نهاية القطب الأحادي في قيادة العالم
والعالم على أعتاب حرب

ــ سكاي نيوز عربية والحوار مع طلال أبو غزالة ورأيي في ذلك:
يستشرف الباحث السياسي الدكتور طلال أبو غزالة عند نظره إلى تطورات الوضع الدولي في ظل جائحة كورونا فيخلص إلى نتيجتين اثنتين وهما: أن العالم سيعرف قيادتين له وهما أمريكا والصين، أو يعرف تعدد القيادات، ويرى أن كورونا تمهد للحرب بين الصين وأمريكا، وأن العالم على أعتاب حرب، وأن الحرب لن تكون من أجل إبادة هذا لذلك، أو ذاك لهذا، بل ستكون من أجل الجلوس للتفاوض على قيادة العالم.
إن الجلوس إلى الطاولة كنتيجة لانتهاء الحرب يراه أبو غزالة حقيقة وهو ليس كذلك إلا إذا لم يخسر طرف من الأطراف الحرب، فخسارة المعارك هي التي تنتج الجلوس إلى طاولة المفاوضات، بينما خسارة الحرب لا تنتج ذلك، والدكتور طلال أبو غزالة يرى أن الجلوس إلى الطاولة حتمي بالنسبة للحروب المحلية والدولية، وأنه ينتج الاتفاقيات، ولكن انظر إلى زوال الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية فقد خسرتا الحرب مع الدولة الإسلامية ولذلك لم تجلسا للتفاوض مع الدولة الإسلامية لتغييبهما من الموقف الدولي، صحيح لم تُغَيَّب الشعوب ولكن غُيِّبت الدول، وانظر إلى ألمانيا بقيادة أدولف هتلر فقد خسرت الحرب فلم تجلس إلى المفاوضات بحيث احْتُلَّت وقُسمت بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي وبيقت تحت المحتلين إلى أن ضمت الغربية إلى الشرقية لتصبح دولة واحدة ولكنها مع ذلك لا تملك قرارها السياسي إلا إذا اعتبرتها سنا في الدولاب الغربي لها اعتبار في أي نتيجة سياسية أوروبية وغربية مرادة، وانظر إلى اليابان فقد خسرت الحرب فلم تجلس للمفاوضات وبقيت دولة ولكن مكبلة أكثر من ألمانيا، ولا يقال بهذا الصدد أن المفاوضات التي كانت في الحرب العالمية الثانية بين أمريكا واليابان قد كانت جارية، لا يقال ذلك لأن المفاوضات قد كانت فعلا جارية ولكن لترتيب الاستسلام الياباني الخاسرة للحرب ليس غير، وأهم ما كان فيها هو التهيئة لإلقاء القنبلة الذرية على ناكا زاكي وهيروشيما من أجل التجريب وليس من أجل الاستسلام كما زُعم، ولم يكن من أجل الاتفاقيات..
وأحب أن أناقش شيئا هاما جدا يتعلق بالتطلع الصيني لقيادة العالم، فالصين إلى الآن بحسب متابعاتنا لها لا نرى منها جدية في العمل السياسي من أجل أخذ النفوذ من غيرها، ولا يقال أن ذلك يحصل بالعمل الاقتصادي، لا يقال ذلك لأن العمل الاقتصادي لا يوفر حتى الأسواق إلا بإذن ممن يملك النفوذ في تلك الأسواق، فعالمنا العربي مثلا تحت مظلة الغرب ويتبعه سياسيا، وعليه فهو من ضمن النفوذ الغربي بصرف النظر عن تقسيمه إلى نفوذ أوروبي أو نفوذ أمريكي ، بصرف النظر عن ذلك، فالصين لكي تدخل المغرب مثلا وتقيم مدينة هنا في طنجة كما أُعْلن سابقا بقيمة 10 مليارات من الدولارات، وتقيم مصانع لإنتاج اللقاحات لا يمكن أن يحدث ذلك إلا بإذن من أصحاب النفوذ، فالمغرب كغيره من الدول العربية لا يملك قراره السياسي هذا دون لف ودوران أو نفاق، نحن نتحدث سياسيا بلا غش لقرائنا، واذهب إن شئت إلى غير المغرب، اذهب إلى أمريكا ذاتها، أليس في أمريكا رأسمال صيني قوي يفوق كثيرا الرأسمال الأمريكي في الصين وقد زاد عن 500 مليار دولار أمريكي فهل وجد الرأسمال الصيني في أمريكا رغما عن أمريكا؟ وانظر إلى الرأسمال الأمريكي وقد زاد عن 200 مليار دولار في الصين فهل وجد الرأسمال الأمريكي في الصين رغما عن الصين؟ كلا، فهما ممن شاركا في خلق منظمة التجارة العالمية بمراكش، صحيح أن أمريكا بدأت تعاني من الزحف الاقتصادي الصيني السريع والملاحظ أن كورونا أبطأته، وعليه تكون كورونا جزءا لا يتجزأ من الإجراءات المتخذة لمواجهة الصين اقتصاديا، صحيح أن أمريكا بدأت تعاني الزحف الاقتصادي الصيني السريع، وقمة السبعة الكبار الأخيرة في السنة الجارية بأذربيجان حصل لإضعافه، والاستمرار في التضليل الإعلامي المتعلق بتدبير جائحة كورونا يعطي للغرب وقتا مهما لترتيب الأوراق واختصار الطريق نحو إضعاف الاقتصاد الصيني، وأهم ما يتخذ في حق ذلك يكون في المناطق التي يكون نفوذها بيد الغرب كبلادنا.
طلال أبو غزالة يرى للصين صولة اقتصادية وهي كذلك، ولكنه لا يرى لها صفرا في الصولة السياسية، صحيح أن صفرها ليس هو الصفر المطلق، ولكنه في كل الأحوال صفر، فلو رأى ذلك لأدرك أن الصين في الظروف الراهنة لن تصل إلى المشاركة في قيادة العالم سياسيا، لا يحصل ذلك إلا إذا أعطت الصين للعمل السياسي والديبلوماسي والاستخباراتي في بلادنا وشراء العملاء؛ أهمية، ولا يقال أن المساعدات الصينية لكثير من البلدان بما فيها أوروبا تعتبر عملا من أجل كسب النفوذ كما يقول طلال، لا يقال ذلك لأن المساعدات وإن تضمنت جلبا لتلك النتيجة إلا أنها محاطة بعيون استخباراتية، وأهم ما تحاط به هو الإذن من الرئيس، أي من الذي يملك النفوذ في تلك الدول التي تقبل المساعدات.
والنتيجة أن العالم ليس على أعتاب حرب كما يقول طلال أبو غزالة، صحيح أنه في حرب ولكنها ليست عسكرية، وهذا هو المشاهد في الموقف الدولي، وكورونا هي تلك العصا التي وُضِعت في عجلة الصين للتقليل من تقدمها وليس لمنعها من التقدم، وأنا أتحدث هنا وفق ظروف قائمة، ولا يعني ذلك أن الظروف لا تتغير أو أن الفاعلين في الموقف الدولي دون القدرة على تغييرها بظروف أخرى تناسب تصوراتهم وتخدم مصالحهم، لا، المهم أن يتم الوعي عليها.
ولمن أراد الاستزادة يتابع الفيديو بعنوان: متى تسقط الإمبراطورية الأمريكية؟ من هذا الرابط:
ويتابع الفيديو الثاني بعنوان: صراع الصين وأمريكا على قيادة العالم من هذا الرابط أيضا:

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
محمد محمد البقاش
طنجة بتاريخ: 02 غشت 2021م