد يصير حزب الله تلك اليد الممدودة لإخراج إسرائيل من ورطتها في قتل الفلسطينيين المدنيين في غزة مع كسب الشعبية لعاشق الميكروفونات حسن نصر الله من السطحيين.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 19 مايو 2021م على الساعة: الواحدة ليلا و51 دقيقة