نقد كتاب مسألة الحكم ابن أبي العاص وطرد النبي (ص) له من مكة وإرجاع عثمان له وجوابه عن المعترضين
الكتاب تأليف سعيد فودة من أهل العصر وهو يدور حول مسألة لا علاقة لها بالإسلام ومن المحال أن تكون قد حدثت فى الواقع ولكن أهل المذاهب أقاموا الدنيا وأقعدوها وأدخلوا فى الدين حكايات وروايات لم تحدث ولا علاقة لها بوحى الله حتى تكون من صلب مذهب أو تكون مسألة فى الدين
استهل فودة الكتابي بذكر ترجمة وهى سيرة الحكم بن أبى العاص فقال :
"ترجمة الحكم من كتاب الإصابة :

قال ابن حجر (2/104):" (1783) الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس القرشي الأموي:عم عثمان بن عفان ووالد مروان قال بن سعد أسلم يوم الفتح وسكن المدينة ثم نفاه النبي (ص)إلى الطائف ثم أعيد إلى المدينة في خلافة عثمان ومات بها.
وقال ابن السكن يقال إن النبي (ص)دعا عليه ولم يثبت ذلك.
وروى الفاكهي من طريق حماد بن سلمة حدثنا أبو سنان عن الزهري وعطاء الخراساني أن أصحاب النبي (ص)دخلوا عليه وهو يلعن الحكم بن أبي العاص فقالوا يا رسول الله ماله قال دخل على شق الجدار وأنا مع زوجتي فلانة فكلح في وجهي فقالوا أفلا نلعنه نحن قال كأني أنظر إلى بنيه يصعدون منبري وينزلونه فقالوا يا رسول الله ألا نأخذهم قال لا ونفاه رسول الله(ص)."

الرواية السابقة لم تقع لخطأين فيها :
الأول علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى صعود ونزول أولاد الحكم المنبر النبوى بعد وفاته وهو ما يعنى أنهم يصبحون خلفاء وهو ما يخالف قوله تعالى " ولا أعلم الغيب" وقوله" لو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسنى السوء"
الثانى أن الرسول(ص) اكتفى بلعن الحكم ونفيه وقطعا النبى(ص) كان عليه أن يحاكمه بجريمة دخول البيت دون إذن وجريمة رؤية عورات الناس فى البيت وأقل ما فيها هو جلدة مائة جلدة
ثم قال:
"وروى الطبراني من حديث حذيفة قال لما ولى أبو بكر كلم في الحكم أن يرده إلى المدينة فقال ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله (ص).
وروى أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال كان الحكم بن أبي العاص يجلس عند النبي(ص)فإذا تكلم اختلج فبصر به النبي (ص)فقال كن كذلك فما زال يختلج حتى مات في إسناده نظر."

