نقد كتاب الشخصية
هذا الكتاب يبدو أنه جزء من كتاب أو مقال ضمن كتاب فقد بحثت عنه على الشبكة العنكبوتية ووجدته ضمن كتاب لحزب التحرير والحلقة الأولى منها تسمى تأملات فى كتاب من مقومات النفسية الإسلامية ويستهل الكتاب بالحديث عن الشخصية ويدخلنا فى مصطلحات علم النفس من تعريف المفاهيم والميول والفكر والشخصية فيقول:
"الشخصية في كل إنسان تتألف من عقليته ونفسيته، ولا دخل لشكله ولا جسمه ولا هندامه ولا غير ذلك، فكلها قشور ومن السطحية أن يظن أحد أنها عامل من عوامل الشخصية أو تؤثر على الشخصية ذلك أن الإنسان يتميز بعقله، وسلوكه هو الذي يدل على ارتفاعه أو انخفاضه وبما أن سلوك الإنسان في الحياة إنما هو بحسب مفاهيمه، فيكون سلوكه مرتبطا بمفاهيمه ارتباطا حتميا لا ينفصل عنها والسلوك هو أعمال الإنسان التي يقوم بها لإشباع غرائزه أو حاجاته العضوية، فهو سائر بحسب الميول الموجودة عنده للإشباع سيرا حتميا وعلى ذلك تكون مفاهيمه وميوله هي قوام شخصيته أما ما هي هذه المفاهيم ومم تتكون وما هي نتائجها؟ وما هي هذه الميول، وما الذي يحدثها وما هو أثرها؟ فذلك يحتاج إلى بيان:
المفاهيم هي معاني الأفكار لا معاني الألفاظ فاللفظ كلام دل على معاني قد تكون موجودة في الواقع وقد لا تكون موجودة، فالشاعر حين يقول:
ومن الرجال إذا انبريت لهدمهم هرم غليظ مناكب الصفاح
فإذا رميت الحق في أجلاده ترك الصراع مضعضع الألواح

فإن هذا المعنى موجود في الواقع ومدرك حسا وإن كان إدراكه يحتاج إلى عمق واستنارة ولكن الشاعر حين يقول:
قالوا أينظم فارسين بطعنة يوم النزال ولا يراه جليلا
فأجبتهم لو كان طول قناته ميلا إذن نظم الفوارس ميلا
فهذا المعنى غير موجود مطلقا فلم ينظم الممدوح فارسين بطعنة ولا سأل أحد هذا السؤال ولا يمكن أن ينظم الفوارس ميلا فهذه المعاني للجمل تشرح وتفسر ألفاظها

أما معنى الفكر فهو أنه إذا كان لهذا المعنى الذي تضمنه اللفظ واقع يقع عليه الحس أو يتصوره الذهن كشيء محسوس ويصدقه، كان هذا المعنى مفهوما عند من يحسه أو يتصوره ويصدقه، ولا يكون مفهوما عند من لا يحسه ولا يتصوره، وإن كان فهم هذا المعنى من الجملة التي قيلت له أو التي قرأها ومن هنا كان من المحتم على الشخص أن يتلقى الكلام تلقيا فكريا سواء قرأه أو سمعه أي أن يفهم معاني الجمل كما تدل عليه من حيث هي لا كما يريدها لافظها أو يريدها هو أن تكون وأن يدرك في نفس الوقت واقع هذه المعاني في ذهنه إدراكا يشخص له هذا الواقع، حتى تصبح هذه المعاني مفاهيم فالمفاهيم هي المعاني المدرك لها واقع في الذهن سواء أكان واقعا محسوسا في الخارج أم واقعا مسلما به أنه موجود في الخارج تسليما مبنيا على واقع محسوس وما عدا ذلك من معاني الألفاظ والجمل لا يسمى مفهوما، وإنما هو مجرد معلومات
