أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: المدللة

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2011
    الدولة : مصر
    العمر : 46
    المشاركات : 837
    المواضيع : 233
    الردود : 837
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي المدللة

    المدللـــــة: قصة قصيرة تتخللها قصيدة، بقلم محمد حمدي غانم
    كانت غاضبة منه جدا.
    لم يكن السبب يستحق، لكنه نهرها لخطإ فعلته وقد اعتادتأن يدللها ويغفر لها، ثم الأنكى أنه تركها ساعتين دون أن يصالحها!
    مرت أمام غرفة مكتبه عله يخرج ويصالحها، لكن بابها ظلمغلقا في جفاء.
    عادت إلى غرفتهاكسيفة البال، لكنها وجدت قصاصة ورق قرب مرآتها، ففتحتها لتقرأ فيها:
    الزهرُيَذبلُ لو عيناكِ باكيةٌ = لا غَروَ، إنِك أنتِ الماءُ والشمسُ
    عقدت حاجبيها وتركت القصاصة، ومدت يدها لتلتقط هاتفهاالمحمول لترسل إليه رسالة غاضبة على الواتساب من قبيل:
    تحتاج لما هو أكثر من بيت شعرلأسامحك.
    لكنها وجدت قصاصة أخرى تحت المحمول:
    قدكان لي خُمسٌ مِن بهجةِ الدنيا = لمّا تَلاقينا قد صارَ لي خَمسُ
    ابتسمت رغما عنها وتمتمت:

    أفضل قليلا.. فما هي الخمس؟
    وجالت ببصرها في الغرفة تبحث عن قصاصة ثالثة فلم ترها،فرفعت طرف الوسادة فوجدتها:
    عيناكِ،خداكِ، هذا الثُّغرُ يَفتـنُني = وكلُّ ما فيكِ حلوٌ تعشقُ النفسُ
    بددت كلماته ما بقي من غضبها وأحاطت قلبها بالدفء،وتلهفت نفسها للمزيد.
    وهكذا لا شعوريا، وجدت نفسها تفتش في الأدراج بحثا عنقصاصة جديدة، حتى وجدت مبتغاها:
    ليلايَأنتِ وبدرُ الليلِ في سهري = وكلُّ ليلى لها في حبِّها قيسُ
    ضحكت قائلة:
    قل يا سي قيس.. كلي آذان مصغية.وأخذت تفتش باقي الغرفة بلهفة، لكنها لم تعثر على قصاصاتأخرى.
    فماذا تفعل وهي تريد باقي القصيدة؟
    ***
    ترددت طويلا أمام غرفة مكتبه، قبل أن تمد يدها لفتحالباب بحذر، لكنها فوجئت بالباب يُفتح فجأة، وشهقت حينما وجدته يخطفها بين ذراعيهويضمها لصدره بقوة.. تصنعت الغضب وقالت بدلال:
    دعني.

    لماذا تتسللينَ إلى حجرتي؟

    كنت أبحثُ عن شيء.

    ما هو؟
    تلعثمت لحظة قبل أن تقول بغضب طفولي:

    شيء.
    سألها بمكر:

    قصاصة ورق مثلا.
    ضربت كتفه بدلال وقالت محتجة:

    لا يحق لك أن تتلاعب بي.

    من قال هذا؟.. ثم إنني كتبت قصيدةفحسب.

    إنها جميلة.. أريد أن اقرأ بيتا آخر.

    مطلب مشروع.

    فأين هو؟

    أمامك مباشرة.
    نظرت حولها من بين ذراعيه متسائلة:

    أين؟.. لا أرى القصاصة.

    ليس مكتوبا على ورقة.

    فعلام إذن؟

    انظري لشفتيّ.

    لا أرى شيئا.

    إنه مكتوب بالحبر السري.

    فكيف أستجليه؟

    لا يظهر إلا بقبلة منك!

    يا لك من محتال؟.. تُغضبني وتريد أنأصالحك؟!

    لكلّ شيءٍ ثمن.
    قالت بنبرة تمزج بين الغيظ والمرح والشغف:

    نعم.. وبضاعتك تستحق!
    ودفعت الثمن، فابتسم قائلا:

    الشعرُ أثمرَكالأزهارِ في شفتي = حانَ القطافُ وطابَ اللثمُ والهمسُ
    صاحت محتجة:

    لقد خدعتني.. لم يُضِفْ لي هذاالبيت جديدا!