هنا الرجل كان يسخر من النبى(ص)إذا تكلم فدعا أن يصيبه الخلج فأصابه وهنا خطأين :
الأول عدم العقاب على السخرية وهو الغمز بالعين وهو ما يخالف وجود عقاب دنيوى وأخروى للساخر أى المستهزىء أى المؤذى كما قال تعالى : "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة
الثانى القول كن كذلك وكأن النبى(ص) هو الله الذى يصيب والمفروض ا، يدعو الله عليه وقبل ذلك كان عليه أن يعظه لأنه تحمل أذى كثير من الكفار والمنافقين فإن عاد دعا عليه
والرواية هنا التى تقول بجلوس الحكم تناقضها الرواية التالية التى تقول أن النبى(ص) مر عليه وهى:
"وأخرجه البيهقي في الدلائل من هذا الوجه وفيه ضرار بن صرد وهو منسوب للرفض وأخرج أيضا من طريق مالك بن دينار حدثني هند بن خديجة زوج النبي (ص)مر النبي (ص)بالحكم فجعل الحكم يغمز النبي (ص)بأصبعه فالتفت فرآه فقال اللهم اجعله ورعا، فزحف مكانه."
والروايتان متناقضتان فيما أصاب الحكم فقبل السابقة تقول أنه أصيب بالخلج وهو مرض فى العين بينما الأخيرة تقول أنه أصيب بالشلل حتى زحف ثم قال:
"وقال الهيثم بن عدي عن صالح بن حسان قال: قال الأحنف لمعاوية: ما هذا الخضوع لمروان قال: إن الحكم كان ممن قدم مع أختي أم حبيبة لما زفت إلى النبي (ص)وهو يتولى نعلها، فجعل رسول الله (ص)يحد النظر إلى الحكم فلما خرج من عنده قيل له يا رسول الله أحددت النظر إلى الحكم فقال ابن المخزومية ذاك رجل إذا بلغ ولده ثلاثين أو أربعين ملكوا الأمر."
الخطأ علم النبى(ص) بالغيب ممثلا فى صعود ونزول أولاد الحكم المنبر النبوى بعد وفاته وهو ما يعنى أنهم يصبحون الحكام وهو ما يخالف قوله تعالى " ولا أعلم الغيب" وقوله" لو كنت أعلم الغيب لا ستكثرت من الخير وما مسنى السوء" ثم قال :
"وروينا في جزء ابن نجيب من طريق زهير بن محمد عن صالح بن أبي صالح حدثني نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كنا مع النبي (ص)فمر الحكم بن أبي العاص فقال النبي (ص)ويل لأمتي مما في صلب هذا "
نفس الخطأ السابق وهو علم النبى(ص) بالغيب ثم قال:
"وروى بن أبي خيثمة من حديث عائشة أنها قالت لمروان في قصة أخيها عبد الرحمن لما امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله (ص)لعن أباك وأنت في صلبه
قلت وأصل القصة عند البخاري بدون هذه الزيادة."

الحكاية كذب ظاهر فالرجل أسلم بعد الفتح ومروان ابنه ولد بعد الهجرة ففى روايةسنة2 وفى رواية 4 هجرية ومن ثم لا يمكن أن يكون مروان فى صلب الحكم فى ذلك التاريخ لأنه ولد قبل ذلك بسنوات عديدة ومن فى الصلب يعنى كونه نطفة وليس مولود أصبح عنده عدة سنوات ثم قال :
"[السبب في طرده]:
وذكر أبو عمر في السبب في طرده قولا آخر إنه كان يشيع سر رسول الله (ص)وقيل كان يحكيه في مشيته"
بناء على هذه الروايات نجد هناك أربعة أسباب كل سبب منها مناقض للآخر فمرة تجسس على النبى(ص) فرآه مع زوجته ومرة كان يغمز بعينيه ومرة كان يقلده فى السير ومرة كامن يغشر أسراره ومن ثم كل الروايات كاذبة لهذا الاختلاف الذى لا يمكن الجمع بينه ثم قال متحدثا عن ارجاع عثمان له للمدينة :
"اعتذار عثمان في إرجاعه إلى مكة:
ويقال إن عثمان اعتذر لما أن أعاده إلى المدينة بأنه كان استأذن النبي (ص)فيه وقال قد كنت شفعت فيه فوعدني برده
وروى أيضا في المستدرك [8485] حدثناه بن نصير الخلدي رحمه الله ثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين المصري بمصر ثنا إبراهيم بن منصور الخرساني ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن محمد بن سوقة عن الشعبي عن عبد الله بن الزبير أن رسول الله (ص)لعن الحكم وولده هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ليعلم طالب العلم أن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي وأن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ولم يسعني فيما بيني وبين الله أن أخلي الكتاب من ذكرهم.

وأخرج بن سعد عن الواقدي بسنده إلى ثعلبة بن أبي مالك قال مات الحكم بن أبي العاص في خلافة عثمان، فضرب على قبره فسطاط في يوم صائف، فتكلم الناس في ذلك، فقال عثمان: قد ضرب في عهد عمر على زينب بنت جحش فسطاط فهل رأيتم عائبا عاب ذلك.
مات الحكم سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان."