وتتكون هذه المفاهيم من ربط الواقع بالمعلومات، أو من ربط المعلومات بالواقع، وبتبلور هذا التكوين حسب القاعدة أو القواعد التي يجري عليها قياس المعلومات والواقع حين الربط أي حسب عقله للواقع والمعلومات حين الربط، أي حسب إدراكه لها فتوجد بذلك للشخص عقلية تفهم الألفاظ والجمل، وتدرك المعاني بواقعها المشخص، وتصدر حكمها عليه وعلى ذلك فالعقلية هي الكيفية التي يجري عليها عقل الشيء، أي إدراكه وبعبارة أخرى هي الكيفية التي يربط فيها الواقع بالمعلومات، أو المعلومات بالواقع بقياسها إلى قاعدة واحدة أو قواعد معينة ومن هنا يأتي اختلاف العقليات كالعقلية الإسلامية، والعقلية الشيوعية، والعقلية الرأسمالية، والعقلية الفوضوية، والعقلية الرتيبة أما نتائج هذه المفاهيم فإنها هي التي تعين سلوك الإنسان نحو الواقع المدرك، وتعين له نوع الميل لهذا الواقع من الإقبال عليه أو الإعراض عنه، وتجعل له ميلا خاصا وذوقا معينا
أما الميول فهي الدوافع التي تدفع الإنسان للإشباع مربوطة بالمفاهيم الموجودة لديه عن الأشياء التي يراد منها أن تشبع وتحدثها عند الإنسان الطاقة الحيوية التي تدفعه لإشباع غرائزه وحاجاته العضوية، والربط الجاري بين هذه الطاقة وبين المفاهيم

وهذه الميول وحدها أي الدوافع مربوطة بالمفاهيم عن الحياة هي التي تكون نفسية الإنسان فالنفسية هي الكيفية التي يجري عليها إشباع الغرائز والحاجات العضوية وبعبارة أخرى هي الكيفية التي تربط فيها دوافع الإشباع بالمفاهيم فهي مزيج من الارتباط الحتمي الذي يجري طبيعيا في داخل الإنسان بين دوافعه والمفاهيم الموجودة لديه عن الأشياء مربوطة بمفاهيمه عن الحياة
ومن هذه العقلية والنفسية تتكون الشخصية فالعقل أو الإدراك وإن كان مفطورا مع الإنسان، ووجوده حتمي لدى كل إنسان، ولكن تكوين العقلية يجري بفعل الإنسان والميول وإن كانت مفطورة عند الإنسان، ووجودها حتمي لدى كل إنسان، ولكن تكوين النفسية يجري بفعل الإنسان وبما أن وجود قواعد أو قاعدة يجري عليها قياس المعلومات والواقع حين الربط هو الذي يبلور المعنى فيصبح مفهوما، وبما أن الامتزاج الذي يحصل بين الدوافع والمفاهيم هو الذي يبلور الدافع فيصبح ميلا، كان للقاعدة أو القواعد التي يقيس عليها الإنسان المعلومات والواقع حين الربط الأثر الأكبر في تكوين العقلية وتكوين النفسية، أي الأثر الأكبر في تكوين الشخصية تكوينا معينا فإن كانت هذه القاعدة أو القواعد التي يجري عليها تكوين العقلية هي نفس القاعدة أو القواعد التي يجري عليها تكوين النفسية، وجدت عند الإنسان شخصية متميزة بلون خاص وإن كانت القاعدة أو القواعد التي يجري عليها تكوين العقلية غير القاعدة أو القواعد التي يجري عليها تكوين النفسية كانت عقلية الإنسان غير نفسيته، لأنه يكون حينئذ يقيس ميوله على قاعدة أو قواعد موجودة في الأعماق، فيربط دوافعه بمفاهيم غير المفاهيم التي تكونت بها عقليته فيصبح شخصية ليس لها مميز، مختلفة متباينة، أفكاره غير ميوله، لأنه يفهم الألفاظ والجمل ويدرك الوقائع على وجه يختلف عن ميله للأشياء
ومن هنا كان علاج الشخصية وتكوينها إنما يكون بإيجاد قاعدة واحدة لعقلية الإنسان ونفسيته معا أي أن تجعل القاعدة التي يقيس عليها المعلومات والواقع حين الربط هي نفس القاعدة التي يجري على أساسها الامتزاج بين الدوافع والمفاهيم فتتكون بذلك الشخصية على قاعدة واحدة ومقياس واحد فتكون شخصية متميزة"

وكل ما قاله الرجل عن كلام لا يهم المسلم فى شىء فلا وجود لما يسمى الشخصية فى الإسلام ووجود طبيعة لها لأن الإنسان يغير دينه ويتغير كما قال تعالى :
" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
الطبيعة وهى السيرة موجودة فى كل الأنواع عدا النوعين المخيرين كما تحدث الله عن العصا التى حولها لثعبان فقال:
"سنعيدها سيرتها الأولى "
والسيرة تعنى القوانين التى يسير عليها النوع كرها أو طوعا
وأما الإنسان فشىء مختلف لوجود خيار لديه كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
وهو يغير نفسه إما قليلا أو كثيرا فمثلا هناك من آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر كما قال تعالى :
"إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا"
ومن ثم فالحديث عن وجود شخصية مستديمة هو ضرب من الوهم لأن كل ابن آدم خطاء ومن ثم حتى المسلم يكفر بعمل الذنوب ثم يتوب
حزب التحرير أو كاتبه تحدث عما سماه الشخصية الإسلامية فقال:
"الشخصية الإسلامية:
عالج الإسلام الإنسان معالجة كاملة لإيجاد شخصية معينة له متميزة عن غيرها فعالج بالعقيدة أفكاره إذ جعل له بها قاعدة فكرية يبني عليها أفكاره، ويكون على أساسها مفاهيمه فيميز الفكر الصائب من الفكر الخاطئ حين يقيس هذا الفكر بالعقيدة الإسلامية، يبنيه عليها باعتبارها قاعدة فكرية، فتتكون عقليته على هذه العقيدة، وتكون له بذلك عقلية متميزة بهذه القاعدة الفكرية، ويوجد لديه مقياس صحيح للأفكار، فيأمن بذلك زلل الفكر، وينفي الفاسد من الأفكار، ويظل صادق الفكر سليم الإدراك"
والخطأ فى الفقرة هو وجود فكر خاطىء فلو كان يوجد فكر خاطىء ما أمر الله بالتفكير كما قال عدة مرات"أفلا تتفكرون"
والله قطعا لا يامر بشىء خطأ كما قال تعالى "وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون"
ثم حدثنا فقال:
"وفي نفس الوقت عالج الإسلام أعمال الإنسان الصادرة عن حاجاته العضوية وغرائزه بالأحكام الشرعية المنبثقة عن هذه العقيدة نفسها معالجة صادقة، تنظم الغرائز ولا تكبتها، وتنسقها ولا تطلقها، وتهيء له إشباع جميع جوعاته إشباعا متناسقا يؤدي إلى الطمأنينة والاستقرار فالإسلام قد جعل العقيدة الإسلامية عقلية، فصلحت لأن تكون قاعدة فكرية تقاس عليها الأفكار، وجعلها فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة وبما أن الشخص إنسان يحيا في الكون فقد حلت له هذه الفكرة الكلية جميع عقده في الداخل والخارج فصلحت لأن تكون مفهوما عاما، أي مقياسا يستعمل طبيعيا حين يجري الامتزاج بين الدوافع والمفاهيم، أي مقياسا تتكون على أساسه الميول وبذلك أوجد عند الإنسان قاعدة قطعية كانت مقياسا قطعيا للمفاهيم والميول معا، أي للعقلية والنفسية في وقت واحد وبذلك كون الشخصية تكوينا معينا متميزا عن غيرها من الشخصيات وعلى هذا نجد أن الإسلام يكون الشخصية الإسلامية بالعقيدة الإسلامية، فبها تتكون عقليته وبها نفسها تتكون نفسيته ومن هذا يتبين أن العقلية الإسلامية هي التي تفكر على أساس الإسلام، أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للأفكار عن الحياة، وليست هي فقط العقلية العالمة أو المفكرة بل مجرد جعل الإنسان الإسلام مقياسا لجميع الأفكار عمليا وواقعيا يجعل عنده عقلية إسلامية
