عبد الله النفيسي وحديثه عن تحكم دول المركز في العالم

الدكتور الباحث والسياسي الكويتي يتحدث مستعملا رسمة للتفصيل في علاقة الغرب بالعالم، ورسمة الأستاذ النفيسي المفصلة مهمة جدا، ولكن حين تتحدث عن دول المركز وتعينها وهي أمريكا وأوروبا، وتتحدث عن الأطراف وتسوق خاصة دولنا نحن العرب والمسلمين تقول عنها أنها دول وهي ليست كذلك، لأن الدولة بشروط غائبة عنها، فهي إذن ملاحق أو جمعيات وليست دولا، صحيح أن لها جيوشا ولها سلطة في بلادها ولها فاعلية في شعوبها ولكنها ليست ذات بال في دول المركز ما داموا متحكمين في سلاحها واقتصادها وتعليمها إلخ، انظر إلى ابنة ديك تشيني حين هددت دول الخليج، فقد تشكلت لجان لإعادة النظر في مناهج التعليم الخليجية بناء على تهديدها، فقد أمرت أن تلغى الآيات التي تحض على الكراهية لليهود في نظرها من مناهج التعليم، وغدا سنسمع بإزالة الآيات التي تتحدث عن اليهود من المصاحف بغية الوصول إلى نسيانها كونها من القرآن، ربما يحصل هذا، والمغرب يتوفر على مثل ذلك، والتطبيع المقيت جسر موصل إلى إفساد عقيدة المغاربة، ودول العالم تسير في الخلف وراء منظمة الأمم المتحدة بفروعها التي تعنى بالتعليم، فالغرب حين يتعامل معنا يتعامل بواسطة حكامنا، وحكامنا ملاحق لهم في بلادنا، فالأمر إذن يحتاج إلى التحرر، والذين يقولون أنه يجب إقامة دولة مستقلة لهم؛ قد صدقوا، وهو ليس من المستحيل يا دكتور، صحيح أنه صعب للغاية إذا كان الأمر يستهدف التحرر الحقيقي الذي يرفض العيش إلا على النمط الذي جاء به المبدأ الذي يعتنقونه، ولكن لي رؤية في الموضوع تتعلق بشبه الاستحالة في حقنا، فنحن لن نخرج عن قبضتهم لأنهم ملكوا كل شيء إلا تراثنا وحضارتنا، هذا صحيح، ولكن في تراثنا وحضارتنا طريقة للتفكير متميز، فإذا كنا نحتفظ بها ولا نقبل إلا أن تستمد رؤاها وتصوراتها للحياة وأنظمة الحياة من عقيدتنا، عندها تغيب الاستحالة، صحيح أنهم جيّشوا جيوشا من العلماء والفقهاء والأدباء والمفكرين والمثقفين والإعلاميين لتشويه مبدئنا وحضارتنا وتقديمهما تقديما يحول بيننا وبين التحرر، تقديما مانعا من الانعتاق من قبضة الأجنبي، تقديما مبقيا على التبيعة ولكن ومع ذلك هناك حل، وهناك مخرج، وهذا هو الذي يجب أن يفكر فيها المخلصون، هذا هو الذي يجب أن يخوض فيه الباحثون، فالفكر الإسلامي غني وهو كالمرأة الولود التي تنجب نجباء يكرمونها ويكرموا معها البشرية، الفكر الإسلامي أهل لإنتاج العباقرة وإنتاج العقليات الداهية لتحرير أمتهم من التبعية للأجنبي والتخلص ممن يربطهم به.
وكمثال على ما أقول أسوق الثورة السورية فقد انطلقت بتحريك من الأطفال، ثم استلمها الكبار، وظهرت عليها الألوان الكثيرة، والعمالة المقيتة ولكن ومع ذلك برز فيها مخلصون ولا يزالون أرادوا التحرر الحقيقي، فهم وإن ملكوا شيئا من القوة فقد أخفقوا في الاستمرار بسبب وجود تيارت تدفع بهم إلى الخلف وقد قاوموها ولم يزالوا، والمهم أنهم أحياء بفكرهم ومبدئهم يمثلون تلك النبتة الحية التي لا تحتاج إلا إلى الرعاية والصيانة حتى تنضج ويشتد عودها.
وبحسب نظرتي لم يعد الأمر مقتصرا على مسانيد للسلطة لأن السلطة لم تعد هي سلطة الشعوب والأمم، بل صارت سلطة الأفراد والشركات الذين يملكون القوة ويستطيعون استعمالها عند الحاجة، فكان لزاما على المخلصين أن يتخطوا هذه العقبة بمثل ما يملكه الخصم، وأقترح لهذه الغاية أن يتم التفكير جديا في خلق قوة بأبسط الإمكانيات وفي أضيق الأماكن مع التكتم الشديد عليها وعدم كشفها إلا لمن ظهر عليهم الإخلاص لله ورسوله وأمة الإسلام مع شرط النباهة، عندها يمكن للتيار الذي يجرفنا أن يتوقف، ثم يبدأ تيار جديد متولد من الإسلام العظيم في دفعه إلى العكس وإجباره على رجوع القهقري حتى تسود حضارتنا، فدول المركز ومعها دول آسيا كالصين وروسيا وغيرهما لن يقبلوا بتحررنا لأن تحررنا يعني تحرر البشرية وهم كالعلق يعيشون في المياه العكرة، أو هم كالصبيان الذين لم يفطموا بعد؛ يجب إفطامهم.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة في: 30 يوليوز 2021م