ومما سبق وهو معارضة كل الروايات لكتاب الله ولبعضها البعض لا وجود لتلك الحادثة فى الحقيقة وإنما الحكاية كلها كذب وكذلك ما ترتب عليه من إعادة عثمان له فهو كذب محض لم يحدث ثم قال:
"ذكر طرد الرسول (ص)للحكم وسببه:
مر ذكر الإشارة في سبب طرد النبي (ص)للحكم ابن أبي العاص في كلام الإمام ابن حجر إجمالا، وسوف ننقل أقوال بعض العلماء في ذلك، لزيادة البيان.
قال في البدء والتاريخ (5/199):" ذكر حصار عثمان حوصر عشرين يوما وقتل في ذي الحجة سنة خمس وثلثين من الهجرة، وكان سبب ذلك أن الناس نقموا عليه أشياء:فمن ذلك كلفه بأقاربه كما قاله عمر فآوى الحكم بن أبي العاص بن أمية طريد رسول الله (ص)وكان سيره إلى بطن وج، ولأنه كان يفشي سر رسول الله (ص)ويطلع الناس عليه."اهـ
وقال في النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة(2) (1/89):" وفيها توفي الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس عم عثمان بن عفان وأبو مروان بن الحكم نفاه النبي (ص)إلى الطائف فدام به إلى أن استقدمه عثمان في خلافته وسمى الحكم هذا طريد رسول الله (ص)ولعينه."اهـ

وقال في تاريخ دمشق (57/236):" وقال الواقدي أيضا الحكم بن أبي العاص أسلم في الفتح وقدم على النبي (ص)فطرده من المدينة فنزل الطائف حتى قبض النبي (ص)فرجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عثمان فصلى عليه وضرب على قبره فسطاطا."اهـ
وقال في شذرات الذهب (1/38) :" وفيها مات الحكم بن أبي العاص عم عثمان ووالد مروان كان النبي (ص)قد طرده إلى الطائف وبقى طريدا إلى زمن عثمان فرده إلى المدينة واعتذر بأنه قد كان شفع فيه إلى النبي (ص)فوعده برده وهو مؤتمن على ما قال وهو أحد الأسباب التي نقموا بها على عثمان "اهـ
وقال صاحب مرآة الجنان في أحداث سنة اثنتين وثلاثين (1/85):" وفيها توفى الحكم بن أبي العاص الأموي والد مروان قرابة عثمان بن عفان وكان يفشى سر النبي قيل كان يحاكيه في مشيه فطرده إلى الطائف فلم يزل طريدا إلى أن استخلف عثمان فادخله المدينة واعتذر لما طعن في ذلك بأنه كان قد شفع فيه إلى النبي فوعده برده
قلت هكذا رأيت أن اذكر عذر عثمان في ذلك.
وأما قول الذهبي طرده النبي فلما استخلف عثمان ادخله المدينة وأعطاه مائة ألف من غير ذكر عذر لعثمان فإطلاق قبيح يستشنعه كل ذي إيمان بفضل الصحابة أولى الحق والإحسان."