    هناك بيت آخر.. لكنه بضعف الثمن!
    ضحكت قائلة:

    محتال وطمّاع أيضا.. لا بأس!
    تقاضى منها الثمن المطلوب، ثم قال:

    لا تغربي أبداعن سحرِ عالمِه = عيناكِ بهجتُه والدِّفءُ والأنسُ
    نظرت في عينيه بحب، قبل أن تقول بدلال:
    - لن أسامحك حتىتعتذر.
    قال بمكر:
    - هذا واضحبدليل أنك الآن في حضني.
    انتبهت إلى أنها ما زالت بين ذراعيه، فقالت وهي تحاولالتملص منه:
    - يا سلام.. أنتالذي خطفتني قسرا.
    أحكم أسرها بين يديه، وهو يقول:
    - هذا ما فعلتهمنذ أحببتُك، وسأظل أفعله طالما حييت!
    - ما زلت لمتعتذر.
    - أولم أفعل؟
    - لم تقلها.
    - قلت ما هوأجمل منها.
    - أيها المراوغ.
    - الرجال لايحبون الاعتذار المباشر.
    - هكذا؟..تعتبرون الاعتذار للأنثى إهانة؟.. إذن يجب أن تقولها صراحة.
    - لا تكسريكبرياء رجل أحبك.
    نظرت له بشغف وأراحت خدها على صدره وقالت:

    كيف أكسره وأنا كبرياؤه؟

    بل أنت كلّ ما فيه.

    لا تُغضبني مرة أخرى.

    سأحاول، لكن لا أعدك.

    هكذا إذن؟!

    ليتني ملاك فلا أخطئ أبدا، أو ليتكِملاك فتصفحين دوما.
    بل في هذه أنا ملاكك.

    [بمرح]أخطئ براحتي إذن.

    لا تنسَ أنني سأخطئُ أيضا.

    حبي لك كموج البحر يمحو من رمالالأيام كل حزن وخصام.

    هلا صغته شعرا.

    صغته، لكن بالحبر السري!.. وبعشرةِأضعافِ السعر!

    كفاك جشعا!

    أبدا!

    لن أدفع!

    سأختطف الثمن منك عنوة!
    ونفذ وعيده، ثم أوفى لها حقها وزيادة:

    حبي اتساعُالبحرِ الموجُ ذا يَمحو = من حزنِ شاطئِنا ما خطّه اليأسُ
    تَخبو عواصفُنافي صبحِ بسمتِنا = والحلمُ عالمُنا والشوقُ واللمسُ
    تركت نفسها تذوب بين ذراعيه، متمتمة:

    أحبّك.
    فهمس في أذنها:

    إني أريدُكِ ياسحري وفاتنتي = غدي وإنكِ أنتِ اليومُ والأمسُ
    ***
    محمد حمدي غانم28/9/2021



    ديوان دلال الورد
    http://www.mediafire.com/?n1qte7j9hdv1l98

  2. #2

  3. #3
  4. #4
    الصورة الرمزية عبدالحكم مندور مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    المشاركات : 4,498
    المواضيع : 59
    الردود : 4498
    المعدل اليومي : 0.67

    افتراضي

    مميزة جميلة دام الإبداع والتميز شاعرنا الرائع ..أزكى التحيات

  5. #5

  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,124
    المواضيع : 317
    الردود : 21124
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    حلقنا معك أيها الشاعر الفريد ولوحة خلابة لقصة جميلة
    وقصيدة تذوب رقة تتألق بها المعاني
    أبدعت نسجها بتناغم موسيقي وكلمات عذبة
    بورك القلم والروعة المتدفقة من نبع عواطفك وأحاسيسك
    ودام جمال حرفك.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Nov 2019
    المشاركات : 3,455
    المواضيع : 237
    الردود : 3455
    المعدل اليومي : 2.15

    افتراضي

    قصة وقصيدة فاخرة ماتعة ، مدهشة الحرف، راقية
    بديع حرفك ـ كل المتعة وجدتها في المكوث في رحابه.
    بورك القلم والمداد.

  8. #8
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2011
    الدولة : مصر
    العمر : 46
    المشاركات : 837
    المواضيع : 233
    الردود : 837
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    شكرا لتقديكم الأساتذة الأفاضل:
    أ. عبد الحكم مندور
    أ. شاهر حيدر
    أ. نادية محمد
    أ. أسيل أحمد
    تحياتي