مَـــا زَالَ عِــطْــرُكِ يَــسْتَحِلُّ جــنَانِـي
يَــــا وَرْدَةً أَســـرَتْ بــرِيــق حَــنَــانِ
بَــيْــضَاءَ دُونَ الأُخْــرَيَــاتِ وَغَــضَّــةً
فِــــي جَــــنَّــةٍ قُــزَحِــيَّــةِ الأَلْــــوَانِ
ظَــمِئَتْ شِــفَاهُ الــرُّوحِ بَعْدَكِ وَارْتَوَتْ
مِـــنْ مَـــاءِ نَــأْيِكِ وَجْــنَتِي وَدِنَــانِي
مَــا غِــبْتُ عَــنْكِ مُــذِ اتَّخَذْتُكِ مَوْئِلًا
لَــكِــنَّــمَا الــــرُّؤْيَــا نَـــوَى وَتَـــدَانِ
أَمْــضِي عَــلَى حَــسَكِ الــخَمَائِلِ ذَاهِــلًا
عَـــنْ رَوعَـــةِ الأَزْهَـــارِ وَالأَفْــنَــانِ
وَكَــتَبْتُ فِــي سِــفْرِ الْخُلُودِ عَلَى الذُّرَى
أَنْ كُـــلُّ حُـــبٍّ غَــيْــر حُــبِّكِ فَــانِ
لِـــمْ يُــغْــرِنِي يَــوْمًــا تَــبَــتُّلِ نَــرْجِسٍ
أَوْ غَــرَّنِــي شَــغَــفٌ مِـــنَ الــرَّيْــحَانِ
أَرْنُـــو إِلَـــى الــمَعْنَى الأَجَــلِّ وَأَرْتَــقِي
لِــــبُــرُوجِ مَــــجْــدٍ وَابْــــتِــدَارِ أَمَــانِــي
وَأَصُـــدُّ عَـــنْ هَــرجِ الــحَيَاةِ بِــمَنطِقٍ
يَــسْــمُو عَـــنِ الأَهْـــوَاءِ وَالأَضْــغَانِ
وَإِلَــى الــحَقِيقَةِ خُــضْتُ بَــحْرَ مَعَارِفٍ
وَإِلَــى الــطُّمُوحِ سَــبَقْتُ عَدْوَ حِصَانِي
لا تَــعْجَبِي يَــا مَــنْ بِــهَا قَدْ عُدْتُ لِي
مِــنْ بَــعْدِ أَنْ جَــهِلَ الــمَدَى بِــمَكَانِي
مِــنْ بَــعْدِ أَنْ خَــرَّتْ جِــبَالُ بَــدَاوَتِي
وَانْــهَــدَّ مِـــنْ غَـــدْرِ الــوَرَى بُــنْيَانِي
أَنَـــا مَـــنْ حَــبَــاهُ اللهُ كُــلَّ مُــهَذَّبٍ
مِـــنْ طِــيبِ أَخْــلاقٍ وَعَــذْبِ بَــيَانِ
أَعْــطَــاهُ مِـــنْ بَــيــنِ الــخَلائِقِ عِــزَّةً
تَــــأْبَــى الــــهَــوَانَ وَهِــمَّــةَ الــفُــرْسَانِ
وَمِــنَ الــشَّهَامَةِ مَــا يَهَابُ أُولُو النَّدَى
ومِـــنَ الــشَّــجَاعَةِ مَــا يُــهَيِّبُ شَــانِي
إِنْ كُــنتِ مُــشفِقَةً فَلَسْتُ سِوَى أَسَىً
حَــطَــمَ الــهُــمُومَ بِــمِــنْجَلِ الــنِــسْيانِ
أِوْ كُــنْــتِ عَــاذِلَــةً فَـــإِنَّ مَــوَاسِــمِي
حَــصَــدَتْ إِلَـــيَّ سَــنَــابِلَ الأَحْــزَانِ
أَنَــا مَــا أَطَــبْتُ الــقَلْبَ كَي أَشْقَى بِهِ
لَــكِــنَّ هَـــذَا الــقَــلْبَ قَــدْ أَشْــقَانِي
هَلْ صُنْتُ صَمْتَ السُّهْدِ فَاقْتَرَفَ الدُّجَى
أَمْ خُــنْــتُ سَــمْتَ الــسَّعْدِ فَــاسْتَثْنَانِي
رَقَـــشَ الــغَــرَابَةَ فِــي مَــلَامِحِ غُــرْبَةٍ
وَاكْــتَالَ مِــنْ كَــأِس الــمُنَى وَسَــقَانِي
كُــــلُّ ابْـــنِ آدَمَ هَــانِــئٌ بِــوُجُــودِهِ
وَأَنَـــا احْــتِــدَامُ الــوَجْــدِ والأشْــجَانِ
لَا حِــسَّ يُــسْرِجُ زَيْــتَ لَوْعَةِ وِحْدَتِي
لَا أُنْـــسَ يُــبْــهِجُ وَحْــشَــةَ الــحِرْمَانِ
لَا شَـــيْءَ إِلَّا الــصَّمْتَ يَــلْثَغُ أَحْــرُفِي
وَيَــخُــطُّــنِي نَــــصًّــا بِــــلَا عُــــنْــوَانِ
حَــتَّى الْــتَقَيْتكِ وَالــخَرِيفُ قَــدِ انْحَنَى
حُــلُــمًا تَــوَضَّــأَ مِـــنْ سَــنًــا وَجُــمَــانِ