وقال في العبر في خبر من غبر (1/32):" وفيها توفي الحكم بن أبي العاص بن أمية الأموي والد مروان وابن عمر أبي سفيان وعم عثمان بن عفان أسلم يوم الفتح كان يفشي سر النبي (ص)وقيل كان يحاكيه في مشيته فطرده إلى الطائف وسبه فلم يزل طريدا إلى أن استخلف عثمان فأدخله المدينة وأعطاه مئة ألف."اهـ
وقال صاحب سمط النجوم العوالي (3/228):" كان أبوه مروان عند ولايته تزوج أم خالد بن يزيد وهي بنت هاشم بن عتبة فوقع بين خالد بن يزيد بن معاوية وبين بعض ولد مروان كلام فقال لخالد اسكت فلست والله تعد لا في العير ولا في النفير فقال له خالد وهل كان في العير غير جدي وفي النفير غير جدي ولكن لو قلت حبيلات وغنيمات والطائف ورحم الله عثمان قلنا صدقت انتهى
قلت في قول خالد جدي في العير جدي في النفير يشير إلى أن جده لأبيه أبا سفيان هو الذي كان في العير وجده لأمه هو الذي كان في النفير وهو عتبة بن ربيعة بن أمية بن عبد شمس لأن أم جده معاوية هي بنت عتبة.وأما قوله حبيلات فهي جمع حبلة وهي أصل الكرم وقوله غنيمات والطائف ورحم الله عثمان يعني يعيره بكون جده الحكم والد مروان نفاه النبي (ص)إلى الطائف فأقام ثمة عنده حبيلات وغنيمات واستمر إلى أثناء خلافة عثمان فرده إلى المدينة وكان رده من جملة الأمور المنقومة على عثمان "اهـ وقال ابن الأثير في ترجمة مروان بن الحكم (4/14):"هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس وأمه آمنة بنت علقمة بن صفوان بن أمية من كنانة وكان مولده سنة اثنين من الهجرة وكان أبوه قد أسلم عام الفتح ونفاه رسول الله إلى الطائف لأنه يتجسس عليه ورآه النبي يوما يمشي ويتخلج في مشيه كأنه يحكيه فقال له كن كذلك فما زال كذلك حتى مات ولما توفي رسول الله كلم عثمان أبا بكر في رده لأنه عمه فلم يفعل فلما توفي أبو بكر وولي عمر كلمه أيضا في رده فلم يفعل فلما ولي عثمان رده وقال إن رسول الله وعدني أن يرده إلى المدينة فكان ذلك مما أنكر الناس عليه وتوفي في خلافة عثمان فصلى عليه وقد رويت أخبار كثيرة في لعنه ولعن من في صلبه رواها الحفاظ وفي أسانيدها كلام."اهـ
ومن أسباب طرد النبي (ص)للحكم بن أبي العاص، أنه كان يطلع على النبي (ص)في حجرته، ويدل على ذلك ما رواه الطبراني في المعجم الكبير (12/148) [12724]:" حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا عبادة بن زياد الأسدي ثنا مدرك بن سليمان الطائي عن الأجلح عن أبي صالح عن بن عباس قال إنما كان نفي النبي (ص)الحكم بن أبي العاص من المدينة إلى الطائف بينما النبي (ص)في حجرته إذا هو إنسان يطلع عليه فقال النبي (ص): الوزغ الوزغ فنظر فإذا هو الحكم فقال النبي (ص)اخرج لا تساكني بالمدينة ما بقيت فنفاه إلى الطائف."اهـ
جواب عثمان رضي الله عنه
قال ابن الجوزي في المنتظم (5/50):"وحدثنا سيف عن عطية عن يزيد الفقعسي قال:جعل أهل مصر يكتبون إلى الأمصار قال سيف كاتبوا أشياعهم من أهل الأمصار أن يتوافوا بالمدينة لينظروا فيما يريدون وأظهروا أنهم يأمرون بالمعروف ويسألون عثمان عن أشياء فاجتمع المصريون والكوفيون بالمدينة فخطبهم عثمان وقال إن هؤلاء قالوا أتم الصلاة في السفر وكانت لا تتم ألا وإني قدمت بلدا فيه أهلي فأتممت قالوا وحميت حمى وإني والله ما حميت إلا ما حمي قبلي وقالوا إني رددت الحكم وقد سيره رسول الله (ص)إلى الطائف ثم رده وقالوا استعملت الأحداث ولم أستعمل إلا مجتمعا مرضيا وقد قيل لرسول الله (ص)في أسامة أشد ما قيل لي وقالوا أعطيت ابن أبي سرح ما أفاء الله عليه وإني إنما نفلته خمس الخمس وقد أنفذ مثل ذلك أبو بكر وعمر فلما كره الجند ذلك رددته وقالوا إني أحب أهل بيتي وأعطيهم فأما حبي فإنه لم يمل معي على جور وإنما أعطيهم من مالي ولا أستحل أموال المسلمين لنفسي ولا لأحد من الناس وما تبلغت من مال الله عز وجل بفلس فما فوقه"اهـ
وفي تاريخ الطبري في رواية طويلة فيها ذكر الأحداث، والاعتراضات وأجوبة عثمان ومنها قوله (2/651): "وقالوا إني رددت الحكم وقد سيره رسول الله والحكم مكي سيره رسول الله من مكة إلى الطائف ثم رده رسول الله فرسول الله سيره ورسول الله رده، أكذلك! قالوا: اللهم نعم."