وأما النفسية الإسلامية فهي التي تجعل ميولها كلها على أساس الإسلام أي تجعل الإسلام وحده المقياس العام للإشباعات جميعها وليست هي فقط المتبتلة أو المتشددة، بل مجرد جعل الإنسان الإسلام مقياسا لجميع الإشباعات عمليا وواقعيا يجعل عنده نفسية إسلامية فيكون حينئذ بهذه العقلية وهذه النفسية شخصية إسلامية، بغض النظر عن كونه عالما أو جاهلا، قائما بأداء الفروض والمندوبات وبترك المحرمات والمكروهات، أو قائما بذلك وبما هو أكثر من ذلك من الطاعات المستحبة والبعد عن الشبهات فكل منها شخصية إسلامية لأن كل من يفكر على أساس الإسلام ويجعل هواه تبعا للإسلام يكون شخصية إسلامية "

والخطأ هنا والذى تكرر سابقا هو تكون الإنسان أو الشخصية من عقل ونفس وهو ما يخالف أن العقل وهو البصيرة جزء من النفس كما قال تعالى "بل الإنسان على نفسه بصيرة "
ونفس الإنسان تتكون من العقل وهو ممثل الخير والشهوات وهى ممثل الشر الذى يسميه الكاتب النفسية والإرادة أى المشيئة وهى التى تقرر اتباع العقل أو إتباع الشهوات
ثم ناقض الكاتب نفسه فبعد أن حدثنا عن وجود شخصية إسلامية واحدة عاد وبين أن الأفراد وهم المسلمون يتفاوتون فى تلك الشخصية وهذا دليل على أن كل فرد يختلف عن الأخر رغم كونهم مسلمين يجمعهما الإيمان وطاعة الله وفى ذلك قال :
"نعم إن الإسلام أمر بالاستزادة من الثقافة الإسلامية لتنمو هذه العقلية وتصبح قادرة على قياس كل فكر من الأفكار وأمر بأكثر من الفروض ونهى عن أكثر من المحرمات لتقوى هذه النفسية وتصبح قادرة على ردع كل ميل يخالف الإسلام ولكن هذا كله لترقية هذه الشخصية وجعلها تسير في طريق المرتقى السامي، ولكنه لا يجعل من دونها غير شخصية إسلامية بل تكون هي شخصية إسلامية ويكون من دونها من العوام الذين يعتبرون سلوكهم بالإسلام، والمتعلمين الذين يقتصرون على القيام بالواجبات وعلى ترك المحرمات، شخصية إسلامية، وإن كانت تتفاوت هذه الشخصيات قوة، ولكنها كلها شخصيات إسلامية والمهم في الحكم على الإنسان بأنه شخصية إسلامية هو جعله الإسلام أساسا لتفكيره وأساسا لميوله ومن هنا يأتي تفاوت الشخصيات الإسلامية وتفاوت العقليات الإسلامية وتفاوت النفسيات الإسلامية"
وبعد ذلك حدثنا الكاتب عن أن المسلم ليس ملاكا فقال:

ولذلك يخطئ كثيرا أولئك الذين يتصورون الشخصية الإسلامية بأنها ملاك وضرر هؤلاء في المجتمع عظيم جدا لأنهم يبحثون عن الملاك بين البشر فلا يجدونه مطلقا، بل لا يجدونه في أنفسهم فييأسون وينفضون أيديهم من المسلمين وهؤلاء الخياليون إنما يبرهنون على أن الإسلام خيالي، وأنه يستحيل التطبيق، وأنه عبارة عن مثل عليا جميلة لا يمكن للإنسان أن يطبقها أو يصبر عليها، فيصدون الناس عن الإسلام ويشلون الكثيرين عن العمل مع أن الإسلام جاء ليطبق عمليا وهو واقعي أي يعالج واقعا، لا يصعب تطبيقه وفي متناول كل إنسان مهما بلغ تفكيره من الضعف ومهما بلغت غرائزه وحاجاته من القوة فإنه ممكن له أن يطبق الإسلام على نفسه بسهولة ويسر بعد أن يدرك العقيدة ويصبح شخصية إسلامية لأنه بمجرد جعله عقيدة الإسلام مقياسا لمفاهيمه وميوله وسار على