قَـــدْ جِــئْتِ مَــاجِدَةَ الــوُجُودِ وَإِنَّــنِي
مِـــنْ مَــجْدِ وَجْــدِي بِــالفِرَاقِ أُعَــانِي
يَــا مَــنْ بِــهَا أَدْرَكْــتُ كُــنْهَ تَــأَلُّقِي
وِعَــرفْــتُ نَــكْــهَةَ بَــسْــمَتِي وَأَمَــانِــي
وَحَــمَــلْتُ بَــيْــنَ أَضَــالِــعِي وُجْــدَانَــهَا
وَتَــرَكْــتُ بَــيْــنَ ضُــلُــوْعِهَا وُجْــدَانِي
وَقَــسَــمْتُ هَــذَا الــعُمْرَ شَــطْرٌ مَــهْرُهَا
وَلأَمْــرِهَــا فِـــي الْــحُــبِّ شَــطْرٌ ثَــانِ
الـــذَّوْقُ فِــيــهَا الْــخَــزُّ فَــوْقَ وِسَــادَةٍ
وَالــشَّــوْقُ فِــيهَا الْــمَوْجُ فِــي الــشُّطآنِ
وَتَــــبُــزُّ حِــكْــمَــتَهَا الْــعُــقُولَ كَــأَنَّــهَا
وَرِثَـــتْ أُصُـــولَ الْــعِلْمِ مِــنْ لُــقْمَانِ
أَغْــفُــو عَــلَــى فَــحْوَى الْــبَرَاءَةِ وَادِعًــا
وَأَضُــمُّ نَــجْوَى الــطَّيْفِ فِــي الْأَجْفَانِ
وَأَغُـــوصُ فِـــي الْــعَــيْنَينِ آيَــةَ فِــتْنَةٍ
كَــالــشِّعْرِ يَــغْــرَقُ فِـــي عَــمِيقِ مَــعَانِ
مَـــاذَا احْــتِــفَالُ الأَبْــجَــدِيَّةِ بِــي إِذَا
لَــمْ تَــرْتَشِفْ بِــالْهَمْسِ شَــهْدَ لِــسَانِي
وَلِــمَنْ تُــغَنِّي الــرُّوحُ فِــي طَرَبٍ سِوَى
لَــمِــنِ ارْتَــقَــتْ بِــالْحُسْنِ وَالْإِحْــسَانِ
أَغْـــرَتْ بِــجَــوْزَاءِ الــمَكَانِ وَأَرْهَــفَتْ
بِــالسَّمْتِ رَغْــمَ الــشَّوكِ فِــي الأَزْمَانِ
وَأَسَـــتْ لِــكُلِّ الــوَاجِمِينَ عَــلَى الــرُّبَى
لَــكِــنَّــهَا لَــــمْ تَــــأْسَ لِــلــبُسْتَانِي
مَــا زِلْــتُ أَنْــسجُ مِــنْ مَــحَبَّتِهَا غَــدِي
وَأُدَثِّـــــرُ الْأحْـــــلاَمَ بِــالــتَّــحْنَانِ
وَأَضُــمُّــهَــا بَــيْــنَ الْــمَــشَاعِرِ مُــضْــغَةً
أَرْقَـــى بِــهَــا فِـــي عِــشْــقِنَا الــنُّورَانِي
قَـــدَرِي بَـــأَنْ أَهْــوَى تَــبَسُّمَ ثَــغْرِهَا
وَأَهِــيْــمُ فِـــي عَــبَــقِ الَّــتِــي تَــنْسَانِي
وَأَدُوْرُ فِـــي فَــلَــكِ الــتِــي أَغْــدُو بِــهَا
مُــتَــفَــرِّدًا فِــــي عَــــالَــمِ الإِنْــــسَــانِ
إِنِّـــي تَــعِبْتُ مِــنَ الْــمَرَافِئِ فَــاحْضُنِي
لِأُسَــابِــقَ الْــمَــنْفَى إِلَـــى الْأَوْطَـــانِ
وَخُــذِي بِــكَفِّي يَــا حَــبِيْبَةُ وَاسْــمَعِي
شَــــدْوَ الــبَــلابِــلِ؛ إِنَّــهَــا أَلْــحَــانِي
ضُــمِّي الــوِصَالِ إِلَــى الــخَيَالَ وَحَــدِّثِي
عَــــنِّــي رِضَـــاكِ وَلَــمْــلِمِي أرْكَــانِــي
وَتَــأَمَّــلِــي مِــــنْــكِ الــحَــنِينَ فَــإِنَّــنِي
أَحْــنَــى عَــلَــيْكِ مِــنِ الــوَتِينِ الــحَانِي
نَــسْــعَى إِلَــى ذَاكَ الــتَّوَحُّدِ مَــا سَــعَى
لَـــيْـــلٌ بِــفَــجْــرٍ أَوْ يَــــدٌ بِــبَــنَــانِ
وَأَنَـــا أُحُــبُّــكِ مَــا أَتَــيتِ وَأَحْــتَفِي
وَأَرَاكِ دِفْءَ الـــــرُّوحِ لِـــلأَبْـــدَانِ
فَــاسْتَغْفِرِي عَــيْنَيْكِ إِنْ عَــدَتِ الرُّؤَى
أَوْ سَــبِّــحِي عَــيْــنَ الْــهَــوَى لِــتَــرَانِي