وقال صاحب كتاب الفتنة ووقعة الجمل (1/78):" ولما حدثت الأحداث بالمدينة خرج منها رجال إلى الأمصار مجاهدين وليدنوا من العرب فمنهم من أتى البصرة ومنهم من أتى الكوفة ومنهم من أتى الشام فهجموا جميعا من أبناء المهاجرين بالأمصار على مثل ما حدث في أبناء المدينة إلا ما كان من أبناء الشام فرجعوا جميعا إلى المدينة إلا من كان بالشام فأخبروا عثمان بخبرهم فقام عثمان في الناس خطيبا فقال:
يا أهل المدينة أنتم أصل الإسلام وإنما يفسد الناس بفسادكم ويصلحون بصلاحكم، والله والله والله لا يبلغني عن أحد منكم حدث أحدثه إلا سيرته، ألا فلا أعرفن أحدا عرض دون أولئك بكلام ولا طلب فإن من كان قبلكم كانت تقطع أعضاؤهم دون أن يتكلم أحد منهم يما عليه ولا له وجعل عثمان لا يأخذ أحدا منهم على شر أو شهر سلاح عصا فما فوقها إلا سيره فضج آباؤهم من ذلك حتى بلغه أنهم يقولون ما أحدث التسيير إلا أن رسول الله (ص)سير الحكم بن أبي العاص فقال: إن الحكم كان مكيا فسيره رسول الله (ص)منها إلى الطائف ثم رده إلى بلده فرسول الله سيره بذنبه ورسول الله (ص)رده بعفوه وقد سير الخليفة من بعده، وعمر من بعد الخليفة وأيم الله لآخذن العفو من أخلاقكم ولأبذلنه لكم من خلقي وقد دنت أمور ولا أحب أن تحل بنا وبكم وأنا على وجل وحذر فاحذروا واعتبروا."
رأي ابن تيمية:
قال محمد الصلابي في كتابه عثمان بن عفان ص312:"بل إن خبر طرد النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه -أي أبي مروان بن الحكم- ضعيف سندا ومتنا، وتعقبه شيخ الإسلام ابن تيمية، فأوضح تفاهته وضعفه."

ورجعت إلى كتاب منهاج السنة الذي أحال عليه فرأيت ابن تيمية قد قال (6/265):" وقوله وطرد رسول الله (ص)الحكم بن أبي العاص عم عثمان عن المدينة ومعه ابنه مروان فلم يزل هو وابنه طريدين في زمن النبي (ص)وأبي بكر وعمر، فلما ولى عثمان آواه ورده إلى المدينة وجعل مروان كاتبه وصاحب تدبيره مع أن الله قال (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله )
والجواب: أن الحكم بن أبي العاص كان من مسلمة الفتح، وكانوا ألفى رجل، ومروان ابنه كان صغيرا إذ ذاك فإنه من أقران ابن الزبير والمسور بن مخرمة عمره حين الفتح سن التمييز إما سبع سنين أو أكثر بقليل أو أقل بقليل، فلم يكن لمروان ذنب يطرد عليه على عهد النبي (ص)، ولم تكن الطلقاء تسكن بالمدينة في حياة النبي (ص)، فإن كان قد طرده فإنما طرده من مكة لا من المدينة، ولو طرده من المدينة لكان يرسله إلى مكة وقد طعن كثير من أهل العلم في نفيه وقالوا هو ذهب باختياره وقصة نفي الحكم ليست في الصحاح ولا لها إسناد يعرف به أمرها ومن الناس من يروي أنه حاكى النبي (ص)في مشيته ومنهم من يقول غير ذلك ويقولون إنه نفاه إلى الطائف."
وقال(6/353) : "هذا مع أن فيما ذكره كذبا كثيرا منه ما ذكره من أمر الحكم وأنه طرده رسول الله (ص)وكان يسمى طريد رسول الله (ص)وأنه استشفع إلى أبي بكر وعمر أيام خلافتهما فما أجاباه إلى ذلك النفي الدائم بل ما من ذنب يستحق صاحبه النفي إلا ويمكن أن يستحق بعد ذلك الإعادة إلى وطنه فإن النفي إما مؤقت كنفي الزاني البكر عند جمهور العلماء سنة فهذا يعاد بعد السنة وإما نفي مطلق كنفي المخنث فهذا ينفي إلى أن يتوب وكذلك نفى عمر في تعزير الخمر.
وحينئذ فلا يمكن أن يقال إن ذنب الحكم الذي نفى من أجله لم يتب منه في مدة بضع عشرة سنة وإذا تاب من ذنبه مع طول هذه المدة جاز أن يعاد."اهـ
رأي طه حسين
قال في كتاب الفتنة الكبرى عثمان، حيث قال"وأنكر المنكرون على عثمان خصلة أخرى ما نعرف أن العذر يمكن أن يقوم له فيها ذلك أنه رد عمه الحكم بن أبي العاص وأهله إلى المدينة وكان النبي قد أخرجهم منها إخراجا عنيفا...[ثم ذكر أسباب طرد النبي (ص) للحكم، وتشفعه عند أبي بكر وعمر وفضهما، ثم قال:] فلما استخلف عثمان أعاد الحكم إلى المدينة، فأنكر المسلمون ذلك، وسعى إليه أعلام الصحابة فلاموه فيه، ولكنه زعم لهم أنه كلم النبي في رد الحكم فأطمعه في ذلك، ثم توفي قبل أن يرده. [ثم نقل عن المعتذرين لعثمان قولهم] إن عثمان علم أن النبي كان يريد رد الحكم فلم يقبل منه ذلك أبو بكر وعمر، لأنه انفرد بهذا العلم فلم تستقم شهادته فلما استخلف قضى بعلمه، ومن حق الإمام أن يقضي بعلمه. ..... وقد دلت سيرة عثمان مع الحكم وبنيه على أنه إنما ردهم إلى المدينة إيثارا لهم بالخير، وتكاثرا بهم على غيره من المسلمين،واستعانة بهم على أمور السياسة والإدارة والحكم."
هذا خلاصة رأي طه حسين ولا يخفى إشاراته إلى أمور لا يمكن موافقته عليها أشرنا إليها في إن الحكم بن أبي العاص، وإن نفاه النبي عليه الصلاة والسلام، فإن إخبار سيدنا عثمان بأن النبي (ص)ألمح إليه بأنه سيعيده، مقبول لأنه خبر واحد، وأما رفض كل من سيدنا أبي بكر وعمر إرجاعه حال خلافتهما، فلأنهما لم يرغبا بفعل أمر لم يحبه النبي (ص)، وهذا يجوز لهما لأنهما ولاة الأمر، ولا اعتراض عليهم بعدم فعل ما طلبه عثمان لأن الأمر إليهما، ولو اعتبرناه قضاء، فالقضاء لا يكون بشهادة واحد، إن اعتبرنا كلام عثمان من باب الشهادة ولما صار عثمان خليفة، عمل بعلمه وبما يصح له أن يعمل به، ولا يصح اعتراض من اعترض عليه، فالنبي (ص)إنما نفى الحكم لأنه لم يرغب بمجاورته له في المدينة، وعقابا له على فعله، فلما مات النبي (ص)، كان الأمر لخليفته من بعده.
قال الإمام ابن العربي المالكي في العواصم من القواصم:"وأما رد الحكم فلم يصح، وقال علماؤنا في جوابه، قد كان أذن له فيه رسول الله (ص)، وقال لأبي بكر وعمر، فقالا له: إن كان معك شهيد رددناه، فلما ولي قضى بعلمه في رده، وما كان عثمان ليصل مهجور رسول الله (ص)ولو كان أباه ولا لينقض حكمه." ـ
وهذا هو الرأي المحقق والجواب الفاصل"

مما سبق نجد أن فودة رد الحكايات كلها من أصلها وهو كلام صحيح فلم تقع تلك الأحداث على الإطلاق مثلها مثل99% من تاريخنا المعروف وهو تاريخ كاذب