هذا المقياس كان شخصية إسلامية قطعا وما عليه بعد ذلك إلا أن يقوي هذه الشخصية بالثقافة الإسلامية لتنمية عقليته، وبالطاعات لتقوية نفسيته حتى يسير نحو المرتقى السامي ويثبت على هذا المرتقى بل يسير من علي إلى أعلى لأنه عالج بالعقيدة أفكاره إذ جعل له بها قاعدة فكرية يبني عليها أفكاره عن الحياة، فيميز الفكر الصائب من الفكر الخاطئ حين يقيس هذه الأفكار بالعقيدة الإسلامية يبنيها عليها باعتبارها قاعدة فكرية، وبذلك يأمن زلل الفكر، ويتقي الفاسد من الأفكار، ويظل صادق الفكر سليم الإدراك"
والخطأ فى الكلام هو أن الملاك وهو فرد الملائكة يطيع الله باستمرار ولا يعترض عليه وهو ما ينقضه اعتراضهم على خلق آدم(ص) فالملائكة هم فصيل من الجن خصهم الله بالاختيار من بين الجن ليؤدوا مهام معينة
واستمر الرجل فى حديثه مكررا نفس الخطأ عن العقلية والنفسية وإن كان كلامه عن أن الله أراد تنظيم عمل كل منهم صحيحا فقال:
"وعالج بالأحكام الشرعية ميوله حين عالج أعماله الصادرة عن حاجاته العضوية وغرائزه معالجة صادقة تنظم الغرائز ولا تضر بها لمحاولة القضاء عليها، وتنسقها ولا تطلقها، وتهيء له إشباع جميع جوعاته إشباعا متناسقا يؤدي إلى الطمأنينة والاستقرار ولذلك كان المسلم الذي يعتنق الإسلام عن عقل وبينة، ويطبق الإسلام كاملا على نفسه، ويفهم أحكام الله فهما صحيحا، كان هذا المسلم شخصية إسلامية متميزة عن غيرها، لديه العقلية الإسلامية في جعله العقيدة الإسلامية أساسا لتفكيره، والنفسية الإسلامية في جعله هذه العقيدة أساسا لميوله ومن هنا كانت للشخصية الإسلامية صفات خاصة يتسم بها المسلم ويعرف بسيماه بين الناس، ويظهر فيهم كأنه شامة وهذه الصفات التي يتصف بها نتيجة حتمية لتقيده بأوامر الله ونواهيه، ولتسييره أعماله بهذه الأوامر والنواهي، بناء على إدراك صلته بالله، ولذلك لا يبتغي من تقيده بالشرع إلا رضوان الله تعالى
والمسلم حين تتكون لديه العقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية يصبح مؤهلا للجندية والقيادة في آن واحد، جامعا بين الرحمة والشدة، والزهد والنعيم، يفهم الحياة فهما صحيحا، فيستولي على الحياة الدنيا بحقها وينال الآخرة بالسعي لها ولذا لا تغلب عليه صفة من صفات عباد الدنيا، ولا يأخذه الهوس الديني ولا التقشف الهندي، وهو حين يكون بطل جهاد يكون حليف محراب، وفي الوقت الذي يكون فيه سريا يكون متواضعا ويجمع بين الإمارة والفقه، وبين التجارة والسياسة وأسمى صفة من صفاته أنه عبد لله تعالى خالقه وبارئه ولذلك تجده خاشعا في صلاته، معرضا عن لغو القول، مؤديا لزكاته، غاضا لبصره، حافظا لأماناته، وفيا بعهده، منجزا وعده، مجاهدا في سبيل الله هذا هو المسلم، وهذا هو المؤمن، وهذا هو الشخصية الإسلامية التي يكونها الإسلام ويجعل الإنسان بها خير بني الإنسان
وقد وصف الله هذه الشخصية في القرآن الكريم بالعديد من الآيات حين وصف صحابة رسول الله، وحين وصف المؤمنين، وحين وصف عباد الرحمن، وحين وصف المجاهدين قال الله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} وقال: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه}